منذ ساعات قليلة قطعت أكثر من 20 كم بالسيارة لكي أحصل علي  بنزين لها حيث  أوشك البنزين بها أن ينتهي، ومررت  بثلاث محطات .. الأولي وضعت أمامها المتاريس الحديدية وعلامة (اكس) وكأنك ستدخل إلي منطقة ألغام ، والثانية وجدتها مظلمة ويبدو عليها أنها متوقفة عن العمل منذ أيام ، وتبدو وكأنها بيت كبير مهجور لم يتبق به سوي بعض الأطلال ، والمحطة الثالثة لا تختلف كثيرًا عن السابقتين .

وكانت محافظة سوهاج قد شهدت – وما زالت حتي تاريخه- أزمة في  توفير البنزين داخل محطات البنزين ، شأنها في ذلك شأن العديد من المحافظات ، والأزمة كانت قد أطلت برأسها في شهر رمضان الماضي ، وكانت المشكلة في اختفاء بنزين 80 رخيص السعر ، ثم تحسن الوضع قليلا بعد ذلك ، ثم  ظهرت الأزمة مجددًا في الأيام القليلة الماضية ، ولكن هذه المرة كانت الأزمة طاحنة ؛ حيث اختفي البنزين بجميع أنواعه من المحطات  ؛ مما أدي إلي تكدس السيارات أمام محطات البنزين وفي الشوارع وكثرت المشاحنات والاشتباكات بين المواطنين والسائقين والعاملين في المحطات ، وسادت حالة من التوتر والقلق في الشارع بشكل عام .

تعرفنا في المقدمة السابقة علي المشكلة وأهم مظاهرها  .. والآن تعالوا نتساءل  .. ما هو سبب المشكلة ؟

الموضوع باختصار لن يخرج عن احتمالين:

 1- نقص في الكمية المخصصة للمحافظة .

 2- تهريب البنزين وبيعه في السوق السوداء.

وفي الحالة الأولي نجد المسؤلين يصرحون بأن حصة المحافظة لم تتغير ، وبأن أعداد السيارات بها لم تتغير ، ويتعجبون من ظهور الأزمة ، ثم يقولون الجملة المستفزة ( إن هذه الأزمة مفتعلة )!! دون أن يجهدوا أنفسهم بالبحث عمن افتعلها .

أما الحالة الثانية فهي الأقرب إلي الواقع خاصة بعد تناول بعض وسائل الإعلام إلقاء القبض علي بعض مهربي البنزين والسولار ، ويبدو أن أصحاب محطات الوقود وجدوا الفرصة سانحة ليقلدوا أصحاب المخابز في بيعهم  للدقيق المدعم في السوق السوداء .

إذن ما هو  حل هذه المشكلة ؟

الحل بسيط إذا وجدت النية الصادقة لدي الأجهزة المعنية ، أعلم أن لكل محطة وقود نسبة معينة من الوقود تزودها بها وزارة البترول وتعد مكاتب التموين – سيئة السمعة -  مسؤلة عن متابعة تلك المحطات ، والحل يتمثل في التنسيق بين وزارة البترول والجيش والشرطة (المتقاعسة) ، بأن يتم  إفراغ الحمولة المقررة للمحطة في حضور ممثل عن الجيش وبعض شباب الثورة من المتطوعين، ويراقبوا عملية البيع  للمواطنين ، وذلك لعدة أيام  حتي تنضبط الأمور وتعود لطبيعتها ، وعلي الشرطة بعد ذلك أن تتحمل مسئولياتها الوطنية في منع التهريب والحفاظ علي الانضباط  .

الغريب في الأمر أن تجارة البنزين أصبحت علنية ؛ فتجد بجوار محطة الوقود (المغلّقة أبوابها) أفراد أمامهم جراكن مملوءة بالوقود ويبيعونها بسعر مضاعف ، كل ذلك في غياب شبه تام ومريب لشرطة بلادنا  ، والتي قيل لنا ونشأنا علي أنها تعرف كل كبيرة وصغيرة في البلد وتعلم (دبة النملة).

إن مشكلة نقص الوقود أدي بالعديد من الناس إلي ترديد مقولات من قبيل ( الله يخرب بيت الثورة وسنينها) ( آدي الثورة وآدي اللي خدناه منها ) والعديد من المقولات التي يرددها الإنسان المصري البسيط الذي لا يتحلي بالثقافة والوعي الكافيين ليتبين حقيقة الأمور ، وهي مقولات ربطها  بعض المحللين بالثورة المضادة وقاداتها من فلول الحزب المنحل ، وربطوا بينهم – أي الفلول -  وبين مشكلة اختفاء الوقود في إشارة إلي أنه أمر مدبر  ، خاصة أن العديد من أصحاب محطات الوقود هم من فلول الحزب المنحل أو علي علاقة وثيقة به .

أتمني أن يؤخذ بالحل المقترح لحل الأزمة .. أو أي حل آخر ، وإن لم  تحل الأزمة فلا بديل لدينا إلا أن نعود سيرتنا الأولي مثل أجدادنا ؛ فنستخدم الجمال والخيول والحمير .. ولكن من يضمن لنا  أننا لن نعاني أزمة في اختفاء البرسيم والذرة .. اضحكوا .. فشر البلية ما يضحك .

khaledonline

خالد وطلابه اون لاين

  • Currently 39/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 441 مشاهدة
نشرت فى 9 نوفمبر 2011 بواسطة khaledonline

خالد إسماعيل محمد

khaledonline
موقع موجه لطلابي بمدرسة برديس التجريبية للغات وأولياء أمورهم والمجتمع المحيط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

207,397