من أجلك

خدمة وتنمية المرأة والأسرة العربية .

كتبت: د. عبير بشر

إن قدوم طفلك إلى الدنيا يغير علاقاتك الإنسانية بشكل غير متوقع، ولا يقتصر التغيير فى حياتك على لحظات النوم المختطفة التى تسرقينها على مدار اليوم، أو الكم الهائل من الثياب التى تحتاج للغسيل، أو عدد مرات قيامك ليلا وربما عدم النوم أصلا، وإنما الطريقة التى تختلف فيها العلاقات المحورية فى حياتك بشكل مفاجىء: حين يصبح العروسان أبا وأما،  الأخوات خالات، والأباء والأمهات أجدادا وجدات. والعلاقة الأكثر تغيرا هى صديقاتك والدور الذى يلعبنه فى حياتك الجديدة بوصفك أما.

بعد الولادة أنت فى أمس الحاجة إلى الدعم والمساندة لإجتياز تجربة الأمومة الجديدة عليك، وعندما تستيقظين طوال الليل بسبب بكاء طفلك المتصل، فإن فنجان من القهوة ودردشة حميمة مع صديقة مخلصة تصنع المعجزات فى إستعادتك للثقة و النشاط.

فأنت فى غاية التعب والإرهاق النفسى وتعيشين حياة مختلفة تماما عن تلك التى اعتدت عليها قبل مجىء طفلك. وصديقاتك غير الأمهات يصعب عليهن فهم وإستيعاب نمط حياتك الجديدة، وصداقاتك الجديدة التى نشأت على عجل مع أمهات أخريات فى مرحلة ما بعد الولادة لم تصل بعد لمرحلة القرب والحميمية التى تأملينها.

ورغم ذالك فإن تجربة الأمومة يمكن أن تصبح بوابتك إلى صداقات رائعة تتكون فى مرحلة النضج فكثيرمن الأمهات يجدن ضالتهن المنشودة فى صداقات ما بعد الولادة التى تصير فيما بعد علاقة تدوم العمر كلة، المسألة هنا تعتمد على مزيد من الثقة والخروج للعالم وحسن الإختيار.

وتؤكد خبيرة علم النفس ليندا بلير أننا مؤهلات بحكم الجينات الوراثية إلى الميل لرعاية أطفالنا فى شكل مجموعات، مما يعنى الميل والإستعداد إلى الترابط مع أمهات أخريات حتى لو إختلفن معهن فى أمور أخرى فى الحياة اليومية. ومثلما يشكل أطفالنا صداقاتهم الخاصة بهم يصبح من الطبيعى أن تنشأ علاقات صداقة اجتماعية بين أسر هؤلاء الأطفال.

ومما لا شك فيه أن إنجاب أطفال فى أعمار متقاربة يعتبر قاعدة رائعة لنشأة صداقة جديدة، ولا يمكننا أن ننسى فائدة الصديقات اللاتى يتواجدن بجانبنا عندما ينال منا التعب ونحتاج إلى كتف حانية نبكى عليها.

رغم أنه من المعروف أن صداقات العمر تتكون فى مرحلة الطفولة، إلا أن الأم تشعر بعد الولادة برغبة فى التواصل مع صديقات جدد يشاركنا نفس الاهتمامات.

نصيحة واحدة نهمس بها فى أذنك عزيزتى الأم وهى إحذرى المنافسة، فالأمهات يتجاذبن أطراف الحديث وتكوين الصداقات سعيا للدعم المعنوى وتأكيد ذواتهن والشعور أنهن على صواب إن لم يكن أفضل من الأخريات، لذلك إحذرى من أى صديقة تحاول أن تشعرك بالتفوق والتميز عليك.

بعض صداقات مرحلة الأمومة تكون أصيلة وتدوم، وبعضها يكون رائعا لفترة ثم ينتابك إحساس بعدم وجود أشياء مشتركة تدفعك للاستمرار.

وفى الوقت الذى تتراجع فيه إحتياجات الأم وتنزوى أمام طوفان إحتياجات طفلها يصبح الحفاظ على صداقاتها القديمة قضية حيوية من أجل أدائها لدورها كأم على أكمل وجه، والسر هنا أن الحفاظ على صداقاتك حية مزدهرة، أو على الأقل قائمة، هو الإستفادة من وقت الفراغ الضئيل الذى تملكينه.

إن دخول طفل جديد فى حياتك لا يعنى بالضرورة أن تفقدى صديقاتك، لذلك تعلمى كيف تحافظين عليهن وتتخذين منهن رصيدا للعمر كله. صحيح أن بعض الصداقات قد تتعرض للفتور، إلا أنه ببعض النوايا الحسنة، وإلتماس الأعذار من جميع الأطراف تستطيعين الإحتفاظ بروابط صداقة حميمة أثناء تجربة الأمومة.

وتذكرى أن حمى الأمومة وطغيانها على حياتك مرحلة سوف تنتهى آجلا أو عاجلا، فإذا كنت تقدرين صديقاتك فمن الحكمة الحفاظ عليهن فى جنون أيام الحرمان من النوم والرضاعة الطبيعية وتغيير الحفاظات.

المصدر: د. عبير بشر - مجلة من أجلك

ساحة النقاش

من أجلك

menaglec
من أجل تنمية المرأة والأسرة العربية ومشاركتها اهتماماتها المختلفة. »

ابحث

تسجيل الدخول