جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بحث عن مدى دستورية محاكمة المصريين عن الجرائم التى ترتكب بالخارج ( مادة 3 عقوبات )
ان المشرع المصرى يقوم باصدار القوانين فى العديد من المجالات التى تتولى بموجبها الجهات التنفيذية والسلطات المنوط بها تنفيذ هذة القوانين ويتم العمل بهذة القوانين ويترتب عليها مراكز قانونية مختلف لافراد المجتمع المصرى سواء كانت هذة القوانين جنائية او مدنية او ضريبية او غير ذلك وبعد ان يتم تنفيذ هذة القوانين وقد يكون لسنوات نجد ان هذة القوانين غير دستورية ويقضى بعدم دستوريتها
فاذا كانت هذة القوانين التى يقضى بعدم دستوريتها تتعلق برسوم او ضرائب تم سدادها بناء على قانون قضى بعدم دستوريتة فان هذا الامر يمكن قبولة و تداركة .
اما اذا كان القانون الذى قضى بعدم دستوريتة جنائيا فهذا امر قد يستحيل تداركة خاصة اذا كان هذا القانون قد ترتب علية صدور احكام بالاعدام وتم تنفيذ حكم الاعدام فان هذا الامرلا يمكن قبولة باى حال من الاحوال.
من هذا المنطلق فان قانون العقوبات وهو من اهم القوانين واخطرها على المواطن المصرى وعلى امنة وسلامتة مما يكون معة من الضرورى اعادة النظر فى هذا القانون وعلى سبيل المثال ما نصت علية المادة الثالثة من قانون العقوبات والتى نرى انها مخالفة للدستور من كافة الاوجة سواء كانت اجرائية او عقابية .
* عدم دستورية محاكمة المصرين عن الجرائم التى ترتكب فى الخارج
**ان المادة الثالثة من قانون العقوبات والتى تقضى بأن كل من إرتكب وهو فى خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة فى هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذى إرتكب فيه .
هذة المادة تخالف المواد 40 ؛ 64 ؛ 65 ،67 من الدستور من حيث عدم مساوة المواطنين امام القانون والتى تنص عليها المادة 40 من الدستور من ان المواطنين لدى القانون سواء وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامه وكذلك الاخلال بالضمانات التى ينص علية الدستورفى المادة 64 والتى تنص على ان سيادة القانون هى اساس الحكم فى الدولة على ان تتم محاكمة الافراد محاكمة عادلة .
وتخالف الدستور من حيث انها تهدر الضمانات الواردة فى المادة 65 من الدستور والتى تنص على ان تخضع الدولة للقانون وان استقلال القضاء وحصانتة ضمانان اساسيان لحماية الحقوق والحريات .
ذلك ان المادة الثالثة من قانون العقوبات تفرض على السلطة القضائية (المحاكم الجنائية) فى مصر ان تاخذا بالاتهام الوارد اليها من الجهات القضائية فى الخارج وبادلة الاتهام والثبوت واعمال الخبراء التى حدثت فى خارج مصر ولم تتم تحت سمع وبصر الجهات القضائية فى مصر ويقتصر دور المحاكم الجنائية فى مصر على محاكمة الجانى المصرى بناء على الاتهامات والادلة التى تم تحقيقها فى الخارج على يد جهات قضائية غير مصرية والتى لا تتمتع بالضمانات الدستورية الواردة فى الدستور المصرى والذى لا يطبق الا داخل مصر ولا يتعدى اثرة الى الجهات القضائية الاجنبية .
الامر الذى لا يضمن حيدة وحرية جهات التحقيق الاجنبية عند تحقيق الاتهام الموجة للمصرين على خلاف الدستور المصرى والذى جعل من استقلال القضاء وحصانتة ضمانا لحرية المواطنين .
وبتحقيق تلك المادة لبيان اوجة مخالفتها للدستور يتضح انها مخالفة للدستور من الاوجة الاتية :-
أولاً – مخالفة الدستور لاهدار الضمانات القانونية الإجرائيه التى فرضها الدستور لتحقيق محاكمة عادلة :-
تنص المادة الثالثة من قانون العقوبات على أن تتولى المحاكم المصرية محاكمة الجانى المصرى عن إرتكابة لأى جريمة فى خارج البلاد ثم يعود بعد ذلك إلى مصر بعد إرتكابة لجريمة يعاقب عليها قانون البلد الذى إرتكبت فيه الواقعة أو الجريمة ,
إن قانون العقوبات يعطى الحق للمحاكم المختصة فى مصر أن تحاكم الجانى بعد إتباع الشروط الآتية :-
1- أن يتم إقامة الدعوى العمومية من النيابة العامة .
