جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الزئبق المعدن السائل لا يعرف حدودا جغرافية في تلويثه للبيئة ؟
يوما بعد يوم يزداد التلوث البيئي ومن بين أخطر الملوثات التي تتنامى أخطارها وأضرارها هو التلوث بمعدن الزئبق ؟ والزئبق لا يقف عند أي حدود جغرافية في تلويثه للبيئة وهو مختلف تماما عن أي مادة تلوث بيئي إذ أنه ينتشر بسرعة ولأبعد المسافات من خلال الأنهار والبحيرات وحتى المحيطات وقبل أن يلحظه أحد .
تحتوى محيطات العالم على كمية من الزئبق يقدر مجموعها بحوالي 50 مليون طن ، بينما تقدر تراكيزه في التربة ما بين 0.01 – 0.06 جزء بالمليون، وترتفع في الصخور إلى حد 0.09 جزء بالمليون، ويبلغ تركيزه في هواء العالم ما بين 2- 5 نانو غرام بالمتر المكعب.وتزداد عاما بعد عام هذه التراكيز لتشكل مشكلة حقيقية في العالم وإهتماما بمسألة أهمية وأبعاد خطر الزئبق وخاصة في العقود الثلاثة الاخيرة .
يدخل الزئبق ومركباته في العديد من الصناعات، حيث يستعمل في الصناعات الورقية والكهربائية مثل إنتاج المصابيح الكهربائية والبطاريات والصناعات الكيماوية مثل الأصباغ وغيرها والصناعات الصيدلانية في إنتاج العقاقيرالطبية وبعض أنواع المكياج الغير مراقبة وفي صنع حشوات الاسنان وموازين الحرارة وفي إنتاج المحاليل الكيميائية وكذلك في إنتــــاج مبيدات الفطريات.
ويتميز الزئبق عن غيره من المعادن بميله الشديد إلى الذوبان في الدهون والتراكم في جسم الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان حيث يستهدف الأنسجة الدهنية أو الأعضاء الغنية بالدهون ومنها المخ مما يحدث أضراراً بالغة بخلايا الدماغ و يؤدي إلى حدوث أعراض مرضية خطيرة في الجهاز العصبي للإنسان كما يمكن أن يمتص جسم الإنسان الزئبق من خلال عدة مصادر كالجلد والرئة وبعد الإمتصاص ينتقل مع الدم من خلال الدورة الدموية ثم تقوم بعض الأعضاء كالكبد والكلى والعظام بتخزينة والتي تتضرر بشكل كبير مع إضطرابات خطيرة للجهاز الهضمي والبولي والقلب وباقي أعضاء الجسد.
وعند التعرض لأبخرة الزئبق فإنه يحدث جفاف في الحلق والفم، و يؤدي إلى إلتهاب في الفم واللثة وسقوط الأسنان والرعشة، كما يحتمل حدوث اضطرابات عقلية…كما يتأثر الإنسان بمركبات الزئبق من خلال تلوث الهواء بالزئبق و يبلغ الحد الأقصى المسموح به لمركبات الزئبق العضوية 0.01 ملجم في المتر المكعب في الهواء. وفي حال تم إستنشاق تلك المواد أو إمتصاصها عبر الجلد فإنها تؤدي إلى عدم انتظام أداء الجهاز العصبي وحدوث رعشة بالإضافة إلى صعوبة في النطق وضيق في مجال الرؤيا أو ما يسمى بالرؤيا النفقية , كما يتمكن الزئبق العبور من خلال مشيمة الأمهات الحوامل الي أجنتهن اثناء فترة الحمل وقد أثبتت فحوصات كريات الدم الحمراء ان تركيز الزئبق في كريات الأجنة يتفوق بمقدار 28% علي تركيزه في كريات دم الأمهات.وبشكل عام وللأسف ومنذعام 1953 تاريخ ذكرى الحادثتين الأليمتين ” ميناماتا ومن ثم حادثة نيغاتا ” في اليابان والتي راح ضحيتها المئات من نتيجة التلوث والتسمم بالزئبق وإلى يومنا هذا هنالك ألاف الضحايا يسقطون سنويا من التلوث بالزئبق.
