authentication required
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

 



  رواية

      

 

  بنات قبلى

 

 

 

                                           

                                               ماهرمهران

               

         

             

  

 

           (1)

(إذا رمتك المقادير ، ودخلت النص القبلى من قريتنا العتيقة جداًفسوف تجد رجــــلاً قصيراً لايزيد طوله عن تسعـــــــــــين سنتيمتراً، رجلاً ضئيل الحجم والكتلة لايزيد وزنه عن خمسين كيلوجراماً ، إذا رمتك المقادير، ودخلت النص القبلى ، ورأيته سواء جالساً القرفصاء سانداً رأسه على بندقيته التى هى أطول منه ، ومتكئاً بظهره على حائط بيت أبى الغيط الطينى ، أوراكباً فرسه ذات السرج المذهب الأنيق  ، إذا دخلت النص القبلى ، ورأيته ، وغالباً ماسيـــــــحدث هذا فاحذرهذا الرجل ، لاتحك أنفك أمامه ، ولا تنظرإليه ، ولاتسأله عن شىءٍ أبداً أبداً ، فقط انظرفى الأرض ، واسرع فى الخــطو حتى تمر من أمامه ، وإن ــ لاقدرالله ــ نادى عليك فاذهب إليه مسرعاً ، وإن أمرك بشىءٍ ــ أى شىءٍ ــ أفعله فوراً فوراً، ولاتتردد ، فإن ترددت سيمـــسك بندقيته الآلية ، ويفرغ مافى جوفها فى قلبك ، وغالباً ماسيكون جوفها ممتلئاً ، فالذخيرة فى جيب جلبابه الواسع ، وفى الحقيبة الجلدية ، والحقيبة الجلدية تتدلى من كتفه ، وإن أطلق بعض الأعيرة ــ وهذا يحدث كثيراً ــ يضع يده فى جيبه الكبير، ويخرج الطلقات من جيبه كحبات بلحٍ ، ويسحب الخزنة من البندقية بسهولة من إعتاد ذلك ، ويلقمها الطلقات كفمٍ جائعٍ لايرد طعاماً ، ولايتململ خلال الأكل ، وبعد أن يفرغ مافى صدرها فى جوفك  يصلى عليك صــــلاة الجنازة إماماً ، وخلفه أهل القرية ، ثم يأمر(لحاد) القرية بأن يحفر لك حفرةً فى المكان المخصص للأغراب فى الجبانة ، ويدفنك فيه ، ثم ينسى كل ماحدث ، ويعود ليجلس القرفصاء فى نفس المكان بمدخل النص القبلى سانداً ظهره لحائط بيت أبى الغيط الطينى ، وممسكاً ببندقيته الآلية بين يديه)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                          (2)

ــ كانت الحصة الرابعة قد بدأت ، وكان الأستاذ رشـــــــدى سلام قد دخل الفصل بخطوات سريعة حاملا حقيــــــــــــبته الجلدية المهترئة ، والممتلئة تحت أبطه الأيسر، وفى يده اليمنى العصى الخيــــــزرانى القصيرالذى تهدل طرفه من كثرة ضربه لأجسادنا الناحلة المتيبسة ، وعلى جبينه بعض حبات العرق، وكرشه الكبــــــــيرمثل امرأة حامل فى شهرها التاسع يهتز أمامه ، وضع الحقيبة على المنضدة الخشبية القديـــــــــــمة الخاصة بالمدرسين ، وشّمر أكمام بدلته المتهالكة ، وضرب المنضدة بعصاه مرتين ، وبكمه المتسخ أزال حبات العرق من جبينه  قائلا :

                                    قيام يا كلاب

ــ لم نكن جالسين عندما قال ذلك ، بل كنا واقفين ، ولخوف الجميع منه استقمنا فى الوقوف أكثر، وفتحنا صدورنا ذات الضلوع التى تعد بالواحدة أكثر، ورفعنا رءوسنا أكثر، وثبتنا أعيــــننا فى سقف الفصل حيث سعف النخل المخلوط بالطيـن ، والمخلوط بالتبن الناعم الذى نسميه (ساس) ، والمرصوص  بعناية على جريد النخل اليابس ..

ــ وضع  العصا ، وجلس على الكرسى الخيزرانى ، وفتح حقيـــــبته ، وأخرج منها ثلاثة أرغفة طابونة مطوية على بعضها ، وبدأ يفك الأرغفة من بعضها ، وهــــو يقول :

                                      اترزعوا

ــ جلست ، وجلس زملائى وزميلاتى صامتين كالأصنام خوفاً من لسعة عصاه الخيزرانية التى تشبه لسع العقارب ، وبدأ هو بإخراج ثلاث بيـــضات ، وخمسة أقراص طعمية ، وبشهيةٍ مفتـــــــوحةٍ كمنور ماءٍِ فُتِحَ فجأةً بعد سيلٍ كان يلتهم الطعام التهاماً ، ارتفعت أصوات الزملاء والزميــلات محدثةً ضجةً وضوضاء سببت له ضيقاً لكنه توّحد مع الأكل ، وظل يظلط الطعام ظلطاً غير مكــــترث بالضوضاء والضجة والأحجار الصغيرة المعجونة بالخبز..

ــ فى نفس الوقت شعرت برغبةٍ عارمةٍ فى التبـــــــول ، مثانتى ممتلئةٌ كبالونةٍ ملأتها بالماء عن أخرها ، وكادت أن تتمزق ، والحرقان يأكل قضيـــبى ، وأنا ألملم أعصابى ، وأحاول ان أتماسك قبل أن يندفع الماء لا إرادياً بقوة ، ويغــرق مريلتى وسروالى وزملائى والفصل كله ، وربما يصل الى الاستاذ رشـدى ويغرقه أو يصل الى طعامه ، ويفسده فيغضب ، وتحمر خدوده ، وينهال فىّ ضـــــــرباً ، وهو يقول بحروفٍ متلاحقةٍ :

                                   يابو شخة يابن الكلب

ــ خوفى من أن تلتصق بى هذة الشتيــــــــمة جعلنى أتماسك ، وأقف فى خوف ، وأخطو فى خوفِ أيضاً نحوالأستاذ رشدى ، وأقول بحروفٍ متلعثمةٍ :

                                    عايز أتسيريا أستاذ

ــ وهو مستـــــمرٌ فى خلط البيض بالطعمية بالخبز أخذ يتفحصنى ، ويتأكد من صفرة لونى ، ونحافة عـــــــودى ، وكرمشة جلدى ، وعندما تأكد من كل ذلك ، وجدت الفتات يتطاير من فمه غزيرا كالمطر، وسريعا كالقطارالذى شاهدته فى التليفزيون ، وهوممزوجَ بأحجار صغيرة أبتعدت عن طريقها عندما قال :

                                           غور

ــ مسرعاً ، وأنا أجرى وضعت طرف مريلتى القديــــمة بين أسنانى ، ويمناى على قضيبى ، ويسراى على مثانتى ، وقلبى يدعو الله أن أصل الى السور قبل أن ينهار سد المثانة ، وأغرق ، وتغرق مريلتى وسروالى ، ويناديننى الجميـــع وهم يضحكون على قائلين :

أبو شخة أهوة

أبوشخة أهوة

ــ وأنا أجرى رأيت تلاميذ فصل 3/1منكفئـــــــــــين على الأدراج ، ومدرسهم الأسمرمثلى  الأستاذ حسن يمسك يد (الأبلة) حلاوة فى مشهد رومانسى مثل المشاهد التى أراها لممثلين يظهرون فى التليفزيون الذى نشــــــــــاهده أحيانا فى مقهى (أبو الغيط ) ، وذلك بعد أن يأخذ كل طفل من أمه بيضتيــــــــــن ، ويسلمهم ل (أبوالغيط) ثمنا للفرجة على التليفزيون ذى اللونين الأبيض والأســــــود  الذى يعمل ببطارية يتم شحنها كل ثلاثة أيـــــــام ، لم أهتم ، وأستأنفت الجرى ، وأثناء الجرى ، وقعت عيناى على ناظر المدرسة ببدلته البنية اللون ، وهـــــــو يقسّم أقراص الحلاوة الطحينية الكبيرة قسمين ، ثم يأمربدران العامل بتوزيــــع قسم على كل تلاميذ المدرسة ــ بالطبع سيقتطع العامل جزءا منه لنفسه ــ ويضع القسم الثانى على كتف ابنه قائلا :

                                        على  البيت عِدِل

التفت الناظر إلىّ بعيون حمراء غاضبة كعيون ذئب غاضب فاستأنفت الجــــــرى حتى خرجت من مبنى الفصول ، ووصلت الى أخرالسور حيث رائحة الزناخة ، والخراء اللين واليابـــس والذباب والبعوض ، وبسرعة أخرجت قضيبى الضامرالمنكمش من سروالى الذى تبدّل لونه الأبيض بالأحمر، وانطلق منى ماءٌ يميل للحمرة وأنا أتألم كلما نزلت قطرةُ بولٍ ممزوجةٍ بالدم ، وأثناء أنشغالى بمعرفة درجة إحمرار البول ونسبة الحرقان نظرت إلى الأرض ووجدتها قد شربت البـول الذى تبولته ، لم اندهش فنحن فى أواخر إبريل وحرارة الأرض تكاد أن تذيب حذائى الأبيــض البلاستيكى الممزق وأثناء انشغالى بالنظر فى الأرض سمعت صوت فايـــــزة أختى تقول فى غضبٍ شديدٍ:

                                   يلعن أبو أبوك انت

التفت بسرعة ووجدت أختى السعفاء بمريلة المدرسة الزرقاء الخاصة بالإعدادية تخطو خارجةً ، وهى تسب الاستاذ عاشور، غضب الاستاذ عاشــور ، وجرى خلفها مسرعاً ، أسرعت السعفاء هاربة ، أدرك عاشـــور أنه لن يلحق بها ، وخاصة أن باب المدرسة مفتوحٌ ، فطوّح عصاه بقوة نحوها ، دخلت العصا بين قدميـــــــــها ، سقطت السعفاء على الأرض ، وطارت فردةٌ من حذائها  ، ثم تكورت ثم سقطت ثم تكورت كلاعبة بالية محترفة ، وقصرت المسافة بينها وبين الاستاذ عاشور حتى كاد أن يمسك بها لكن قبل أن يفعل وقفت مسرعة ، وهربت من بين يديه ، وأمســـكت فردة حذاءها ، وألتقطت  أحجاراً ، وانهالت عليه رمياً وضـرباً وسباً وشتماً وتهديداً ووعيداً ، ولم تهدأ إلا عندما اصطدم حجرٌ من أحجارها برأس الاستاذ عاشور وسالت دماؤه الباردة ، وهنا أسرع ناظر المدرسة نحو عاشور، وأســرع العم فريد بائع الفول والطعمية نحو السعفاء ، وبسرعة سحبها  من يدها اليمنى ، وباليسرى كانت فايزة تنفض التراب العالق بمريلتـــها الزرقاء ، وذهب بها الى النصبة ، وأخرج علبة السجائر الصفيح ، ولف سيجارتين واحـــدة له والأخرى للسعفاء ، وعندما أشعل سيجارته قال فى استفهام :ماله بيكى ؟

أخذت السعفاء نفسا من السيجارة ، وأخرجت الدخان من فتحتى أنفها ، وقالت فى حرقة :

                 ــ دا واطى وابن ستين  كلب

                 ــ ليه بس يا بتى ؟

ــ ضحكت السعفاء ، وقالت وهى تخلط حروفها بالدخان الخارج من فمها :

             قال ايه رمانى كبر ونفسه يدوقه

ــ ينظر عم فريد لصدر السعفاء فيكتشف لأول مرة أنها كبرت ، وصار لديها وجه كالقمر ، وأسنان كاللــــــــؤلؤ ، ورقبة كالجمل ، وعود كالغزال ، وثديان كالرمان ، وشفــتان كالفروالة ، ودم به خفة لا تحتمل ، وبشرة خمرية كعجينة القمح التى على وشك الاختمار، وَعِرْقٌ فى الجبين ينتـــفخ فى حالات الغضب ويجعلها أجمل ماخلق الله ، لكنه يعلم أنها ستكــون أكثر جمالا لو أتمت تعليمها

