الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

تعددت التعريفات الخاصة بالاستِماع النَّاقِد، ومن هذه التعريفات:

"أنَّه عملية يُعطِي فيها المُستمِع انتباهًا وتركيزًا وإصغاءً للمادة المسموعة بهدف فهمها وتفسيرها وتحليلها ونقدها وتقويمها في ضوء خبراته وفقًا لمعايير موضوعية" (رشدي طعيمة، 2006، 68). ويُقصد به النَّقد والتحليل حيث يتوجب على المُستمِع أن يُصغي جيدًا لأفكار المُتحدث وآرائه، ثم يعمد إلى تحليلِها ونقدِها في ضوءِ خبراتِه وفقًا لمعايير موضوعية (أميرة الشنطي،2010، 27).

وهو استماع يقوم على أساس من مناقشة ما سمع من المُتحدث، وإبداء الرأي فيه، إمَّا معه أو عليه، وفي هذا النَّوع من الاستِماع يسعى المُستمع إلى الربط بين ما يستقبله من أفكار وما يفهمه، ثم يناقش وينقد في ضوء خبراته الخاصَّة أو في ضوء الواقع أو في ضوء آراء الآخرين وأفكارهم، ولا بأس من أن يصل من هذا إلى أفكار جديدة تُضاف إلى أفكاره، وهذا النَّوع يتضمَّن الحكم على المسموع، وموازنة ما قيل في الموقف بأكمله (ماهر عبدالباري، 2011، 179).

ويعرَّف بأنَّه عملية مُعقدة تستندُ إلى اللغة المنطوقة وتتطلب الانتباه والملاحظة والجُهد المُوجَّه لممارسة عمليات عقلية عُليا تتطلب التحليل والتفسير والنقد والتقويم لِما هو مسموع، وهو قائم على التفكير النَّاقِد ولا يقف المرء من ورائه على الفهم، والتفسير، والتحليل؛ بل يتعدَّى ذلك إلى مُقارنة ما سمعه بما يراه ويعتقدُه من خلال الخبرات السابقة، ويقوم على أساس مناقشة المسموع وإصدار الحُكم لهُ أو عليه (حسن شحاته ومروان السمَّان، 2012 ،36). وأشار أحمد عماد الدين (2012، 55) إلى أنَّه استماع يهدف إلى النَّقد والتحليل؛ حيث إنّه يستلزم من المُستمع أن يُصغِي جيدًا لأفكارِ المُتحدث وآرائه، ثمَّ يعمد إلى تحليلِها ونقدِها في ضوء خبراتِه وفقًا لمعاييرَ موضوعية.

وهو استماع يقوم على إعطاء الانتباه الكامل للرسالة المُستقبَلة، ومُعالجة المعلومات بشكل فعَّال ونشطٍ عن طريق طرح الأسئلة، وتقييم ما يُقال، وعمل تنبؤات، والتوصل إلى استنتاجات مُتعلقة بالموضوع (نسرين الزبيدي، وآخرون، 2013، 436). كما أنَّه قدرة طالب المرحلة الثَّانويَّة على إبداء رأيه حول إحدى القضايا المطروحة التي تختلف حولها وجْهات النظر، وإصدار حُكم بشأن القضية المطروحة، وذلك بعد قيامهِ بالتفسير والتحليل والفهم ونقدِه للمسموع، ومن ثمَّ يُقوِّم القضية ويُصدرُ الحُكم عليها إمَّا بالقَبول أو بالرَّفض (أسماء قريطم، وآخرون، 2017، 38).

ويرى مُحمَّد إبراهيم (2018، 202) أنَّه مجموعة من الأداءات العقليَّة التي يُمارسها الطلاب بدقةٍ وسرعةٍ وإتقانٍ مثل: تحديد ما في النص المسموع أو الحديث من تناقض، وتحديد مدى أهمية الأفكار التي تضمنها الحديث، والربط بين الخبرات السابقة للمستمِع وما يتضمنه النص المسموع من خبرات، والحُكم على منطقية وتسلسل الأفكار، وتقويم النص أو الكلام المسموع في ضوء معايير موضوعية، وإبراز جوانب القوة والضعف في المسموع، وتحديد المفاهيم المغلوطة في النص المسموع وتصويبها.

ويُعرَّف بأنَّه: إحدى فنون اللغة العربية، وهو عملية ذهنية تشتمل على عدة مهارات رئيسة منها: التفسير، والتحليل، والاستدلال، والتقويم، ويندرج تحتها مهارات فرعية عديدة منها: تحديد الفكرة الرئيسة للنص المسموع، وتحديد الأفكار الفرعية للنص المسموع، وتوضيح القيم المتضمَّنة بالنص المسموع، وتحديد العلاقة بين الأفكار في النَّص المسموع، وغيرها (ميمي عبد اللاه، 2020، 998).

