كتبت: الداعية ألفت مهنا
الحكم:
من ذخائر الأدب العربي الصوفي. وتضم (264) حكمة، وثلاثة أجوبة، جرى فيها على نمط الحكم في توجيه مريديه، وختمها بمناجاة طويلة، تناولها الشراح بالشرح، كتناولهم متن الحكم والأجوبة. قال حاجي خليفة: (ولما صنفها عرضها على شيخه أبي العباس المرسي (ت686ه) فقال له: (يا بني لقد أتيت في هذه الكراسة بمقاصد الإحياء (للغزالي) قال: ولذلك تعشقها أرباب الذوق لما رق لهم من معانيها وراق.
مِنْ عَلامَةِ الاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ نُقْصانُ الرَّجاءِ عِنْدَ وُجودِ الزَّللِ
خلق الله سبحانه وتعالي الإنسان وجعله خليفة له في الأرض وأمره أن يعمرها , وحتى يتثني له تنفيذ هذا الأمر علمه خصائص الأشياء فعلم أنه إذا جاع تناول الطعام فسكن ألم الجوع ، فإذا عطش شرب الماء فارتوي وإذا مرض تناول الدواء فشفي ، وإذا برد أشعل النار للدفء وهكذا.
ولكنه أمره ألا يعتمد علي هذه الأسباب لأن الله هو الذي بيده الأمر كله وقد أخفي أمره وقدرته وراء ما أظهره من أسباب فهو الظاهر الباطن .. أظهر السبب والحكمة وأبطن الإرادة والقدرة .. وتتفاوت مراتب الإيمان بين البشر في نسبة هذه الرؤية فمن رأي الأسباب وأعتصم بها وحدها وظن أنها تعمل بذاتها كفر .. ومن رأي القدرة فقط ولم يأخذ بالأسبـــاب فسق ( لأنه لم يري مراد الله في الأخذ بالأسباب وانه خلقها لتعمل فقد تعدى حدود الأدب مع الله ففسق)
ومن رأي الأخذ بالأسباب بالجوارح وتعلق القلب بالمسبب فقد عرف الحق وصدق.
وكما تصدق هذه الحقيقة علي الأمور المادية تصدق حتى علي العبادات فمن رأي أنه يطيع وأن طاعته ستدخله الجنة فقد فسق ومن رأي أن الطاعة عبودية ودخول الجنة رحمة من الله فقد أدرك الحقيقة ونجا ولذلك لا تزيده الطاعة إلا تواضعا لله الذي جعله أهلا لها ولا تفقده المعصية رجاءه في الله وهكذا يبين سيدي أبن عطاء أن من أعتمد علي عمله نقص رجاءه عند وقوعه في زلة المعصية ولكن من كان يعتمد علي الله ورحمته لم ينقص رجاءه ولكن علمه أن رحمة الله وسعت كل شيء فتاب وعاد إلي ربه وأسرع الخطي إليه لا يوقفه الزلل عن مواصلة الطريق إلي الله.. والله أعلم.
ساحة النقاش