منذ عدة أيام ظهرت علي الفضائيات شاشتان لمظاهرتين .. واحدة في التحرير .. والأخري في العباسية .. الأولي معارضة لحكم المجلس العسكري والأخري مؤيدة له .. منظر الشاشتين يوحي بالقلق ويصاب الفرد منا بالحيرة عندما يسأل نفسه سؤالاً .. (أنا مع مين؟) أي شاشة أتبع ؟ .. شاشة التحرير أم شاشة العباسية ؟ أي فريق أؤيد ؟ أعتقد أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع – وأنا منهم الآن- ليست مؤيدة بشكل مطلق لهذا أو لذاك ، ولكن تؤيد في بعض النقاط وتعارض في أخري .. والآن تعالوا نطرح وجهات نظر المؤيدين والمعارضين لمظاهرات التحرير.
-
المؤيدون
نستطيع أن نلخص آراء المؤيدين لمظاهرات التحرير في أن المجلس العسكري أخفق علي مدار الشهور التي تولي فيها الحكم في إدارة البلاد ، وأدلتهم علي ذلك كثيرة منها : ضعف الحكومة الحالية وعدم تمتعها بصلاحيات كافية ، تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية ، البطئ في محاكمة رموز النظام السابق الفاسدين ، عدم إصدار قانون يمنع أعضاء الحزب الوطني المنحل من الترشح في الانتخابات القادمة ، عدم تحديد الحد الأدني والأقصي للأجور ، وأخيرًا ، بقاء الكثيرين من الفاسدين والمحسوبين – بشكل مباشر أو غير مباشر – علي النظام السابق وبخاصة في وزارة الداخلية التي يوجد العديد من علامات الاستفهام علي أدائها بعد مرور أكثر من تسعة أشهر علي قيام الثورة . كما أن المؤيدين يريدون حومة إئتلافية مشكلة من القوي الوطنية ، ومنهم من يطلب مجلس رئاسي ومنهم من يطالب بتأجيل الانتخابات ومنهم من يلخص سبب تظاهره بقوله : لم أشعر بأي تحسن منذ قيام الثورة .
-
المعارضون
نستطيع أن نلخص آراء المعارضيين لمظاهرات التحرير في أن المجلس العسكري قام بدوره في حماية الثورة ، كما أن التركة التي أورثها له النظام القديم هي تركة ثقيلة ومن الصعوبة بمكان التعامل معها في عدة أشهر ، ومنهم من يري أن توقيت مظاهرات التحرير غير مناسب لأنه يتزامن مع قرب إجراء الانتخابات ، ومنهم من يري أن مصر لا يصلح مع شعبها إلا الحكم العسكري ، ومنهم من يربط بين الاستقرار واستمرار حكم المجلس العسكري ، ومنهم من يتهم متظاهري التحرير بالبلطجة والعمالة لجهات خارجية.
إن المتأمل للشاشتين المتناقضتين يري عدة آلاف من الشعب المصري .. ولكن أين باقي الشعب ؟ ما هو موقفه ؟ غالبية الشعب المصري تريد الاستقرار وهو ما يعني - بالنسبة لهم- وجود المجلس العسكري وإجراء الانتخابات في موعدها، فالغالبية تخشي من الفوضي وزيادة الانفلات الأمني في حالة تخلي المجلس العسكري عن السلطة ، وربما لديهم حق في ذلك ، ولكن كثير من المحللين أكدوا علي إخفاق المجلس العسكري في إدارة أمور البلاد بعد مرور عدة شهور علي قيام الثورة .
إنه أمر محير .. عندما تجد نفسك مؤيد لثوار التحرير، وفي نفس الوقت تؤيد الجيش ، فللجيش مواقف تحسب له ؛ فهو لم يوجه الرصاص للمتظاهرين منذ قيام الثورة وحتي الآن وتحلي بأعلي درجات ضبط النفس رغم كثرة المواقف التي تعرض فيها الجيش للإثارة والانزلاق لاستخدام العنف – باستثاء أحداث ماسبيروا وهي قيد التحقيق .
-
اقتراح
أقترح علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يتيح الفرصة لتشكيل حكومة من القوي السياسية المختلفة ومن عناصر مشهود لها بالكفاءة ، وأن ينسحب الجيش من السياسة ، وأن يتفرغ لنقطة جوهرية تعاني منها مصر الآن ، وهي استعادة الأمن فإذا تفرغ الجيش بمعاونة رجال الشرطة المخلصين لهذا الأمر – بجانب مهامه الأساسية – أعتقد أن الأمن سيعود خلال أسابيع قليلة ، وهو ما سينعكس علي جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .