بقلم : نبهان رمضان

كان شائعا قديما و مازال ، إمتلاء الحكي الشعبي بالخرافات و الخزعبلات لكن عندما نغوص في ثنياه نكتشف خلجات الشعوب النفسية و إهتمامتهم الروحية. الأدب الشعبى غنى بالمغزى و الرموز التى تكشف عن تجارب الفرد الشعبى مع نفسه و مع الكون كله. و لا عجب بعد ذلك إذا شعر العالم كله بتحديث من خلال هذه الرموز. الأدب الذاتى يختلف و لا شك فى شكله و تعبيره عن الأدب الشعبي فالإنسان الذى يحرص على أن يدون إسمه فى تاريخ الأدب ، يتحتم عليه أن يكون أدبه مجليا لذاتيته و لروح عصره فإن فشل فى ذلك فإنه لا يعيش عبر الأجيال . هناك مظاهر أخرى تفرض نفسها فى شكل تعبير أدبى . إن نشاط اللا شعوري الجمعي كبير للغاية و عنه تصدر الأفعال و التعبيرات الواعية التى لا يمكن إدراك مغزاها إلا إذا بحثنا عن جذورها النفسية. مثل الطقوس و السحر و ميلاد الطفل البطل و كثير من الخيالات و الحكايات الخرافية كل هذا لا يحتاج إلى شرح فلكولورى فحسب إنما يحتاج إلى الكشف عن جذوره التى نبع منها. الأدب الشعبى يحول الفوضى إلى نظام و كل نوع من أنواع الإنتاج الأدبي الشعبي مثل الحكاية الخرافية أو الأسطورة الكونية أو أساطير الأخيار و الأشرار إلى غير ذلك يهدف إلى تفسير جانب من جوانب الحياة و لهذا فإنها تعد جميعا صنيع العقلية المعزة القادرة على إستغلال اللغة فى كلتا وظيفتيها و هما الخلق و التفسير. الأسطورة الكونية و أساطير الأخيار و الأشرار و الحكاية الخرافية و الحكاية الشعبية و اللغز و المثل الشعبى و النكتة كلها أنواع أدبية شعبية لكنها تختلف عن بعضها البعض الآخر إختلافا جوهريا و إن كانت الشعبية تجمع بينهما. نوالى دراسة كل نوع من أنواع الحكي الشعبي على حدة. أولا الأسطورة تردد على الألسن كلمتا الأسطورة و خرافة بوصفهما كلمتان مترادفان ، فى الحقيقة إن الأسطوري و الخرافي متساويتان فى معنيهما عند كثير من الناس كلهما يصور الشئ البعيد عن المنطق و المعقول لكن فى الأنواع الأدبية الشعبية يتحتم علينا التفرقة التامه بين الأسطوري و الخرافي. تهدف الأسطورة لإعادة النظام للحياة و تنتمى إلى سلوك روحى آخر غير الذى تنتمى إليه الحكاية الخرافية. الأسطورة هى محاولة فهم الكون بظواهره المتعددة أو تفسير لهذا الكون. تمتلك منطق فلسفى أولى تطور عنها فيما بعد علم الفلسفة حيث إنها تثير التعجب و تتولد التساؤل فإذا سأل الإنسان طلب الإجابة التى تحث على التأمل شأنها شأن الفلسفة. تنوعت الأسطورة من حيث مضمونها إلى عدة أنواع منها الأسطورة الطقوسية التى تحتفى بالأفعال التى من شأنها اأ تحفظ للمجتمع رخاءه ضد القوى المتعددة المهولة التى تحيط بالإنسان مثل أسطورة أوزوريس عند القدماء المصريين. هناك أيضا الأسطورة الكونية التى تصف لنا الكون و خلق الكون مثل أسطورة التكوين البابلية الأسطورة التحليلية التى يحاول فيها الإنسان البدائى يعلل ظاهرة ما تستدعى نظرة لكنه لا يجد تفسير مباشر من ثم يخلق حكاية أسطورية تشرح سر وجود هذه الظاهرة مثل ظاهرة الخط الأسود فى الفاصوليا. الأسطورة الرمزية تتضمن رموز تستوحى التفسير . ألفت فى مرحلة فكرية أرقى من مراحل الأساطير السابقه، ليس فى الظواهر الكونية فقط أو الأجواء السماوية إنما يتعداها إلى العالم الأرضى و عالم الإنسان مثل أسطورة بشيشة و كيوبيد. أسطورة البطل الإله و فيها يتم المزج بين الإنسان و الإله مهمة البطل الإله هى تنظيم الكون و المحافظة على الظواهر الطبيعية التى تعود على الإنسان بالخير مثلا أسطورة جلجامش فى العراق. أشهر أنواع الأساطير هى أساطير الأخيار و الأشرار . كان يهدف الإنسان أن يكون بنفسه و لنفعه تفسير الحدود و فلسفة محدده الظواهر . الإنسان أصبح معنى أو مهتم بفكرة الخير و الشر و كان ذلك منذ القدم.الخير هذا يتمثل فيما يعود على الإنسان من الظواهر الكونية بالنفع مثل المطر و شروق الشمس و مقدم الربيع أما الشر يتمثل فى الظواهر الكونية التى تعود على الإنسان بالضرر مثل الجدب و الظلام و مقدم الشتاء و الطوفان و غير ذلك.