جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
إن خطورة التحور الوراثي من خلال حدوث طفرات وراثية Genetic mutation للكائنات الحية الدقيقة يعادل خطورة إنقراضها ؟ ومن الخطأ الفادح بأن نقول بأن كل تغير وراثي لتلك الكائنات ماهو إلا تطور طبيعي ؟ فمليارات من الكائنات الحية الدقيقة والتي تشكلت منذ ملايين السنين في بيئة متناغمة غير مرئية Invisible living environment كانت أكثر المتأثرين والمتضررين بالتغيرات المناخية والتلوث البيئي الذي نعيشه نحن جميعا , فقد بدأت الملايين منها في التغير الوراثي وبعضا منها بدأ يتآكل ومنها قد إختفى وهذا سوف يلحق الضرر الكبير بشكل مباشر أو غير مباشر بالإنسان وبكافة الكائنات الحية والبيئة وأكثر هذه العواقب إخافة هي ظهور أمراض جديدة من كائنات حية دقيقة محورة وراثيا؟ في الحقيقة يمكن للإنسان مشاهدته بالعين المجردة التأثيرات الخطيرة للتغيرات المناخية والتلوث البيئي على العديد من الكائنات الحية مثل ” الإنسان والحيوانات والطيور والنباتات ” ولكن لا يستطيع مشاهدة تلك التأثيرات على تريليونات من الكائنات الحية الدقيقة النافعة والضارة والغير مرئية ؟ وإن كان بإمكاننا التحكم بالطفرات الوراثية الموجهة والتي يصنعها الخبراء في مختبراتهم فإنه لن نتمكن من التحكم بالطفرات الوراثية Genetic mutation العشوائية والتي تحدث في الطبيعة والتي هي الأن خارج السيطرة ؟ إن التحور الوراثي للكائنات الحية الدقيقة Microorganisms’ Genetic mutation هو من أكبر الكوراث البيئية الغير مرئية والتي تنتج من جراء التغيرات المناخية الحادة ومن جراء الإحتباس الحراري والأمطار الحامضية .. أو من التلوث الإشعاعي الناتج عن التجارب والنشاطات النووية والمفاعلات النووية ومخلفاتها وكوارثها بالإضافة إلى التلوث الكيميائي والناتج عن التلوث بالنفط ومشتقاته أومن المبيدات الحشرية السامة والأسمدة الكيميائية ومخلفات المصانع والمدن . إن العواقب المرئية لكل من التغير المناخي والتلوث تتفاقم في جانبين أساسيين وهما إنقراض الكائنات الحية والتكلفة الخيالية للتغير المناخي حيث ترتفع نسبة الأنواع المعرضة للانقراض من عشرون بالمائة إلى مايزيد عن خمس وثلاثون بالمائة , بينما من المتوقع ان تؤدي العواقب المالية للتغير المناخي إلى تجاوز اجمالي الناتج المحلي في العالم اجمع مع حلول العام 2080. أما عن العواقب الغير مرئية ستكون أكثر فداحة ؟ فقد أدى التلوث البيئي الذي أصاب ” الهواء , الماء , التربة ” إلى إلحاق الأذى والضرر الكبير بكافة الكائنات الحية الدقيقة النافعة منها والضارة والتي تنتشر في كافة بقاع الأرض دون إستثناء والتي تعيش حولنا وفي حقولنا وماء شربنا أو التي تعيش بعيدة عنا في الينابيع الحارة والمحيطات والبحار المالحة ، وفي جليد القطبين والبرك ذات الحموضة العالية ، والفتحات البركانية ، والنفايات المشعة في أعماق الأرض ، وتحت سطح البحر ، والمنشرة في أي مكان آخر على وجه الأرض ولمعرفة كثافة تلك الكائنات فيجب أن نعلم بأن غرام واحد من التربة الطبيعية يحتوي على حوالي 40 مليون من الخلايا البكتيرية وإن واحد ” مليميتر ” من المياه العذبة الطبيعية يحتوي على حوالي مليون بكتيريا. ومن أخطر تلك العواقب تتمثل في