باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 14 أبريل سنة 2002 الموافق 1 صفر سنة 1423 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب رئيس المحكمة
و عضوية السادة المستشارين : محمد علي سيف الدين و محمد عبد القادر عبد الله و إلهام نجيب نوار و محمد عبد العزيز الشناوي و ماهر سامي يوسف و محمد خيري طه .
و حضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو رئيس هيئة المفوضين
و حضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 20 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / أحمد أحمد يوسف عن نفسه و بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر نانسي .
صد
1- السيد / رئيس مجلس الوزراء .
2- السيد / محمد إبراهيم محمد إبراهيم .
3- السيدة / وفاء إبراهيم محمد إبراهيم .
الإجراءات
بتاريخ الثامن من يناير سنة 1998 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (17) فقرة رابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير و بيع الأماكن و تنظيم العلاقة بين المؤجر و المستأجر.
و قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع ، على ما يبين من صحيفة الدعوى ، و سائر الأوراق ، تتحصل في أن المدعي عن نفسه و بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر " نانسي " كان قد أقام الدعوى رقم 3535 لسنة 1996 كلي إيجارات أمام محكمة جنوب الجيزة الابتدائية ، ابتغاء القضاء بتمكينه من عين النزاع و تسليمها له خالية ، قولاً منه بأن زوجته " نور صالح الخلافي " – و هي سعودية الجنسية – كانت قد استأجرت بتاريخ 11/6/1982 شقة سكنية بالعقار المبين بصحيفة الدعوى ، ثم توفيت إلى رحمة الله بتاريخ 27/4/1989 ، و إذ كان و ابنته من المستأجرة المذكورة يقيمان معها في تلك الشقة ، فيحق لهما طلب استمرار عقد الإيجار، و بتاريخ 26/5/1997 قضت تلك المحكمة برفض الدعوى ، تأسيساً على أن الخطاب في نص المادة (17) فقرة رابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه ، ينصرف فحسب إلى الزوجة المصرية و أولادها من المستأجر المصري ، فاستأنف المدعي ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة ، و قيد استئنافه برقم 8831 لسنة 114 قضائية ، و أثناء نظره دفع المدعي بعدم دستورية النص سالف الذكر ، و بعد تقديرها جدية الدفع صرحت محكمة الموضوع للمدعي بإقامة دعواه الدستورية ، فأقامها .
و حيث إن المادة 17 – المطعون على فقرتها الرابعة – تنص على أن :
" تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامتهم بالبلاد .
و تثبت إقامة غير المصري .......
و مع ذلك يستمر عقد الإيجار بقوة القانون في جميع الأحوال لصالح الزوجة المصرية و لأولادها منه ، الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة ، ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائياً ".
و مفاد الفقرة الأولى من المادة (17)، و هي السارية على واقعة النزاع الموضوعي ، انتهاء عقد الإيجار من تلقاء ذاته ، و دون حاجة إلى حكم قضائي يقرره ، بانتهاء إقامة المستأجر غير المصري بالبلاد ، و ينطبق ذلك سواء انتهت الإقامة خلال مدة العقد الاتفاقية – بحسبان أن عقد الإيجار هو بحسب الأصل من عقود المدة – أو بعد انتهائها و سريان الامتداد المنصوص عليه في صدر المادة (18) عليه ، و تعتبر الإقامة منتهية قانوناً بانتهاء المدة المحددة لها و الواردة في التصريح الصادر لغير المصري من الجهة الإدارية المختصة ، و إما بوفاته ، و بالتالي انقضاء شخصيته قانوناً .
أما الفقرة الرابعة من المادة (17) فمفادها استمرار عقد الإيجار بالنسبة للزوجة المصرية و لأولادها من زوجها المستأجر غير المصري إذا انتهت إقامته قانوناً بأحد السببين المتقدم ذكرهما ، دون سائر الأقارب ، و من ثم ، فإن نطاق هذه الدعوى ، بالقدر الذي يحقق مصلحة رافعها ، يتحدد بحدود حكم الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه فيما انطوى عليه من انتهاء عقد الإيجار و عدم استمراره بالنسبة للزوج المصري و أولاده من زوجته المستأجرة غير المصرية بانتهاء إقامتها بالبلاد ، إن فعلاً بمغادرتها البلاد نهائياً أو حكماً بوفاتها .