2- إذا كان الجانى قد حكم له بالبراءة من المحاكم الأجنبية عن الجريمة التى إرتكبها فى الخارج فلا يجوز محاكمته فى مصر .
3- أن لا يكون قد حكم عليه فى الخارج بعقوبة وقام بتنفيذ العقوبة , فإذا حكم عليه ونفذا العقوبة فلا يجوز محاكمته من جديد فى مصر .
** هذه هى الشروط التى أوردتها المادة الرابعة من قانون العقوبات والتى يجب توافرها عند محاكمة الجانى المصرى الذى يرتكب جريمة جنائية فى خارج القطر المصري .
ولما كانت المادة الثالثة عقوبات وهى تفرض أحكام قانونية غير مسبوقة لا يوجد فى القوانين المصرية ما يماثلها من جواز تطبيق القوانين المصرية خارج حدود القطر المصرى فانها على هذا النحو تمثل إستثناء من الأصل العام وهو سريان القوانين على الإقليم المصرى فقط من حيث المكان وأن الخروج على هذا المبدأ لابد وأن يكون فى إطاره الدستورى الصحيح بحيث يجب أن يكون متفق مع أحكام الدستور وغير متعارض معه لتحقيق العدالة الدستورية التى ينشدها الدستور .
فإذا كان الدستور قد نص فى المادة 40 على أن المواطنين متساون فى الحقوق والواجبات بالاضافة الى النصوص الدستورية الأخرى التى تضمن حصانة القضاء وتضمن محاكمة عادلة للمتهمين فان المادة الثالثة من قانون العقوبات تهدر حقوق المواطن المصرى وتحول بين القضاء وبين مباشرتة للدعوى الجنائية فى مراحل تحقيقها الاولى والتى هى اهم مراحل تحقيق الاتهام واخطرة على الاطلاق حيث ان الدليل الجنائى المستمد فى مرحلة جمع الاستدلالات هو ما يبنى علية الاتهام وقد يستحيل بعد هذة المرحل من التحقيق العودة مرة اخرى الى تحقيق الادلة المستمدة من الجريمة لانعدام اثرها .
ومن هذا المنطلق وبتطبيق صحيح الدستور على المادة الثالثة من قانون العقوبات لبيان مدى موافقتها لاحكام الدستور من عدمة يتضح مخالفة تلك المادة للدستور للاسباب الاتية :-
اولا :- تطبيق القانون الاجنبى على الواقعة محل الاتهام امام المحاكم المصرية :-
تخالف المادة الثالثة من قانون العقوبات الدستور حيث انها قد جعلت القانون الاجرائى للدولة التى ارتكبت
فيها الجريمة هو القانون الواجب التطبيق على الواقعة امام المحاكم المصرية واستبعدت قانون الاجراءات الجنائية المصرى من التطبيق على الواقعة فى مرحلة جمع الاستدلالات بمعرفة جهات التحقيق الاجنبية التى تقوم بتطبيق قانون الاجراءات الخاص ببلدهم على مرحلة جمع الاستدلالات والتحقيق فى الدعوى
وعلى ذلك فان قانون الإجراءات الجنائية المصرى لا يطبق على مرحلة التحقيق الابتدائى والتى تتم بمعرفة جهات التحقيق الاجنبية فى الخارج وتتم بمعرفة اشخاص لا نعلم مدى امانتهم وخبرتهم فى تحقيق الادلة ومن ثما فانة يحرم الجانى المصرى من الاستفادة من الضمانات القانونية الموجودة فى قانون الإجراءات الجنائية المصرى وفى ذلك اهدار للضمانات الدستورية التى فرضها الدستور من استقلال القضاء وحريتة والتى هما ضمانان لحرية الافراد ومن التدخل فى اعمال القضاء المصري والزامة بان يقضى بناء على ادلة الاتهام التى قامت جهات اخرى خارجية بتحقيقها وكذلك بتطبيق قانون الاجراءات الاجنبى على الواقعة فى مرحلة جمع الاستدلالات والتى يفترض علم القاضى الجنائى المصرى بقانون الاجراءات الاجنبى والتى تم جمع الاستدلالات والتحقيق طبقا لاحكامة .
لما كان ذلك وكان قانون الاجراءت الجنائية المصرى وقد قام المشرع المصرى بوضع العديد من الضمانات والقيود اللازمة على الجهات القضائية عند مباشرتها التحقيق فى أى دعوى جنائية ضماناً من المشرع لأن ينال الشخص الذي تتم محاكمته جنائيا حقة المطلق فى الدفاع عن نفسة فى سياج من الحرية التامة والحيدة الكاملة من جهات التحقيق إبتداء من إرتكاب الشخص للجريمة وإكتشاف الجهات القضائية للجريمة ولشخص مرتكبها وجمع الاستدلالات ومباشرة التحقيق من رجال الضبط القضائي ومعاونيهم وكذلك ضمان قانون الإجراءات الجنائية لحيدة قاضى التحقيق والسلطات القانونية التي يمنحها له القانون للوصول إلى حقيقة الواقعة وشخص مرتكبها وكيفية إرتكابة للجريمة والأدوات المستخدمة فى إرتكابها وكذلك فى إمكانية ندب الخبراء وإشتراط أن يقوم الخبير المنتدب بكافة أعماله المتعلقة بالجريمة أمام قاضى التحقيق شخصياً حتى يضمن القانون للشخص المتهم حيدة الخبراء ورقابة القضاء على أعمالهم .
ولم يكتفى بذلك المشرع فى قانون الإجراءات الجنائية ولكنه أعطى للمتهم الحق فى أن يأتى بخبراء متخصصون للمراقبة على أعمال ونتائج الخبير الذى تندبه جهات التحقيق فى الجريمة وذلك ليقدم تقريراً منه لبيان أوجه النقص أو التقصير إذا كان هناك تقصير من الخبير المنتدب من جهات التحقيق .
إن هذه الضمانات القانونية والتي أفرد لها المشرع الباب الثانى والثالث والرابع من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية والتي تشتمل على المواد من 21 وحتى المادة 214 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية هذه المواد جميعها وضعها المشرع حفاظاً منه على حرية المواطن المصرى داخل حدود الوطن أما إذا كان خارج الحدود المصرية فإن الدستور والقانون المصريان لا يكفلان هذه الضمانات للمتهم المصرى فى أى جريمة وقعت منه فى الخارج حيث أن الدستور وقانون الإجراءات الجنائية لا يسريان خارج القطر المصري فكان لزاماً لذلك عدم سريان أحكام قانون العقوبات المصرى على الجرائم التي ترتكب فى الخارج لعدم سريان أحكام الدستورالمصرى وعدم تطبيق احكام قانون الاجراءات الجنائية المصرى على اجراءات التحقيق وجمع الاستدلالات واعمال الخبراء
والاهم من كل ذلك ان قانون الاجراءات الجنائية قد الزم قاضى التحقيق ان يتولى بنفسة مراقبة اعمال الخبراء وان تتم اعمالهم تحت سمعة وبصر كلاما امكن ذلك والقيام بنفسة بالتحقيق وسماع الشهود وهذا كلة لا يتوافر للمتهم المصرى الذى يعاقب فى مصر لغياب القضاء المصرى عن القيام بتحقيق الا تهام على النحو سالف الذكر
الدستور والقانون المصريان فقط هما المنوط بهم تحقيق المساوه بين المواطنين ويكفلان إستقلال القضاء وحريتة ونزاهته عند قيام الجهات القضائية بتحقيق الجرائم إبتداء من جمع الإستدلالات ومعاينة موقع الجريمة وجمع الأدلة الجنائية وندب الخبراء وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات الازمه لتحقيق الإتهام وبالتالى لتحقيق العدالة القضائية فإذا كان الدستور المصرى قد ضمن للمواطنين المصريين حرية القضاء وإستقلالة فى مصر فإنه لم يضمن حرية القضاء ونزاهته خارج مصر الأمر الذى لا يمكن معه بأى حال من الأحوال أن يطمئن المتهم المصرى الى صحة أى إتهام أو أدلة أو شهود أو نتيجة طب شرعى او غيرهم من خبراء الادلة الجنائية فى أى جريمة تأتى من خارج مصر وقد قام بإجراء وتحقيق أدلة الاتهام فى تلك الجرائم جهات قضائية أخرى غير القضاء المصري حتى ولو تم عرض هذه الأدلة مرة أخرى على جهات التحقيق في مصر ذلك لأن إكتشاف الدليل وتحقيقه إبتداء منذ بداية الجريمة قد تم وتحقق أمام جهات قضائية أخرى وبالتالى يمكن ان يتم العبث والتحريف وقد يكون التزوير فى ادلة الاتهام الموجهة للمتهم المصرى .
