الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

عند اختيار المحتوى لا بد أن يتم على اساس دراسة المجتمع والمتعلم ، وطبيعة العلمية التربوية التى تقوم بها المدرسة ، وإذا لم يكن واضعوا المنهج على وعى بالعناصر المختلفة التى يتكون منها المجتمع والمتعلم ، وطبيعة العملية التربوية ، وإذا لم يتم كذلك اختيار الخبرات فى ضوء الجوانب السابقة ، فإن عملية بناء المنهج تكون مؤسسة على أساس غير سليم ، بالإضافة إلى جوانب أخرى مثل المعرفة والفكر التربوى للإنسان ، والتطور السريع فى عصر العلم والتكنولوجيا ، وزيادة أعداد المتعلمين وغيرها من العناصر التى تعد تحديا لواضعى المنهج عند اختيار محتواه وتنظيمه .

تعريفه وعناصره :

وهو العنصر الثانى ( نظام فرعى ) فى منظومة المنهج وبعد اختياره من المعارف والاتجاهات والمهارات التى تتجمع حول محور معين لمجال ما ، ويقصد به أشكال المعرفة المنهجية ، ويقصد بذلك المقررات الدراسية ، وموضوعات التعلم وما تحتويه من الحقائق ، والمفاهيم والقواعد ، والقوانين والنظريات والتعليمات ، وما يرجى إكسابه للمتعلمين من قيم واتجاهات وميول ، هذا بالإضافة إلى الأنشطة التى ترتبط بالمهارات الحركية المراد إكسابها ، ويقدم للمتعلم ، ويرجى منه تحقيق أهدافه التعليمية ، ولكن يحدث ذلك ، فلا بد أن يراعى أن يكون المحتوى متناسقا ، ومنظما بحيث يشمل هذا التنظيم على بعدين هما :-

الأول : ويختص بترتيب مكوناته بالنسبة للبعد الزمنى ويسمى بالبعد الرأسي للمنهج ، ومثال ذلك إذا تناولنا ترتيب محتوى العلوم للصفوف : الأول والثانى والثالث الإعدادى ، فإن هذا التنظيم يكون رأسى لمنهج العلوم بالمرحلة الإعدادية.

الثانى : ويختص بترتيب مكونات المحتوى جنبا إلى جنب ، ويسمى بالبعد الأفقى للمنهج ، ومثال ذلك إذا تناولنا محتوى الدراسات للصف الثانى الإعدادى وبحثنا علاقة الجغرافيا والتاريخ فى نفس الصف ، فإن البحث يكون فى التنظيم الأفقى لمنهج الصف الثانى الإعدادى.

وللبعدان الرأسي والأفقى أهمية كبيرة فى تنظيم المنهج وفى تحديد الأثر الذى يتراكم لمحتوى المنهج فى المرحلة الدراسية ، فإذا كان محتوى العلوم فى الصف الأول الإعدادى ، يرتبط بعلاقات سليمة مع علوم الصف الثانى الإعدادى فإن هذا يوفر الاتساع والعمق المناسبين فى بناء وتكوين المفاهيم والاتجاهات والمهارات ، وإذا كان محتوى الجغرافيا يرتبط بمحتوى التاريخ فى الصف الثانى اإعدادى ارتباطا مناسبا فيمكن أن يسهم ذلك فى مساعدة الدارس لكى ينظر إلى العالم المحيط به نظرة تكاملية ويتفاعل معه ، أما إذا كانت هناك تناقضات بين المحتويين أو كانت العلاقة غير واضحة أو غير متناغمة فإن هذا سوف ينعكس سلبا على الأهداف التعليمية ، وقد يؤدى ذلك إلى ظهور فجوات فى المحتوى أو تجزئة فى خبرة المتعلم .

اختيار وتنظيم المحتوى والخبرات التعليمية :

يستلزم بناء المنهج إجراء خمس خطوات رئيسية هى :

أولا :تحديد الأهداف : وقد تناولناها فيما سبق ، ورأينا أن عملية وضع الأهداف تبدأ بدراسة وتحليل فلسفة المجتمع وتحديد أهدافه بناء على مبادئ الفلسفة السائدة ، ثم اشتاق أهداف التربية من أهداف المجتمع ، ويلى ذلك اشتقاق أهداف المنهج ، وخلصنا إلى أن الأهداف كافية المستويات المذكورة يجب أن تكون متسقة مع بعضها البعض.

