<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الرابع عشرمن أكتوبر سنة 2012 م ؛ الموافق الثامن و العشرين من ذي القعدة سنة 1433 هـ.
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري ........................رئيس المحكمة
و عضوية السادة المستشارين : عدلي محمود منصور و أنور رشاد العاصي و عبد الوهاب عبد الرازق و الدكتور/ حنفي على جبالي و محمد عبد العزيز الشناوي و ماهر سامي يوسف . نواب رئيس المحكمة
و حضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
و حضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع .............. ...........امين الســــر
أصدرت الحكم الآتي :
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 79 لسنة 22 قضائية " دستورية " .
المقامة من
شركة نادي البحر الأبيض المتوسط ( كلوب ميدتيرانية ) .
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الشعب .
3- السيد رئيس مجلس الوزراء .
4- السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات .
5- السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من أبريل سنة 2000 ، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة في ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 .
و قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة و سائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت ضد المدعى عليه الرابع و آخرين الدعوى رقم 51 لسنة 1997 أمام محكمة الجيزة الابتدائية " الدائرة 88 ضرائب " بطلب الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ 147238 جنيهاً و 86 قرشاً قيمة الضرائب الإضافية التي تطالبها بها مصلحة الضرائب على المبيعات ، و عدم احقية المصلحة في تحصيل مبلغ 165452 جنيهاً و 45 قرشاً كضريبة مبيعات على المخزون السلعي من المشروبات الروحية و الكحولية و الخمور لدى فندق " منيل بالاس " الذي تديره الشركة المدعية ، بالإضافة إلى مبلغ 2568 جنيهاً و 65 قرشاً كضريبة إضافية عن هذا المبلغ الأخير، و إلزام المصلحة برد هذين المبلغين للشركة المدعية ، وبجلسة 21/2/1999 قضت تلك المحكمة – منعقدة بهيئة تجارية – بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى ، و بإحالتها إلى محكمة الجيزة الاتبدائية ، لتحديد إحدى دوائرها المدنية المختصة لنظرها بجلسة 8/3/1999 ، و نفاذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى الدائرة (12 حكومة ) بالمحكمة المذكورة و قيدت أمامها برقم 1494 لسنة 1999 حيث قضت بجلسة 26/10/1999 برفضها ، فطعنت الشركة المدعية على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة و قيد الاستئناف برقم 15539 لسنة 116 قضائية ، و أثناء نظر الاستئناف دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصاد ربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، و إذ قدرت المحكمة بجلسة 27/1/2000 جدية الدفع و صرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد اقامت الدعوى الماثلة .
و حيث إن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن " يكون سعر الضريبة على السلع 10% ، و ذلك عدا السلع المبينة في الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها .
و يحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات .
و يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة و تعديل سعر الضريبة على بعض السلع .
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1) و (2) المرافقين ".
وحيث إن الجدول رقم (1) المشار إليه قد تضمن المسلسلين رقمي (4) و (7) ، و جاء نص المسلسل رقم (4) على النحو التالي : " الجعة ( البيرة ) : و وحدة تحصيلها هي الهيكتولتر" ، و فئة الضريبة المستحقة عليها 125 جنيهاً للمستورد و 100 جنيه للمحلي ".
كما جاء نص المسلسل رقم (7) على النحو التالي :
" (أ) كحول إثيلي نقي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ب) كحول إثيلي نقي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر ( يستخدم في صناعة العطور و الكولونيا ... ) ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ج) كحول إثيلي غير محول تبلغ درجته الكحولية 80 درجة فأكثر للأغراض الطبية ( بشرط أنه يتم توزيعه تحت إشراف وزارة الصحة ) ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، و فئة الضريبة 750 ر . جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(د) كحول محول من أي درجة للوقود ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 500ر17 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(هـ) نبيذ عنب طازج و عصير عنب أوقف اختماره بإضافة الكحول : 1- فوار 2- أباركة 3- كوكانيللي 4- عادة 5- فرموت 6- غيره ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 215ر1 جنيه من المستورد و المحلي .
