علم الأحياء البحرية
علم الأحياء البحرية يعنى بدراسة الكائنات التي تعيش في البحر. وهو يتعامل مع كل أشكال الحياة البحرية، من الحيتان الضخمة إلى المخلوقات الدقيقة جداً التي لا تُرى إلا تحت المجهر. وتعيش الكائنات البحرية، في كل أجزاءٍ المحيط، من مناطق الشاطئ الضحلة إلى أقصى النقاط عمقا في قاع البحر. ويحاول علماء الأحياء البحرية معرفة كيفية تطور هذه الكائنات ونموها، وحصولها على الغذاء وطبيعة علاقاتها وتعاملاتها مع الكائنات البحرية الأخرى. ويحاولون باطراد أيضاً تصنيف الكائنات البحرية. ولقد تزايدت باطراد أهمية الأحياء البحرية في السنوات الأخيرة؛ وذلك لأن الناس زادوا من استغلالهم مصادر المحيطات. ويطلق على علماء الأحياء البحرية الذين يدرسون الحياة بوساطة سفن أبحاث مجهزة بطريقة خاصة علماء أحياء المحيطات .
علماء الأحياء البحرية . يستخدمون الكائنات الحية في تجارب المختبر التي تصمم لتزيد معرفتنا بعمليات حياة الإنسان. فلقد انكشفت على سبيل المثال، الكثير من معرفتنا حول تكاثر الإنسان ونموه من خلال التجارب على الحيوانات البحرية. واكتشفت المركبات الكيميائية التي تؤثر على مختلف أجنّة الحيوانات (الصغار النامية) أولاً في الكائنات البحرية. وكان قنفذ البحر أحد الحيوانات التي استخدمها علماء الأحياء البحرية غالبًا في هذه التجارب. فهو يضع الكثير من البيض الكبير الحجم الذي يجعل التجارب والمشاهدة أكثر سهولة..
استخدم علماء الأحياء البحرية ألياف العصب الضخم للحَبَّار (حيوان رخوي)، لعمل أبحاث ذات قيمة للكشف عن كيفية عمل الأعصاب. وألياف عصب الحَبَّار أكبر حجمًا وأسهل تناولاً وملاحظة من تلك الموجودة في معظم الحيوانات. والألياف كبيرة جداً لدرجة أن العلماء يمكنهم أن يضعوا الآلات داخل أجزاء العصب المختلفة. وحينئذ تستخدم الآلات لتسجيل الاستجابات الآلية والكيميائية والكهربائية للأعصاب. وربما تقود هذه التجارب إلى فهم أكبر لكيفية إرسال الرسائل من الدماغ إلى نقاط الأداء المختلفة في جسم الإنسان.
ويستخدم علماء الأحياء البحرية أيضاً الكائنات البحرية لإنتاج المواد المفيدة للناس. ولقد وجد علماء الأحياء البحرية مواد في الإسفنجيات، وخيار البحر، والمرجان والأعشاب البحرية، يمكن أن تُستخدم في علاج بعض الأمراض مثل العدوى الفيروسية والبكتيرية، والسرطان. ويمكن استخدام المواد من بعض إسفنجيات البلاد شبه الحارة، لعلاج عدوى الجلد، ولعلاج تسمم الغذاء والدم، ومرض انتفاخ الرئة الذي تسببه البكتيريا العنقودية.
وقد وجد بعض علماء الأحياء أن سمومًا من أنواع معينة من المحار والسمك الكروي أقوى تخديرًا مائتي ألف مرة من المواد الدوائية التي تُستخدم لهذا الغرض. كما وجدوا أن لُعاب الأخطبوط يحتوي على مادة يمكن أن تُستخدم منشطًا قويًا للقلب. ويستخدم الأخطبوط أيضا لعابه لشل حركة سرطان البحر ومن ثم يأكله. ويعتقد العلماء المتخصصون في الحياة البحرية، أن الكثير من هذه المواد سوف تطور لغرض استخدامها أدوية على نطاق تجاري.
