<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
·ورد في باب مع القانون بتاريخ 2010/4/16 رأي للمستشار/ مصطفى الكومي رئيس محكمة الاستئناف تحت عنوان ( آثار الحكم بالنقض و مدى التزام محكمة الموضوع) ، بشان أثر الحكم الصادر من محكمة النقض بنقض الحكم الصادر في قضية مقتل إحدى الفنانات و بإعادة محاكمة المتهمين فيها أمام دائرة أخرى ، أشار فيه سيادته إلى بعض الآثار المترتبة على ذلك، و أكد فيها أن ( المحكمة المحالة إليها غير مقيدة بوجهة نظر محكمة النقض إلا في حالتين ، هما :(1) أن يكون الحكم المطعون فيه صادراً بقبول دفع قانوني مانع من السير في الدعوى ،(2) أن يكون الحكم المطعون فيه صادراً من الهيئة العامة للمواد الجزائية بالمحكمة ، و دون ذلك لا يبقى سوى احترام الاحكام كقيمة أدبية و فنية مراعاة لحسن الذوق القضائي و مقتضى حسن سير العدالة).
·
· وأستسمحكم عذراً في تعقيب هام على تلك الفقرة و تصحيح لها ، تبياناً لوجه الحق - قانوناً- فيها و تأصيلاً لها ، وفقاً لما يلى:
·أولاً: صحة الحالة رقم 2 سالفة الذكر : لا يجوز لمحكمة الإعادة في جميع الأحوال أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمو اد الجزائية بمحكمة النقض، وفقا للمادة (44) من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
·ثانيا: إن الهدف الرئيسي من وجود محكمة النقض كمحكمة وحيدة تتربع على قمة التنظيم القضائي في البلاد يكمن في تحقيق وحدة القضاء في الدولة، و من ثم وحدة القانون نفسه، فهي تضمن التطبيق الصحيح للقانون،أي أن يكون القانون كما تعلنه المحاكم مطابقا للقانون كما أراده المشرع(د/ فتحي والى - الوسيط- طبعة 1980 -بند 367 ص 811 )، و بذلك تلعب محكمة النقض دوراً مهماً و فعالاً في ضمان تحقيق مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، و يقتضي هذا الدور، فضلا عن ألا توجد في الدولة إلا محكمة نقض واحدة ، أن تكون هذه المحكمة هي أعلى محكمة في البلاد، فلا تخضع أحكامها لأي رقابة من سلطة أخرى في الدولة، و لا يباح الطعن في أحكامها بأي طريق أمام هيئة قضائية أخرى، بل تكون لها الكلمة الأخيرة، فتنقض ما فسد من الأحكام و تصحح ما يقع فيها من أخطاء قانونية، و هذا يؤدي حتما الى الاستقرار القضائي و من ثم الاستقرار القانوني داخل الدولة، هذا الاستقرار الذي قد يهزه و يخل به تضارب أحكام القضاء و اختلافها في المسألة الواحدة، الناتج من تعدد المحاكم في الدولة و تفاوت قدرات القضاة و خبراتهم و اجتهاداتهم ، و من غموض نصوص القانون أحياناً و اختلافهم في تطبيقه و تأويله، فيأتي دور محكمة النقض في حسم هذا التضارب حسماً نهائيا محققة بذلك ايضا استقرار المعاملات داخل المجتمع، و ذلك كله يمثل مصلحة عامة للمجتمع ككل(د/ أحمد مليجي- التعليق على قانون المرافعات-طبعة 2008 -الجزء الخامس ص248،247 )، و يكون لزاماً و أمراً مقضياً تبعاً لذلك، وجوب اتباع محكمة الإعادة لحكم محكمة النقض في جميع المسائل القانونية التي فصلت فيها، و ليس فقط اتباعها في الحالتين المشار إليهما سلفا، لأن النص على هاتين الحالتين لا يعني عدم تقيد محكمة الإعادة في غيرهما، و يضحي القول بأن لأحكام محكمة النقض قيمة أدبية غير صحيح بالنسبة لمحكمة الإعادة فيما يتعلق بالمسائل القانونية التي فصلت فيها محكمة النقض في القضية موضوع الطعن، و إن صح بالنسبة لغيرها من محاكم الموضوع في غير تلك القضية.
