<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
عظم أجر النفع المتعدي من الكتاب والسنة:
1- قال تعالى: ]وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[ [العصر:1-3).
قال السعدي رحمه الله: أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم أن كل إنسان خاسر، إلا من اتصف بأربع صفات:
- الإيمان بما أمر الله تعالى بالإيمان به.
-العمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده، الواجبة والمستحبة.
- التواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي : يوصي بعضهم بعضاً بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.
- التواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة. فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسارة، وفاز بالربح العظيم ([1]).
إذا فنجاة الإنسان من الخسران موقوفة على سعيه في نفع الآخرين ونصحهم وتوصيتهم بالحق والصبر.
2- أخبر النبي r أن خير الناس أنفعهم للناس عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : «المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس»([2]).
وقال المناوي رحمه الله : (خير الناس أنفعهم للناس) بالإحسان إليهم بماله وجاهه فإنهم عباد الله، وأحبهم إليه أنفعهم للناس أي : أكثرهم نفعاً للناس بنعمة يسديها، أو نقمة يدفعها عنهم ديناً أو دنيا، ومنافع الدين أشرف قدراً وأبقى نفعاً([3])، قال ابن القيم رحمه الله : (وقد دل العقل والنفع والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين، والبر والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأن أضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله، واستدفعت نقمه، بمصل طاعته والإحسان إلى خلقه)([4]).
3- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي r قال : «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة، شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام» ([5]).
قوله r : «ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب غلى من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهراً»، لأن الاعتكاف نفعه قاصر على العبد، أما المشي في حاجة الناس فنفعه متعدٍ للغير، وهو أنفع للعباد قطعا.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟
قال : نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين، إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه ن لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنياً بها فلا يعتكف، لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف، لأن نفعها متعد، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته ([6]).
4- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال النبي r : «لا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة»([7]).
وفي لفظ له «ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقه، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقه»([8]).
عن أبي الدرداء t أن رجلا مر به وهو يغرس غرساً بدمشق، فقال له : أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله r؟ ! فقال : لا تعجل على، سمعت رسول الله r يقول : «من غرس غرساً لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله عز وجل إلا كان له صدقة»([9]).
قال النووي رحمه الله: (في هذه الأحاديث فضيلة الغرس، وفضيلة الزرع، وأن أجر فاعلي ذلك مستمر ما دام الغرس والزرع، وما تولد منه إلى يوم القيامة. وفي هذه الأحاديث أيضا أن الإنسان يثاب على ما سرق من ماله أو أتلفته دابة أو طائر ونحوهما. وقوله r : «ولا يرزؤه» أي ينقصه ويأخذ منه)([10]).
ولذلك ذهب بعض العلماء (وصححه النووي رحمه الله) إلى تفضيل العمل بالزراعة على العمل بالصناعة والتجارة وذلك لعموم نفع الزراعة، حتى أنها تشمل نفع الناس والدواب والطيور والحشرات ([11]).
5- كل معروف يبذله الإنسان للناس فهو صدقة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي r قال : «كل معروف صدقة»([12]).
عن أبي ذر t قال : قال رسول الله r : «على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه، قلت : يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال؟ قال: إن من أبواب الصدقة التكبير وسبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها،وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر، قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله r : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحسب به؟ قلت : نعم. قال : فأنت خلقته؟ قال : بل الله خلقه، قال فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه، قال: أنت ترزقه؟ قال : بل الله كان يرزقه، قال: كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر»([13]).
عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : «كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقه، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة»([14]).
6- والسعي فيما ينفع الناس من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار:
- عن أبي ذر t قال : سألت النبي r أي العمل أفضل؟ قال : «إيمان بالله وجهاد في سبيله، قلت : فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق، قال : فإن لم أفعل ؟ قال : تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك»([15]).
- وعن أبي ذر t قال : قلت : يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار؟
قال: «الإيمان بالله».
قلت : يا رسول الله إن مع الإيمان عملاً.
قال : «يرضخ مما رزقه الله» [الرضخ: هو العطاء].
قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان فقيراً لا يجد ما يرضخ به؟
قال : «يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر»
قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان عيباً لا يستطيع أن يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر؟
قال : «يصنع لأخرق». [وهو الجاهل الذي لا صنعة له يكتسب منها].
قلت : أرأيت إن كان أخرق لا يستطيع أن يصنع شيئاً؟
قال : «يعين مظلوماً».
قلت : أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً؟
قال : «ما تريد أن تترك في صاحبك من خير، يمسك الأذى عن الناس».
فقلت : يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة ؟
قال : «ما من مسلم يفعل خصلة من هؤلاء، إلا أخذت بيده حتى تدخل الجنة»([16]).
- عن عمر t أن النبي r سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : «إدخالك السرور على مؤمن، أشبعت جوعته، أو كسوت عريه، أو قضيت له حاجة»([17]).
وأمر النبي r من استطاع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع فلينفعه، فقال : «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل»([18]).
وأوجه النفع كثيرة جدا، ولكما كان العمل أنفع للعباد كان أفضل عند الله تعالى، لذلك ينبغي على المؤمن أن يحرص على الأعمال التي يعم نفعها ويكثر.
([1]) تيسير الكريم الرحمن (934).
([2]) رواه الطبراني في الأوسط (5949)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (426)..
([3]) أنظر فيض القدير (3/481).
([5]) رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (36)، وحسنه الألباني في الترغيب (2623).
([6]) مجموع فتاوي ابن عثيمين (20/126).
([9]) رواه أ؛مد (27546) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2600).
([10]) شرح النووي على مسلم (5/396).
([11]) شرح النووي على مسلم (5/396).
([13]) رواه ابن حبان (3377) وأحمد (21522)، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (575).
([16]) رواه الطبراني في الأوسط (5081) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (876).
([17]) رواه الطبراني في الأوسط (5081)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2621).
ساحة النقاش