<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الفرق بين النفع المتعدي والنفع القاصر
النفع المتعدي: هو العمل الذي يصل نفعه للآخرين سواءً كان هذا النفع أخروياً : كالتعليم والدعوة إلى الله تعالى، أو دنيوياً : كقضاء الحوائج، ونصرة المظلوم وغير ذلك.
أما النفع القاصر: فهو العمل الذي يقتصر نفعه وثوابه على فاعله فقط، كالصوم، والاعتكاف وغيرهما.
أيهما أفضل النفع المتعدي أم النفع القاصر؟
نص فقهاء الشريعة على أن النفع المتعدي للغير أولى من النفع القاصر على النفس.
ولذا قال بعضهم: إن أفضل العبادات أكثرها نفعاً، وذلك لكثرة ما ورد في الكتاب والسنة من نصوص دالة على فضل الاشتغال بمصالح الناس، والسعي الحثيث لنفعهم وقضاء حوائجهم، ومن أبرزها ما يلي:
عن أبي الدرداء t قال : قال رسول الله r «فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» ([1]).
وقال r لعلي بن أبي طالب t : «لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم»([2]).
عن أبي هريرة t عن رسول الله r قال : «من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً»([3]).
كما أن صاحب العباد القاصرة على النفس إذا مات انقطع عمله، أما صاحب النفع المتعدي فلا ينقطع عمله بموته.
وقد بعث الله الأنبياء بالإحسان إلى الخلق، وهدايتهم ونفعهم في معاشهم ومعادهم، ولم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس، ولهذا أنكر النبي r على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد وترك مخالطة الناس ([4]).
وهذا التفضيل إنما هو باعتبار الجنس، ولا يعني ذلك أن كل عمل متعدي النفع أفضل من كل عمل قاصر، بل الصلاة والصيام والحج عبادات قاصرة – في الأصل – ومع ذلك هي من أركان الإسلام ومبانيه العظام.
ولذا قال بعض العلماء : (أفضل العبادات: العمل على مرضات الرب في كل وقت مما هو مقتضي ذلك الوقت ووظيفته)([5]).
نفع الناس من صفات الأنبياء والرسل:
إن النفع المتعدي هو طريق الأنبياء والرسل، ووظيفة من سلك سبيلهم، واقتفى أثرهم، فهم أنفع الناس للناس، وهم الذين يهدون الناس إلى الله تعالى، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور بإذنه، وذلك بدعوتهم إلى توحيده، الذي لا عز ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا به.
ونفع الأنبياء للناس لا يشمل أمور الآخرة فقط، بل كذلك أمور الدنيا: فيوسف t تولى الخزائن لعزيز مصر : ]قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ[ [يوسف:55]، فكان في ذلك الخير والنفع والنجاة من سنوات القحط والجذب التي أصابت البلاد.
وموسى t لما ورد ماء مدين وجد عليه جماعة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، فرفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رويت أغنامهما.
-ونبينا r كانت خديجة رضي الله عنها تقول في وصفه r : (كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق)([6]).
وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة والصالحون:
-فأبو بكر الصديق t كان يصل الرحم ويساعد المحتاجين، ولذلك لما أراد قومه أن يخرجوه قال له ابن الدغنة المشرك : (إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق)([7]).
-وعمر بن الخطاب t كان يتعاهد الأرامل، ويسقي لهن الماء ليلاً.
-وعلى بن الحسين رحمه الله كان يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في ظلام الليل، فلما مات فقدوا ذلك، قال ابن إسحاق : كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم في الليل ([8]).
وهكذا الصالحون من هذه الأمة إذا وجدوا فرصة لنفع الخلق، فرحوا بها فرحاً شديداً، وعدوا ذلك من أفضل أيامهم!.
-كان سفيان الثوري رحمه الله ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه! ويقول: (مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي).
- وكان الفضيل بن عياض رحمه الله يقول: (نعم السائلون، يحملون أزوادنا إلى الآخرة، بغير أجرة حتى يضعوها في الميزان).
([1]) رواه أبو داود (3641) وهو صحيح الجامع (4212).
([4]) رواه البخاري (4776)، ومسلم (5).
ساحة النقاش