تعديلمشاركة مختارة؟ أوقف النشر؟ تصنيف حذف الرجوع إلى قائمة المقالات
رابعــاً : كيفية عمل الذكــاءات :
أوضح جاردنر Gardner (2000 ) أن هذه الذكاءات وإن كانت منفصلة عن بعضها تشريحياً إلا أنه من النادر أن تعمل مستقلة ، بل إنها تعمل بصورة توافقية منسجمة يكمل بعضها بعضاً ، وأوضح ذلك من خلال مجموعة من المسلمات الخاصة بنظريته ، والتى يمكن توضيحها فيما يلي :
1- كل فرد يمتلك أنماطاً متعددة من الذكاءات ، ولكنه يتميز فى واحد أو أكثر منها .
2- تعمل هذه الذكاءات معاً بطريقة متناغمة ، ولكنها متفردة بالنسبة لكل شخص .
3- لا يوجد ذكاء قائم بذاته ، إلا فى حالات نادرة من العباقرة أو مصابي المخ .
4- باستطاعة الفرد التعبير عن كل نمط من أنماط الذكاءات بأكثر من طريقة ، فقد يجهل أحدنا القراءة ( ذكاء لغوي ) لكنه يجيد رواية القصص ( ذكاء لغوي أيضاً ) .
5- يمكن تنمية كل ذكاء إلى مستوى مناسب من الكفاءة ، إذا تيسر للفرد التشجيع المناسب ، والإثراء والتوجيه .
وبالفعل أجريت دراسات عديدة لتنمية الذكاءات المتعددة لدى التلاميذ فى المراحل المختلفة . ومن هذه الدراسات :
- دراسة لازير Lazear (1992) التى هدفت إلى التحقق من أن للذكاء أبعاداً وأنه غير ثابت كمياً ، ويمكن تعلمه بسهوله ويسر ، كما يمكن تنميته ، وتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية :
- الذكاءات تغذى لتنمو وتزداد .
- البيئة لها دور كبير فى تنشيط الذكاءات .
- تنشيط البيئة للذكاءات يؤدى إلى زيادة الوصلات العصبية .
ودراسة ليفين Levin (1994) والتى هدفت إلى تحديد أساليب التعرف على الذكاءات المتعددة وتقييمها لدى التلاميذ ، والتعرف على المستويات المختلفة للذكاءات المتعددة داخل منظومة المخ البشري ، بالإضافة إلى إمكانية تصميم مناهج جديدة لتعليم الذكاء ، وقد توصلت الدراسة إلى ابتكار نماذج تعليمية جديدة فى ضوء نظرية الذكاءات المتعددة .
وهناك مدارس بأكملها تقوم على نظرية الذكاءات المتعددة مثل مدرسة المدينة الجديدة New city school وتهدف هذه المدارس إلى تنمية الذكاءات المتعددة عند الأطفال من سن سنتين إلى سن الخامسة عشر ، أما فى البيئة العربية فقد أجري اسماعيل الدرديري ورشدي كامل (2001) دراسة استهدفت بناء برنامج فى تدريس العلوم لتنمية الذكاء المتعدد لدى معلمات الفصل الواحد ، وقد أكدت الدراسة ارتفاع مستوى الذكاء فى أنماطه السبعة لدى المعلمات عينه البحث .
كما أجريت بعض الدراسات لتنمية أحد أنماط الذكاء ومنها دراسة محمد عبد الرؤوف الشيخ (1999 ) والتى استهدفت تصميم برنامج لتنمية الذكاء اللغوي لدى طلاب وحدة المتطلبات الجامعية العامة بدولة الإمارات العربية المتحدة ، وأسفرت الدراسة عن فاعلية البرنامج المقترح فى تنمية مهارات الذكاء اللغوي لدى عينة البحث . وكذلك دراسة إيناس فاروق العشري (2005 ) والتى استهدفت بناء برنامج لتنمية الذكاء الطبيعي لدى عينة من أطفال ما قبل المدرسة ، وأسفرت الدراسة عن فاعلية البرنامج فى تنمية الذكاء الطبيعي ، لدى الأطفال عينة البحث ، سواء فى القدرة على تصنيف عناصر من الطبيعة ، أو فى القدرة على التواصل مع الطبيعة .