هذا وان الجهات القضائية الاجنبية تتولى تطبيق قانون الاجراءات الجنائية الخاص ببلدهم وهو بخلاف قانون الاجراءات الجنائية المصرى وقد لا تتوافر بة الضمانات القانونية التى المنصوص عليها فى قانون الاجراءات المصرى .
** لما كان ذلك وكان المادة الثالثة من قانون العقوبات تعطى الحق للمحاكم المصرية فى محاكمة الجانى المصرى عن الجريمة التى يرتكبها فى الخارج دون ان يكون للجهات القضائية المصرية الحق فى تحقيق تلك الجرائم منذ اكتشاف الجريمة ومن اول اجراء يتم اتخاذة فى مرحلة جمع الاستلالات وما تبع ذلك من اجراءات متعلقة باعمال الطب الشرعى والادلة الجنائية والتى الزم القانون ضرور ان تتم كافة الاجراءات المرتبطة بتحقيق الجريمة تحت رقابة وسمع وبصر جهات التحقيق وان تلك المادة تجعل من حق الجهات الاجنبية ان تتولى اجراء كافة مراحل التحقيق فى الجريمة ثم تتولى المحاكم الجنائية فى مصر محاكمة الجانى بناء على التحقيقات التى وردت اليها من الجهات القضائية الاجنبية ،وفى ذلك اخلال جسيم بحق الجانى المصرى لحرمانة من الحقوق الدستورية والتى كفلها لة الدستور فى المواد 40 ، 64 ،65 ، 67 من الدستور .
2) افتراض علم القاضى المصرى بقانون الاجراءات الخاص بالبلد الاجنبى التى ارتكبت فيها الجريمة :-
** من بين الاخطاء الجسيمة التى تؤكد مخالفة المادة الثالثة من قانون العقوبات للدستور انها قد افترضت ان القاضى المصرى على علم بكافة القوانين الاجرائية الجنائية المعمول بها امام الجهات القضائية الاجنبية عند قيامة بمحاكمة المتهم الماثل امامة عن جريمة ارتكبها فى الخارج وبناء على ذلك فان القاضى المصرى عندما يحاكم المتهم فانة سوف يكون على علم بمدى صحة الاجراءات التى تمت فى سبيل تحقيق الجريمة وان كافة الاجراءات التى تمت فى مرحلة جمع الاستلالات والتحقيق حتى المحاكمة قد تمت كلها وفقا للقانون (الاجراءات الجنائية) وبالتالى فهذة الاجراءات لا يشوبها اى خلل اوقصور او مخالفة للقانون حتى يكون القاضى على علم بانة قد طبق صحيح القانون على وقائع الدعوى المطروحة علية وبالتالى فان الحكم الصادر من المحكمة لا يشوبة اى عيب او تقصير او مخالفة للقانون من الممكن ان تؤدى الى بطلانة .
