جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الكارثة المناخية اقتربت فهل فوّت العالم فرصة النجاة ؟
على رغم الجهود العالمية لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، ثمة مؤشرات على أن فسحة الأمل تضيق في منع تغير مناخي كارثي. أحدث ما توصلت اليه الأبحاث العالمية حول أنماط الانتاج والاستهلاك والممارسات المؤثرة في تغير المناخ يعرضها تقرير حديث من معهد «وورلد واتش» للأبحاث في واشنطن حصلت مجلة «البيئة والتنمية» على نسخة مسبقة منه
استهلاك الطاقة وغيرها من الموارد الحيوية يكسر الأرقام القياسية باستمرار ويخلّ بالمناخ ويقوض الحياة على الأرض، بحسب تقرير «المؤشرات الحيوية 2007 ـ 2008» الصادر حديثاً عن معهد «وورلد واتش» للأبحاث في واشنطن. والقضايا الـ44 التي تتبعها التقرير توضح الحاجة الملحة الى ضبط استهلاك الطاقة والموارد الأخرى التي تساهم في أزمة المناخ، بدءاً بالملوث الأكبر، أي الولايات المتحدة المسؤولة عن أكثر من 21 في المئة من الانبعاثات الكربونية العالمية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري (بحسب إحصاءات 2005).
وقال إريك أسادوريان، مدير برنامج «المؤشرات الحيوية» في المعهد، ان «الوقت ينفد أمام العالم في مواجهة تغير مناخي مأسوي، ومن الضروري أن تضغط أوروبا وبقية المجتمع الدولي على صناع السياسة الأميركيين لكي يتصدوا للأزمة المناخية. ويجب تحميل الولايات المتحدة مسؤولية انبعاثاتها، التي تبلغ ضعفي مستوى الانبعاثات الأوروبية على صعيد الفرد، وأن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي فتلتزم بخفض مجمل انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 80 في المئة مع حلول سنة 2050».
كان الاتحاد الأوروبي في الصيف الماضي مسرحاً لما سيؤول إليه العالم تحت تأثير تغير المناخ، بما في ذلك الحرائق المأسوية في اليونان وجزر الكناري، والفيضانات الهائلة في بريطانيا، وموجات الحر عبر القارة الأوروبية ومع بلوغ عدد سكان العالم 6,6 بلايين نسمة، وتزايده المطرد، تصبح خدمات النظم الايكولوجية التي تعتمد عليها الحياة مجهدة الى أقصى الحدود نتيجة المستويات القياسية للاستهلاك.
ففي العام 2006، استهلك العالم 3,9 بلايين طن من النفط. وكان حرق الوقود الأحفوري أنتج 7,6 بلايين طن من الانبعاثات الكربونية عام 2005، فيما بلغت تركيزات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي 380 جزءاً في المليون. وزادت كمية الأخشاب التي أزيلت من الغابات عن أي وقت مضى.
وارتفع انتاج الفولاذ بنسبة 10 في المئة عام 2006، فسجل رقماً قياسياً هو 1,24 بليون طن. وازداد الانتاج الأولي للألومنيوم الى مستوى قياسي أيضاً بلغ 33 مليون طن، علماً أنه مسؤول عن نحو 3 في المئة من الاستهلاك العالمي للكهرباء. يؤدي التوسع السريع في. ويترافق ارتفاع الاستهلاك العالمي لثمار البحر مع ندرة أنواع سمكية كثيرة، ففي العام 2004 مثلاً تم تناول 156 مليون طن من الأطعمة البحرية، أي ثلاثة أضعاف الاستهلاك الفردي عام 1950.
إن توسع شهية سكان العالم لكل شيء، من حاجات يومية مثل البيض الى سلع استهلاكية كبيرة مثل السيارات، يساهم في التغير المناخي الذي يهدد كائنات على اليابسة وفي البحر فاحترار المناخ يقوض التنوع البيولوجي، من خلال تسريع خسارة الموائل، وتحوير توقيت هجرة الحيوانات وإزهار النباتات، ونزوح بعض أنواع الكائنات التي تعيش في الموائل الباردة نحو القطبين والأماكن الأكثر ارتفاعاً.
ولقد امتصت المحيطات نحو نصف كمية ثاني اوكسيد الكربون التي أطلقها البشر في السنوات العشرين الماضية. ويعدل تغير المناخ مسارات هجرة الأسماك، ويرفع مستويات البحار، ويزيد التآكل الساحلي، ويرفع حموضة المحيطات، ويعيق التيارات التي ترفع المغذيات الحيوية من الأعماق.
وعلى رغم هدوء موسم الأعاصير نسبياً في الولايات المتحدة عام 2006، فقد شهد العالم كوارث ذات علاقة بالطقس أكثر مما في أي سنة من السنوات الثلاث الماضية، وتأثر بها نحو 100 مليون شخص.
وفي حين تواصل مستويات الانبعاثات الكربونية ارتفاعها في الولايات المتحدة، فانها الأسرع ارتفاعاً في آسيا، خصوصاً في الصين والهند. ولكن في غياب الالتزام الأميركي بفرض قيود على الانبعاثات، من المستبعد اقناع الصين والهند بالتزام تخفيضات.
وفي خضم النداءات العالمية لمنع حدوث تغير مناخي كارثي، بدأت بعض الحكومات تحويل اهتمامها من تخفيف تأثيرات تغير المناخ باتجاه استغلال «مكاسب» في عالم ترتفع حرارته. يقول أسادوريان: «تنفق كندا ثلاثة بلايين دولار لبناء ثمانية زوارق خفر سواحل لتعزيز مطالبتها بحقوق ملكية المسارات المائية في المنطقة القطبية الشمالية. وبدأت الدنمارك وروسيا تتنافسان للسيطرة على سلسلة «جبال» لومونوسوف في قاع المحيط القطبي الشمالي، حيث يمكن الوصول الى مصادر جديدة للنفط والغاز الطبيعي اذا أصبحت الدائرة القطبية الشمالية خالية من الجليد، أي الى مزيد من الوقود الأحفوري الذي سيزيد تغير المناخ تفاقماً». ونبّه أسادوريان الى أن «هذه الممارسات الفعلية مبنية على فرضية أن العالم يسخن».
المصدر: مجلة «البيئة والتنمية»
ساحة النقاش