إعداد معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها:
تسعى الأمم إلى الاهتمام بالتعليم ، تلك القضية التى شغلت بال المفكرين والسياسين وغيرهم ؛ لما له من أثر واضح فى تنمية الأجيال ، واكسابهم ثقافة المجتمع ومهارات العيش فى هذا المجتمع ، ولهذا فالتعليم لم يعد مجرد ترفيه أو رغبة ، بل صار فرضاً على كل مجتمع يسعى لتنشئة الأبناء تنشئة سليمة .
وتعليم اللغات جزء من هذا التعليم العام ، وهو ركن أساسى فيه ، فبدون تعلم اللغة –لغة المجتمع- لايمكن التعامل مع أى معطيات لهذا المجتمع ، فضلا عن صعوبة التواصل مع أفراده ، ويكون الأنسان أشبه بالحيوان – أعزكم الله تعالى – يعبر بالأصوات والحركات التى يشوبها النقص والضعف .
ولهذا فقد ميز الله تعالى الانسان البشري باللغة والكلام ، الناتج بالطبع عن التفكير ، فاللغة تعكس التفكير ، فهى التفكير المنطوق المنظم الذى يهدف لغرض ما .
قال تعالى فى كتابه العزيز : ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ، ( سورة الرحمن الآية :1-4)
وقد أجمعت كافة التفاسير بأن المقصود بالبيان فى هذه الآية الكريمة ، هو الكلام والنطق والتعبير عما فى القلوب والخواطر ، بهدف التواصل وإقامة علاقات اجتماعية بين أفراد البشر فى المجتمع الواحد .
وتعلم اللغات الثانية ، لايقل أهمية عن اكتساب ثم تعلم اللغات الأولى ، فقد صار تعلم اللغات الثانية ضرورة مُلحة فى كثير من المجتمعات ، وعند العديد من المنظمات والهيئات .
وقد أشارت الأبحاث أن هناك فوائد متعدده لتعلم اللغات الثانية ، ومنها :
- أن تعلم اللغة الثانية ، يعزز قوة الدماغ ، حيث يضع الدماغ مهمه الاعتراف بهذا الهيكل الجديد للغة ، كما يعمل بها الدماغ ، ويجعل القدرة على التعبير عن الأفكار أفضل ؛ إذ أنه يشحذ مهارات القراءة ، والتفاوض ، وحل المشكلات .
-كما أنه يطور قدرة الشخص على التعامل مع المهام المتعددة ، فبالنسبة لمتعددي اللغات فهم قادرون على الانزلاق بلسانهم وأفكارهم واحدا تلو الآخر ، و لديهم كفاءة عالية في التعامل مع المشكلات ، وبذلك فإن احتمالات ارتكاب الخطأ ضئيلة جداً عند قيامهم بمختلف الأنشطة .
-كما أن تعلم اللغة الثانية يمنع الاصابة بالخرف أو الزهايمر، حيث أظهرت العديد من الأبحاث أن كبار السن من متعددي اللغات كانت بداية مرض الزهايمر لديهم في سن متأخرة من ال (75) سنة ، مقارنة أحادي اللغة الكبار الذين كانت البوادر الأولى في سن ال (71 ) سنة .
-بل و تحسين الذاكرة ، فكلما استعمل الدماغ أكثر، كلما عملت وظائفها بشكل أفضل ، وتعلم لغة جديدة يتطلب منك تعلم مفردات ومركبات جديدة ومعلومات كثيرة ، وهذا يقوي الذاكرة ؛ لأن الدماغ يكون قد بنى قدرته على على ربط المعلومات مع التعليمات الرمزية القصيرة ويحتفظ بالمعلومات بشكل أفضل .
-وكذلك تعلم اللغات الثانية يجعل الشخص أكثر مرونة وانفتاحا على الثقافات الأخرى ، حيث تكون لغة مدخل إلى ثقافة معينة ، تعلم لغة جديدة تمكن أي شخص من الفهم بشكل أوسع لهذا العرق أو الثقافة ، كما أن الانفتاح على الثقافات تسمح لك أن تكون أكثر مرونة وتقديرا من الطرق الأخرى للقيام والنظر إلى الأمور.
www. iwillteachyoualanguage. com, Retrieved 12-09-2018.