يتعرض الإنسان للزئبق من عدة طرق مختلفة والتي تشمل في الغالب من خلال تناول بعض الأغذية التي تحتوي على الزئبق أو الملوثة بالزئبق. أوعن طريق الهواء الجوي الملوث بالزئبق من جراء حرق الوقود كالفحم والنفط الذي يحتوي على نسب كبيرة من الزئبق، بالإضافة إلى أن مركبات الزئبق العضوية تستخدم بشكل واسع كمبيدات للفطريات والحشرات في مجال الزراعة والتي تلوث المحاصيل التي يتناولها الإنسان من فواكه أو خضار. والجدير ذكره أن الزئبق في حالته العضوية يعد الملوث الأكثر بين مركبات الزئبق الأخرى وبذلك يشكل خطورة كبيرة على صحة الإنسان نظراً لشدة تطايره، كما أن مركبات الزئبق غير العضوية عند اختلاطها بالماء تتحول إلى مركبات زئبقية عضوية.
كما يتم انتقال الزئبق إلى الهواء الجوي عن طريق ملوثات المعامل التي تستخدم الزئبق في صناعاتها، كما ينتقل إلى طعامنا من خلال التربة وما تحتويها من الملوثات التي تأتي من المخلفات الصناعية التي لاتعالج نفاياتها والتي تحتوي على كميات مرتفعة من الزئبق كما ينتقل الزئبق إلى مياه الشرب من خلال إنتقاله من التربة إلى المياه السطحية أو الجوفية، حيث تتحلل مركبات الزئبق إلى عناصر أو أيونات الزئبقيك أو أيونات الزئبقوز. ويتم تخزين مركبات الزئبق عن طريق التصاقها بالرسوبيات، حيث تتحرر كميات قليلة جداً من أحادي وثنائي ميثيل الزئبق إلى الماء بواسطـة الكائنات الحية الدقيقة , ومن ثم تمتص من قبل العديد من الكائنات الحية ومنها الأسماك وباقي الحيوانات البرية المدجنة منها وغير المدجنة والمحاصيل الزراعية و التي تدخل جميعها في غذاء الإنسان ويتركز فيها الزئبق حتى مستويات عالية. . أما في الأنهار العذبة فيحصل تراكم الزئبق في الطحالب والاشنيات والبلانكتون التي تعتبر غذاء ممتازا لأسماك الأنهار وبالتالي ينتقل الزئبق أيصا إلى هذه الاسماك ومن ثم الى الانسان.
وكشفت دراسة علمية حديثة أن البخار المتصاعد من عملية احتراق الوقود إلى الجو يعود ليسقط مجددا على شكل زخات من جزيئات الزئبق السامة تستوعبها النظم الايكولوجية المائية على الأرض وتتسبب بتسمم الأغذية والمحاصيل الزراعية
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن باحثين أمريكيين أكدوا أن آلاف الأطنان من بخار الزئبق تتصاعد إلى الجو سنويا ومع مرور الوقت يتأكسد الزئبق ويعود مجددا إلى الأرض مع الأمطار أو الثلوج .
وأوضح العالم المشرف على الدراسة سيث ليمان أن البكتيريا الموجودة في الغلاف الجوي العلوي تحول الزئبق المؤكسد إلى مادة زئبق ميثيل التي يمكنها الدخول إلى السلسلة الغذائية بسهولة كبيرة مضيفا أن مادة الزئبق التي انبعثت في منطقة ما على سطح الأرض تسقط بعيدا عن مصدرها الأصلي ما يؤكد انحلالها مع الأمطار أو الثلوح التي تهطل إلى الأرض .
وقال ليمان إن الغلاف الجوي العلوي هو بمثابة مفاعل كيميائي لجعل الزئبق أكثر قدرة على الدخول في النظم البيئية.
ومادة الزئبق لا تقف عند أي حدود جغرافية في تلويثها للبيئة وهي مختلفة تماما عن أي مادة تلوث بيئي إذ انها تنتشر بسرعة ولأبعد المسافات من خلال الأنهار والبحيرات وحتى المحيطات وقبل أن يلحظها أحد .
وتتسرب مادة الزئبق إلى المياه من المصانع غير المحمية من قواعد الأمن والسلامة حيث تتلقفها الأسماك مباشرة لتصل إلى الأسواق وموائد الطعام متسببة بالتلف في الجملة العصبية وشبكة الشرايين في الجسم البشري
المصدر: مدونة البيئة والحياة
ساحة النقاش