التأثير الذي طال مجموعة واسعة من الكائنات الحية الدقيقة والتي تشكل الأكثر خطرا على صحة الإنسان وهي مجموعة ” البكتريا والفيروسات ” التي ينسب لها إلحاقها للعديد من الأمراض والأوبئة الخطيرة المشتركة بين الإنسان والحيوان , وهي عديدة و متنوعة ومنها الأمراض البكتيرية مثل السالمونيلا والبروسيلا والجمرة الخبيثة والدرن والحمى الصفراء ومنها الأمراض الفيروسية مثل الأنفلونزا وداء الكلب وحمى الوادي المتصدع وحمى غرب النيل والتهابات المخ. ومنها الأمراض الطفيلية مثل الديدان الشريطية و داء المقوسات (التوكسوبلازما) والليشمانيا و الجرب ومنها الأمراض الفطرية مثل القراع أو السعفة , ويتوقع الخبراء العالميون أن تزيد حدة إصابة الإنسان بهذه الأمراض خلال العقدين القادمين نظرا لظهور مسببات جديدة للأمراض لم تكن معروفة بالسابق وأنها سوف” تتحور وراثيا ” وتشكل سلالات مرضية جديدة تملك القدرة على الإنتقال كوباء خطير من الحيوان أو الطيور وإلى الإنسان ، ومن أمثلة هذه الأمراض مرض جنون البقر وسارس وأنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور وعودة ظهور الدرن وحمى الوادي المتصدع. وخير مثال ملموس هو عودة بكتريا الأيكولاي” E.COLI ” القاتلة في الخضروات والتي ألحقت الزعر والرعب في 12 دولة أوروبية وبأشكال جينية جديدة مثل نمط ”اى اتش اى سى ” في قوة إفرازها المرتفع للسموم و مقاومتها للمضادات الحيوية الشائعة فقد تغيرت هذه البكتريا وراثيا أربع مرات . ففي بداية إكتشافها كان تأثيرها كبير على الأطفال فقط ثم إرتفعت شدة إصابتها لتلحق الضرربالبالغين وحاليا كان تأثيرها على الكبار والنساء معا . و بما يؤكد بحثي هذا هو ما جرى بالفعل على أرض الواقع حديثا عن مسألة التغير الجيني الذي لحق “ببكتريا الإي كولاي” فهذه البكتريا موجودة بصورة طبيعية في جسم الإنسان وتحديداً فى الكولون بأعداد محدودة ، وإذا زادت كمية هذه البكتريا فإنها تسبب بعض الاضطرابات المعوية مثل الإسهال ولكن بصفة عامة فإن هذه البكتريا غير مميته. ولكن كيف سببت هذه البكتريا العديد من حوادث الوفيات مؤخرا في العديد من الدول الأوربية ؟ إن ما حدث هو ظهور ” سلالة جديدة ” أشد قوة وفتكا من البكتريا الأصلية والتي نتجت عن حدوث طفرات في مورثاتها Genetic mutation ويغذو السبب المؤدي لتلك الطفرات هو بسبب المتغيرات التى حدثت في نظام الزراعة وهندسة المحاصيل الزراعية وإستخدام كميات كبيرة من المبيدات الفطرية والحشرية الكيميائية السامة بنسب تركيز عالية مما شكل ضغطا بيئيّا مغايرا لطبيعة حياتها وهذا أدى إلى تغيير السمة الطبيعية والوراثية لبكتريا ” الإي كولاي ” وتسبب في تطورها وبالتالي أصبحت بكتريا مغايرة تحمل سموماً مجهولة لم يتعرف عليها في العديد من حوادث الوفاه التى حدثت فى العالم حتى نتمكن من مقاومتها والتعامل معها بعلاج أو مصل مناسب . إن سبب هذه الكارثة والتي راح ضحيتها العشرات من الوفيات هي العبث في طبيعة الكائنات الحية الدقيقة, فإن أي بكتريا طبيعية تكون ضعيفة وتتكون من خلية واحدة ولكن طبيعتها تتغير بسهولة إلى أكثر قوة وشراسة في غالب الأحيان وبالتالي يصعب السيطرة عليها ؟ كaذلك الأمر ينطبق على التغير الجيني الذي لوحظ في أنفلونزا الطيور. وكذلك في حمى الايبولا النازفة Ebola Hemorrhagic وهو مرض فيروسي يسببه فيروس ( إببولا Ebola ). و هو أحد الأمراض الفيروسيّة الأكثر فتكا ، حيث يؤدي هذا المرض الى وفاة حوالي 50-90 % من الحالات السريرية. و قد تم إكتشافه في عام 1976 في أحراج إفريقيا و آسيا . ولقد تم التوصيف العلمي لهذا الفيروس في إقليمي السودان الغربي والاستوائي و زائير المجاورة في عام 1976 ومن ثم تم عزل نوع جديد محور وراثيا من هذا الفيروس سمي ( ايبولا ريستون 1 Ebola-Reston ) في 1989-1990. كما أريد أن أضيف إثباتا مختلفا عن التحور الوراثي الحاصل للكائنات الحية الدقيقة من خلال الضغوط البيئية القاهرة وهو ظهور مقاومة العديد من الكائنات الحية الدقيقة ومنها البكتريا للمضادّات الحيويّة والتي تظهر بشكل عام عن طريقين هما الإصطفاء الطّبيعي أو حدوث الطفرات الوراثية , فإن مفعول المضاد الحيوي يشكّل ضغطا بيئيّا على البكتيريا وإن الطفرات التي ستظهر لاحقا في بعض الخلايا البكتيريّة تجعلها تنجو من مفعول المضاد الحيوي, بعد ذلك، تنتقل هذه الميزة إلى الأجيال المقبلة التي ستتميّز بكونها ذات مقاومة كاملة للعلاج بالمضادات الحيوية . إن الأمثلة كثيرة ولايمكن حصرها فإن الميزات التي تتصف بها الكائنات الحية الدقيقة من السرعة في التأثر ودورة حياتها السريعة والإختلاطات الوراثية فيما بينها مع الإصطفاء الطبيعي كله سيتفاقم ويساهم في ظهور أمراض جديدة من كائنات حية دقيقة محورة وراثيا من خلال تطورها لاحقا في الظروف البيئية القاهرة وسوف تهددنا نحن البشر مع باقي الكائنات الحية في أي لحظة ؟؟ الكائنات الحية الدقيقة جزء مفيد وهام من كوكبنا الأرض: يجب أن لاننظر إلى الكائنات الحية الدقيقة على أنها شرا أو خطأ ، فهي ضرورية وهي جزء مفيد من تصميم الكوكب الذي نسميه الوطن. فهي ضرورية لحياة الإنسان والحيوان والنبات. و تقدم العديد من الخدمات والفوائد الكثيرة والهامة وفي كل يوم نعثر نحن البشر على فوائد جديدة لها ونعثر على المزيد من الطرق لإستخدامها. وفيما يلي أوجز لمحة عن بعضا من فوائد وأهمية الكائنات الحية الدقيقة: تساهم الكائنات الحية الدقيقة في صناعة الأوكسجين الذي نتنفسه والعديد من أنواع البكتيريا لها علاقة تكافلية مع البشر فالعديد من أنواع البكتيريا التي تعيش في أمعاء الإنسان تساعد على الهضم وتوليف الفيتامينات. وهنالك البكتيريا التي تمنع عدوى الخميرة في البشر والبكتيريا تلعب دورا هاما في تدوير النفايات وإزالة التلوث وتحويل المواد العضوية إلى مواد مغذية تستفيد منها النباتات وتدوير العناصر المغذية في التربة وتزيد من خصوبتها كما أنها تلعبا دورا هاما في المكافحة الحيوية وان توفر حماية طبيعية ضد الآفات النباتية فى حقول المزارعين , كما تساهم في العديد من الصناعات الغذائية, وفي إنتاج المضادات الحيوية فهناك العديد من العقاقير الطبية التي يتم إنتاجها صناعيا بواسطة الاحياء الدقيقة وتعتبر أهمها المضادات الحيوية التي تنتجها البكتيريا والفطريات منذ اكتشاف البنسلين للعلاج الناجح للعديد من الامراض البكتيرية مثل السل والكوليرا والزهري والتهاب السحايا ومن امثلة المضادات الحيوية المنتجة (البنسلين ,الستربتومايسين، البولى مكسين، السيفالوسبورين الاريثروميسين).
ساحة النقاش