-وكذلك فإن تعلم اللغات الثانية ، يُحسّن المهارات التّحليلية عند الطّلبة ، إلى جانب مهارات العمل والإبداع وحلّ المشاكل ، ويعزّز إيجاد فرص للمشاركة في الأعمال التّجارية، والطّبّ، والقانون، والتّكنولوجيا، والصّناعة والتّسويق ، ويعزّز مهارات الاستماع ، ويُدرك من خلالها الشّخص التّرابط بين اللغة والطّبيعة البشرية . (Renate Latimer , 2017 , p100)
-وأخيرا ، فإن تعلم اللغات الثانية ، يعمل على تعزيز التّواصل مع الآخرين ، حيث إنّ السّفر إلى إحدى البلدان الأجنبية خلال العمل أو الإجازة سيكون أكثر سهولةً عند إتقان عدّة لغات؛ حيث سيتمكّن الشّخص من قراءة الصّحف والأخبار وطلب الطّعام الذي يُفضّله بسهولة، كما سيجد أنّ السكّان المحليين أكثر حبّاً وترحيباً به نتيجة قيامه بالتّحدّث بلغتهم وإبدائه الاهتمام والتفهّم لتاريخهم وثقافتهم . www. du. edu, Retrieved 9-5-2018. Edited
ولأن التربية تشكّل بمفهومها الشامل أهمّ معالم المجتمعات، ومن خلالها تبرز خصائص هذه المجتمعات وروحها ، وإذا كانت المنظومة التربويّة تقوم على عدد من العناصر تتبادل التأثير فيما بينها فإن الباحثين يجمعون على وصف المعلِّم بأنه حجر الزاوية أو العمود الفقري في هذه المنظومة ؛ فهو الأولوية فيها، وعلى يديه تتحقّق الأهداف ، وبوعيه وإدراكه ومسؤولياته تذلّل الكثير من مشكلاتها وصعوباتها. ويعبِّر أحد الباحثين عن هذه الفكرة بقوله: "ومع أن هناك عوامل عديدة تؤثّر في فاعليّة العمليّة التعليميّة إلاّ أنّ المعلِّم هو أهم هذه العوامل جميعاً، وهو الذي يمسك بيده زمام الأمور، وبيده مفتاح الحل لعمل تربوي ناجح، يتغلّب فيه على ما يعترض طريقه من عقبات ومن صعوبات". ويعزّز هذه الفكرة المكانة الكبيرة التي يشغلها المعلِّم أو المؤدّب في الموروث العربي والإسلامي (عبدالرحمن عدس ، 1996 م ، ص 13 ) .
"إنّ المعلِّم ركيزة الحاضر والمستقبل معاً. وإن بناء الحضارة وتحقيق التقدّم في أي مجال يقوم أساساً على أكتاف المعلِّمين الشجعان الذي يعملون بلا لين أو هوادة من أجل تجهيز الكوادر البشرية التي تتحمّل مسؤولية تقدّم المجتمع نحو الأفضل".
(مجدي إبراهيم ، 2000م ، ص 257- 258) .
ذلك أنّهم يحملون أنبل رسالة وهي "صناعة العقول وتكوين الضمائر الحية، وغرس القيم الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة في نفوس الجيل، وهم الذين يبنون الفكر المبدع الذي لا يتوقّف عند حد، ولا يحصر نفسه في قالب واحد جامد، وهم الذي يحصّنون الناشئة من الآثار السلبيّة للعولمة، ويعدّون الناشئة لمواجهة الحياة بكل ثقة وقوّة، ويسمون بهم إلى مستوى التحديّات التي تواجه الوطن والأمة" . (محمود السيد ،2009 م ، ص3 ) .
وعن طريق التفاعل بين المتعلّم والمعلِّم يكتسب هذا المتعلم خبراته ومعارفه ومهاراته واتجاهاته وقيمه،"ومهما تطوّرت تكنولوجيا التربية فلن يأتي اليوم الذي نجد فيه شيئاً يعوّض تماماً عن وجود المعلِّم" . ( محمود أبودف ، 2000 م ، ص11 ).
ومن جانب آخر فإن أثر هذا المعلِّم يمتدّ ليكون أهمّ مقوّمات نجاح المؤسّسات والمنظّمات المختلفة، وهو المؤثر في تحقيق الفاعلية والحركية لتنظيمها الإداري ؛ فهو المسؤول عن تكوين الموارد البشريّة لها . ( محمد غنيمة ، 1996 م ، ص9 ) .
ساحة النقاش