والخلاصة أن هذه الدراسات تؤكد على أن الذكاء ليس ثابتاً ، وأنه يمكن التدخل لتنميته ، إذا أعدت البرامج المناسبة ، واستخدم فيها الاستراتيجيات ، والأنشطة المناسبة للذكاءات المتعددة ، وتلك هي الرؤية الجديدة لنظرية جاردنر Gardner للذكاءات المتعددة ، والتى اعتبرت أن مفهوم الذكاء أكثر اتساعاً ومرونة ، وأكثر تحرراً من النظريات التقليدية .
خامساً : التدريس عن طريق الذكاءات المتعددة :
ولئن كانت هذه النظريات التقليدية قد سلمت بأن الاختبارات التقليدية للذكاء يمكنها التنبؤ بالتحصيل الدراسي ، كما يمكنها الكشف عن الموهوبين ، فإن دراسة كامبل وكامبل Campbell & campbell, (1999) التى استهدفت بحث فعالية استخدام الذكاءات المتعددة ، وعلاقته بتحصيل التلاميذ فى عدد ست مدارس بالولايات المتحدة الأمريكية - تمثل المراحل التعليمية الثلاث ( ابتدائي – متوسط – عالى ) - قد أكدت على أن التدريس من خلال الذكاءات المتعددة ساعد على رفع مستويات التحصيل .
وهذا ما أكدته دراسة صلاح حسين الشريف (2001) المعنونة بالتنبؤ بالتحصيل الدراسي فى ضوء نظريتي معالجة المعلومات والذكاءات المتعددة ، حيث أسفرت عن وجود أثر دال للذكاءات السبعة فى التحصيل الدراسي لمواد العلوم والرياضيات واللغة العربية والدراسات الاجتماعية ، وأن الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي الرياضياتي والذكاء الاجتماعي هو الأكثر تنبؤاً بالتحصيل الدراسي .
وسعياً لاستخدام الذكاءات المتعددة لتحسين التحصيل فى فنون اللغة فقد أجري جيمير Geimer (2001) دراسة على عينة من طلاب السنة الثانية والثالثة والخامسة فى الأحياء الغربية من شيكاغو بولاية Illinois الأمريكية ، وتمثلت المشكلة فى انخفاض أداء الطلاب فى الاختبارات الدورية بالنسبة للمستوي المعياري للولاية ، وبعد بحث الأساليب المختلفة للتوصل لحل هذه المشكلة ، تم استخدام نظرية جاردنر للذكاءات المتعددة كحل مقترح ، وتم مقارنتها بالطرق التقليدية فى التدريس ، وأظهرت النتائج فعالية الذكاءات المتعددة فى تحسين التحصيل فى فنون اللغة ، كما أظهرت انضباط الطلاب فى أداء المهمات والأنشطة وزيادة نسبة استمتاعهم بها .
ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل امتد لتنمية القدرة على استرجاع المعلومات باستخدام الذكاءات المتعددة وذلك فى دراسة كارفير Carver (2000) حيث تكونت عينة البحث من طلاب السنة الثانية والسادسة والعاشرة من مدرسة ثانوية غرب شيكاغو ، وتم تحديد المشكلة من خلال ملاحظات المعلمين ، والاختبارات التقويمية وانخفاض أداء التلاميذ فى المهام المسندة إليهم ، وبتحليل المشكلة تبين أن صعوبة استرجاع المعلومات يؤدى إلى فقدان الطلاب للدافعية ، وفقدان القدرة على التواصل سواء مع الدروس فى الفصل أو فى المواقف الحياتية ، وبمراجعة الحلول المقترحة لهذه المشكلة ، تم استخدام الذكاءات المتعددة ، وتطبيق خبرات التعلم التعاوني ، والكتابات اليومية ، والأنشطة اللغوية ، وذلك لمدة خمسة عشر أسبوعاً ، وبتحليل البيانات البعدية تبين فعالية الذكاءات المتعددة فى تنمية القدرة على استرجاع المعلومات.