(و) مشروبات كحولية محلاة ، و معطرة ، و مشروبات كحولية أخرى ، و محضرات كحولية مركبة :
1- ويسكي وجن ، و وحدة تحصيله "اللتر السائل " ، و فئة الضريبة 800ر5 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
2- براندي و كونياك . 3- زبيب و أوزو . 4- روم . 5- عرق بلح . 6- ليكيرات من مقطرات طبيعية . 7- غيره من المقطرات الطبيعية ، و وحدة تحصيلها " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة ثلاثة جنيهات لكل من المستورد و المحلي .
(ز) مشروبات كحولية غير طبيعية ، يدخل في تصنيعها الكحول الإثيلي النقي مهما كانت نسبة الكحول الداخل في التصنيع و ذلك بالإضافة إلى الضريبة المقررة بالبند (أ) ، و وحدة تحصيلها " اللتر السائل " ، و فئة الضريبة جنيه واحد لكل من المستورد و المحلي .
و إعمالاً للفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ؛ صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدولين المرافقين للقانون المذكور ، و نصت المادة الأولى من هذا القرار على أن " يُعدل المسلسلان رقما (4، 7) من الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات ، وفقاً لما هو مبين بالكشف حرف (أ) المرفق بهذا القرار ".
و قد تضمن هذا الكشف – بالنسبة للمسلسل رقم (4) المشار إليه – ما يلي :
" الجعة ( البيرة ) : 1- الكحولية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 100% بحد أدنى 200 جنيه عن " الهيكتولتر" لكل من المستورد و المحلي . 2- غير الكحولية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 60% " لكل من المستورد و المحلي ".
أما بالنسبة للمسلسل رقم (7) المشار إليه ، فقد تضمن ما يلي :
(أ) كحول إثيلي نقي غير محول مهما بلغت درجته الكحولية ، و وحدة تحصيله " اللتر الصرف " ، وفئة الضريبة 50ر7 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(ب) كحول محول من أي درجة للوقود ، و وحدة تحصيله " اللتر السائل " و فئة الضريبة 15ر0 جنيه لكل من المستورد و المحلي .
(ج) نبيذ عنب طازج وعصير عنب أوقف اختماره بإضافة الكحول ( بما في ذلك المستلا ) و فرموت و أنبذة أخرى ، و مشروبات مخمرة .
(د) مشروبات روحية و مشروبات كحولية محلاة ، و معطرة ، و مشروبات كحولية أخرى ، و محضرات كحولية مركبة ، و مقطورات طبيعية ، و وحدة تحصيلها " القيمة " و فئة الضريبة 100% بحد أدنى 50ر7 جنيه عن اللتر السائل لكل من المستورد و المحلي .
ثم صدر القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، و تنص المادة (3) منه على أنه :
" اعتباراً من 5/3/1992 :
أولاً : يُعدل المسلسلان رقما 4 و 7 من الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه وفقاً لما هو مبين بالجدول (د) المرافق لهذا القانون .
ثانياً : ......... ".
و قد ردد الجدول (د) المشار إليه ما تضمنه المسلسلان رقما 4 و 7 من الكشف (أ) المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشار إليه .
و تنص المادة (11) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه على أن " تُلغى الفقرتان الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ".
و حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – و هي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية ، مؤثراً في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها و المطروحة على محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، و كان النزاع الموضوعي يدور حول براءة ذمة الشركة المدعية من قيمة الضريبة العامة على المبيعات و الضريبة الإضافية التي قامت مصلحة الضرائب على المبيعات بربطها على مخزون المشروبات الروحية و الخمور لدى فندق " منيل بالاس " الذي كانت تديره الشركة المدعية ، ورد ما سبق سداده منه ، و كانت هذه الشركة تبغي من دعواها الماثلة – مرتبطة بطلباتها الموضوعية السالفة البيان – الحكم بعدم دستورية ما تضمنه نص البند ( أولاً ) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتباراً من 5/3/1992 ، و من ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة تكون متحققة في الطعن على هذا النص في النطاق المشار إليه بحسبان أن الفصل في دستوريته سيكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية .
و حيث إن الشركة المدعية تنعي على النص المطعون فيه ، مخالفته لنصوص المواد 66 و 119 و 187 من دستور سنة 1971 ، على سند من أن هذا النص – بالرغم من طابعه الجزائي – قد تضمن فرض الضريبة العامة على المبيعات بأثر رجعي بالمخالفة لمبدأ عدم رجعية التشريعات الجنائية ، كما لم تتوافر له الأغلبية التي استلزمها الدستور للموافقة على القوانين رجعية الأثر ، فضلاً عن أن هذا النص ، إذ تبنى أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشارإليه ، يكون قد أعاد هذا القرار إلى الحياة في ثوب تشريعي ، و لا يقيله من هذه المخالفة موافقة السلطة التشريعية حال عرضه عليها .
و حيث إن الدعوى الموضوعية تدور حول طلب الشركة المدعية براءة ذمتها من مبالغ الضريبة العامة على المبيعات و استرداد ماسبق سداده منها ، و من ثم تكون دعوى مدنية لا مجال فيها لإعمال أي نصوص عقابية ، و كان الثابت من مضبطة مجس الشعب بجلسته الثالثة و العشرين المعقودة في 18/1/1997 أن القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه قد تمت موافقة المجلس عليه بالأغلبية الخاصة ؛ وهي أغلبية أعضائه طبقاً لنصي المادتين 66 و 187 من دستور سنة 1971 ، الذي يحكم الأوضاع الشكلية لإقرار هذا القانون بأثر رجعي في ظل العمل بأحكام الدستور المذكور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – و من ثم فإن نعي الشركة المدعية في هذا الشأن يكون في غير محله ، متعيناً الالتفات عنه .
و حيث إن استيفاء النص التشريعي المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر لا يعصمه من الخضوع للرقابة التي تباشرها على دستورية القوانين و اللوائح ، وذلك كلما كان هذا النص – في محتواه الموضوعي – منطوياً على إهدار لحق من الحقوق التي كفلها الدستور أويفرض قيوداً عليه تؤدي إلى الانتقاص منه ، مما مؤداه أنه لا يكفي لتقرير دستورية نص تشريعي معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون محتواه ملتئماً مع قواعد الدستور الموضوعية التي تعكس مضامينها القيم و المثل التي بلورتها الإرادة الشعبية ، و كذلك الأسس التي تنتظم الجماعة و ضوابط حركتها .
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين ، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم و حمايته من الخروج على أحكامه ، و أن نصوص هذا الدستور تمثل دائماً القواعد و الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم و لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها و إهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة .
و حيث إنه بالبناء على ما تقدم ، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال أحكام الأعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011 باعتباره الوثيقة الدستورية التي تحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية و إلى أن يتم الانتهاء من إعداد الدستور الجديد و إقراره .
و حيث إن مبنى الطعن مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المادة (119) من دستور 1971 ، و كان نص هذه المادة يتطابق تماماً مع نص المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه من أن " إنشاء الضرائب العامة و تعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ، و لا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون ".
و حيث إن المادة (5) من الإعلان الدستوري المشار إليه تنص على أن " يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادي و العدالة الاجتماعية و كفالة الأشكال المختلفة للملكية و الحفاظ على حقوق العمال ".
و حيث إن الدستور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قد أعلى من شأن الضريبة العامة ، و قدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار الاقتصادية التي ترتبها ، و مايز- ترتيباً على ذلك - بنص المادة (119) من دستور سنة 1971 المقابلة لنص المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه ، بين الضريبة العامة و غيرها من الفرائض المالية ، فنص على أن أولهما لا يجوز فرضها أوتعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، و أن ثانيتهما يجوز إنشاؤها في الحدود التي بينها القانون ، مما مؤداه أن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد نطاقها ، و على الأخص من خلال تحديد وعائها و أسس تقديرها ، و بيان مبلغها و الملتزمين أصلاً بأدائها ، و المسئولين عنها ، و قواعد ربطها و تحصيلها و توريدها ، و كيفية أدائها ، و غير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون ، و الأصل أن يتوخى المشرع ، بالضريبة التي يفرضها ، أمرين يكون إحداهما أصلاً مقصوداً منها ابتداءً ، و يتمثل في الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، لتعينها على مواجهة نفقاتها ، و يكون ثانيهما مطلوبا ًمنها بصفة عرضية أو جانبية أو غيرمباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغير بعض الأوضاع القائمة ، و بوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التي تتناولها ، أوحمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلي عن نشاطهم ، وعلى الأخص إذا كان مؤثماً جنائياً . و ينبغي أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتوى النظام الضريبي و غاية يتوخاها ، و يتعين – تبعاً لذلك – بالنظر إلى وطأة و خطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمناً عليها بمختلف صورها ؛ محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها . و لا ينال من دستورية الضريبة أن يكون هدفها الحصول أصلاً من المكلفين بها على مبلغها مع تنظيم نشاطهم عرضاً بما يجعل استمرارهم فيه مرهقاً .