وهذا امر غير صحيح ذلك لان القاضى المصرى غير معلوم لدية القوانين الاجرائية المعمول بها فى البلاد الاجنبية لانة غير مطالب بعلمها او العمل بها الامر الذى يجعل العمل الاجرائى الذى تمت بناء علية ادلة الاتهام المطروحة امام القاضى المصرى اجراء مشوب بالانعدام لانعدام العلم اليقينى للقاضى المصرى عند محاكمتة للجانى المصرى بمدى صحة الادلة والاتهامات المطروحة امام المحكمة اثناء المحاكمة ذلك لان المادة الثالثة عقوبات قد افترضت ان قانون الاجراءات الاجنبى هو من القوانين التى يجب ان تكون معلومة لدى القاضى المصرى بالضرورة وهذا كلة غير صحيح لان القاضى المصرى غير ملزم بتطبيق اى قوانين اخرى بخلاف القوانين المصرية وبالتالى غير ملزم بعلم القوانين المعمول بها فى البلاد الاجنبية
فاذا ما خالفت المادة الثالثة عقوبات هذا النظر فانها تكون مخالفة للدستور فى موادة 165 و166 لانها تلزم المحاكم والقضاة فى مصر من محاكمة المصرين عن الجرائم التى ارتكبوها فى بلاد اجنبية وفى ظل قوانين اجنبية وعن جرائم تم تحقيقها وجمع ادلتها بموجب قانون اجنبى غير معلوم للقاضى الجنائى المصرى فان فى ذلك مخالفة لنص المادة 165 من الدستور والتى تنص على ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجتها وتصدر احكامها وفق القانون والمقصود هنا وفقا القانون المصرى وليس وفقا للقوانين الاجنبية كماانها تخالف المادة 166 من الدستور ايضا والتى تنص على ان القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ولا يجوز لاى سلطة التدخل فى القضايا او فى شئون العدالة.
وان مخالفة هذا امر مخالفة للدستور ولنص المادة 64 منة والتى تنص على ان سيادة القانون هى اساس الحكم فى الدولة وللمادة 65 من الدستور والتى تنص على ان تخضع الدولة للقانون والمقصود هو القانون المصرى وليس القوانين الاجنبية وان اى نص فى قانون يخالف هذا الامر وتنص على تطبيق اى قانون اجنبى امام المحاكم المصرية فهو مخالف لمبداء سيادة القانون ولخضوع المحاكم المصرية لسيادة القانون وعلى ذلك فان تلك المادة جعلت من المحاكم المصرية الجنائية مجرد جهات محاكمة وليست سلطات قضائية وظيفتها تحقيق العدالة القضائية والعدالة الاجتماعية لتحقيق التوازن الاجتماعى بين حقوق المتقاضين .
3) منع المحاكم المصرية من النظر فى مدى دستورية القوانين الاجرائية الاجنبية التى تتولى تطبيق احكامها على وقائع مطروحة عليها ومدى صحتها :-
اذا كانت المادة الثالثة من قانون العقوبات وهى تلزم القضاء الجنائى المصرى فى الاخذ بالاتهامات الواردة اليها عن الجرائم التى ارتكبها المصرين فى الخارج بعد تحقيق هذة الجرائم والاتهامات الواردة فيها والتى تم تحقيقها بمعرفة سلطات تحقيق اجنبية وبموجب قوانين اجنبية فقد الزمت تلك المادة المحاكم الجنائية المصرية بمحاكمة متهم بموجب قانون اجراءات اجنبى لا تستطيع بسط رقابتها الدستورية علية فلا يجوز للمحكمة الجنائية ان تبحث فى مدى صحة قانون الاجراءات الاجنبى حتى تتبين مدى مطابقتة للدستور والشرعية الدستورية من عدمة والتى ينبى عليها تحقيق العدالة القضائية وهى الاصل فى محاكمة الافراد
وهى بذلك تخالف المادة 67 من الدستور والتى تنص على ان التقاضى حق مصون ومكفول للناس ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضية الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين اى عمل او قرار من رقابة القضاء
ثانياً – الإخلال بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون .
إن نص المادة الثالثة من قانون العقوبات ليس مخالفاً لنص المادة 64و65 من الدستور فحسب ولكنه مخالفاً ايضا لنص المادة 40 من الدستور والتى تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة وهذا المبدأ الدستوري هو أساس الإستقرار وأهم أركان العدالة القضائية و الإجتماعيه فى مصر .
إلا أن هذه المادة قد جاءت مخالفة لهذا المبدأ الدستوري ومهدرة لمبداء مساواة المواطنين امام القانون ومجحفة لحقوقهم الدستورية , فهى تخالف الدستور مخالفة جسيمة ولا يستطيع معها المواطن المصرى أن يكون فى أمان وسكينة على أرض وطنه الذى يضع نصوص قانونية تصر على النيل منه ومن حقه فى الحياة على النحو الوارد فى القانون المصرى والذى يتشدد فى توقيع أقصى العقوبة على المواطنين فى حين أن هناك قوانين فى بلاد أخرى لا تأخذ بمبدأ التشدد فى تشريعاتها الجنائية كما هو الحال فى قانون العقوبات المصرى وذلك على النحو التالى :-
ان المادة الثالثة من قانون العقوبات وهى تنص على محاكمة الجانى المصرى عن الجرائم التى قد يرتكبها خارج القطر المصرى الا ان المشرع قد جاء فى المادة الرابعة عقوبات ووضع قيود على حق محاكمة الجانى فى مصر عن الجريمة التى يرتكبها فى الخارج وهى:
1- إذا حكم ببراءة الجاني المصري أمام القضاء الأجنبي فلا يجوز محاكمته مرة أخرى .
2)إذا حكم على الجانى المصرى فى الخارج ونفذ العقوبة فى الخارج .
هذة الشروط التى وضعها المشرع المصرى على عدم جواز محاكمة الجانى المصرى عن الجريمة التى يرتكبها فى الخارج .
ومن ناحية اخرى فقد أعطى للمحاكم المصرية الحق فى محاكمة المصري الذي لم يحاكم فى الخارج أو الذى حكم عليه فى الخارج دون أن ينفذ العقوبة المحكوم بها فى الخارج وفى هذا مخالفة جسيمة للدستوروذلك من وجهتين :-
اولهما:-ان الجانى المصرى لا يتم توقيع العقوبة المقررة فى القانون الاجنبى علية للجريمة التى ارتكبها فى الخارج ولكن توقع علية المحاكم المصرية العقاب المقرر لتلك الجريمة فى مصر.
ثانيا :-ان تلك المادة تعطى الحق للمحاكم المصرية فى محاكمة الجانى المصرى رغم صدور حكم قضائى ضدة من المحاكم الاجنبية اذا لم يقم بتنفيذ الحكم الصادر من المحاكم الاجنبية ضدة ؛وفى كلا الامرين مخالفة جسيمة للدستور .
اولا :- عدم مساواة المتهمين فى نوع العقوبة المقررللجريمة واختلاف العقوبة فى القانون المصرى عن مثيلاتها فى القانون الاجنبى :-
*** إن من أكثر الأوجه عدم دستورية لنص المادة الثالثة عقوبات وأكثرها ظلم وإجحاف بحق المواطن المصري هو أنه إذا ما تم محاكمته فى مصر وأمام القضاء المصرى عن جريمة إرتكبها فى الخارج هو أنه سوف يتم تطبيق أحكام قانون العقوبات المصرى فيما يتعلق بالعقوبة المقررة على الجريمة التى إرتكبها الجانى المصرى فى خارج مصر دون النظر الى العقوبة المقرر لتلك الجريمة فى البلد محل ارتكاب الجريمة .
فنجد أن القاضى الجنائية المصرى إذا ما إستقر فى ضميرة أن الجانى قد إرتكب الفعل محل الإتهام يقضى عليه بالعقوبة المقرر فى قانون العقوبات المصرى وهى قد تكون أشد وأفظع من العقوبة المقرر عن تلك الجريمة أمام القضاء الأجنبى الأمر الذى يكون معه من الأفضل للجانى المصرى أن تتم محاكمته أمام القضاء الأجنبى لأن العقوبة التى سوف تقضى علية بها محكمة الجنايات المصرية هى اشد من العقوبة التى سوف تقضى علية بها محكمة الجنايات فى البلد التى ارتكب فيها الجريمة .
** والدليل على ذلك أن قانون العقوبات فى سويسراً لا توجد به عقوبة الإعدام فإذا ما قام شخص مصرى بإرتكاب جناية قتل عمد مع سبق إصرار والترصد فإنه يحكم عليه فى سويسرا بالأشغال الشاقة المؤبدة فى حين أنه لو عاد إلى مصر وحكم أمام القضاء المصري فإنه يحكم عليه بالإعدام عن ذات الجريمة .
** وكذلك الحال فى قانون دولة الإمارات فإن قانون العقوبات هناك يعطى الحق للجانى الذى يرتكب جناية قتل أن يتصالح مع أهل المجني عليه فلا يعاقب جنائياً ويكون التصالح ملزما للمحكمة وتقضى بإنقضاء الدعوى الجنائية .