وقد ذكرنا أن الهدف العام من التربية هو تنمية شخصية المتعلم بحيث تتكامل جوانبها ، وهذا يقتضى أن تشمل الأهداف على مجالات ثلاثة ، هى المجال الإدراكى وهو خاص بالمعارف والعمليات العقلية التى يستخدمها المتعلم فى تعامله مع تلك المعارف والعمليات العقلية التى يستخدمها المتعلم فى تعامله مع تلك المعارف ، والمجال الوجداني ويختص بالاتجاهات والقيم ، والمجال النفس حركى وهو خاص بالمهارات ، وأنه خلال العملية التعليمية نحاول الوصول بالمتعلم إلى تحقيق الأهداف الخاصة بكل مجال من المجالات الثلاثة.

وباعتبار أن العملية التعليمية عملية مخططة ومقصودة فإن الأهداف تعتبر الأساس فى العملية التعليمية والتى تساعد من يضع المنهج على اختيار محتواه وخبراته التعليمية وطرق التدريس المناسبة لتحقيق الأهداف الموضوعية . ويجب أن يكون اختيار المحتوى والخبرات التعليمية وتنظيمها وفقا لمعايير معينة ، تراعى طبيعة المتعلم وعملية التعلم . وسوف نتناول فى هذا الفصل اختيار وتنظيم المحتوى والخبرات التعليمية ومعايير الاختيار والتنظيم ، وبعد الانتهاء من العملية التعليمية فإنه من الضروري معرفة ما كانت الأهداف الموضوعية قد تم تحقيقها وبأى مستوى ، وهذا يستلزم إجراء عملية التقويم ، وهذه العملية سوف نتناولها فيما بعد .

ثانيا : اختيار المحتوى والخبرات التعليمية :

إن اختيار المحتوى لا يعتبر عملية سهلة ، فالمادة تشمل عدة مجالات يشمل عدة موضوعات ، ولكل موضوع عدة محاور رئيسية وأخرى فرعية وهذا تتضمن معارف ومفاهيم وحقائق ، ويواجه واضع المنهج بمشكلة اختيار انسب محتوى للأهداف الموضوعة من بين كم هائل من المعرفة . لذا فإن عملية اختيار المحتوى تمر بثلاث خطوات مرتبة هى :

1- اختيار الموضوعات الرئيسية :

وتعتبر هذه الخطوة هى أول مهمة فى عملية اختيار محتوى المنهج ، وهذه الخطوة لا تتم بناء على تفضيل عفوى لموضوع على آخر ، بل يجب أن تتم بناء على مدى ارتباط هذه الموضوعات ومناسبتها للأهداف ، أى على مدى ترجمة هذه الموضوعات للأهداف الموضوعة، كما يجب أن تمثل الموضوعات المختارة ، عينة مترابطة تظهر فيها طبيعة المحتوى والأبعاد التى ينبغي أن يدرسها التلميذ على أن يكون حجم هذه الموضوعات وما تتضمنها من أبعاد يناسب الوقت المخصص لها فى العملية التعليمية ، ومن المرونة بحيث تسمح باحتواء أفكار جديدة تصبح مناسبة لما خصص لها من وقت .

2- اختيار الأفكار الأساسية التى تحتويها الموضوعات

إن اختيار الموضوعات وأبعادها لا يعد كافيا لوضع المحتوى ، بل يجب اختيار ثم تحديد الأفكار الأساسية التى يجب أن يشملها كل موضوع ، وهذه الأفكار تعتبر الأساسيات المكونة للمادة وبالتالى يجب أن تحتوى على المعلومات الضرورية والكافية التى يجب أن يعرفها التلميذ حتى يلم بالمادة إلماما كاملا . ويمكن اختيار الأفكار الرئيسية لكل موضوع عن طريق تحديد هذه الأفكار ووضعها فى قائمة تعرض على خبراء لكل موضوع من الموضوعات التى تم اختيارها ، واختيار الأفكار الرئيسية للموضوع وتمركزها حول محور معين ودلالة للموضوع ، وكذلك ييسر عملية ربط موضوعات المحتوى وتكاملها فى كل متسق . ولا يعتبر عملية اختيار الأفكار الرئيسية للموضوعات قد انتهت إلا بعد اختبارها تجريبيا فى المواقف التعليمية وتعديلها، وذلك فى ضوء الاعتبارات التى تم على أساس هذا الاختبار .

