أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

النقد البناء ليس هداماً

 

 

 

حرص دستور الثورة  على النص في المادة 45 منه على أن " حرية الفكر و الرأي مكفولة .   و لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر و التعبير " ،   ونصت المادة 48 من الدستور على أن " حرية الصحافة و الطباعة و النشر و سائر وسائل الإعلام مكفولة .  و تؤدي رسالتها بحرية و استقلال  لخدمة المجتمع و التعبير عن اتجاهات و الإسهام في تكوينه و توجيهه في إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع و الحفاظ على الحقوق و الحريات و الواجبات العامة ، و احترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين " .

 

و قد كفل الدستور بهذين النصين حرية التعبير عن الرأي بمدلول جاء متسعاً ليشمل التعبير عن الآراء في مجالاتها المختلفة ؛  السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها ، كما جاء متسعاً ليشمل سائر وسائل التعبير على تنوعها و تطورها ، و ذلك بالنظر إلى أن حرية الرأي هي من الحريات الأساسية التي تحتمها طبيعة النظام الديمقراطي ، إذ يقوم هذا النظام في جوهره على مبدأ أن ( السيادة للشعب وحده ، وهو مصدر السلطات ) ، وهو ما أكده الدستور القائم بالنص عليه في المادة الخامسة منه ، و فضلاً عن ذلك فإن حرية الرأي تعتبر بمثابة الحرية الأصل الذي يتفرع عنه الكثير من الحريات و الحقوق العامة الفكرية و الثقافية و غيرها و تعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية ، كحق النقد و حرية الصحافة و الطباعة و النشر و حرية البحث العلمي و الإبداع الأدبي و الفني و الثقافي .، فكلها تصدر عنها ، كما كفل الدستور للصحافة حريتها بما يحول كأصل عام دون التدخل في شئونها أو التغول عليها بقيود ترد رسالتها على أعقابها بحسبانها صوت الأمة ونافذة لاطلاع المواطنين على الحقائق التي لا يجوز حجبها عنهم سيما فيما يمس حق الجماعة في الدفاع عن مصالحها و حقوق المواطنين التي لا يجوز العدوان عليها أو المساس بها،  وحرية الرأي  بهذا الوضع جد خطيرة في الحياة العامة والحياة الخاصة على السواء ، فأثرها لا يقتصر على صاحب الرأي وحده ، بل تتعداه إلى غيره و إلى المجتمع ، و من ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية ، فقد قيد الحقوق و الحريات بما فيها حرية الرأي بالنص في الفقرة الثالثة من المادة 81 منه على أن " و تُمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المقومات الواردة في باب الدولة و المجتمع بهذا الدستور" ، و هي المقومات السياسية و المقومات الاجتماعية و الأخلاقية و المقومات الاقتصادية .

 

 ومن الأمورالمنبثقة عن حرية الرأي و الجديرة بالتبيان حق النقد ، لا سيما و أنه – في الوقت الراهن – قد امتلأ محتواه كذباً و افتراءً و زوراً بطريقة فجة لا تتقبلها العقول السليمة و البسيطة ، و يمكن القول أن أكثر ما يميز حرية النقد – إذا كان بناءً – أنه  ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطني سوياً على قدميه ، و ما ذلك إلا لأن الحق في النقد – و خاصة في جوانبه السياسية – يعتبر اسهاماً مباشراً في صون نظام الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية ، و ضرورة لازمة للسلوك المنضبط في الدول الديمقراطية ، و حائلاً دون الإخلال بحرية المواطن في أن " يعلم " ، و أن يكون في ظل التنظيم بالغ التعقيد للعمل الحكومي ، قادراً على النفاذ إلى الحقائق الكاملة المتعلقة بكيفية تصريفه  ، وحق النقد لا يقتصر على مجرد الانتقاد ، و إنما يستوجب مسبقاً مراقبة الأحداث  ، و يقتضي لاحقاً اقتراح البديل ،  وصولاً للإصلاح و التنمية  ، و هذا هو ما يسمى بالنقد الذاتي البناء الذي كان ينص عليه صراحة دستور سنة 1971 في مادته الرقيمة 47 ، على أنه يتعين حتماً أن يكون النقد من متخصص واع بما ينتقد وما يقترح حتى يؤتي ثماره المرجوة  ،  و في قضاء النقض : ( الأصل أنه لا يعتبر المقال الصحفي – و إن قست عباراته – قذفاً أو سباً أو إهانة إن هو انصب على فكرة في ذاتها أو تناول موضوعاً دون أن يتعرض لشخص بعينه ..... و كان الأصل كذلك اعتبار النقد حقاً إن توافرت فيه موضوعية العرض و استهداف مصلحة المجتمع ".( الطعن رقم 20471 لسنة 60ق – جلسة 14/11/1999 المحاماة العدد الأول 2001 - ص 210 ).

 

و إذا كانت القاعدة أنه بضدها تتميز الأشياء ، فإن النقد لا يجوز أن يتخبط في ظلمات التعدي على الأبرياء و الشرفاء و الانتقام و الانتقاص منهم لحاجة في نفس الناقد ، أو أن يهتم بسفاسف الأمور، أو أن يتخذ من التضليل و الانحراف عن جادة الاستقامة سبيلا ، بحيث يكون معول هدم لمؤسسات الدولة و قيمها و وحدتها و تنميتها، أو يكون ستاراً لإثارة الفتن ، و ما ينجم عن ذلك من تعريض الوطن للخطر،   و هوما أوضحته المحكمة الدستورية العليا حين قضت بأن : " ألا يكون النقد منطوياً على أراء تنعدم قيمتها الاجتماعية ، كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد و الضغائن الشخصية ، أو التي تكون منطوية على الفحش أو محض التعريض بالسمعة ، كما لا تمتد الحماية الدستورية إلى آراء تكون لها بعض القيمة الاجتماعية ، و لكن جرى التعبير عنها على نحو يصادر حرية النقاش أو الحوار ، كتلك التي تتضمن الحض على أعمال غير مشروعة تلابسها مخاطر واضحة تتعرض لها مصلحة حيوية  " .( الحكم الصادر في الدعوى رقم 42 لسنة 16 ق " دستورية " – جلسة 20/5/1995 ).  و أيدت محكمة النقض ذلك حيث قضت بأن : " المشرع إذ   يلتزم بالقيم الخالدة مناراً و الأخلاق العامة نبراساً فقد نظم ممارسة هذه الحرية بوضع قيود تستلزمها الوقاية من سطوة الأقلام قد تتخذ من الصحف أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرمة الشرفاء إن سباً أو قذفاً أو إهانة أو غير ذلك من أفعال يتأبى على المشرع إقرارها تحت ستار حرية الصحافة و ما لها من قدسية و حماية و بتقدير أن الحرية في سنتها لا تتصور انفلاتاً من كل قيد  لا اعتداءً على حقوق الغير ولا تسلطاً على الناس و باعتبار أنه لا شئ في الوجود يكون مطلقاً من أي قيود  ".( الطعن رقم 20471 لسنة 60 ق – جلسة 14/11/1999  - المحاماة العدد الأول 2001 – ص 209 ).

 

تلك علامات و مبادئ يتعين أن نسير على هدي منها حال إبداء الرأي ، لا سيما قوى المعارضة – أحزاباً و إعلاماً - على اختلافها ، و الواقع أننا حين نطالع – قراءة أو سماعاً – رأياً للمعارضة في مسألة ما ، نجد كثيراً من النقد غير البناء وغير المسبوق ، نقداً لا نشك في أن هدفه مجرد النقد للنيل من الآخرين، خاصة السلطة الحاكمة و الإسلاميين ،  و التشهير بهم و الحط من كرامتهم و النيل من سمعتهم و إعاقة الخير عن أن يجري في الحياة ، وهو ما يصل إلى حد السب و القذف المجرم بقانون العقوبات،  و ما لهذا أجيز النقد ، فيا ليت قومي يعلمون ، و يعملون بما يعلمون ، و يخلصون فيما يعملون ، حمى الله مصرنا و يسر لنا طريق الخلاص من الفساد و المفسدين ، و هيأ لنا طريق الخير و الفلاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: اشرف سعد الدين
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 221 مشاهدة

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,957,597

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]