<!--إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) } .
قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مّتّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) [سورة: الأنبياء - الأية: 34]
علم الصحابة بدنو أجله
((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ))قال ابن جُرَيْج وغير واحد: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما.
عن ابن عباس قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، ووضع (5) الحجر الأسود يوم الاثنين.
عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة (7) وقال: "إنه قد نُعِيت إليّ نفسي"، فبكت ثم ضحكت، وقالت: أخبرني أنه نُعيت إليه نفسُه فبكيت، ثم قال: "اصبري فإنك أول أهلي لحاقًا بي" فضحكت
ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم
ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم صداع في بيت عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدىء فيه فقلت وارأساه فقال بل أنا وارأساه ثم اشتد أمره في بيت ميمونة واستأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة فأذن له وكانت مدة علته اثني عشر يوما وقيل أربعة عشر
يا عائشة ! ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم . عن عبيد الله بن عبد الله قال دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت بلى ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس فقلت لا هم ينتظرونك يا رسول الله فقال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس وكان أبو بكر رجلا رقيقا فقال يا عمر صل بالناس فقال أنت أحق بذلك فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام م إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا تتأخر وأمرهما فأجلساه إلى جنبه فجعل أبو بكر يصلي قائما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا
فدخلت على ابن عباس فقلت ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هات فحدثته فما أنكر منه شيئا غير أنه قال سمت لك الرجل الذي كان مع العباس قلت لا قال هو علي أخرجاه في الصحيحين
قال ابن حبيب الهاشمي صلى أبو بكر بالناس في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة صلاة ويقال ثلاثة أيام
وعن أنس بن مالك الأنصاري أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف ثم تبسم يضحك فهممنا أن نفتتن من
الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة فأشار إلينا النبي صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم وأرخى الستر فتوفي في يومه صلى الله عليه وسلم أخرجاه في الصحيحين
وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ بهؤلاء الكلمات أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسح بها وأقولها قالت فنزع يده مني وقال رب أغفر لي وألحقني بالرفيق الأعلى قالت فكان هذا آخر ما سمعت من
كلامه صلى الله عليه وسلم أخرجاه في الصحيحين
وعنهما قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه فظننت أن له فيه حاجة قالت فأخذته فمضغته ونفضته وطيبته ثم دفعته إليه فاستن كأحسن ما رأيته مستنا قط ثم ذهب يرفعه إلي فسقط في يده فجعلت أدعو الله عز وجل بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه السلام وكان هو يدعو به إذا مرض فلم يدع به في مرضه ذاك فرفع بصره إلى السماء وقال الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى يعني وفاضت نفسه فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام
الدنيا رواه المامام أحمد وعنها رضي الله عنها كانت تقول إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته
دخل علي عبد الرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته ينظر إأليه فعرفت أن يحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم فناولته فاشتد عليه فقلت ألينه لك فأشار برأسه أن نعم فلينته فأخذه فأمره وبين يديه ركوة أو علبة يشك أبو عمرو فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده
إنفرد بإخراجه البخاري والسحر الرئة وما يتعلق بها
عن أبي بردة قال أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كساء
ملبدا وإزارا غليظا فقالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين أخرجاه في الصحيحين
وعنها رضي الله عنها قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة وبعيرا ولا أوصى بشيء انفرد باخراجه مسلم
عن أبي هريرة أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه فقال إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول كيف تجدك قال أجدني وجعا يا أمين الله ثم جاءه من الغد فقال يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول كيف تجدك قال أجدني يا أمين الله وجعا ثم جاءه في اليوم الثالث ومعه ملك الموت فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول كيف تجدك قال أجدني يا أمين الله وجعا من هذا معك قال هذا ملك الموت عليه
السلام وهذا آخر عهدي بالدنيا بعدك وآخر عهدك بها ولن آسى على هالك من ولد آدم بعدك ولن أهبط إلى الأرض إلى أحد بعدك أبدا فوجد النبي صلى الله عليه وسلم سكرة الموت وعنده قدح فيه ماء فكلما وجد سكرة أخذ من ذلك الماء فمسح به وجهه ويقول اللهم أعني على سكرة الموت
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ودفن من الليل
ذكر إعلام أبي بكر الناس بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة فكشف عن وجههه ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها
قال ابن شهاب وحدثني أبو سلمة عن عبد الله بن عباس أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما يكلم الناس فقال اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر فقال أبو بكر أما بعد فان من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144
قال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها فأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها انفرد بإخراجه البخاري
ندب فاطمة عليها السلام عليه صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله عنه قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها واكرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه انفرد بإخراجه البخاري
ذكر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما أجمع القوم لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله عمه العباس وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم ابن العباس وأسامة بن زيد وصالح مولاه فلما أجمعوا على غسله نادى من وراء الباب أوس بن خولي الأنصاري وكان بدريا علي بن أبي طالب فقال يا علي نشدتك الله حظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له علي ادخل فدخل فحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا قال فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي وكان أسامة وصالح يصبان الماء وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت وهو يقول بأبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا
حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يغسل بالماء والسدر جففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرة
قال ثم دعا العباس رجلين فقال ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة قال ثم قال العباس حين سرحهما اللهم خر لرسولك قال فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الإمام أحمد
وروى جعفر بن محمد قال كان الماء يستنقع في جفون النبي صلى الله عليه وسلم فكان علي يحسوه
ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس قال : لما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم أدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام أرسالا حتى فرغوا ثم أدخل النساء فصلين عليه ثم أدخل الصبيان فصلوا عليه ثم أدخل العبيد فصلوا عليه أرسالا لم يؤمهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد
ذكر موضع قبره صلى الله عليه وسلم
عن ابن جريج قال أخبرني أبي أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى
قال أبو بكر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يقبر نبي إلا حيث يموت فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراش
دفن عن عائشة أنها قالت : ما علمنا بدفن النبي صلى الله عليه و سلم حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء
و قال الواقدي : حدثنا ابن أبي سبرة عن الحليس بن هشام عن عبد الله بن وهب عن أم سلمة قالت : بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم و رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيوتنا و نحن نتسلى برؤيته على السرير إذا سمعنا صوت الكرازين في السحر قالت أم سلمة : فصحنا و صاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة و أذن بلال بالفجر فلما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى و انتحب فزادنا حزنا و عالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم فيالها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه و سلم
ساحة النقاش