  وبالنظر إلى التعريفات السابقة يتضح ما يلي:

<!--الاستِماع النَّاقد يتطلب جهدًا في التركيز والانتباه والإصغاء للمادة المسموعة.

<!--قدرة المُتعلم على امتلاك مهارات الاسْتِماع النَّاقد لِيتمكن من التحليل والتفسير والنقد والتذوق والإفادة من المادة المسموعة وربطها بما لديهِ من أفكارِ وخبراتِ.

<!--قُدرة المُتعلم على امتلاك مهارات التفكير النَّاقد لارتباطه بالاسْتِماع النَّاقِد.

<!--وصول المُتعلم إلى درجة النَّقد والتقويم وإعمال العقل لكل ما يسمعه فلا يُردد ما يسمعه كالببْغاء، فيصل إلى مُستوى الوعي والفحص والدِّقة.

وفي ضوء التعريفات السابقة يُمكِن تعريف الاستِماع النَّاقد إجرائيًّا بأنَّه: قدرة طالبات الصَّف الأوَّل الثانوي على التركيز والانتباه والإصغاء للمادة المسموعة بهدف فهمِها وتحليلِها وتفسيرِها ونقدِها وتقويمِها والإفادةِ منها وربطِها بما لديهنَّ من خبراتٍ وأفكارٍ تمهيدًا للحُكم عليها.

وممَّا سبق تبين أنَّه ينبغي ضرورة تدريب الطالبات على الاسْتِماع النَّاقد لِما لهُ من أهمية، وتبرز أهميته فيما يلي:

رابعًا: أهمية الاستِماع النَّاقِد

يُعدُّ الاستِماع النَّاقد من أبرز أنواع الاسْتِماع إفادةً للمُسْتمِع في شتَّى المجالات الحياتية، وتزداد إفادته في الناحية التَّعليميَّة لا سيِّما ونحن نعيش في عصر المعلومات المُنتشرة في كل مكان سواءً أكانت في البرامج الإعلاميَّة أم في شبكات التواصل الاجتماعي؛ لِذا تحتمَّ الاهتمام بالاستِماع النَّاقد للنظر في الأفكار المطروحة بحكمةٍ ودقةٍ، وتزداد أهميته للمتعلم حتى يكون صاحب ملَكةٍ عقليةٍ فكريةٍ لِما يُطرَح أمامهُ من قضايا، لِذا لابدَّ من الاهتمام به وتنمية مهاراتِه، ومما يؤكد هذه الأهمية ما ذكره حسن شحاته ومَرْوان السمَّان (2012، 36-37)، وذلك فيما يلي:

ترجع أهمية الاسْتِماع النَّاقِد وضروراتِه إلى ما يلي: شكوى جامعاتنا حيث عجز كثير من الطلاب عن تتبع الأساتذة المحاضرين وكتابة خلاصة ما يسمعون من محاضرات، ومن الواضح أنَّ كثيرًا من الطلاب لم يُهِيَئوا لمثل هذه المواقف الاستِماعيَّة الطويلة من قَبْل، ولم يكن في المراحل قبل الجامعية تدريب على الاسْتِماع والتركيز وتلخيص ما يسمعون وهذا يؤكد النقص في مهارات الاستِماع مما تسبب إخفاقًا في التعليم الجامعي، ومن ثَمَّ يتطلب العناية بالاسْتِماع النَّاقِد في المراحل التَّعليميَّة.

فامتلاك مهارة الاستِماع النَّاقد تنقل المُستمع إلى مركز إصدار القرار، ولن يحدثَ هذا إلا إذا كان المُستمعُ قادرًا على أن يستمعَ فيفهم ويُحلل ويُفسر ويوازن وينتقد، ويُقوِّم ما يستمعُ إليه، فقد تعرَّض الإنسان لكثيرٍ من الإغراءات والتأثيرات من أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، لِذا يُحتَّم عليه أن يستمع باهتمام وتركيز حتى يُميّز بين الغثّ والثمين، والصواب والخطأ، لا سيَّما في عصر العولمة (التدفُق المعلوماتي)؛ لِذا ينبغي على الفرد أن يستوعِب جيدًا ، ويستمع استماعًا واعيًا ناقِدًا لِما يُقال ، وهذا يقتضي أن يستمع الشخص أكثر مما يتكلم حتى يستطيع أن يفهم ما يُقال ومن ثمَّ المُناقشة، وإبداء الرأي والحُكم على المسموع، وخاصة في العصْرِ الذي نحياهُ، الذي يتطلب الحد الأعلى من مَهارات الاسْتِماع .

