النظرية الجوهرية:
ترى النظرية الجوهرية أن للعقل القدرة على إدراك العلاقات بين الأشياء الجزئية، وتحويلها إلى مفاهيم وصيغ كلية، ويعبر وصف هذه النظرية بأنها أساسية أو جوهرية عن روحها التربوي أصدق تعبير، فأنصار هذه النظرية يعتقدون أنه على الرغم مما يطرأ في المجال التربوي من تغيرات وتطورات فإن هناك أساسيات تربوية هي جوهر المعرفة التي يجب أن ننتقيها من المعرفة التاريخية والمعاصرة ونظمنها المنهج وفقا لتبرير فلسفي .
وتركز النظرية الجوهرية على مسلمة مؤداها أن إلمام الإنسان بتراثه الثقافي وما فيه من معارف وحقائق واقعية هو خير قائد له في تصرفاته المستقبلية ، وأن هناك جوانب أساسية أو جوهرية معينة يجب الإبقاء عليها ، كما يجب أن يعرفها كل الناس إذا ما اعتبرناهم متعلمين .
نشأة النظرية الجوهرية:
بدأت الأساسية الجوهرية في شكل حركة تربوية في أوائل الثلاثينيات وضمت في صفوفها بعض المربين مثل (وليام باجلي، وهنري موريسون، وتوماس بریجز، وفريدك بريد، وإسحاق كائندل، وروس وتشارلس )، ويعتبر ولیم باجلي (1874-1946م) هو مؤسس هذه النظرية، وهو أستاذ في التربية في كلية المعلمين في جامعة كولومبيا، كما أسس مجلة تربوية بعنوان "المدرسة والمجتمع" من أجل نشر نظريته التي جاءت في الأصل كرد على النظرية التقدمية، وباجلی وزملاؤه يعتقدون بأن الحركة التقدمية دمرت المعايير الفكرية والأخلاقية بين الشباب.
منذ نهاية السبعينات ظهرت دعوتان مهمتان في أمريكا تنطلقان من أفكار الجوهرية وهما العودة إلى المنهج الأساسي، والتأكيد على المحتوى في مقابل العمليات.
العودة إلى المنهج الأساسي:
ظهرت هذه الدعوة كرد فعل على المقررات الانتقائية التي يتولى إعدادها فئات غير متعمقة في نظم المعرفة، فجاءت مقرراتهم للتسلية حيث قل المحتوى وصار سطحيًا، كما قلت معالجته فلا عمقاً معرفيًا ولا رفع للقدرة العقلية، وزعم أصحاب هذه المقررات أنهم يركزون على المهارات الأساسية، ولم يوضحوا ما هي تلك المهارات، وبهذا تعالت الدعوات بضرورة العودة إلى الأساسيات، وضرورة تحسين معايير المناهج وإعادة النظر في محتوى المناهج عبر سنوات الدراسة، فهذه الدعوة تتضمن دائماً العودة إلى المنهج الأساسي مع التركيز الكبير على القراءة والكتابة والحساب، وتدريس المواد الرصينة كاللغات والتاريخ والعلوم والرياضيات تدريس حقيقية جوهرية.
وقد ظهرت هذه الدعوة نتيجة تسطح المستويات الثقافية في داخل المدارس، والمسؤول عن هذا التسطح هو التعليم؛ لأن ما يقدم من معارف ومحتويات ليس رصينًا ولا منظمًا ولا عميقًا وإنما هو مجرد أسماء وتواريخ وحكايات سردية ومواضع ومعارك وغيرها من الحقائق اليسيرة، ولا حل لكل ذلك من وجهة نظر الأساسيين إلا بالعودة إلى الثقافة الرصينة، أي المحتويات الجادة العميقة لزيادة إدراك الطلاب وتعميق قدراتهم وتعليمهم أيضا، ماذا يقرأون؟ وماذا يسمعون؟ وماذا يقولون؟
الأغراض التربوية للنظرية الجوهرية:
تهتم النظرية الجوهرية بشكل كبير على التربية وهي لا تهتم كثيرة ببعض الحقائق المفروض أنها أبدية بقدر اهتمامها بتكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية والمادية. وهي ترى أن الأعمال العظيمة التي تمت في الماضي مصادر للمعرفة و نستخدمها في مواجهة المشكلات العامة الحالية .
ساحة النقاش