<!--
كتبت: د. عبير بشر
تتمنى كل أم أن يصبح طفلها سعيدا وواثقا من نفسه، ولكن كيف تساعدين طفلك لكى يصبح بالفعل أمنا مطمئنا ومستعدا لمواجهة العالم الخارجى؟ إليك بعض النصائح التى يقدمها خبراء علم النفس لتشجيعه وتعزيز ثقته بنفسه من الشهور الأولى.
من السهل إعتياد الشكوى من الأطفال سواء من صعوبة إطعامهم أو عدم إنتظام النوم، ورغم أن الشكوى فى تلك الحالات أمر طبيعى، إلا أن التذمر وبصفة خاصة أمام الطفل يمكن أن يكون مدمرا، حتى لو كان طفلك صغيرا لا يستطيع الكلام لأنه يستطيع أن يكون إنطباعا ت من تعليقاتك ويقرأ لغة جسدك مثل الإحباط فى نبرة صوتك أو الضيق فى نظرة عينيك أو التوتر فى عضلات وجهك.
بدءا من عمر شهرين يستطيع معظم الأطفال الرضع الإبتسام، تلك الإبتسامة الجميلة التى تعتبر بمثابة أول تواصل إجتماعى له ردا على إبتسامتك فى وجهه، وهو بذلك يتعلم الإستجابة لسلوك الأخرين. وبصفتك الراعى الرئيسى للطفل فإن سلوكك تجاهه حيوى وهام للغاية فى تنمية موقف إيجابى تجاه نفسه. فإذا كان طفلك خجولا غير إجتماعى مثلا لا تذكرى ذلك أمامه، ولا تعتذرى للناس بسبب خجله لأنك بذلك تكرسين تلك الصفة فيه وتجعلينه يعتقد دائما أنه خجول بترديدك ذلك أمام الأخرين.
ويكفى أن تكونى قدوة له فى تلك المواقف التى تتطلب تواصلا إجتماعيا بأن تكونى ودودة ومرحبة بالأخرين عند لقائهم لكى يقتدى بك ويتخلص من خجله. كما أن هناك دائما وقتا ملائما للنقد البناء على أن يكون تركيزك على السلوك المرغوب وليس على نقد طفلك ذاته، فبدلا من أن تصرخى فى وجه الطفل لأنه أسقط طعامه على الأرض وتتهميه بالغباء، جربى أن تقولى له لقد أوشكت على وضع الطبق مكانه، لماذا لا تجرب وضعه على المنضدة القصيرة حتى تصل إليه بسهولة؟ والسر هنا يكمن فى أن تفكرى قبل أن تنفجرى غاضبة فى وجه طفلك، ومعظم الأشياء التى تشكين منها اليوم سوف تختفى ويعتادها الطفل فى غضون شهور قليلة.
الكثير من المدح:
بدلا من الشكوى جربى أن تمتدحى طفلك، فالمديح هو أساس تقدير طفلك لنفسه وثقته بها، لكن عليك أن تتأكدى من توضيح سبب مدحك له، قولى له مثلا "برافو عليك لأنك مرتب وتساعد فى جمع لعبك ووضعها فى مكانها"، بدلا من قولك "أنت ولد مطيع" والأفضل هنا أن نركز على مدح تصرفات الطفل وسلوكياته بدلا من صفاته الشكلية مثل جماله ونعومة شعره وما إلى ذلك. كما يجب أن تحذرى المبالغة فى المدح حتى لا يفقد قيمته وهدفه، كما أن طفلك يستطيع أن يفهمه حتى فى شهوره الأولى، عندما ينتهى طفلك ذو الستة أشهر من تناول طعامه صفقى له بيديك وستلاحظين ظهور إبتسامة سعادة على وجهه مما يعنى أنه أدرك سعادتك بسلوكه الحسن.
يوم الإستقلال:
تحرص كل أم على أن تكون قرب طفلها تحيطه برعايتها وتمد له يد المساعدة والحماية من أى أذى قد يتعرض له، إلا أن تشجيع طفلك على الإستقلال يعد أمرا حيويا جدا فى تنمية إحساسه بالثقة، لكن أولا يجب عليك تعليمه ما هو مقبول وما هو مرفوض، وبعد ذلك إحرصى على تأمين الغرفة التى يتواجد بها بقدر الإمكان ثم إتركيه ليكتشف ويتعلم بنفسه، فمن الأفضل والأوقع أن تتركى لطفلك حيزا ليتعلم بنفسه فى حدود المعقول، وبدلا من الإسراع لمساعدته، راقبيه واستمتعى بمشاهدته وهو يكتشف لعبة جديدة مثلا ويحاول أن يجعلها تتحرك أو تصدر أصواتا. والهدف هنا دفع الأطفال للإعتماد على النفس بدلا من اللجوء للأم فى كل شىء والإعتماد على وجودها الدائم.
إستمعى لطفلك:
إذا أردت أن يشعر طفلك أنه مهم عامليه بإهتمام و إسألى نفسك هل تمنحينه الوقت و الإهتمام اللازمين للإستمتاع إلى ثرثرته. و كثيرا ما نضبط أنفسنا نرد على ثرثرة الطفل حتى قبل أن ينتهى من كلامه ولا نعطيه الفرصة الكافية ليعبر عما يريده. إحذرى أيضا تجاهل أسئلته أو التنصل من الرد عليها. لذلك أعيدى تقييم الوقت الذى تخصصينه لطفلك يوميا، بحيث تتفرغين له فقط و تركزين معه بكل جوارحك، و تأكدى أن الأمر لا يحسب بكم الوقت الذى تقضينه معه بل و بالكيف أيضا.
أشياء روتينية:
إن بعض الروتين فى حياة طفلك يمكن أن يساعده على الإحساس بالأمان فكلما كان العالم الخارجى يمكن التنبؤ به كلما زاد الشعور بالثقة لديه. كما أن الكثير من المفاجآت قد تسبب للطفل شعورا بعدم الإستقرار، و يمكن تحقيق ذلك عن طريق الربط ما بين طقوس معينة تسبق نوم الطفل مثل العشاء و أخذ حمام دافىء و حدوتة قبل النوم، و ستلاحظين أن طفلك يستغرق فى النوم بدون جلبة، لأنه واثق مما يحدث و يتوقعه و ليس الهدف هنا أن تلزمى نفسك بجدول زمنى صارم يضغط على أعصابك و يسبب لك التوتر، بل إخلقى إحساسا بالتوافق يربط الأكل و موعد النوم مهما بلغ عمر طفلك يجب أن تمهدى له ما سوف يحدث فيما بعد، فإذا كنت ستصحبينه فى زيارة عائلية يجب ان تشرحى له الأمر مسبقا.
ساحة النقاش