أما بالنسبة للكشف عن الموهوبين فإن اختبارات الذكاء التقليدية افترضت أن الطالب الذى يحرز 131 درجة يوضع فى برامج الموهوبين ، بينما الذى يحرز 81 درجة يوضع فى برامج التربية الخاصة ، وسعياً للبحث عن إمكانية الكشف عن الموهوبين باستخدام أنشطة الذكاءات المتعددة لجاردنر فقد أجرى إمام مصطفي سيد (2001 ) دراسة استهدفت تعرف فعالية التقييم باستخدام مهام وأنشطة الذكاءات المتعددة فى اكتشاف التلاميذ الموهوبين فى المدرسة الابتدائية مقارنة بالاختبارات النفسية الأخرى . وسعياً لتحقيق هذا الهدف استخدم الباحث مقياساً للذكاءات السبعة ، واختباراً للقدرات المعرفية ، بالإضافة إلى مقياس وكسلر للذكاء ، كما أعد مجموعة مهام وأنشطة للذكاءات المتعددة ، وتحقق من صدقها وثباتها ، وتكونت عينة البحث من 226 تلميذاً وتلميذة من تلاميذ الصف الرابع الابتدائي ، وأسفرت نتائج الدراسة عن إمكانية تحديد واكتشاف الموهوبين من خلال الأداء على أنشطة الذكاءات المتعددة ، وكذلك تحديد مجال الموهبة ، وتقديم أدوات وأنشطة جيدة للمعلم ، يمكنه من خلالها تحديد واكتشاف الموهوبين ، وذلك بعد تدريبه على استخدامها . وأكد الباحث على أن الاعتماد على مقاييس الذكاء التقليدية يقلل من فرص اختيار الموهوبين لبرامج الموهبة ، كما أسفرت الدراسة عن عدم وجود فروق دالة بين الموهوبين والعاديين فى التحصيل المدرسي ، وهذا يتفق مع ما ذكره العديد من الباحثين من الانتقادات والمحاذير التى وجهت للاختبارات التحصيلية ، والاعتماد عليها كمحك لاكتشاف الموهوبين .
وعلى هذا فإن نظرية الذكاءات المتعددة تفتح مجالاً للإبداع فى جوانب مختلفة ، وتكشف عن القدرات الذكائية الكامنة لدى المتعلمين ، والتى تحتاج إلى تحسين وتطوير ، كما أنها تعد مدخلاً لإنشاء علاقات صفية فعالة قادرة على التعلم بأساليب مختلفة لتحقيق أهداف محددة ، كما يمكن للمعلم أن يلعب دوراً فى هذا المجال ، وخاصة فى تطبيق أنشطة تتفق مع أنماط الذكاءات المتعددة للمتعلمين ؛ مما يزيد دافعيتهم للتعلم ، ويساعد على تكوين اتجاهات إيجابية نحوه ، بما يؤدى إلى نجاحهم الأكاديمي .
ويؤكد ذلك دراسة بالديس Baldes (2000) والتى استهدفت بناء برنامج لزيادة دافعية التلاميذ نحو التعلم من خلال الذكاءات المتعددة ، وتكونت عينة البحث من 120 تلميذاً من تلاميذ الصف الثاني والرابع والسادس بمدرسة متوسطة ، وأسفرت الدراسة عن عدة نتائج منها أن استخدام أنشطة الذكاءات المتعددة أعطت التلاميذ الثقة والأمان والإيجابية التى كانوا يفتقدونها فى الطرق التقليدية ، مما أدى إلى زيادة دافعيتهم للتعلم .
