<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

           نقد مبدأ بطلان تكليف الوفاء لتضمنه أجرة زائدة عن المستحق

تواترت أحكام  محكمة النقض على استيجاب ألا تزيد الأجرة المطلوبة بالتكليف بالوفاء عن الأجرة المستحقة فعلاً في ذمة المستأجر وإلا كان التكليف باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام و تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، و هذا المبدأ محل نقد من وجهة نظري المتواضعة  على النحو التالي :

 بداية يجب التنويه إلى أن  بطلان التكليف بالوفاء لتضمنه أجرة تجاوز المستحق فعلاً في ذمة المستأجر هو مبدأ قضائي سنته محكمة النقض اجتهاداً منها في تفسير و تحديد مفهوم الفقرة ب من المادة رقم 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981،   تلك الفقرة الخاصة بسبب من أسباب الإخلاء  و هوعدم سداد المستأجر الاجرة ،  و بالتالي فهذا المبدأ ليس نصاً قانونياً ، إذ كل ما تطلبه نص الفقرة المذكورة  هو عدم قيام المستاجر ( بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بالوفاء ..).

و من وجهة نظري المتواضعة جداً  - رغم أنه ليس لمثلي ذلك – أرى أن مبدأ اعتبار التكليف في هذه الحالة باطلاً بطلاناً مطلقاً و ما يرتبه ذلك من القضاء بعدم قبول الدعوى هو مبدأ يشوبه التعسف في إجراءات التداعي ، فضلاً عما ينتج عنه من إطالة أمد التقاضي ، إذ بعد الحكم بعدم قبول الدعوى يقوم المدعي بمعاودة طرح الدعوى مرة أخرى على القضاء ، و زيادة كلفة نفقاته ،و هو ما يتعارض مع ما نص عليه  الدستورالسابق في مادته الرقيمة 68 من أنه (... و تكفل الدولة تقريب جهات التقضاء من المتقاضين و سرعة الفصل في القضايا.....) ، بل و يتنافي مع المبدأ المستقر عليه فقهاً و قضاءً و هو مبدأ الإقتصاد في النفقات و الإجراءات القضائية ، لا سيما و أن الزيادة في الأجرة يمكن دفعها بحساب حقيقتها من قبل المحكمة و المدعى عليه ، و الزام الأخير بها دون الزيادة غيرالمستحقة ،  و لا غضاضة في ذلك ، لأن هذا التثبت من حقيقة الأجرة هو الأمر الجوهري الذي يبنى عليه الحكم الصادر في مثل تلك الدعوى ،  و بذل المحكمة جهداً في هذه الحالة لا ضرر منه ، و ليس أمراً جديداً عليها ،  فكم من الدعاوى يقدم فيها التكليف مستوفياً شرائطه المتطلبة فيه قانوناً ، و مع ذلك ينازع المستأجر في حقيقة الأجرة ، فهنا و وفقاً لقضاء النقض المستقرعليه يتعين على محكمة الموضوع بحث هذا النزاع الفرعي قبل القضاء في موضوع الدعوى .

بالإضافة إلى أن حساب الأجرة لم يعد بالأمر الهين ، بحيث يتمكن كل مؤجر من حساب الأجرة المستحقة ، بدليل أن ذلك الأمر يغم على كثير من محاكم الموضوع ، و لا تجد بداً من أن  تندب خبيراً حسابياً في الدعوى للقيام بعملية حساب الأجرة ، خاصة بالنسبة لأجرة الأماكن غير السكنية و لا سيما  في ظل التعديلات التي جرت على تحديد الأجرة المستحقة لتلك الأعيان .

و على كل حالٍ لا يبقى إلا القول بأن  مبدأ محكمة النقض المشار إليه سلفاً تكمن مواجهته عن طريق الرأي ، من خلال الطعون التي تصل لمحكمة النقض المتعلقة بهذا المبدأ ، بتوضيح وجهة النظر تلك و ما يجود به ربنا تبارك و تعالى على قريحة السادة المحامين، عساها أن تقتنع به ، و هو أمر ليس عليها ببعيد ‘  لأنها تملك قانوناً حق الرجوع عن المبادئ التي ترى أنها لم تكن موفقة فيها ،    و ذلك في إطار الإجراءات المقررة في القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات و إجراءات الطعن بالنقض،  و الواقع القضائي يثبت يوماً بعد آخر عدول محكمة النقض عن بعض مبادئها التي كانت مستقرة زمناً بعدما أمعنت النظر فيها و استبان لها خطأ اجتهادها السابق ، فالكمال لله تعالى وحده .

ذلكم كان رأياً لي ارتأيته ، و لست أقول أنه يحتمل الخطأ، لأن ذلك يصدق في حق من يجوز له الإجتهاد  ، أما أنا فلست من هؤلاء ، و إن كان يكفيني و يشرفني مصاحبتهم. 

       أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية