الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

الحماية القانونية للطفل

 

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

      الطفل ـ بكسر الطاء مع تشديدها ـ هو الصغير من كل شيء. والطفولة هي أولى مراحل عمر الإنسان، ليصير بعد ذلك شاباً ثم رجلاً ثم مسناً عجوزاً. يقول الله عز وجل في محكم التنزيل ]هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون[1])[). ففي هذه الآية الكريمة، يبين الله عز وجل مراحل خلق الإنسان، منذ أن كان نطفة في بطن أمه حتى يصير كهلا عجوزا. ويميز الفقه في هذه المراحل بين مصطلحات عدة، هي: الجنين، والطفولة، والشباب، والشيخوخة.

 

      ومصطلح «الطفولة» غير محدد، ويختلف مدلوله باختلاف التخصص أو مجال الدراسة، ولكنها في علم النفس التربوي تطلق على الفترة من الرضاعة إلى البلوغ. وفي نظر البعض، فإن الطفولة ـ كمرحلة للهو والبراءة ـ تنتهي عند سن المراهقة. وفي العديد من الدول، يوجد سن محددة تنتهي عندها مرحلة الطفولة بصفة قانونية رسمية، وبحيث يصبح الشخص بعدها بالغاً قانوناً. ويتم تحديد هذه السن عادة بالثامنة عشرة. كذلك، تحدد الاتفاقيات الدولية سن الطفولة بالمرحلة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشرة.

 

     وكانت بداية الاهتمام بالطفل وحقوقه على المستوى الدولي في عام 1924م، حيث أصدرت عصبة الأمم إعلان لحقوق الطفل تناول بعد الديباجة خمسة مبادئ تتحدث عن تقديم الإنسانية كل إمكانياتها وما لديها لصالح الطفل بدون أدنى درجات من التمييز على أي اعتبار من الاعتبارات وسواء كان الجنس أو الجنسية أو الدين. وقد أقرت عصبة الأمم هذا البيان في السادس والعشرين من ديسمبر سنة 1924م. وحرص ميثاق الأمم المتحدة الصادر سنة 1945م، على الحض على عدم التفريق بين الأطفال من الجنسين، كما أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م، على هذا الحق.

 

وفي سنة 1959م، صدر إعلان حقوق الطفل، والذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة رقم 1386 (د ــ 14)، المؤرخ في 20 تشرين الثاني/  نوفمبر 1959م. ويحتوي هذا الإعلان على عشرة مبادئ، تكرس جميعها الحقوق التي ينبغي كفالتها واحترامها للطفل. ودخلت حقوق الطفل ورعايته ضمن العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، كما هو الشأن في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللذين أقرتهما الأمم المتحدة في عام 1966م، وتضمنت مواد وفقرات تنص صراحة على حماية الأطفال ورعايتهم وتهيئة سبل الحياة الكريمة واللائقة لهم مع الاهتمام بالأسرة والتعليم والثقافة التي تعود بمردود بالغ الأثر ومحمود الأهمية على أطفال العالم. وفي عام 1971م، صدر القرار 2856 (د ــ 36) الذي يتضمن إعلان خاص بحقوق المتخلفين عقلياً، من أجل حمايتهم ومساعدتهم على إنماء قدراتهم في مختلف ميادين النشاط، وتيسير اندماجهم داخل المجتمع بشكل عادي وبمنتهى التلقائية.

 

وفي عام 1976م، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن عام 1979م، سيكون عاماً دولياً للطفل يستهدف فيه تقديم خطة أو نظام للدفاع عن الأطفال من جانب المسئولية وعامة الناس وتشجيع العمل على أن تكون برامج الأطفال جزء لا يتجزأ من خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. واستمر العمل في صياغة مشروع اتفاقية الطفل حوالي عشر سنوات، حيث خرجت الاتفاقية إلى النور عام 1989م، واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم (44/25) المؤرخ 20 تشرين الثاني، نوفمبر 1989م، ودخلت حيز التنفيذ في الثاني من أيلول، سبتمبر سنة 1990م. وقد أكدت الاتفاقية على حق كل طفل في العطاء والنمو والتطور، وتعتبر هذه الاتفاقية معياراً متفقاً عليه دولياً لمعاملة الأطفال في كل مكان في العالم، ويعتبر توقيع الدول على هذه الاتفاقية بمثابة إلزام على الدول لتطبيق أحكام هذه المعاهدة والتعهد على نفسها بالالتزام بها.

 

     وبعد مرور عشر سنوات على هذا الإعلان، قرر زعماء العالم الاجتماع في جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمراجعة وتقييم ما تم الاتفاق عليه من إنجازات والتوصل إلى أطر جديدة للتعامل مع الأطفال على الصعيد الدولي. وقد تم إصدار وثيقة في القمة الاستثنائية التي عقدتها الأمم المتحدة بنيويورك في الفترة من 8 إلى 10 مايو 2002م بعد إجراء تعديلات كثيرة على موادها ومناقشة الاقتراحات والملحوظات المقدمة من الدول عليها في جلسات خاصة بالأمم، وأطلق على هذه الاتفاقية «عالم جدير بالأطفال».

 

     وعلى المستوى العربي، تأخر الاهتمام بحقوق الطفل ما يزيد على نصف قرن من بداية الاهتمام العالمي بهذه المرحلة العمرية. حيث لم يبدأ هذا الاهتمام سوى في عام 1984م، والذي شهد اعتماد مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب بجامعة الدولة العربية ميثاق حقوق الطفل. وفي الثامن والعشرين من مارس سنة 2001م، أقر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الإطار العربي لحقوق الطفل. ويعتبر هذا الميثاق أساساً قوياً للعمل من أجل الأطفال من الجنسين والأسرة في البلدان العربية. ويعكس اهتمام العالم العربي بهذه القوى التنموية والرغبة في استثمارها لصالح مستقبل أفضل وأحسن للطفل العربي.

 

     وإبرازاً لاهتمامها بكفالة حقوق الطفل، حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على التصديق على العديد من المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل، حيث صدرت المراسيم التالية:

 

1. مرسوم اتحادي رقم (27) لسنة 1993 بشأن اتفاقية تطوير رياض الأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة فيما بين وزارة التربية والتعليم ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

2. مرسوم اتحادي رقم (32) لسنة 1996م، بشأن الاتفاقية الأساسية لمنظمة العمل الدولية رقم (138) لسنة 1973م، حول الحد الأدنى لسن الاستخدام.

3. مرسوم اتحادي رقم (55) لسنة 2001م، بشأن اتفاقيتي العمل الدولية رقم (111) لسنة 1958م، ورقم (182) لسنة 1999م.

4. مرسوم اتحادي رقم (71) لسنة 2008م، بشأن بروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

5.    مرسوم اتحادي رقم (20) لسنة 2009م، بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة 1990م.

 

    وفيما يتعلق بالاتفاقيات الإقليمية، صدر المرسوم اتحادي رقم (48) لسنة 2004م، بشأن الاتفاقية العربية رقم (18) لسنة 1996م، بشأن عمل الأحداث.

 

 

 

 


[1])) سورة غافر: الآية 67.

المصدر: الدكتور أحمد عبد الظاهر
  • Currently 131/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
29 تصويتات / 434 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2011 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

162,744