وكذلك دراسة سميث Smith (2000) التى استهدفت بحث تأثير نظرية الذكاءات المتعددة لجاردنر على النجاح الأكاديمي لطلاب السنة العاشرة بمدرسة ثانوية بولاية Tennessee فى المواد الدراسية التالية : فنون اللغة ، الرياضيات ، العلوم ، الدراسات الاجتماعية ، وتم تقسيم الطلاب إلى مجموعتين من الطلاب المتفوقين والعاديين ثم تم اختيار 60 طالباً من كل مجموعة للاشتراك فى البحث ، وتم تحديد أنواع الذكاءات السائدة لدى كل طالب ، وذلك بتطبيق مقياس للذكاءات المتعددة عليهم ، وتم تجميع تقديرات الطلاب فى نهاية الفصل الدراسي ، وأظهرت النتائج أن نظرية الذكاءات المتعددة كان لها تأثير دال فيما يتعلق بنجاح الطلاب فى هذه المواد .
مما سبق يتضح أن هناك حركة بحثية كبيرة لتطبيق نظرية الذكاءات المتعددة فى مجال تعليم اللغة ، وأكدت الدراسات أن استخدام الذكاءات المتعددة فى عملية التدريس يحقق جودة المنتج التعليمي ، وهذا المنتج ليس حفظاً أو استظهاراً بل معرفة لها معني وقيمة فى حياة المتعلم ، وتعينه على حل المشكلات التى تواجهه فى حياته ، ونحن الآن - فى البيئة العربية – أحوج ما نكون إلى تعليم اللغة من هذا المنظور ، ولكن الميدان مازال قفراً فلم تعثر الباحثة إلا على دراسة واحدة استهدفت بحث أثر برنامج فى ضوء الذكاءات المتعددة على التحصيل فى النحو لدي طلاب الصف الأول الثانوي ،
والخلاصة من الدراسات السابقة أن نظرية الذكاءات المتعددة كان لها العديد من الفوائد التربوية ، حيث قدمت أنماطاً جديدة للتعلم ، تقوم على إشباع حاجات التلاميذ ورعاية الموهوبين والمبتكرين ، بحيث يكون الفصل الدراسي عالماً حقيقياً للتلاميذ يمارسون فيه الأنشطة التى يفضلونها ، والتى تلائم ذكاءاتهم المتعددة ، بما يجعلهم أكثر كفاءة وفعالية فى العملية التعليمية .
وقد أوضحت كيرتون Kirton (1995 ) أن نظرية الذكاءات المتعددة تساعد المعلمين على تنمية ذكاءات تلاميذهم ، كما تساعدهم على صياغة أنشطة تدريسية تقابل احتياجات التلاميذ وميولهم واستعداداتهم المختلفة .
وفى هذا الصدد أكد بون Bowen (1997 ) على أن نظرية جاردنر للذكاءات المتعددة كان لها أكبر الأثر فى تقديم العديد من البرامج التى تعتمد أنشطتها على الذكاءات المتعددة ، وأنه بناء على نظرية جاردنر يمكن تصميم دليل للمعلمين يستخدمونه لمساعدة تلاميذهم ، وذلك بتطوير استراتيجيات تساعد على التحديد الواضح للأهداف ، والكشف عن تطلعاتهم ، وتنمية تأكيد الذات لديهم .
ويؤكد أحمد أوزى (2002 ) أن نظرية الذكاءات المتعددة أحدثت ثورة – منذ ظهورها – فى مجال الممارسة التربوية ؛ فقد غيرت نظرة المعلمين عن تلاميذهم ، وأوضحت الأساليب الملائمة للتعامل معهم وفق ذكاءاتهم ؛ حيث إن تعدد الذكاءات واختلافها لدي المعلمين يقتضي اتباع مداخل تعليمية متنوعة ، لتحقيق التواصل مع كل المتعلمين الموجودين بالفصل ؛ ومن ثم كان لهذه النظرية صدي فى الأوساط التربوية ، لما حققته من تفعيل لعملية التعلم ، ووضعها فى مسارها الصحيح .
تري تغريد عمران (2001 ) أن أهم ما يحسب لنظرية الذكاءات المتعددة فى مجال الفكر التربوي هو ما أثارته من توجهات ، وما أتاحته من تطبيقات أفاضت بمباهجها الدافقة فى مجري العمل التدريسي .
وفيما يلي عرض للتطبيقات التربوية التى أتاحتها نظرية الذكاءات المتعددة .
(1) تحقيق فهم أعمق لنمط ذكاء المتعلم :
أكد جاردنر Gardner (1995) على ضرورة فهم المعلمين لأنماط الذكاءات المتعددة لدي تلاميذهم والوعي بنواحي القوة والضعف ، حتى يتسني لهم تقديم الأنشطة التى تناسب هؤلاء التلاميذ ، وتحقق فى الوقت نفسه الأهداف المنشودة .
ولقد قدم كل من "توماس أرمسترونج" و "لندا كامبل" قائمة تتضمن مجموعة مؤشرات لكل نمط من أنماط الذكاءات المتعددة ، وأكدا على أن هذه القائمة تمثل مؤشراً مبدئياً للكشف عن ذكاءات التلاميذ ، وأنه يمكن الاستفادة منها فى تصميم بطاقة ملاحظة مقننة – فى ضوء المؤشرات – للتقييم الدقيق لذكاءات التلاميذ ، كما يمكن للمعلم الافادة من الأساليب التالية للكشف عن ذكاءات تلاميذه :
1- الملاحظة البسيطة : حيث يلاحظ المعلم كيف يسئ التلاميذ السلوك فى حجرة الدراسة ؛ فالتلميذ القوي لغوياً سوف يتحدث فى غير دوره ، والتلميذ القوي فى الذكاء الاجتماعي سيميل إلى التفاعل الاجتماعي ، والنامي جسمياً وحركياً سوف لا يستقر فى مكانه .... وهكذا ، وكأن هؤلاء التلاميذ يلمحون – عن طريق أنماطهم السيئة – عن أكثر الطرق التى يودون أن يتعلموا من خلالها .
وثمة مؤشر آخر جيد لنمط ذكاء التلميذ ، وهو ملاحظة كيف يقضي التلاميذ وقتهم الحر فى المدرسة ؟ بمعني أخر ماذا يفعلون حينما لا يخبرهم أحد بما يفعلونه ؟ وإذا كان أمام التلاميذ وقت حر ، وعليهم أن يختاروا نشاطاً من بين عدد من الأنشطة ، فما الأنشطة التى يختارها التلاميذ ؟
2- النظر إلى سجلات المدرسة لمتابعة تقديرات التلاميذ .
3- التحدث مع المدرسين الآخرين ، فمثلاً مدرس التربية الفنية قد يكون أفضل شخص نتحدث معه عن ذكاء التلميذ المكاني ، ومدرس التربية الرياضية نلجأ إليه للحصول على معلومات عن ذكاء التلميذ الجسمي الحركي ، والمرشد النفسي خير من يشارك بالمعلومات عن ذكاء التلميذ الشخصي . وهكذا .
4- سؤال التلاميذ ؛ فبعد أن تشرح لهم فكرة الذكاءات المتعددة ، يمكن أن تجلس معهم ، وتكشف ما يعتبرونه أقوي ذكاءاتهم .
ومن المدهش أن شرح فكرة الذكاءات المتعددة لا يستغرق وقتاً طويلاً ، حيث يذكر جابر عبد الحميد (2003) أنه من أكثر الملامح النافعة لنظرية الذكاءات المتعددة أنه يمكن شرحها لمجموعة من الأطفال الصغار – قد يكونون فى الصف الأول الابتدائي – فى فترة زمنية قصيرة قد تبلغ 5 دقائق ، حيث يبدأ المعلم بسؤال التلاميذ : كم عدد من يعتقدون أنهم أذكياء ؟ وبغض النظر عن الأيدي التى ترفع يقول المعلم : جميعكم أذكياء ولكن ليس بطريقة واحدة ، فهناك ذكي فى الكلمات وذكي فى الصور ، وذكي فى العدد والمنطق ، وذكي جسمياً وحركياً ، وذكي موسيقياً وذكي مع الناس ، وذكي شخصياً أو مع نفسه ، ويعرض النموذج التالي على السبورة :
ثم يشرح المعلم النموذج ، ويسألهم مجموعة من الأسئلة الخاصة بكل ذكاء ؛ فمثلاً الذكي فى الكلمات :
كم عدد من يستطيعون أن يكتبوا ؟
كم عدد من يستطيعون أن يعبروا ؟
والذكي فى العدد والمنطق :
كم عدد من يستطيعون حل المسائل الحسابية ؟
والذكي فى الصور :
كم عدد من يستطيعون أن يرسموا ؟
وهكذا مع كل ذكاء يسأل المعلم مجموعة من الأسئلة ، التى تتيح لكل تلميذ أن يري نفسه ذكياً ، ويمكن للمعلم أن يعطي مثالاً لشخصية من المشاهير فى كل ذكاء ؛ حتى يطمح التلاميذ لبلوغها.
وبعد أن يكشف المعلم عن ذكاءات تلاميذه ، ويصبح على ألفة بمواطن القوة ومواطن الضعف ، فهل يركز على نقاط القوة لدي التلاميذ ويعمل على تطويرها ، أم يركز على نقاط الضعف ويعمل على معالجتها ، أم يتعامل مع كل النواحي المرتبطة بجميع أنماط الذكاءات ؟
يجيب عن هذا السؤال ويليامز Willams (1996 ) حيث يذكر أن جميع الباحثين الذين طبقوا بالفعل نظرية جاردنر للذكاءات المتعددة ، وكذلك المدارس التى نفذت مشاريع قائمة على هذه النظرية مثل مشروع Zero بجامعة Harvard وجامعة Yal وجدوا أنه من المفيد التعامل مع كل أنماط الذكاء فى مراحل التعليم الأساسية.
وهذا لا يعني أنه لابد من معالجة كل الموضوعات باستخدام أنشطة تلائم جميع أنماط الذكاءات فى حصة واحدة ، ولكن التربويين اقترحوا أن تتضمن نقطة الانطلاق فى أى محتوي تقديم أنشطة تناسب ثلاثة أنماط من الذكاءات – على الأقل – وأكدوا أن محاولة وضع أنشطة غير ملائمة للأهداف والمحتوي – لمجرد استكمال أنشطة جميع أنماط الذكاءات – قد يؤدي إلى نتائج عكسية .
ويري لازير Lazear (1999 )أنه كلما زاد عدد الذكاءات التى يخاطبها الدرس أصبح التعلم أعمق وأشمل ، وأن الخبرة العملية تؤكد ضرورة تضمين ثلاثة أنماط من الذكاءات على الأقل فى كل درس .
(2) تقديم أنشطة متنوعة تناسب الذكاءات المتعددة :
من أهم تطبيقات نظرية الذكاءات المتعددة فى المجال التربوي أنها تتيح الفرصة لاستخدام العديد من الأنشطة ، التى تناسب ذكاءات التلاميذ المتعددة ، وفى الوقت نفسه تلائم المحتوي الذى تقدم من خلاله ، والجدول التالي يوضح الأنشطة التى تناسب كل نمط من أنماط الذكاء والتى قدمها أرمسترونج Armstrong(1999 ).