، وخاصة أنها فى الصف الثالث الاعدادى وما تبقى لها ليس كثيرا ، فيقول لها

فى أبوة وخوف عليها :

                          طب والمدرسة ؟

تقف السعفاء ، وتقول وهى تنفض التراب العالق بمريلتها ، وترمى ماتبــــقى من سيجارتها فى حزم بجواربقايا الطعمية والباذنجان والبطاطس المقلية وفتات الخبز وتبصق بقايا الدخان العالقة بشفتيها فى الهواء وتقول  :

                تغور المدارس مادامت هاتعلمنا قلة الأدب

ــ  تخطوالسعفاء فى طريق ترابى ضيق ملتوى يحده سوران من الطين ، والأشواك ، وبقايا الزجاج المكسور، وهى تركل الحصى والأحجار بحذائها البلاستيكى متجهة الى البيت الذى يبعد عن المدرسة بمقدار تســـعة عفاريت ، وعشرة كلاب مصابة بالسعار، وسبـــــعة أطفال يجمعون الريمخ فى أكياس ، وخمسة عشر طفلاً هربوا من المدرسة ، ورموا أنفسـهم فى أحضان الترعة  ، وقسموا بعضهم لخمـــــــس عصابات تسرق الفواكة والخضروات من الحقول الممتدة لمسافة أربعــــــــة كيلو مترا ، وطول المشوار الذى يستغرق أكثر من نصف ساعة من المشى الجاد حتى تصل الى البيــت !!

كانت فايزة لا تدرى ماذا ستقول لأمها ، وكيف ستهرب من ضرباتها الموجعة ، وقطع خدودها المؤلم ، وقسوتها عندما تعرف أنها قررت ترك المدرسة ، والتوقف عن التعليم نهائيا ؟ لاينتزعها من هذا التفكيرإلا فوهة بندقية الرجل القصير وهى تحك فى كتفها الأيسر ،انتبهت السعفاء فجأة ، ونظرت بسرعة ورأت الرجل القصيرخلفها يضحك على فرسه ويقول:

ــ يعنى بتنا العسل عاودت بدرى من المدرسة؟

تقول له السعفاء:لابدرى ولا وخرى

ــ يعنى أيه؟

ــ مارايحاش مدارس تانى

ثم ضحكت وابتعدت عنه متجهة نحو بيتهم وهى حريصة على ألاتقول له سبب تركها المدرسة لأنها لوقالت فسوف يذهب الرجل القصيرويمزق جسدهذا المدرس الغريب كطفل يمزق ورقةً من كراسته ، وهى لاتود أن تصل الأمورلهذا الحد بسببها ..

                            هذا هوالفصل الأول من رواية ( بنات قبلى )

                                   والرواية الآن قيد النشر

المصدر: المؤلف : ماهرمهران ،،،،،،رواية بنات قبلى (قيد النشر)
mahermohran

ماهر مهران

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 140 مشاهدة
نشرت فى 9 سبتمبر 2012 بواسطة mahermohran

الشاعر : ماهر مهران

mahermohran
هنا صوتُ المهمشين والبسطاء والمقهورين ، وهنا شاعريةُ ُالدفاع عن حق الناس فى العيش بعدل وكرامة وحب وإنسانية ، هنا صوت لايشبه الآخرين من حيث التناول والمفردة وتركيبة الجمل الشاعرة ، هنا شاعرٌ اضطهده الجميع لحدة موقفه ، فهو مستقلٌ منذ بدأ الكتابة ، لم ترض عنه الحكومات ، ولم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

24,825

نبذه صغيرة

شاعر من شعراء العامية المصرية التي يتميز بحسه المرهف وكلماته الجميلة التي تناقش واقعنا العربي والمصري والانساني  الذي نعيش فيه فهو كثيراً ما كتب وتطلع للتغيرات التي سوف تحدث وسوف يحدثها هذا الشعب المصري العظيم وبجانب شعره  بالعامية  المصرية كتب روايات تغوص في الواقع المصري وتكشف الغامض والمهمل والمهمش في صعيد مصر كما انه كتب العديد من المسلسلات الدرامية  .