** وهذا على خلاف قانون العقوبات المصرى وما أستقر عليه القضاء فى مصر من انة لا يجوز التصالح فى الجنايات وانة اذا تصالح الجانى مع اهل المجنى علية فان ذلك لا يحول دون الحكم علية بالعقوبة المقررة للجريمة التى ارتكبها لان محاكم الجنايات فى مصرتاخذ بمبدا عدم جواز الصلح فى الجنايات .
** كما انة لا يوجد فى قانون المملكة العربية السعودية على سبيل المثال جريمة التحريض على ارتكاب جريمة جنائية على خلاف القانون المصرى وبالتالى فانة اذا ارتكب مصرى جريمة قتل فى السعودية بتحريض من اى شخص فان قانون العقوبات المصرى يعاقبة عن جريمة القتل ولا يستطيع معاقبة المحرض عن جريمة التحريض لان قانون السعودية لا يعاقب عن جريمة التحريض على خلاف القانون المصرى وبالتالى يطبق قانون العقوبات على متهم دون الاخر طبقا لنص المادة الثالثة عقوبات .
** وعلى هذا الأساس فإن الجانى الذى يرتكب جريمة خارج القطر المصرى يكون فى موقف قانونى أفضل بكثير إذا قامت المحاكم الأجنبيه بمحاكمته ومعاقبته بموجب قوانينها ,
** على خلاف ما إذا عاد إلى القطر المصرى وتولت المحاكم المصرية محاكمته فإن وضعه يكون أسوأء طبقاً لنص المادة الثالثة والرابعة من قانون العقوبات المصري وفى ذلك إخلال بمبدأ مساوه المواطنين امام القانون ومخالف لمبداء العدالة الدستورية الأمر الذى تكون معه المادة الثالثة والرابعة من قانون العقوبات مواد غير دستورية لمخالفتهم لنص المادة 40 , 64 , 65 من الدستور.
ثانيا :-أن الجانى المصرى إذا ما قامت المحاكم المصرية بمحاكمته رغم وجود حكم قضائى صادر من المحكمة الأجنبيه على ذات الجانى المصرى , وبالتالى يكون هناك حكمان قضائيان ضد الجانى المصرى سوف ينفذ أحدهم فى مصر وذلك بعد محاكمته بعد أن عاد إلى بلدة دون أن يقوم بتنفيذ الحكم الصادر ضده فى البلد الأجنبى وهناك حكم قضائى آخر سوف يكون مهدداً به فى البلد الأجنبى إذا ما عاد إليها مرة أخرى , فيكون من حق البلد الأجنبي تنفيذ العقوبة الصادر من قبل عليه وعلى هذا الأساس يقوم بتنفيذ العقوبة مرتين عن جريمة واحدة . وسندنا فى ذلك اننا لا نعلم اذا كانت البلد الاجنبى التى وقعت فيها الجريمة سوف تعترف بالحكم الصادر من المحاكم المصرية بمعاقبة المتهم المصرى عن الجريمة التى ارتكبت على ارضها وبالتالى لا تقوم بتنفيذ العقوبة الصادرة من محاكمة ضد المتهم المصرى لسبق محاكمتة عن تلك الجريمة فى مصر .
ومن هذا المنطلق فان المواطن المصرى لا يكون فى مامن ومهدد بتوقيع عقوبتين علية عن جريمة واحدة
وفى ذلك اخلال جسيم بمبدا سيادة القانون والذى ينص على عدم معاقبة الجانى عن الفعل الواحد مرتين واهدار بمبدا تكافاء الفرص ومساواة المواطنين امام القانون .
** وكان من الأولى أن تقوم الجهات المختصة فى مصر بتنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الاجنبية على المصرى الذى يرتكب جريمة فى بلد أجنبي أو تسليم الجانى المصرى للبلد الأجنبى بدلاً من محاكمته فى مصر مرة أخرى.
من كل ما سبق يتضح أن تلك الماد الثالثة من قانون العقوبات تخل بمبدأ مساوة المواطنين أمام القانون وكذا الإخلال بمبدأ العدالة القضائية والاجتماعية للمواطنين والذى كفلها الدستور والقانون وتخالف المواد 40 , 64 ,65,76 من الدستور المصرى الامر الذى يجب معة النظر فى امر تلك المادة وما تحتوية من مخالفة جسيمة للدستور .
مع تحياتى
مبروك محمد حسن
المحامى
ساحة النقاش