وتجري معظم التجارب على الكائنات البحرية، في المختبرات البحرية. ومن بين أقدمها وأكثرها شهرة مختبر ستازين زوليجكا في نابولي بإيطاليا، ومختبر االمملكة المتحدة للأحياء البحريةتحاد في بليموث بإنجلترا ومختبر الأحياء البحرية في وودر هول، بماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية.
علماء أحياء المحيطات. يحاولون اكتشاف كيفية معيشة الكائنات البحرية بعضها مع بعض ومع بيئتها، وتتبع تطورها ونموها وتكيفها وانتشارها. كما يحاولون معرفة عمل أعضاء جسمها في الأعماق، تحت مثل هذه الضغوط العالية التي تصل إلى 1,060 كجم لكل سم². وهم يرغبون في تفهم كيف تحدد الكائنات التي تعيش في قاع البحر موقع الجنس الآخر، وتجد طعامها، على الرغم من أنها تعيش في ظلام دائم، حيث يندر وجود الطعام.
ويغوص علماء أحياء المحيطات في البحار يراقبون، ويجرون التجارب على الكائنات البحرية الطبيعية، ويستخدمون السفن التي تعبر المحيطات مزودة بشباك البحار العميقة وأدوات التقاط المحار للإمساك بالكائنات الحية من أجل الدراسة. ويُسجل العلماء غالباً الظروف مثل درجة حرارة الماء، ومحتوى المياه من الملح والأكسجين، في مناطق مُعينة من المحيط، مستخدمين في ذلك أدوات خاصة تُسقَط من سفن الأبحاث. وتُستخدم آلات تصوير البحار العميقة لرسم خريطة قاع البحار وتحديد مواقع بعض الكائنات. والآن يستخدم العلماء التصوير تحت الماء لعمل سجلات تصويرّية للحياة البحرية عند أعماق سحيقة. وتُستخدم بعض الأجهزة الضوئية الخاصة كي تسجل الحركات الأفقية لمسارات الأسماك.
ويستخدم كثير من علماء الأحياء البحرية معدات الغطس بأجهزة التنفس لإجراء الدراسات تحت الماء خاصة في مياه المناطق الحارة الصافية على امتداد الشعاب المرجانية. ولقد كان مكتشف أعماق البحار الفرنسي جاك إيف كوستو رائداً في استخدام محطات الأعماق حيث يستطيع الغطاسون أن يعيشوا فترات طويلة نسبياً لدراسة الحياة البحرية. واستخدمت البحرية الأمريكية في برامجها البحرية، والعلماء في معهد المحيطات بهاواي هذه الطريقة أيضاً. وعلى أية حال، فقد اقتصرت هذه الدراسات على مناطق المحيطات غير العميقة.
ويجب أن يستخدم علماء الأحياء البحرية معدات خاصة لمراقبة الحياة في البحار العميقة، مثل غواصات الأبحاث. وتتحمل بعض سفن الأبحاث مثل غواصات الأعماق الضغوط الكبيرة التي توجد عند أعمق أجزاء المحيط. ولقد سجلت غواصة الأعماق ترايست التي بناها العالمان السويسريان أوجست وجاك بيكارد رقماً قياسياً في الغطس إلى عمق 10,910 م في أخدود ماريانا بالمحيط الهادئ بالقرب من غوام في عام 1960م. ثم استخدمت غواصة أعماق أخرى تسمى ألفن في دراسات عديدة للحياة في البحار العميقة. وفي عام 1979م استخدم العلماء الغواصة ألفن لاستكشاف قاع البحر في شرقي المحيط الهادئ بالقرب من جزر جلاباجوس. وقد اكتشفوا تجمعات سكانية غنية بالحياة البحرية تسكن في القاع ومحيطة بينابيع البحر العميقة الحارة. وتزدهر هذه التجمعات باستخدام الطاقة الكيميائية التي تُنتج في هذه الينابيع الحارة.
ساحة النقاش