جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
لحن البحر بين العازف والعارف
وقفت أمامه أتأمل جماله وأطلت النظر ، كنت غارقة تائهة بين سحر سمائة وصفاء مائه الفتان ، عازفة مع أمواجة أشجى الألحان ....
فتكشفت لى حقائق ما كانت أبداً فى الحسبان ، فللماء قدرات عجيبة على الإحساس والشعور ، بكل ما يدور حوله من صور وأصوات ، وأحداث وحكايات ، يتأثر بها ويتفاعل معها ويعبر عن تلك الانفعالات ، فالماء يستقبل الكلمات المسموعه والمكتوبه بأية لغة من اللغات ، حتى الأصوات الموسيقية يفهمها ، ويستقبل المشاعر المختلفة وينفعل بها أصدق الانفعالات ...
ان صوته يملأ أذنى وحديثه معى يشجى ، ووشوشتة التى تفضى لا يفهمها الا من درس لغتة ، وعلم مكامن أسرارة الغائرة ، فى أعماقة الثائرة ، وأمواجه الهادرة....
تلك الأمواج التى تلاحقنى ولا أسمع غير صداها ، سلمت لها نفسى السابحة فى هواها ، فالقت بى الى عالم من الهيام والخيال ، وأنا على هذا الحال من السحر ، تداعبنى أمواج البحر بنسيمها العذب ، والموج يشدنى ويجذبنى ويخاطب عينى فى آن ، ويحدثنى حديثاً واضح البيان ... فبلغتنى الرسالة التى خصنى ، وتبادلت الحديث الذى يهمنى ، بعشق جارف ، كالذى يدور بين العازف والعارف .
انه لحن البحر الذى تعزفه الأمواج ، يخترق سياج قلبى العاشق ويمنحه التاج ، فيرسل نبضاته لتعلو فوق الامواج ، أطلقت لخيالى العنان فشرد بعيدا عن المكان والزمان ، وراح يشاركه الرقص على أنغام وشوشة الألحان .
ان الروح تهيم لتحلق فوق صفحته ، والشمس تسحر سطح مائة فيالروعته ، يضىء كانة لؤلؤ منثور ، يشد لبك ويجعل عينيك تدور ، فى فلك هذا المدار ، فلا تستطع الفرار ....
انه الخليل الذى يساعدك الآن ، بعد أن عز وفاء الخلان ، لتلقى بنفسك داخله فتسبح فى هدوء وامان ، كأنك تخترق الوجدان .... سيسمح لك بأن تلقى على أمواجه همومك ، وتبثها شجونك ، فيبدأ فى مداعبتك بكل كيانه ، ويمتعك باحتضان أمواجه العازفة لألحانة ، ستقضى معه وقتا طويلاً دون إحساس بالزمن .....
فهو الصديق فى المحن ، الوفى عند صفائة ، الذى يزيل همومك بطهره ونقائه ، تلقى إليه بكل متاعبك وآلامك ، فلا يبدى فتورا او استياءاً ، بل حماسة واهتماماً .... انه البحر بكل ما تحمله الكلمة من معانى الاتساع ، بوسعه يزيل متاعبك ، وتلقى فيه أثقالك بداخله ويساعدك ، ويرحب بك رغم كل ما بك ، ولا يتركك إلا هادئ البال ، صافى الذهن رائق .... ترسل رسائلك إليه فى الحال ، فلا يضيق من الشكوى والسؤال ، بل يحفظها فى أعماقه ، ويعاودك بإلهاماتة وإشرقاتة المبتسمة بسحر الجمال ....
إنه كالإنسان فى طبائعة وتقلباتة ، وتنوع أساليب حياته ، فالبحر كالنفس فى أحوالها ، تعبر عن حالها ، ففى وقت الكدر يصبح كالأشر ، وفى لحظات الانسجام كأنة خير الأنام ...
أنظر إليه وتأمل عزفه ، فقلبك العارف سيدرك لحنه ....
فأنت أمام صفحة من صفحات الجمال ، من صنعة الرحمن المتعال ، فتوحد مع الطبيعة الخلابة المليئة بالآيات ، ستفيض عليك بالإشرقات والإبداعات والمهارات ....
إسرع وراقب الشمس فى لحظة الغروب ، عندما توشك على الهروب فى البحر وتذوب ، فيهل الآذان بعد لحظة الذوبان والتكبير بالقران ، فهل لك غير أن تركع وتسجد للرحمن ؟
...........
موقعى الشخصى على الرابط :
http://drmervat.blogspot.com/
ساحة النقاش