3- اختيار المادة الخاصة بالأفكار الرئيسية :

تبدأ عملية المادة الخاصة بكل فكرة رئيسية وذلك بعد اختيار المحور الذى تتمركز حوله الأفكار الرئيسية للموضوع ، وهذا يمكن أن يتم عن طريق وضع العينة المناسبة من المادة لكل فكرة رئيسية ، والعينة الموضوعة للمادة يجب أن تكون مثالا صادقا يعبر عن الفكرة الأصلية وتربط بها ارتباطا منطقيا . وعادة ما نجد أن هناك أكثر من عينة المادة تفى بهذه الشروط ، وفى مثل هذه الحالة فإنه يجب اختيار عينة المادة التى تربط بأكبر عدد ممكن من الأهداف ، وتفي أكثر بحاجات البيئة المحلية وتتمشى مع اهتمامات وميول التلاميذ أكثر من العينات الأخرى من المادة ، كذلك تراعى بطريقة أفضل مستوى التلاميذ وخبراتهم السابقة وتربط بمشكلات حياتهم وتنمى قدراتهم ، كما أن الإمكانات المادية المتاحة لدراسة عينة المادة تعتبر أحد شروط التفضيل فى الاختيار من بين العينات المختلفة للمادة ، وعادة ما يستعان برأى خبير فى المادة وخبير فى التربية لتقرير أى من عينات اختيارها بحيث تفى بالشروط المذكورة .

 معايير اختيار المحتوى :

إن عملية اختيار المحتوى لها معايير معينة ، يجب أن تؤخذ فى تؤخذ فى الاعتبار ، هذه المعايير نتناولها فيما يلى :

1- أن يكون المحتوى مرتبطا بالأهداف :يعتبر إرتباط المحتوى بالأهداف المراد تحقيقها من أهم معايير الاختيار ، ذلك لأننا خلال العملية التعليمية نحاول الوصول لأهداف معينة وأحداث الوسائل لتحقيق هذا هو محتوى المنهج، لذا يجب أن يكون المحتوى ترجمة صادقه للأهداف وإلا لما تمكنا من تحقيقها .

2- أن يكون المحتوى صادقا وله دلالته :والصدق والدلالة تستلزم عدة اعتبارات أساسية ، فالمحتوى يعتبر صادقا وله دلالته إذا كان ما يحتويه من معارف حديثة وصحيحة من الناحية العلمية البحتة ، إذا كانت هذه المعارف تعتبر أساسية للمادة نفسها ويمكن الحكم على ذلك بمدى قابلية هذه المعارف للتطبيق على مجالات واسعة ومواقف متنوعة ، كما أن دلالة المحتوى تعنى قدرته على اكتساب التلاميذ روح المادة وطريقة البحث فيها .

فمحتوى الرياضيات يكون ذا دلالة إذا ما تعلم التلميذ كيف يحلل عناصر موقف معين أو يكون كما معينا من عناصر متفرقة أو يصل إلى أسباب منطقية لنتيجة معينة وما إلى ذلك .

3- أن يرتبط المحتوى بالواقع الثقافي الذى يعيش فيه التلميذ :يجب أن تكون المعارف المختارة متمشية مع واقع حياة التلميذ ، وتساعده على فهم الظواهر التى تحدث حوله والمشكلات التى يمكن أن تنجم عن هذه الظواهر وكيفية مواجهتها ، كما يجب أن تشمل هذه المعارف بقدر ما تمسح به المادة على معلومات عن مختلف النظم فى المجتمع مثل النظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي وعلاقاته وغيرها من النظم الأخرى .

4- أن يكون هناك توازن بين شمول وعمق المحتوى :الشمول يعنى المجالات التى يغطيها المحتوى ، ويتناولها بالدراسة بحيث تكفى لإعطاء فكرة واضحة عن المادة ونظامها ، أما العمق فينبغي تناول أساسيات المادة مثل المبادئ والمفاهيم والأفكار الأساسية وكذلك تطبيقها بشئ من التفصيل الذى يلزم لفهمها كاملا ويربطها بغيرها من المبادئ والمفاهيم والأفكار ، ويمكن تطبيقها فى مواقف جديدة .

وقد يبدو أن هناك صعوبة فى تحقيق التوازن بين الشمول والعمق ، فإذا ما حاولنا تحقيق شرط الاتساع فى المحتوى فإن ذلك قد يكون على حساب العمق والعكس ، والتغلب على هذه الصعوبة وتحقيق التوازن المطلوب فإن اختيار مجالات المادة يجب أن يكون بناء على مدى احتوائها لأساسيات المادة وبالتالى قابليتها للتطبيق فى مواقف متنوعة ، وبهذا يتحقق العمق ، كما يتحقق الشمول حيث إن دراسة أساسيات المادة تساعد على معرفة مجالات أخرى منها وفهمها .

5- أن تراعى المحتوى ميول وحاجات التلاميذ :تعتبر الدافعية من أهم شروط حدوث عملية التعلم ، والاهتمام بميول التلاميذ وحاجتهم من خلال المحتوى يوجد الدافع لديهم للإقبال على دراسة المحتوى ، وييسر عملية تعلمهم ، لذا يعتبر مراعاة ميول التلاميذ وحاجتهم هو أحد المعايير التى يتم على أساسها اختيار المحتوى بحيث يكون ملائما لمستوى التلاميذ وللقدرات العقلية والجسمية لمرحلة النمو التى يمرون بها، وعدم مراعاة المحتوى لهذا قد يسبب لهم نوعا من الإحباط ، وبالتالى عدم قدرتهم على مواصلة دراستهم.

تنظيم المحتوى:

إن اختيارنا للمحتوى وفقا للمعايير التى ذكرناها لا يعنى أننا قد بنينا هذا المحتوى نستطيع تدريسه ويتمكن التلاميذ من تعلمه لكن يلزم الأمر أن نتناول هذا المحتوى بالتنظيم ، فالموضوعات الرئيسية ، والأفكار المحورية التى يتضمنها الموضوع والمادة الخاصة بهذه الأفكار تحتاج إلى تنظيم بحيث تبدأ مثلا من المعلوم إلى المجهول ، أو من المحسوس إلى المجرد ، أو من المألوف إلى غير المألوف إلى غير المألوف ، أو من المباشر إلى غير المباشرة ، أو البسيط إلى المركب إلى الأكثر تركيبا حتى تسير عملية تعلم التلاميذ الأفكار المحورية تحتاج فى تنظيمها إلى تتابع بحيث نقدم من تلك الأفكار التى تعتبر خلفية إدراكية للتلاميذ إلى أفكار غيرها تبنى على أساس تلك الخلفية إدراكية للتلاميذ إلى أفكار غيرها تبنى على أساس تلك الخلفية ، ويشترط فى هذا التتابع أن يحث التلاميذ على استخدام عمليات عقلية ترقى تدريجيا بتقدم الأفكار فى حلقات هذا التتابع ، وهذا بالطبع ينعكس على المادة الخاصة التى نستخدمها فى هذه الأفكار المحورية.

 ويراعى أيضا أن عملية التنظيم تساعد التلاميذ على تحصيل المفاهيم المجردة ، وتنمى من قدراتهم على حل المشكلات ، ومهاراتهم فى تحليل المعلومات والكشف عنها ، وإتباعنا لهذا الأسلوب فى التنظيم قد يساعد على حل قضية التوازن بين استخدام التنظيم المنطقي والتنظيم السيكولوجى ، ففى أغلب الأحوال يكون التنظيم المنطقى وفقا لطبيعة المادة وعادة ما تفرض طبيعة المادة أن نبدأ بالمعلوم ، ثم نتدرج إلى المجهول أو أن نبدأ من البسيط إلى المركب أو من المحسوس إلى المجرد وهكذا ، وهذا لا يتعارض مع التنظيم السيكولوجي إذا ما راعينا أثناء التدرج مستوى التلاميذ وخلفيتهم الإدراكية والتسلسل فى الطرق التى يتعلمون بها.

تنظيم محتوى المنهج وفق نظريات التعليم

مع الاهتمام المتزايد بضرورة تطبيق نظريات التعلم لتتكامل معايير نظريات التعلم حتى يمكن تحديد يمكن  تحديد وتوصيف الإجراءات اللازمة لتنظيم مواد التعليم وتوجيه ممارسات المعلم فى المواقف التعليمية لتحقيق فاعلية أكبر للتدريس وبالتالي تعلم أفضل ، نجد أنه من الضروري تناول ما نصت عليه نظريات التعلم بشأن تنظيم محتوى فى ضوء رؤيتها لكيفية حدوث التعلم .

