قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" متى ثبت أن عدم حصول العامل على الرصيد راجع إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل سواء عمت هذه الأسباب كامل المرفق صدعاً بطبيعة العمل فيه دوماً أو مؤقتاً أو خصت وظائف معينة طوعاً لمقتضياتها أو اقتصرت على موظف أو اكثر بعينهم تبعاً لحاجة العمل إليهم وهو ما تستبينه كل جهة على مسئوليتها و تحت رقابة القضاء نبعاً من نظام العمل فيها عامة و استخلاصاً سائغاً من ملف كل موظف خاصة دون ارتكان إلى زعم مطلق من صاحب الشأن ما لم يكن مدعوماً بما يؤيده نظاماً كصدور تعليمات بمنع الإجازات أو بما يزكيه مستنداً كتقديم طلبات الإجازات ولو لم يبت فيها ، و كل أولئك بطبيعة الحال إنما يشترط أن يكون لاحقاً على تاريخ العمل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 الذي استحدث المقابل لرصيد الإجازات و على الأخص بعد حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 21 ق بجلسة 6/5/2000 التي أطلقت الحد الأقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات ، إذ لا يتصور أن يتخذ العامل من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التي يتراخى عن استعمالها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء الخدمة على ما يقابلها من أجر في وقت لم يعطه المشرع الحق في الحصول على ما يساوي أجر هذا الرصيد الذي استحدثه القانون رقم 115 لسنة 1983 أو تجميعه بما يجاوز الحد الأقص لرصيد الإجازات قبل صدور الحكم المشار إليه ، و إلا كان ذلك رجماً بالغيب و افتراض علم العامل بالتشريعات المستقبلية و هو ما يأباه المنطق القانوني .
و حيث إن العمل بهيئة النيابة الإدارية هو عمل جماعي بطبيعته و يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظام العمل في المحاكم التأديبية على اختلاف أنواعها ، سواء كان خلال العام القضائي أو العطلة القضائية التي تستمر في نظر بعض الدعاوى ، الأمر الذي يجعل من رغبة العضو في استئداء إجازاته السنوية مرهون دائماً بنظام العمل في هيئة النيابة الإدارية ، و إلا ترتب على ذلك الإخلال بحسن سيير العمل القضائي و ارتباك أدائه في تحقيق العدالة الناجزة و تأخر الفصل في المنازعات ، و على ذلك فإن عدم حصول عضو هيئة النيابة الإدارية على إجازاته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائماً بالتنظيم الذي استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوي و تنظيم العمل القضائي ذاته لما له من طبيعة ذاتية خاصة ، و بما ينبئ دائماً بأن عدم حصول عضو هيئة النيابة الإدارية على إجازاته المقررة قانوناً إنما يرجع إلى أسباب تتعلق بمصلحة العمل و مقتضياته و حسن أدائه ، و بما ينشئ له حقاً في صرف المقابل النقدي كاملاً بديلاً عن هذه الإجازات ، دون أن يغير من ذلك صرف مكافأة العمل الإضافي في خلال العطلة القضائية ، إذ أن ذلك مردود عليه بأن هذه المكافأة لا تعد بحال في مبناها ( لفظاً ) أو معناها (مضموناً ) بديلاً أو نظيراً للأجر المقرر قانوناً بالمفهوم الوارد بقانون التامين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، و هو الأجر الأساسي ، و الأجر المتغير بمفرداته و عناصره التي يتقاضاها العضو شهرياً و كان يتعين استصحابه مضاعفاً حال عمله خلال إجازاته التي يتقاضى عنها أجراً مضاعفاً كي يستقيم القول بسقوط حقه في التعويض النقدي ، و لما كانت مكافأة العمل الإضافي تحسب على أساس مرتب شهر شامل ( مرتب أساسي ، حوافز – راتب تمثيل – بدل انتقال ) دون ما عداه من عناصر الأجر بالمفهوم المشار إليه ، و من ثم وجب القول بمغايرة هذه المكافأة للأجر الذي كان يتعين صرفه للعضو حال عمله خلال إجازاته ، أما و أنه لم يتم ذلك فإنه لا يستقيم حرمانه من المقابل النقدي لتلك الإجازات عند انتهاء خدمته بعد أن تحقق مناطه و هو التكليف بالعمل " .
( الطعن رقم 13375 لسنة 55 ق – الدائرة الثانية موضوع – جلسة 27/4/2013 – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثاني 2014 ص 165 و ما بعدها )
ساحة النقاش