لما رحلت و تركتني وحيدا أصارع أنواء الحياة
كنت سندي و وتد طالما شدت إليه الروح
عبد الحميد عبد الرحمن خطاب
استمتع دوما بنطقها و قلبي يعتصره الألم
اشعر باختناق لبعد
و اشتياق للقاء
يوم الرحيل كنت مثل عريس يستعد لزفافه للسماء
تحلق ذقنك و مستعجلا تجرح خديك و الدماء تتدفق
بناتي تصرخ بابا جدوا أتعور
هرعت إليك
وجدك مستمرا في الحلاقة مستمتعا وكأنك علي موعد هام
أعطيت الأطفال فلوس يشتروا الحلوي
و حملت عبد الله اصغر أبناء أختي تلعب به وتداعبه
كانت عيناك تلمعان بشكل مدهش
برز اخضرارهما و كأنهما تعكسان قطعة من الجنة
حين أخذت بناتي وذهبت لمنزلي
كان جزءا من قلبي معلقا بك
ساكنا في فضاءك
خرجت مع زوج أختي إلي المكان المفضل لك في البساتين
جلست مع الأشخاص المضلين لديك
كنت تودع كل شيء بابتسامة
الكل يتحدث عن تلك الليلة باستغراب
مبتسم ، سعيد ، ودود
عدت قبل آذان الفجر
جلست مع أخي علي كنبتك المفضلة
تحدث وتضحك
و توصيه
وفجأة يميل رأسك وتسلم الروح
دون الم دون منازعة
حين اتصلت أمي الثالثة فجرا
قالت بصوت مستنجد : الحق يا محمد أبوك تعبان و دوه المستشفي ؟
أدركت أن الأمر أكثر من ذلك
قطعت الطريق و أنا ادعوا الله أن يكون الأمر هينا
فتشت العناية المركزة و لم أجدك
صرخت : فيه حد هنا؟ .. فين أبويا ؟
رد النوبتجي : ابوك خدوه بالاسعاف للبيت
اتصلت بأخي : انتوا بتهزروا ابوك مش في المستشفي
قال أخي : البقاء لله
صرخت فيه و عنفته
كيف يحكم بموت جزءا من روحي
من عالمي
في المنزل وجدت أبي علي السرير نائم كطفل صغير
حالما لم اصدق انه ميت قبلت رأسه و جبينه
كان بادرا ولكن لا شيء يشي بموته
كلمته لم يتحرك
حاورته لم يرد
أدركت أنه مات
ياااااااااااه
يا أبي
خرجت روحك الطاهرة تخرج وتركتنا في ظلام دامس
جلست جنبك وحضرت غسلك
لست كباقي البشر
أنت عريس السماء
وجهك ابيض كالقمر المنير
حتى نعشك كان بنا يطير
كانت الناس تردد الله اكبر
عم عبد الحميد سريع
وكأنك في اشتياق لمغادرة الكون
و ملاقاة ربك
أبي ابحث عنك في كل لحظة عشناها سويا
ابتسامتك ، انفعالك ، تجهمك ، صبرك ، صمتك
كبرياءك ، ترفعك ، عزة نفسك
حنانك ، عطفك
حبك لنا
ساحة النقاش