·
·و قد أكدت ذلك و فصلته محكمة النقض حيث قضت بأن:( يتعين الإشارة باديء ذي بدء إلى أن الحكم المطعون فيه قد تردى في خطأ حينما أشار إلى أنه يخالف حكم محكمة النقض في أسبابه، لأنه لم يخالف أسباباً و لكنه خالف قضاء يتضمن فصلاً في مسالة قانونية تتعلق بمدى ولاية هيئة الرقابة الإدارية بالنسبة لرجال الساطة القضائية، و قضى فيها بعدم ولايتها بالنسبة لهم و انحسار إختصاصها عنهم، و قد اعتنق الحكم المطعون فيه في رده على الدفع المبدى من الطاعنين في هذا الشأن مفهوماً سائداً بأن محكمة الإعادة لا تتقيد بما تنتهي إليه محكمة النقض، فإنه يتعين القول بأنه إن صح هذا المفهوم بالنسبة لتقدير الوقائع و المسائل الموضوعية التي تتمتع محكمة الموضوع بحرية في تقديرها، فإنه بالنسبة للمسائل القانونية فإن الأمر مختلف، لأن القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض في المواد الجنائية و لئن خلا من نص مماثل لما نصت عليه المادة 269 من قانون المرافعات المدنية و التجارية في فقرتها الثانية من أنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تلنزم بما إنتهت إليه محكمة النقض فيما فصلت فيه من مسائل قانونية، فإن هذا المبدأ واجب الإعمال في المواد الجنائية أيضا لأنه لا وجه للتفرقة بين ما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية مدنية كانت أو جنائية، بل إن وجوب تقيد محكمة الإعادة بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية في المواد الجنائية أوجب و ألزم لتعلقها بالحريات التي يجب أن تستقر المباديء التي تحكمها و تكفل حمايتها، ولا يتأتى ذلك إلا بالإلتزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية، و لا يعترض على ذلك بما نصت عليه المادة 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر من أنه( إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً بقبول دفع قانوني مانع من السير في الدعوى و نقضته محكمة النقض و أعادت القضية إلى المحكمة التي أصدرته لنظر الموضوع فلا يجوز لهذه المحكمة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض، و كذلك لا يجوز لمحكمة الموضوع في جميع الأحوال أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجزائية بمحكمة النقض) لأن هذا النص قد خلا مما يقيد محكمة الإعادة في هاتين الحالتين دون غيرهما، و القول بغير ذلك تخصيص دون مقتض و لا سند، فضلا عن أن ما تضمنه هذا النص لا يعدو في حقيقته أن يكون من صور الإلتزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية و الذي يجب أن يعمم على كافة ما تفصل فيه محكمة النقض من هذه المسائل بها محكمة الإعادة، و حبذا لو تناول هذه المسائل تعديل تشريعي، و القول بغير ذلك مضيعة للوقت و الجهد لا طائل من ورائه إلا إطالة أمد التقاضي بغير مبرر فضلاً عن مجافاته للعقل و المنطق و تأباه طبيعة محكمة النقض التي هي في الأصل محكمة القانون...... و غني عن البيان أن هذا القول لا يصادر حق محكمة الموضوع في تفسير نصوص القوانين على غير ما تراه محكمة النقض، و لكن يكون ذلك في دعاوى أخرى لأن احكام محكمة النقض ليس لها طبيعة لائحية و تقتصر حجيتها على حدود النزاع المطروح في ذات الدعوى بين الخصوم أنفسهم و لا يمتد أثر هذه الحجية إلى غيرها....و ما كان لهذه المحكمة- محكمة الإعادة- أن تعاود بحث تلك المسألة مرة أخرى بعد أن قضت فيها محكمة النقض بحكم حاز قوة الأمر المقضي حتى لو صادف الدعوى بعد صدور حكم النقض حكم أو تفسير مغاير من جهة ملزمة لأن حجية الأحكام تسمو على إعتبارات النظام العام، و إذ غاب هذا النظر عن محكمة الإعادة أو خالفته فإن ذلك مما يعيب حكمها بمخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه) الطعن رقم 27375 لسنة 73ق - جلسة 2003/7/6 ، الطعن رقم 1513 لسنة 68ق - جلسة 2004/3/22 ).
·
·و لقد استجاب المشرع لنداء محكمة النقض و قطع الشك باليقين، حيث أصدر القانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض احكام قانون الإجراءات الجنائية و قانون حالات وإجراءات الطعن امام محكمة النقض، و نص في المادةالثالثة منه على استبدال المادة (39) من القانون الأخيربمادة جديدة تحمل ذات الرقم أضاف إليها فقرة جديدة تنص على انه:(... و لا يجوز للمحكمة التي أعيدت إليها القضية ان تحكم على خلاف الحكم الصادر في الطعن و ذلك في المسألة القانونية التي فصلت فيها)، و بذا حسم المشرع هذا الامر، ولا يكون هناك محلا بالتالي للخلاف حوله، و يضحى الرأي محل التعقيب الراهن قد جاء على خلاف النص الصريح سالف الذكر و قضاء محكمة النقض، و يترتب على ذلك لزوما التزام محكمة الإعادة في القضية الشهيرة الخاصة بمقتل إحدى الفنانات بكل المسائل القاونية التي فصلت فيها محكمة النقض، و الجدير بالذكر أن المقرر أن نقض الحكم يترتب عليه الغاؤه و يعتبر بالتالي معدوم الأثر فيصبح الحكم المطعون فيه لا وجود له قانونا و لا يجوز لمحكمة الإعادة بالتالي أن تحيل في أسبابها و منطوقها على الحكم المنقوض( الطعن رقم 2995 لسنة 64ق- جلسة 2003/3/6 .
·و أرى أن التزام جميع محاكم الموضوع - الإعادة و غيرها- بالمسائل القانونية التي تفصل فيها محكمة النقض في أي طعن أمرجوهري و يتسق مع جميع الأسانيد و الحجج الت ساقتها محكمة النقض وما أشرت إليه سلفاً في صدر هذا التعقيب، ليكون المبدأ القانوني- في المسألة القانونية الواحدة - الذي تطبقه محاكم الموضوع على جميع الخصوم في كافة القضايا واحدا، إنفاذاً لصحيح مضمون مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، ولأنه في حالة مخالفة محكمة موضوع أخرى غير محكمة الإعادة لما فصلت فيه محكمة النقض من مسائل قانونية في أي طعن سيطعن في حكمها بالنقض و ستنقضه محكمة النقض، و هذا أمر يستدعي تدخل تشريعي، أتمنى أن يكون قريبا .
اشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
0126128907
ساحة النقاش