الرؤية فى قصائد نادية حسام الدين تتحرك بين عالمين أو بالأحري بين تصورين للكتابة الاولي فى ديوانها ( همس الجواري ) وهو ديوان فصيح والذى يتسم بالهم التشكيلي فهى تحاول ان تصنع باللغة وتشكيلاتها نصاً مغايراً قادراً على ملاحقة الصور المدهشة والمفارقة عبر التجريب فى اللغة ومعها , معتمدة فى ذلك على اليه تضع العالم على قضيبين فهى تراه متجسداً فى ثنائية بين الحياة والموت .
لقد كانت شديدة الذكاء فى اختيار عنوان ديوانيها فكلاهما يشير الى الحياة لكنه يضمر الموت .
فالاول (همس الجواري ) والذي يحمل عصارة التشكيل الشعري متمثلاً فى حاله شعورية شديدة الحرص على الحياة والخوف منها بأختصار لقد كان الديوان الاول ( همس الجواري ) عبارة عن رحلة بكل ما فى الكلمة من معنى .
فمن اهم قصائد هذا الديوان . عمر فارقته الحياه , همس الحوارى ,عين المحال ,ايا من انت لى بعضى , بقايا وطن , والعديد من القصائد الهامه فى هذا الديوان
لكنه لا يبرح لكونه رحيقاً يُخرج من وردته الشعر لا ليعلن عن موت الوردة بل حياتها وبين الموت والحياه يكون تشكيل العالم فى ثنائية حيث يقوم على قطيبين رئيسيين الثانى هو
ضحكة منى اتسرسبت
الديوان الذى نحن بصدي الدخول الى عالمه الان .
الصدام هو الفعل الاكثر كلفة فالواعد بكتابة مغايرة لابد أن يمتلك القوة والجرأة للانقلاب على النقد التقريري المجانى وغير المبرر مثلما يمتلك قوة الصمود أمام هجمات المتكلسين والراكدين من النقاد والكتاب بذلك يؤكد امتلاكه للوعى المغاير الوعى بضرورة دفاعه هو عن مسمياته وتفسيراته وابداعه كما أنه يسير فى اتجاه المحافظة على وعيه من الانجراف وهو ايضاً ما اعنيه بالفرديه ان حدوث عكس ذلك كفيل بانتاج مناخ متواطئ لتغييب الارادة والفردية لصالح السائد المتعارف عليه
فعندما تشيخ هذه الارادة وتنجح تلك المقولات الهدامة من تشبيع المناخ الشعري بوجهة نظرها السطحية بحيث تتوقف الشاعرة عن الدفاع عن اضافتها فاقدة أو متنازلة عن مسئوليتها تجاه نفسها تقول :
حضرت الألوان والريشه
ورسمت ملامح مش باينه
لونت بألوان مطفيه
حطيت اللوحه على ملامحى
اللون الباهت بيني
تفيت ع الدنيا الكدابه
ورميت التابلوه ورا ضهري
ورجعت اللون المُستغرب
وسط الألوان المطفيه
انا هنا لا ادافع عن الشاعرة بقدر خوفى عليها من بعض الاراء الهدامة التى قد تؤدي الى قتل ابداعها ولانها شاعرة مبدعه
شاعرة تبحث لنفسها عن مكان لا يشاركها احد عرشة .
