أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :

 

"   ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعنين قد تولى بعضهم أو تناوب تمثيل لجنة شئون الأحزاب أمام دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا ، و ذلك مباشرة للطعون المنظورة أمام هذه الدائرة و إعداداً للمذكرات المتعلقة بها أو الإشراف و المراجعة على تلك الطعون ، و قد نما إلى علمهم أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية قد قرر صرف مكافأة لأعضاء تلك الدائرة لقاء نظرها الطعون المقامة عن القرارات الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية و هو اختصاص إضافي يتحمله أعضاء الدائرة ، و لما كانت هيئة قضايا الدولة تشترك في تحمل عبء هذا الاختصاص أو العمل الإضافي تمثيلاً للجنة شئون الأحزاب أمام ذات الدائرة ، فمن ثم يتوافر في شأنهم مناط استحقاق المكافأة المقررة لأعضاء الدائرة إعمالاً لمبدأ المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية في المعاملة المالية ، و الذي أكدته المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق بتاريخ 3/3/1990 ، فضلاً عما تقتضيه أحكام القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة ، و القانون رقم 11 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية من ضرورة مساواة الأقدم في الوظيفة القضائية بزميله الذي يليه في الأقدمية في المرتب و البدلات .

 

و من حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من متعددين لا تربطهم رابطة فهو دفع غير سديد ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الجمع بين مدعين في صحيفة واحدة يكون سائغاً إذا كانت طلباتهم ترتكز على مسألة معينة يشترك فيها جميع المدعين ، و مصلحتهم جميعاً تصب في أمر واحد ، و تنبع من مركز قانوني مشترك ، و تعدد الخصوم أمر نظمه المشرع في قانون المرافعات حين أتاح التدخل ، و حين نظم في المادة 82/2 منه أثر غياب بعض المدعين على سير الدعوى ،  و إذ كان البين من طلبات المدعين أنها مستمدة من كونهم تناوبوا تمثيل الدولة ممثلة في لجنة شئون الأحزاب دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا ، و أن من حقهم بهذه المثابة صرف المكافأة التي تقررت لأعضاء هذه الدائرة لقاء نظر الطعون في قرارات اللجنة إعمالاً لمبدأ المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية ، و بذلك يرتبطون  جميعاً بأمر واحد يحقق مصلحتهم في توجيه الخصومة في صورة مدعين متعددين ، و هو أمر سائغ تقضي معه المحكمة برفض الدفع الماثل .

 

و من حيث إن كلاً من حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 2/9/2007 في الطعن رقم 21161 لسنة 51 ق . عليا و حكم محكمة النقض دائرة طلبات رجال القضاء بجلسة 24/5/2011 في الطعن رقم 80 لسنة 80 ق ، و كلاهما سند للطاعنين قد انتهيا إلى أحقية شاغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة ( المعادلة لوظيفة رئيس استئناف و نائب رئيس محكمة النقض و نائب رئيس هيئة قضايا الدولة ) في مساواة مرتبه الشامل بمرتب زميله الأحدث منه في الأقدمية ممن كان بالدائرة الأولى ( العليا و دائرة الأحزاب ) ، و لما كان الثابت أن كلاً من الطاعنين الثالث و الرابع يشغل على التوالي وظيفة مستشار و مستشار مساعد بهيئة قضايا الدولة ، بينما يشغل باقي الطاعنين وظيفة نائب رئيس بالهيئة ، و لما كان مناط قبول الدعوى أو الطعن أن يستقيم على مصلحة لرافعها ، و أن يتوافر عليها منذ إقامته حتى الحكم فيه ، فإن زايلته في أي وقت زايله مناط قبوله ، و تبعاً لذلك ولما كان كل من الطاعنين الثالث و الرابع يشغل وظيفة أدنى من وظيفة نائب رئيس فمن ثم منازعته لا تستوي على مصلحة تبرر قبولها ، و تبعاً لذلك تقضي المحكمة بعدم قبول طلبهما لانتفاء المصلحة ، و إذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي الطاعنين ، فمن ثم تقضي المحكمة بقبوله شكلاً .

 

ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في أسباب القرار الصادر منها في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق بتاريخ 3/3/1990 إلى أن المشرع اضطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء و النيابة العامة في قانون السلطة  القضائية و بين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى ، سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات و بدلات و غيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً بتنظيم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات و المعاشات على حد سواء ، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "  فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات و المزايا و الحقوق و الواجبات بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية ، مما مفاده التسوية في المزايا و الحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا و بين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض و هم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المالي ، و كذلك ما نصت عليه المادة 122 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أنه تتحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون .... و تسري فيما يتعلق بهذه المرتبات و البدلات و المزايا الأخرى و كذلك بالمعاشات و بنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية " ، و ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية من أنه " تحدد وظائف و مرتبات و بدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون و تسري فيما يتعلق بهذه المرتبات و البدلات و كذلك بالمعاشات و بنظامها جميع الأحكام المقررة و التي تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة " ، و ما أكدته المادة 38 مكرراً من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية – المعدلة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 – بالنص على أنه " يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشأن التعيين و المرتبات و البدلات و المعاشات شأن أعضاء النيابة العامة ، و كذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة من أنه " تحدد وظائف و مرتبات و بدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون ،  و تسري فيما يتعلق بهذه المرتبات و البدلات و المزايا الأخرى و كذلك بالمعاشات و بنظامها جميع الأحكام المقررة و التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية " .

 

و هذه النصوص واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا و مجلس الدولة و هيئة النيابة الإدارية و هيئة قضايا الدولة و بين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة ، سواء من المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات و بدلات و مزايا أخرى أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم ، و ذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات و المعاشات المقررة لوظائف القضاء و النيابة العامة أصلاً يجري حكمه على المخصصات و المعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الإخرى ، فإنه من باب أولى يتعين مساواة أعضاء السلطة القضائية بأعضاء مجلس الدولة .

 

و حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 1981 على أنه " و لا يجوز أن يقل مرتب و بدلات من يشغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب و بدلات من يليه في الأقدمية في ذات الوظيفة " ، يدل على أن المشرع و إن هدف إلى إرساء قاعدة من شأنها تحقيق العدالة بين رجال القضاء بأن أوجب ألا يقل ما يتقاضاه من يشغل إحدى الوظائف القضائية من مرتب و بدلات عمن يليه في الأقدمية سواء في ذات الدرجة أو في الدرجة الأدنى ، فمن ثم فإنه لما كانت الزيادات التي تطرأ على الأجر تعتبر جزءاً من هذا الأجر تندرج فيه و تسري عليها ما يسري على الأجر من أحكام أياً كان سبب الزيادة ، و إذ تجب التفرقة بين مصدر الزيادة أو سندها القانوني من جهة وبين المآل الذي تنتهي إليه من جهة أخرى ، ومما لا شك فيه أن الزيادات التي تطرأ على الأجر الأساسي المقرر للوظيفة لا يمكن سلخها أو فصلها عنه لمجرد أنها منحت تحت مسميات مختلفة ، ما دام أن مآلها في النهاية هو اعتبارها جزء منه ، ولما كانت المحكمة الإدارية العليا قد طبقت هذا النص على أعضائها و ساوت بين الأقدم و الأحدث في وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة في المكافأة التي يتقاضاها أعضاء الدائرة الأولى المختصة بنظر منازعات شئوشن الأحزاب السياسية ، و ذلك بموجب الحكم الصادر في الطعن رقم 21161 لسنة 51 ق . عليا الصادر بجلسة 2/9/2007 ،  وقضى بأحقية شاغلي وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة في مساواة مرتبهم الشامل بمرتب زملائهم الأحدث منهم في الأقدمية ممن كانوا أعضاء بالدائرة الأولى العليا ( دائرة الأحزاب ) استناداً إلى أن اختصاص الدائرة سالفة الذكر بالتشكيل المقرر قانوناً لنظر منازعات الأحزاب السياسية لا يعدو أن يكون اختصاصاً أصيلاً للمحاكم اختصت به الدائرة الأولى باعتباره نوعاً من توزيع العمل بين الدوائر و ينحسر عنه وصف الندب ،و يترتب على صرف مكافأة لأعضاء الدائرة عن مباشرتها للاختصاص سالف الذكر تمييز أعضاء هذه الدائرة عن زملائهم السابقين عليهم في ترتيب الأقدمية ، مما يستوجب مساواتهم بهم إعمالاً لقاعدة العصيب في المعاملة المالية ، فلا يسبق الأحدث الأقدم في مرتباته و بدلاته و المكافأة المقررة من المجلس الأعلى للهيئات القضائية ، مما مفاده أن هذه الزيادة التي قضى بها الحكم سالف الذكر أصبحت جزءاً من مرتب شاغلي وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة الأقدم من زملائهم ممن كانوا أعضاء بالدائرة الأولى العليا ( أحزاب ) ، و من ثم تقتضي العدالة و المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية إعمال هذا المبدأ على من يشغل الوظائف المماثلة بقانون هيئة قضايا الدولة باعتباره الأصل الأصيل الذي يسري على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالهيئات القضائية الأخرى و ذلك مع مراعاة التقادم الخمسي .

 

و من حيث إنه إعمالاً لما تقدم ، و لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين – عدا الثالث و الرابع – يشغل كل منهما وظيفة نائب رئيس هيئة قضايا الدولة ، و من ثم فإنه إعمالاً للأحكام المتقدم ذكرها يكون من حق كل منهم تقاضي المكافأة التي يتقاضاها أعضاء الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ( دائرة الأحزاب ) الأحدث منهم لقاء نظرهم منازعات هذه الدائرة وما يترتب علي ذلك من أثار و فروق مالية مع مراعاة التقادم الخمسي .

 

فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة :

 

أولاً :  بعدم قبول الطعن بالنسبة لكل من الطاعنين الثالث و الرابع لانتفاء المصلحة .

 

ثانياً : بقبول كل من طلبي التدخل و الطعن شكلاص و في الموضوع بأحقية كل من الطاعنين – عدا الثالث و الرابع – و الخصمين المتدخلين – في اقتضاء المكافأة التي يتقاضاها زملاؤهم الأحدث منهم في الأقدمية ممن كانوا أعضاء بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا – دائرة الأحزاب – و ما يترتب على ذلك من آثار و فروق مالية ، مع مراعاة التقادم الخمسي " .

 

( الطعن رقم 13410 لسنة 56 ق .ع – جلسة 27/4/2013 – الدائرة الثانية – موضوع – مجلة هيئة قضايا الدولة – العدد الرابع 2013 – ص 189و ما بعدها )

المصدر: مجلة هيئة قضايا الدولة
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,957,435

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]