و حيث إن من المقرر ان الأصل في فرض الضريبة أن يكون بأثر مباشر و ألا يلجأ المشرع لتقرير رجعيتها إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها و ذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التي تحدثها الرجعية في محيط العلاقات القانونية وما يلابسها بوجه خاص في أغلب الأحوال و أعمها من إخلال بالاستقرار و إهدار للثقة المشروعة في التعامل و مساس بالحقوق ؛ إذ ينال من رجعية الضريبة – من زاوية دستورية – أن تركن الدولة إلى تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة ، أو ان تتوخى – من خلال الأغراض التي تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة و لكن النصوص التشريعية التي تتدخل بها المشرع لاشباعها لا تربطها بها صلة منطقية ، مما يترتب عليه من تناقض بين فرض الضريبة في هذه الأحوال و مفهوم العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي .
و حيث إنه من المقرر كذلك – في قضاء هذه المحكمة – أن إقرار المشرع لضريبة تم فرضها بالمخالفة للدستور ولو بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ العمل بها ، لا يحييها و لا يزيل عوارها و لا يحيلها إلى عمل مشروع دستورياً ، و لا يدخل تشريعها في عداد القوانين التي تقرها السلطة التشريعية ، ذلك أن الضريبة التي تناقض أحكام الدستور يلحقها العدم منذ فرضها .
و حيث إنه لما كان ما تقدم ، و كان المشرع بتقريره النص المطعون فيه بأثر رجعي – على النحو السالف البيان – قد تغيا الحفاظ على مبالغ الضريبة التي سبق تحصيلها من قبل بمقتضى أداة تشريعية تتناقض و أحكام الدستور ؛ تتمثل في قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدولين المرافقين للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، وهو القرار الذي صدر إعمالاً للفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، اللتين ألغاهما المشرع فيما بعد بنص المادة 12 من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه ، بعد أن ألغي بالمادة 11 منه قرار رئيس الجمهورية ذاته ؛ مستهدفاً بذلك تصحيح مخالفته لنص المادة (119) من دستور سنة 1971 ، التي تقابل المادة (18) من الإعلان الدستوري المشار إليه ، وهي المخالفة التي تمثلت في إهدار المشرع لاختصاصه بتعديل الضريبة ، و إسناده لرئيس الجمهورية ، بما يُعد في حقيقته إعراضاً من جانب المشرع عن مباشرة ولايته الأصيلة في تحديد نطاق هذه الضريبة و قواعد سريانها ، و نقل مسئولياته إلى السلطة التنفيذية و تفويضها في ذلك ، الأمر الذي يمس بنيان الضريبة التي فرضها القانون ، و يشرك هذه السلطة في إنشائها و تغيير أحكامها ، وهو المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص الأحكام الدستورية السالف بيانها ، مما مؤداه توخي المشرع – في تقريره الأثر الأثر الرجعي للضريبة – تحقيق مصلحة غير مشروعة تتمثل في إضفاء الشرعية على المخالفة الدستورية السالف بيانها ، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه المتضمن النص المطعون فيه ، من تطابقه الكامل مع أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 المشار إليه ، - و تبعاً لذلك – يكون النص المطعون فيه قد أهدر الأسس الدستورية لفرض الضريبة و تعديل أحكامها و أخل بمبدأ العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي ؛ مخالفاً بذلك أحكام المادتين 5 و 18 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011 ، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه نص البند (أولاً ) من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتباراً من 5/3/1992 ، و ألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
( منشور بالجريدة الرسمية العدد 42 مكرر في 24 أكتوبر 2012 )
ساحة النقاش