ومن المنطقى قبل تناول هذه النظريات أن نشرح أولا المقصود بنظرية التعليم نقصد بها تلك النظرية التى تسعى إلى توصيف فكر متسق ، ونظرة شاملة تجمع بين المادة الدراسية ، وطبيعة عملية التعليم والتعلم ، ومكوناتها ، والظروف التى تحيط بها .

مصادر المحتوى الدراسى :

1-   المتعلمون أنفسهم .

2-   المعلمون .

3-   أولياء الأمور .

4-   المتخصصون في المجالات المعرفية المختلفة .

5-   استطلاع أراء الخبراء والمهتمين بأمور التعليم وأصحاب الرأي والفكر .

6-   معرفة متطلبات سوق العمل .

وفى ضوء اختيار موضوعات المحتوى وتنظيمها يمكن اختيار الخبرات التعليمية أو الأنشطة التعليمية ، والخبرات التعليمية تلعب دورا مهما فى تحقيق أهداف متكاملة للمنهج ، وذلك لأن المحتوى قد لا يحقق إلا جانبا من الأهداف وهى تلك الأهداف الخاصة بالمعرفة ، وأما بقية الجوانب فيحتاج تحقيقها إلى تصميم الخبرات التعليمية المناسبة التى تساعد التلاميذ على اكتساب السلوك المتوقع نتيجة مرورهم بهذه الخبرات ، فتحقيق أهداف كتلك التى تتعلق بعمليات التفكير أو اكتساب اتجاهات معينة لا ترتبط مباشرة بالمحتوى بقدر ارتباطها بأنواع معينة من الخبرات التعليمية .

واختيار الخبرات التعليمية لكل فكرة محورية وما تحتويه من مادة يجب أن يكون على أساس أن كل خبرة من الخبرات المختارة يجب أن تكون لها وظيفة معينة تؤدى إلى التكامل مع الفكرة المحورية ومحتواها .

وعند اختيار الخبرات التعليمية من حيث الوظيفة فيجب أن نأخذ فى الاعتبار مدى ما تغطيه الخبرات التعليمية من أهداف نسعى إلى تحقيقها ، وكذلك يجب مراعاة ما يحتاجه التلاميذ من أداءات وخبرات يمرون بها ، حتى يمكنهم اكتساب أنماط سلوكية وكفايات معينة ، وما الترتيب أن نقدم به هذه الخبرات لهم .

كما يجب عند اختيار هذه الخبرات التعليمية أن تكون مناسبة لتعلم الفكرة المحورية وأن تخدم الهدف من هذه الفكرة ، وفى الوقت نفسه تخدم أهداف المحتوى ككل ، وأن تهيئ الفرصة للتلاميذ من خلالها عدة مهارات من يدوية وعقلية مثل القراءة والكتابة والملاحظة ن وعمل تقارير قصيرة وما تطلبه من تحليل بيانات ومناقشتها وجدولتها واستخلاص النتائج ، وما ذلك، كما ان مراعاة مستوى التلاميذ أثناء اختيار التعليمية يعتبر من أهم شروط الاختيار المناسب للخبرات التعليمية .

وفى ضوء ما ذكرناه يتم اختيار الخبرات التعليمية المناسبة ، ويتبع ذلك عملية تنظيم هذه الخبرات التى يجب أن تتم وفقا لتسلسل معين على استمرار عملية التعلم ، وذلك عن طريق جعل ما يتعلمه التلاميذ فى خبرة تعليمية معينة أساسا لتعلم خبرة تعليمية تالية ، كذلك تتدرج بهم الخبرات من طرق التعلم البسيطة إلى تلك الأكثر تركيبا .

وينفذ المحتوى الدراسى في المدرسة خلال الخبرات التعليمية التي تقدم للتلاميذ سواء داخل المدرسة أو خارجها وتحت إشرافها .وتشير الخبرة بصفة عامة إلى نتائج التفاعلية بين الفرد وبيئته ويحمل هذا المعنى التفاعل بين الفرد وكل ما يواجهه من مواقف وأحداث وظروف وأشخاص .

فالخبرة هي عملية تأثير وتأثر ينتج عنها تعديل في سلوك الفرد ، وعندما نتحدث عن الخبرة التعليمية بصفة خاصة فإننا نقصد ذلك التفاعل الذي يحدث بين المتعلم وما يقدم له من مواد تعليمية وما يواجهه من أنشطة تعليمية ومواقف منظمة عن قصد وإرادة لتحقيق التعلم .

وفيما يلي عرض للمبادىء الأساسية التي يجب مراعتها في الخبرات التعليمية:

1-    تنظيم عملية التفاعل في مواقف حياتية مباشرة ومتكاملة لان ذلك يجعل التعليم ذا معنى ويوفر فرص الانتقال الايجابي للتعلم.

2-    التركيز على الدور الفاعل للمتعلم في جميع الخبرات التعليمية ويمكن تقسيم المحتوى المدرسي إلى ثلاث فروع هي :

أ‌-     المحتوى المعرفى :يعرف (هويلر) ميدان المعرفة المنظم بأنة جسم معرفي متماسك ومتناغم ومتناسق ويرتبط بمجال معين من مجالات اهتمام الإنسان ، ويستمد وحدته من المنطق الذاتي .

ويأخذ ميدان المعرفة المنظم اسمه من الظواهر التى يتناولها ،ويختلف كل ميدان عن غيره ليس فقط فى الحقائق والأفكار التى يضمها ، ولكن ايضا فى تناوله لها وفى مدى الاعتماد على صدق تعميماته وهكذا ،ومن ميادين المعرفة : الفيزياء – الكيمياء –الرياضيات –التاريخ –السياسة –الاقتصاد –فقة اللغة –الفنون ..... الخ .

وكل ميدان يتناول جانب ما من العالم الذى نعيش فيه .

يرى (هويلر) أن كل ميدان من ميادين المعرفة يسهم فى تكوين نظرتنا الى العالم الذى نعيش فيه بزاوية معينه ومختلفة عن الأخر .

نماذج تصنيف المعرفة :

يوجد عدد من التصنيفات للمعرفة نذكر منها :

·       تصنيف براودى وسميث وبورنيت Broudy , Smith And Burnett

يرى أصحاب هذا التصنيف أن المحتوى الدراسى يقسم إلى عدة أقسام تعين على التعليم والتعلم ويمكن أن يحدث تغيرات فى سلوك التلاميذ أى يمكن أن يعلمهم ، وتشمل التغيرات المرغوبة فى السلوك تغييرات فى التحصيل المعرفى للتلميذ وفى العمليات العقلية والمهارات والجوانب الوجدانية . ويشمل خمسة مجالات هى .

1-         الدراسات الرمزية Symbolic وفيها اللغة الوطنية واللغات الأجنبية والرياضيات .

2-        العلوم الأساسية وفيها العلوم العامة وعلم الحياة والفيزياء والكيمياء .

3-        دراسات النمو والتطور فى كل من : الكون – التنظيمات الاجتماعية – الثقافة .

4-        الدراسات الجمالية وتشمل : الفن – الموسيقى – الدراما – الأدب .

5-        دراسات المشكلات الاجتماعية وتختار مواقف التعلم فى ضوء احتياجات التلاميذ ووفقا لنظام معين .

ثانيا : تصنيف فليب فينكس Philip Phinix

يرى ( فليب فينكس ) أن الدراسة التحليلية للفكر الإنسانى يمكن أن تقودنا إلى تقسيمه إلى ستة مجالات هى :

1-  العلوم الرمزية Symbolic أو وسائل الاتصال وتشمل اللغات – الرياضيات – الصور الرمزية التى تستخدم فى التعبير عن المعانى وإيضاحها للآخرين .

2-  الجماليات Aestheics وتهتم بالإدراك المباشر للأشياء المفردة وأنماطها الخاصة ، وتشمل الفنون المختلفة من موسيقى وفنون تعبيرية وحركية .

3-  العلوم التجريبية ( الأمبيريقية ) Empiric وهى التى تعتمد على التجربة والاختبار وتشمل العلوم التى تهتم بالإنسان والكائنات الحية الأخرى ، وبالعالم الطبيعى والتى تزودنا بحقائق ونظريات عن العالم الذى نعيش فيه وتشمل العلوم الفيزائية وعلوم الحياة .