وأشار مُحمَّد الحاوري (2016 ،129-130) إلى ضرورة الاهتمام بالاستِماع النَّاقِد حتى يبتعد الفرد عن الشائعات المنتشرة في الدعاية الإعلاميَّة، بل والخرافة، وتتأكد أهميته من خلال التالي:

<!--الاستِماع النَّاقد أساس في التعامل مع المعلومات والأخبار خاصةً في زمن تُجيد فيه وسائل الإعلام الشيطانية التزيين والتزييف، فتُلبِّس على النَّاس دينهم، ويُلبسون الحقَّ بالباطل، ويكذبون ملء أفواههم.

<!--قصور الأفراد في التحلي بالاسْتِماع يُعدُّ مُشكلة تعليميَّة: إنَّ مشكلتنا التَّعليميَّة تتجلى بوضوح في الاسْتِماع؛ حيث يتحوَّل التلاميذ والطلاب إلى مجرد إسفنجة؛ تمْتص ما يُصَبُّ بين يديها بدون تفكير فيه، فهم يتركون مُهمة التفكير التي هي أعظم مهام التعليم والأرضية الأساسية للنَّقد والإبداع والابتكار، ويفقدون بذلك القدرة على تحصيل المَلَكة العِلْمية التي هي أعظم مهام التعليم، وفي ضوء التدفق المعلوماتي الذي يُمثل سِمة من سمات عصر العَولَمة ينبغي أن يكون الفرد قادرًا على التحليل والنقد ويستطيع التمييز والحكم على الأشياء بدقةٍ وموضوعية.

<!--الحاجة الكبيرة للاستماع النَّاقد في التعليم الجامعي: يقضي المُستمع وقتًا طويلًا في موقع المُستمع في مُدرج الجامعة، وامتلاكه لمهارات الاسْتِماع النَّاقد يُمكِنه من التفريق بين الآراء والحقائق، وبين الفِكَر الرئيسة والثَّانويَّة، ويمنحه القدرة على المُناقشة، ويُمكِنه من التفاعل مع ما يسمعه، وتلخيص الأفكار المُهمة والمعلومات القيمة، والنَّقص في امتلاك مهارات الاستِماع النَّاقِد سبب من أسباب إخفاق الطلاب في التعليم الجامعي في بناء العقليَّة العلميَّة، ويجعلهم يعانون من ضعف مَلَكة النَّقد والتحليل الواضح.

<!--الاستِماع النَّاقِد يُمكِّن المُسْتمِع من الحُكم على ما يَسمع: إنَّ تحلِّي المُستمِع بالاستِماع النَّاقِد ينقل المُستمِع إلى مركز الحُكم على ما يسمع، وإصدار القرارات بالقبول أو بالرفض، ولن يحدث هذا إلا إذا كان المُستمع قادرًا على أن يسمع فيفهم ويُحلل ويُقيم وينقد ما يستمع أو يقرأ بموضوعية دون تحيُّز في ضوءِ خبرته.

<!--واقع العصر الذي نعيشه اليوم: إنَّ طُغيان الكلمة المسموعة التي تُقدمها وسائط التقنيات والإعلام الفضائِي يقتضي الاهتمام بالاستِماع النَّاقِد.

       وتتأكد أهميَّة الاستِماع النَّاقِد في ظل عصر العولَمة ومحاولة الهيمنة من الدول الغربية وفرض ثقافتها ولغتها على بقية الدول، وطَمْس هُويَّة الدول العربية وثقافتها، ولا يُمكِن للدول العربية الفرار من العولمة وآثارها فقد أصبحت أمرًا محتومًا، والمفروض على مؤسساتنا التَّعليميَّة والاجتماعية القيام بأدوارها تجاه حماية الهُوية العربية من هذا الغزو والاحتلال الثقافِي بتربية جيلٍ ناقدٍ بكل ما تتلقاه أُذناه، حفاظًا على الهُوية العربية وثقافتها (مسعد إبراهيم، 2009 ،867).

المصدر: الأَمِير أبو السُّعود عبد الرَّازق ريَّان :أَثَرُ اسْتِخْدَامِ التَّعلُّمِ الْمُنتَشِرِ فِي تَدْرِيسِ الْقِرَاءَةِ عَلَى تَنْمِيَةِ مَهَارَاتِ الْاسْتِمَاعِ الْنَّاقِدِ والطَّلاقَةِ اللفْظِيَّةِ لَدَى طُلَّابِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ الثَّانَوِي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 203 مشاهدة
نشرت فى 9 نوفمبر 2023 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,266