قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
و من حيث إنه من المسلم به أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة و تلك نتيجة له ، فإن جهة الإدارة تلتزم بتنفيذ الحكم دون أن يكون لها أن تمتنع عن التنفيذ أو تتقاعس عنه على أي وجه نزولاً على حجية الأحكام و إلتزاماً بسيادة القانون ، و أن حكم الإلغاء يحقق بذاته إعدام الأثر القانوني المباشر للقرار منذ تقريره دون أن يتوقف ذلك على تدخل جهة الإدارة ، بيد أنه جرى العمل على أنه تصدر جهة الإدارة قراراً كإجراء تنفيذي بحت لإزالة القرار الملغي ، و هذا القرار لا يعدو أن يكون تأكيداً للأثر القانوني الذي تحقق سلفاً بمقتضى حكم الإلغاء ولا يضيف جديداً في هذا المجال ، فهو محض تأكيد لما تضمنه الحكم باعتبار أن المحكوم له إنما يستمد حقه مباشرة من ذات الحكم الحائز لقوة الشئ المحكوم فيه لا من القرار الصادر تنفيذاً له و التي لا تملك الجهة الإدارية سلطة تقديرية في صدوره و إنما تلتزم فيه بمنطوق الحكم و تقتصر فائدة هذا القرار على نقل مضمون حكم هذا الإلغاء من نطاق القضاء إلى المجال الإداري ليتسنى العلم به من قبل الكافة و من يعنيهم القرار المقضي بإلغائه ، و من ثم فلا مناص و الأمر كذلك من القول بأن الأحكام الصادرة بالألغاء إنما تكون نافذة بمجرد صدورها .
و من حيث إنه و هدياً على ما تقدم ، و كان الثابت من الأوراق أن هذه المحكمة بهيئة مغايرة قد قضت بجلسة 10/6/2008 في الطعن رقم 8013 لسنة 49 ق .ع المقام من الطاعن بإلغاء القرار الجمهوري رقم 316 لسنة 2002 فيما تضمنه من تخطي للطاعن في التعيين لوظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار ، فإن مؤدى ذلك اعتبار الطاعن معيناً في تلك الوظيفة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المقضي بإلغائه رقم 316 لسنة 2002 كأثر حتمي لانعدام هذا القرار و محو آثاره من وقت صدوره بالنسبة لتخطي الطاعن في التعيين في هذه الوظيفة ، و إذ أصدرت جهة الإدارة القرار رقم 338 لسنة 2009 بتعيين الطاعن في تلك الوظيفة تنفيذاً للحكم الصادر في هذا الخصوص دون إرجاع أقدميته في هذه الوظيفة إلى تاريخ صدور القرار المقضي بإلغائه ، فإن جهة الإدارة – و الحال كذلك – لا تكون قد أوفت بالتزامها القانوني بتنفيذها الحكم الصادر لصالح الطاعن تنفيذاً كاملاً ، الأمر الذي يتعين معه القضاء برد أقدمية الطاعن في وظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 316 لسنة 2002 مع ما يترتب على ذلك من آثار .
و حيث أنه عن طلب الطاعن بتسوية حالته بزملائه المعينين بالقرار رقم 316 لسنة 2002 بوظيفة معاون نيابة إدارية ثم رقوا فيما بعد إلى درجة أعلى ، فإنه و لئن قضت هذه المحكمة برد أقدمية الطاعن في وظيفته معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 316 لسنة 2002 المقضي بإلغائه ، و ذلك كأثر لإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطية في التعيين في الوظيفة ، إلا أن ذلك لا يترتب عليه حتماً و بطريقة تلقائية اعتبار الطاعن ترقى للدرجة التالية التي رقي إليها زملاؤه ، بل يتعين على الطاعن أن يبادر إلى الطعن في قرار ترقية هؤلاء الزملاء على استقلال ، و لا يكفي لبلوغ غايته المطالبة بترقيته إلى هذه الدرجة و رد أقدميته فيها إلى تاريخ ترقية زملائه إليها ، و ذلك أن الترقية إلى الوظائف الأعلى تتم بقرار إداري تترخص فيه الجهة الإدارية بسلطة تقديرية في إحداث مركز قانوني جديد لا يستمده الطالب من الحكم مباشرة و إنما يستمده من مدى ملائمة ترقيته إلى الوظيفة الأعلى إذا توافرت شروطها ، و هو ما يقتضي تدخل الإدارة لإحداث هذا الأثر تحت رقابة القضاء ، و من ذلك فإن مطالبة الطاعن بتسوية حالته و ترقيته إلى الدرجة الأعلى تغدو غير قائمة في حدود هذه الأسباب على سند سليم من صحيح حكم القانون جديرة بالرفض .
و حيث أنه عن طلب الطاعن بتعويضه بمبلغ مائة ألف جنيه عما أصابه من الأضرار المادية و الأدبية من جراء تخطيه في التعيين بموجب القرار المقضي و رد أقدميته إلى أقدمية زملائه المعينين بالقرار المشار إليه ، فإنه من المقرر أن مناط مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات الصادرة منها هو قيام الخطأ في جانبها بأن يكون القرار الإداري مشوب بعين من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ، و أن يصيب صاحب الشأن ضرر ، و أن تقوم علاقة السببية بين الخطأ و الضرر , و حيث أن الثابت من الأوراق أن هذه المحكمة بهيئة مغايرة قضت في الطعن رقم 8013 لسنة 49 ق 0عليا بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين و تم تنفيذ الحكم الصادر لصالحه بتعيينه اعتباراً من 12/10/2009 و قضت هذه المحكمة برد أقدميته بوظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 316 لسنة 2002 بتاريخ 21/11/2002 بدلاً من 13/10/2009 مع ما يترتب على ذلك من آثار ، يعد خير تعويض للطاعن عن الأضرار التي أصابته من جراء القرار المقضي بإلغائه ".
( الطعن رقم 8564 لسنة 56 ق .ع – الدائرة الثانية موضوع – جلسة 26/1/2013 – مجلة هيئة قضايا الدولة – العدد الأول سنة 2014 – ص 155 و ما بعدها )
ساحة النقاش