4-    المعرفة الشخصية Synnoetics :

وهى العلوم التى تهتم بمعرفة الإنسان بنفسه وبالآخرين وبالأشياء التى يتوصل إليها مباشرة أو عن طريق الحدس Intition وهذه العلوم تعنى بالعلاقة بين إنسان وآخر ، وتشمل الفلسفة ، وعلم النفس ، والأدب ، والدين .

5-  الأخلاقيات Ethics وهى التى تعنى بالمعانى الأخلاقية وما ينبغى للإنسان أن يقوم به عن طواعية واختيار وتشمل حقوق الإنسان ، العلاقات الأسرية ، الجماعات الاقتصادية والسياسية والحياة الاقتصادية والسياسية .

6-    العلوم الشاملة وهى التى تهتم بالمعانى ذات الوظيفة التكاملية وتشمل التاريخ .

هذا وتمدنا هذه التصنيفات المختلفة ( تصنيف براودى وزملائه أو تصنيف فليب فينكس ) بما يمكن التفكير والاستفادة منه عند اختيار المحتوى الدارسى وانتقاء المجالات التى ينبغى أن تهتم بها المدرسة . فكل هذه التصنيفات تهتم بالعلاقات المتبادلة بين ميادين المعرفة واعتمادها بعضها على بعض وما يمكن أن يؤدى إليه هذا من تناسق وترابط بينها ، كما تبرز فجوات بينها وتحتاج إلى بناء جسور للعبور عليها حتى يتم الترابط بينها وحتى يمكن اختيار محتوى منظم ، بحيث يؤكد على الأفكار التى تحمل بذور النمو والتطور فى المعرفة فتثير الخيال وتنمى الابتكار ، والقدرة على حل المشكلات لدى الطلاب .

مكونات المحتوى المعرفى :

1- الحقائق :Facts :تعرف بأنها أشياء يعتقد أنها صحيحة وخاضعة للإثبات والملاحظة ، وتعد الحقائق القاعدة الأساسية التى تقوم عليها المعرفة :

* أنواع الحقائق :

أ- حقيقة مطلقة ( المتعلقة بالخالق )

ب- حقيقة نسبية ( عملية تتغير حسب التطورات المستخدمة فى العلم ) .

* أمثلة :

- الصلاة ركن من أركان الإسلام .

- يتكون الكلام من اسم وفعل وحروف .

- مجموع زوايا المثلث الداخلية 180 .

- بخار الماء يكون الأمطار .

2- المفهوم Concepts:ويعرف بأنه مجموعة من الأشياء أو الأحداث الخاصة التى تجمعها خصائص أو صفات مشتركة وهو أيضا ( مجموعة الحقائق التى لها صفات أو خواص مشتركة تعطى مفهوم ) ، ويمكن أن يشار إليه برمز أو اسم معين ، يحمل المضمون ، والمفهوم يتطور وينمو بتطور معارفنا .

صفات المفهوم : يتصف المفهوم بالعمومية والرمزية والتمييز من أمثلته : الطهارة – الحج – الاسم – الفعل – المجتمع – المناخ – الصوت – الهضم .

وتعد المفاهيم بمثابة القاعدة الأساسية للتعليم الأكثر نجاحا ، فهى تسهم فى تنظيم الخبرة العقلية وترابطها كما تعمل على تيسير اختيار محتوى المنهج ، وجعل انتقال أثر التعلم أكثر فائدة فى الحياة العامة .

3- التعميمات  Generalizations  :وهى عبارات تربط بين مفهومين أو أكثر ، وهى أكثر عمومية وتتجه نحو التجريد وقد تمثل بالنظريات ( تفسير السلوك ) كما فى مجال الرياضيات والقوانين العلمية أو وصف السلوك كما فى مجال العلوم الطبيعية .

وقد تمثل المبادئ والقواعد والأحكام العامة كما فى مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية وقدرتها على التجديد ) وتشمل التعميمات :

أ‌-   المبادئ : وهى تلك العبارات التى توضح علاقة أو صورة متكررة فى أكثر من موقف مثل التغييرات الكيميائية تكون مصحوبة بتغييرات فى الطاقة .

ب‌-    القانون : وهو صياغة كمية لظاهرة معينة أى يصف السلوك الظاهر مثل قانون الانعكاس .

جـ- النظرية : مجموعة من الفروض ثبت صحتها وهى تفسير السلوك أو الظاهرة وهى قيمة البناء المعرفى .

·        نظرية فيثاغورث ( رياضيات )

·        النظرية النسبية .

·        الأحكام العامة فى التربية الإسلامية ....الخ

ب- المحتوى الوجدانى  :ويشمل جوانب الإحساس والمشاعر والانفعالات ويعد من أهم موجهات السلوك الإنسانى وبالتالى من جوانب التعلم الأساسية .

ومن أهم عناصر المحتوى الوجدانى :

1-  الاتجاه Attitude: يشير إلى مجموع استجابات الفرد بالرفض أو القبول إزاء قضية أو موضوع جدلى معين ( تعليم الكمبيوتر فى المدرسة ) .

2-    الميل Interst : وهو تعبير عن الحب أو الكره ( التعبير عن حب الكمبيوتر ) ، وكثيرا ما يتوافق الاتجاهات مع الميول .

3-  القيمة Value : فهى محصلة مجموع الاتجاهات التى تتكون لدى الفرد إزاء موضوع أو شيء أوحدث أو قضية معينة إما بالقبول أو بالرفض ( أى أن الاتجاه هو وحدة تكوين القيمة ) وتلعب القيم دورا أساسيا فى اتخاذ الفرد لقراراته وجوانب سلوكية المختلفة ومن أمثلة القيم الصدق – الأمانة – تحمل المسئولية – الشجاعة الأدبية .

4-  الرأى Opinion : فهو حكم أو فكرة يتبناها الفرد أو الجماعة أو يعد الرأى صورة للتعبير عن الاتجاه أما السلوك فهو الصورة الفعلية أو الواقعية له ومن العوامل التى تساعد فى تنمية التعليم الوجدانى المرغوب فى المدرسة .

 وجود النماذج الحسنة مثل : المعلمين وبعض المواد الدراسية التى تحكى عن العلم والعلماء ( تاريخ – اجتماع – آداب – علوم ) .

تحديد الاتجاهات والقيم المرغوب فيها .

ويتم ذلك من قبل موضوعات الدرس والمناخ المدرسى الجيد ( للعلاقات الاجتماعية والأنشطة – والحوارات والمناقشات )

ب- المحتوى المهارى :

ويتناول جوانب المهارات اللازمة للأداء والتشغيل واستخدام الأجهزة والمقاييس وتركيب الآلات والمهارات المتصلة بالألعاب الرياضية والمجالات العلمية .

المهارة :

هى دقة وسرعة فى الأداء ولابد أن يسبقها الجانب المعرفى .

العوامل التى يجب مراعاتها لتنمية المحتوى المهارى فى المدرسة :

1-     تعلم المهارات يتوقف على الجانب المعرفى لها وقدرة الفرد على القيام بأداء تلك المهارة

2-     المحددات الأساسية للمهارة هى السرعة والإتقان والأقتصاد فى الجهد المبذول ( ويشار إلى الحد الأدنى للأداء ) .

3-     تتطلب المهارة التدريب على العمل .

4-     مراعاة دوافع التعليم والتعزيز الذى يحصل عليه نتيجة أداء المهارة .

وإذا ما تم اختيار المحتوى المهارى ، فإن ذلك يساعد بالضرورة فى تحقيق التوازن بين التنظيم المنطقى للمادة ، والتنظيم السيكولوجى للتعلم وتتحقق أهداف المدرسية فى إعداد مواطن صالح ينفع نفسه والمجتمع

ثالثا :الخبرات التعليمية :

1- اختيار الخبرات التعليمية :ولتنظيم الخبرات التعليمية فإنه يجب وضعها فى تتابع ، نورد مراحله فيما يلى :

1- مرحلة التقديم والتنشيط والتوجيه :إن وظيفة الخبرات التعليمية فى هذه المرحلة هو مساعدة التلاميذ على ربط خبراتهم الحالية وإثارة اهتماماتهم  والكشف عن ميولهم ، ومعرفة المشكلات التى يمكن تناولها فى مرحلة تالية ، وخلق الدافعية لدى التلاميذ التى تضمن اشتراكتهم فى المواقف التعليمية ، كما تقدم الخبرات فى هذه المرحلة معلومات تشخيصية عن التلاميذ يمكن أن سيستفاد بها فى مرحلة تالية عن مراحل تنظيم الخبرات التعليمية .</stron

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 5639 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,624,553