علي عبد العال

بات الجيش المصري الآن الحاكم وحده في البلاد التي تعد حركة الإخوان المسلمين أكبر القوى السياسية المنظمة فيها.

 

ومنذ إعلان اللواء عمر سليمان، أن الأمور بعد تنحي مبارك آلت إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حرصت الجماعة على إيجاد حالة من الدفء تغلف العلاقة بينها وبين هذا الحاكم الجديد، وربما تأكيدها بناء على رسائل الترحيب والإشادة التي أخرجتها منذ عملية الانتشار العسكري التي بدأتها القوات المسلحة ليل الجمعة 28 يناير.

 

كما لوحظ أن شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة تلقوا توجيهات قياداتهم بالتوقف عن التظاهر، وترك "ميدان التحرير" تمهيدًا لإخلائه وتسيير حركة المرور فيه، وهو ما ينسجم مع مطالب الجيش في هذه اللحظة؛ ولذلك توقع خبراء أن تسير العلاقة على أساس من التعاون بين الطرفين.

 

وفي صبيحة أول يوم شهد المصريون شمسه بدون مبارك (السبت 12/2/2011م) قال الإخوان المسلمون في بيان رسمي: "إنهم حريصون على الجيش المصري البطل ودعمه وتقويته وسلامته من أي مغامرات غير محسوبة؛ حتى يظل درع الأمة وحصنها الحصين ضد أي عدوان خارجي".

 

لم يتلق الإخوان ردًّا للتحية من قبل الجيش، الذي يفرض عليه وضعه الرسمي أن يقف بعيدًا عن مسارات الحياة السياسية وقواها المدنية.

 

وفي ظل مخاوف الخارج وبعض قوى الداخل التي لم يتأكد بعد إن كان الجيش من بينها، حرص الإخوان على أن يكرروا في بياناتهم التأكيد على أنهم حريصون على الأمن القومي، والوحدة الوطنية في البلاد، وأنهم ليسوا طُلاّب سلطة؛ ولذلك فهم "لن يرشحوا أحدًا منهم لمنصب الرئاسة، ولن يسعوا إلى الحصول على أغلبية في البرلمان"، كما لن يشاركوا في الحكومة المقبلة.

 

وقد أعادت هذه الأجواء تلك التي كانت شبيهة لها في أعقاب حركة الجيش يوم 23 يوليو 1952م التي أنهت الحكم الملكي، وسادتها أجواء من الود بين تنظيم الضباط الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين، الهيئة المدنية الوحيدة التي كانت تعلم بموعد قيام الثورة، والقوة الشعبية التي كان يعتمد عليها ضباط الجيش في تأمين الدولة ومواجهة الإنجليز، حتى أعلن هؤلاء الضباط في (17/1/1953م) حلّ كل الأحزاب السياسية باستثناء حركة الإخوان المسلمين.

 

إلا أن هذه العلاقة لم تدم طويلاً بعدما رأى مجلس قيادة الثورة في الإخوان خطرًا على سلطاته وتوجهاته، فانقلب الود إلى أحكام من السجن والإعدام بحق قادة الجماعة.

 

وبعد انقضاء ما يقارب الستة عقود ها هو الجيش يعود ليسيطر على السلطة في مصر، ويتدبر وحده تسيير أمور الدولة للمرة الثانية. لكن اختلفت الأوضاع كثيرًا بين ثورة الجيش 1952م وثورة الشعب عام 2011م من حيث الجو العام المهيمن على كلا الحدثين؛ فالأولى قامت لإنهاء الحكم الملكي الذي ضعف ولم يكن بحجم التحديات بالرغم من الجو الديمقراطي في هذه الفترة، والثانية قامت بالأساس لإنهاء حالة احتكار السلطة وما صاحبها من فساد واستبداد.

 

جماعة "الإخوان المسلمين" التي لا يعرف بعد إن كانت ستظل محظورة في مصر أم ستتحول إلى القانونية عما قريب، تتطلع إلى أن يقوم الجيش بدور الحارس الأمين على تلك الثورة التي شاركوا فيها، وأيضًا على مكتسباتها، وهو ما عبر عنه عدد من قادة الحركة منهم د. عصام العريان الذي تمنى ضمن تصريحات له أن يوفي الجيش بعهده، ويستمر في تفاعله وتعامله مع الثورة كما بدأ، مطالبًا القوات المسلحة بأن يكونوا على أعلى درجة من المسئولية في الانتقال السلمي للسلطة في أسرع وقت.

 

لكن من جهته، لم يحدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة جدولاً زمنيًّا لانتقال السلطة إلى قوى المجتمع المدنية إلا أنه أعلن تطلعه إلى هذا الانتقال السلمي "الذي يسمح بتولي سلطة مدنية منتخبة؛ لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة".

 

وفي إطار المخاوف والمخاوف المتبادلة، هدد بعض قادة الاحتجاجات بعودة الانتفاضة بشكل أكبر مما كانت عليه إذا لم يحقق الجيش مطالب الثورة، وهي هواجس شملت كافة القوى التي شاركت في التظاهرات ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين.

 

ففي أعقاب حديث بعض المسئولين السابقين عن إمكانية انقلاب الجيش على الأوضاع، قبل ساعات من رحيل مبارك، عبر د.عصام العريان عن مخاوفه من تحول موقف الجيش، قائلاً: "يبدو كأنه انقلاب عسكري... أشعر بالقلق". لكنه استدرك فيما بعد بالقول: إن أي تعليق رسمي من الجماعة سيعتمد على النتيجة النهائية.

 

ومن جهته، توقع الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم أن تفتح القوات المسلحة الباب للحوار أمام كل القوى والجبهات الموجودة على الساحة السياسية. وباعتبارهم القوى الأكبر، توقع اللواء مسلم أن يكون الإخوان على رأس الجماعات المدنية التي تشارك في الحوار، مستبعدًا أي إقصاء لهم من قبل الجيش.

 

ويرى الخبير الاستراتيجي أن الخطوة الثانية ستتوقف على سلوك الإخوان أنفسهم في هذا الحوار، وما إذا كانوا سيتخذون خطًّا متشددًا أم ستحالفهم المرونة التي رآها أقرب لنهج الإخوان الذين أبدوا ترحيبهم بالقوات المسلحة في أكثر من مناسبة، متوقعًا أن تسير العلاقة على أساس من التعاون بين الطرفين.

 

المصدر: موقع أون إسلام.

meetelhaloog

أهلا بكم فى موقع ميت الحلوج - موقعنا كلنا

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 115 مشاهدة

ساحة النقاش

ميت الحلوج

meetelhaloog
لكى يعلم الناس ان كلماتنا كالعرائس اذا عشنا من اجلها ومتنا فى سبيل تحقيقها دبت فيها الحياة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

38,255