ان المتشبث بمقعد الشعر رغم اعلانه عن صيغته الجمعية النافيه لكل ما يكتب من شعر ان هو فى حقيقته الا باحث عن ذاته فى سلطة شاعر عندما لا يكون الشعر خيار حياه
رح أكتب بيك كتاب عمرى
أحط ع الغلاف صورتك
كتاب كان راح بلا رجعه
لمحته بينكتب تانى ... على ملامحك
مسكت بإيدى حدوتى
وهيا فى حضن حدوتك
كأنك كنت ويايا فى نفس الكهف
عشت معايا نفس الموت
رجعت لدنيتى وياك فى نفس التو واللحظه
يأغرب حلم ف وجودى
زرعت العمر ف عيونك
كتبت بدمى حدوتك
وكل مافيا مشتاقلك
وغيرت التاريخ كله عشان خاطرك
وعمرى وكل أحلامى بتطرح فرح على كفك
لكن خايفه
عشان عارفه لوأحكيلك
حكايتى أزاى هناك بدأت
منين إنشق بحر الشعر
مين كان منتهى أملى
ساعتها تهد مليون سد
وتجيلـــــــــــــى
أقرب مييييت سنه منك
وأنسانـــــــــى
أضيع منى ...... وأتوه منك
ان الابداع لا يمكن أن يكون وصفاً تقريرياً للواقع ان وظيفتة الدائمة ان يحرك الانسان فى مجموعه أن يُمكن (الآنا ) من الاتحاد بحياة الاخرين ويضع فى متناول يدها ما لم تكُنه ويمكن ان تكونه
لما دموعى بتنزل منك
بهرب منى
ادخل فيَ
ينزف كل الباقى ف عمري
مش عارفه حملتك فى حشايا
ولا ف دمي
فوووووق يا العمر الباقى ف عمري
وان يوم صفحة عمرى اتقطعت
ابقا اكتبني كلمة ف سطر
نلمح فى المقطع وعى يتأرجح بين الخطابة والايماءة الذكية ان الوعى يولد داخل الشاعرة نوعاً من الاستسلام الظاهري الذى ينبئ عن قدرة على تلقى الصدمة ثم الرفض
واذا دخلنا الى الديوان من خلال القصيدة المسمي بها نستطيع ان نرصد فى هذة القصيدة ملامح التطوير فى استخدام الشاعرة نادية حسام الدين اكثر من صوت واحد
والكف عن الاستطراد والاسترسالات الغنائية وتكثيف الصورة اكثر من ذى قبل
مع ملاحظة التخلص من الحزن العميق الى مواجهة حاسمة بحيث لم نعد نعثر على هذا الاستسلام القدري ثم النسج لدراما الحدث والجدل المستمر بين امكانيات كل طرف من اطراف الصراع
قلت ياأمه ومين أنيس ؟!
قالت انتى عنيكى دنيا إتجمعت فيها المدن
يكفى بس.. جنان حماده
وحضن حوده
وحلم تايه من محمد
بيلاقيه جواكى إنتى
قلت ياأمه العمر نفسى أزوقه
نفسى ياأمه ف ألف ضحكه..بس خايفه
ماتخافيش ياضنايا طول ما المولى جمبك
راعى ربـــــك
وإدعى لإبنــــك
إوعى حد فى يوم يكون أقرب لقلبك من
عيالــــــك
إزرعى بأديكى ضلك
بكره يطرح الف ضل
إزرعى فيهم أمانك
وإنسى همك
هو مين ف الدنيا دي منغير هموم
ان الشاعرة نادية حسام الدين بها ضياع شئ عزيز لكن يتسرب الى الكلمات ايقاع راقص وكأن هناك اصرار غريب على التحدي وبرغم ما تحتدم به معانى قصيدة ( رحلت شمس العمر ) من حرارة وصدق الا ان الايقاع الساخر والقاسي يخدش الرتابة الظاهرية للكتابة
انا أم وأب
لآ أب و أم
وغلاوتك يا ابنى لآكون راجل
لا مييت راجل
ولا عمر الدنيا تقربلك ...
طول منا عايشة
وهتكبريا يا ابنى ونتحاسب
ورجعت لكفر الشيخ بيهم
علشان ازرعهم جوه الارض
وفى نفس الشارع والحارة
الارض اخضرت واخضرت
لماافتكرت حمزة الراجع يزرع احلامه فى قلب الارض تطلع فل
ماهو اصل ابوهم كان عالم
كان هدمه ولقمه وحضن وبيت
ادفوا بسيرته
اتمنوا يكونوا فى يوم زيه
وانا برضه حلمت
ويبقي هذا الشعر المشحون بالدلالات وتتراءي لنا خلاصة موقف شاعرة لها رؤيتها للواقع من خلال قراءة متواضعة لبعض قصائد نادية حسام الدين أقف بعدها امام هذه الشاعرة التى تجاوزة ذاتها واخلصت لتجربتها
فتحية اعزاز واكبار لهذة الشاعرة الاصيلة
ساحة النقاش