المَداخِلة.. ولاء للسلطة وحرب على التيارات الإسلامية
تيار سلفي نشأ في السعودية بداية تسعينيات القرن الماضي وتمدد إلى دول أخرى، وهو يعتمد في دعوته ومنهجه على أمرين:
- الولاء المطلق للسلطة الحاكمة والطاعة الكاملة للحكام والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم مهما كانت.
- الهجوم المستمر على المخالفين وخاصة من التيارات الإسلامية.
التسمية والنشأة
يطلق على هذا التيار عدة تسميات من بينها المداخلة، أو التيار المدخلي، أو المدخلية نسبة إلى أحد أبرز شيوخهم ربيع بن هادي المدخلي (ولد بالسعودية 1932). كما يطلق عليهم أيضا الجامية نسبة إلى محمد أمان الجامي (1931- 1996) الإثيوبي الأصل، وهو شيخ ربيع المدخلي.
وقد نشأت الحركة المدخلية إبان حرب الخليج الثانية بداية التسعينيات، وكانت ردة فعل على رفض التيار الإسلامي الذي وقف ضد فكرة الاستعانة بالولايات المتحدة لإخراج القوات العراقية من الكويت، انطلاقا من فتاوى ترفض "الاستعانة بغير المسلم لقتال المسلم". وعبر عنها ربيع المدخلي بكتابه "صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة بغير المسلمين".
انتشرت الحركة بدعم من الأسرة الحاكمة في السعودية التي رأت فيها معادلا موضوعيا للتيار الإسلامي الذي يرفض اجتناب الخوض في السياسة التي ترغب السلطات السعودية أن تظل بعيدة عن التداول.
كما انتشرت أيضا في بلدان عربية وإسلامية أخرى من بينها مصر، ومن أبرز رموزهم هناك محمد سعيد رسلان صاحب الفتوى الشهيرة لجنود السيسي بوجوب قتل المعارضين من أهالي كرداسة وغيرهم.
التوجهات الأيديولوجية
أقامت الحركة المدخلية دعوتها على أصلين، أولهما الطاعة الكاملة لـ"ولي الأمر" دون أن تعطي فرصة عن الرأي المخالف لهوى السلطان، لأنه يعد "نوعا من الخروج المثير للفتن".
وينص المدخلي في شرحه لأصول السنة على أن المتغلب تجب طاعته حقنا للدماء، فإذا تغلب آخر وجبت طاعة المتغلب الجديد.
وهذه الطاعة حق للولاة والوزراء والمفتين، فتجب طاعتهم جميعا، حتى مع تيقن الظلم أو الحيف منهم، لأن طاعتهم من طاعة من ولاهم أو كلفهم بالفتيا، ومن هذا المنطلق ترفض المدخلية أي معارضة لبيانات هيئة كبار العلماء في السعودية، كما ترفض الاعتراض على أقوال المفتي العام للمملكة.
وتأخذ المدخلية على الحركات الإسلامية خوضها في السياسة وترى أن ذلك يتضمن تحزبا "مخالفا لأمر الإسلام بتوحيد كلمة المسلمين تحت إمام واحد"، كما تعد أي تعبير عن الرأي المخالف للسلطة، خروجا على الشرع وإثارة للفتنة، حتى ولو عده غيرها من العلماء نوعا من إنكار المنكر، ونصحا لولي الأمر.
أما الأصل الثاني الذي اعتمدته المدخلية فهو الطعن في المخالفين وتبديعهم، فالشيخ ربيع المدخلي يصرح بأن "الإخوان المسلمين لم يتركوا أصلا من أصول الإسلام إلا نقضوه". كما يرى أن أغلب ممارساتهم الدعوية والسياسية بدعة في الدين منكرة، تجب محاربتها، والوقوف في وجهها.
ومن هنا يأتي تقرير المقدم إلى السلطات السعودية، يقولون فيه إنه ممارسات للإخوان المسلمين مرتبطة بخطة عالمية لتغيير النظام الحاكم، ويوصي التقرير بأن "السلطات السعودية لا بد أن تتحرك بأسرع وقت ممكن، لوضع حد لأنشطة المنظمة المذكورة".
فقامت حملات شنتها السلطات السعودية على الدعاة والعلماء المحسوبين على تيار الصحوة الإسلامية في المملكة، و زجت بكثير منهم في السجون، وحظرت أنشطتهم.
سيطر الفكر المدخلي على أداء أبرز العلماء القريبين من السلطة السعودية، حتى أصبحت الفتاوى التي تجيز "لولي الأمر مصادرة الحريات، ومحالفة أعداء الأمة" هي الطابع العام للخطاب الفقهي، حتى لدى غير المحسوبين على المداخلة.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
ستيفان لاكروا مؤلف كتاب "زمن الصحوة"