و حيث إن المدعي ينعي على نص المادة 17 (فقرة رابعة) المطعون فيه إخلاله بالمساواة بين الزوج المصري و الزوجة المصرية في مجال الحقوق المستمدة من عقد الإيجار ، و إهداره للطابع الأصيل للأسرة المصرية و ذلك بالمخالفة لنصوص المواد 7 ، 9 ، 40 من الدستور.
و حيث إن هذا النعي سديد في جوهره ، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن دستور جمهورية مصر العربية نص في المواد 9 و 10 و 11 و 12 على أن الأسرة أساس المجتمع ، و أن قوامها الدين و الأخلاق و الوطنية ، و أن الطابع الأصيل للأسرة المصرية ، و ما يتمثل فيه من قيم و تقاليد ، هو ما ينبغي الحفاظ عليه و توكيده ، و أن مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و كذلك التوفيق بين عملها في مجتمعها ، و واجباتها في نطاق أسرتها ، و بما لا إخلال فيه بأحكام الشريعة الإسلامية ، هوما ينبغي أن تتولاه الدولة و تنهض عليه ، باعتباره واقعاً في نطاق مسئوليتها مشمولاً بالتزاماتها التي كفلها الدستور، إلى ذلك فقد حظرت المادة 40 من الدستور التمييز بين الرجال و النساء سواء في مجال حقوقهم أو حرياتهم على أساس من الجنس ، بما مؤداه تكامل هذه المواد و اتجاهها لتحقيق الأغراض عينها و على القمة منها مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره أساس العدل و جوهر الحرية و سنام السلام الاجتماعي .
و إذا كان النص المطعون فيه قد نحا إلى رعاية الزوجة المصرية و أولادها من المستأجر غير المصري و ضمان استمرار المأوى المناسب لهم بعد وفاة أو مغادرته البلاد نهائياً لانتهاء إقامته فيها فقضى باستمرار عقد الإيجارفي هذه الحالة أو تلك لصالح هؤلاء ، ولم يشرط لذلك إلا عدم مغادرتهم البلاد نهائياً ؛ فإن مبدأ المساواة كان يحتم أن تمتد مظلة هذا الحكم إلى الزوج المصري و أولاده من المستأجرة الأجنبية عند انتهاء إقامتها بالبلاد إن فعلاً و إن حكماً ؛ إلا أن النص الطعين لم يلتزم هذا النظر ، بل أقام تمييزاً بين الزوج المصري و الزوجة المصرية حال تماثل مركزهما القانوني ، فقد اتحدا في كون كل منهما زوجاً لمستأجرة أو مستأجر أجنبي بموجب عقد إيجار هو سند إقامة أسرته بالعين محل الإجارة ، ثم اتحدا في أن الزوج – رجلاً كان أم امرأة – مستأجر هذه العين انتهت إقامته بالبلاد إن فعلاً بمغادرته البلاد نهائياً و إن حكماً بوفاته ، فنص على استمرار عقد الإيجار بقوة القانون لصالح الزوجة المصرية و لأولادها من الزوج الأجنبي ، و قصر عن إعمال ذات الحكم لصالح الزوج المصري و أولاده من الزوجة الأجنبية ، فجعل بذلك حكمه قائماً على تمييز بين المصريين بسبب الجنس ، و صاحب ذلك تهوين من حقوق فئة من المصريين مقابل إعلاء حقوق نظرائهم من غير المصريين ، فالمصرية المتزوجة من مستأجرأجنبي و أولادها منه المنتمون إلى جنسيته غير المصرية منحهم النص الطعين حقوقاً انكرها على المصري المتزوج من مستأجرة أجنبية و أولاده منها المصرييّ الجنسية ، و هو تمييز يتصادم – بشقيه – مع نص المادة 40 من الدستور ، فضلاً عن انطوائه على تهديد لكيان الأسرة المصرية و تماسكها ، و هو ما يتناقض بدوره و أحكام المواد 9 و 10 و 11 و 12 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير و بيع الأماكن و تنظيم العلاقة بين المؤجر و المستأجر ، فيما تضمنه من قصر استمرار عقد الإيجار على الزوجة المصرية و أولادها من زوجها المستأجر غير المصري .
ساحة النقاش