التـعلـم المـعـجل و الأسـطـح الـذكـية
The Accelerated Learning & Smart Surfaces
د. خـالـد مـحمـد فرجون
أســــتاذ تـــكنولوجيا التعليم والقائم بعمادة كلية التربية – جامعة حلوان
للمؤتمر العلمي الثالث - للجمعية المصرية للكمبيوتر التعليمي
25-26 مارس 2015
مـقـدمــة:
غالبا ما يدخل أطفالنا المدارس بأدمغة مختلفة وذكاءات متعددة وأفكارا متنوعة ، وربما بمستويات ايضاً عالية نسبياً، إلا أنه بمرور الوقت وفي غضون أيام وأسابيع يصبحون كالمواد الخام عبر خط الإنتاج، والسبب يكمن فيما يفعله المعلمون التقليديون، حيث يقولبون أفكار هؤلاء الأطفال، ويظنون أن كل شيء أصبح مُرتَّب ومنظَّم وخاضع للمعايير التربوية، فتتحول أدوارهم إلى مراقبون في هذه المدارس لخط الإنتاج، مما يخرج في النهاية منتج نهائي على هيئة عقولٌ متشابهة ، والسبب يرجع لما اتبعه هؤلاء المعلمون من أنظمة تقليدية ، كان بمقتضاها أن قضي على بذور التميّز بين المتعلمين فأطمس الطابع الشخصي لكل طفل فيهم، حتى أصبحت المدرسة ما هي إلا نموذج مؤتمت automated لنظام المصنع القديم، فتحول أولادنا إلى أفراد تابعين لا يطيقون السكون في اغلب الوقت ، فأصبحوا بمرور الوقت مفرطين للنشاط، ناقصين للتركيز، فاقدين للتميز، تابعين لمن يقودهم دون تفكير أو تمييز.
وإذا فكرنا بالبحث عن الحلول لهؤلاء الاطفال في ظل الانماط التعلمية المختلفة، سنجد الكثير، ومنها ما هو قابل للتطبيق أو دون ذلك، ولكن بالبحث عن نمط تعليمي يرتبط بطبيعة هؤلاء المتعلمين في هذا الفترة الزمنية من نشاط ورغبة في النشاط اللعبي والتعلم عبر الحركة والعقل والجسد ، لوجدنا ما يسمى بنمط اغفل اغلب التربــــويـــون، ألا وهـــــو "التـعـلــم الـمــعــجــل" The Accelerated Learning ، إلا أن هذه الورقة لا تسعى للتعريف بهذا النمط وحده ولكن لتفسير تكامله مع تقنية جديدة تسانده ولا تعانده، تقنية تزيد من استقلال المتعلم وتنمي ما يميزه عن غيره ، وقد تمثلت هذه التقنية في تكنولوجيا الأسطح الذكية التي أصبحت في الآونة الأخيرة على مقربة من اغلب المتعلمين سواء الصغار أو الكبار.
إذا كان نمط التعلم المعجل كنمط تعلمٌ طبيعي يتفق مع طبيعة اغلب المتعلمين الراغبين في إنهاء كل شيء في اقل وقت ممكن، في ظل حركة ونشاط، نمط تعلمي يعتمد على تعلم الشخص وفق قدراته الخاصة دون المساس بغيره من المتعلمين ، خاصة وأن المعروف أن كل متعلم لا يتعلم كغيره أو كأقرانه تماماً، رغم تشابه أساليب تعلم بعضهم ، ولكن لكلٍ منهم صبغته وتجربته الخاصة، فإن السبب وراء الاختيار لهذا النمط هو الخروج من الاطار التقليدي، الى نمط تعليمي ممزوج بالمتعة، نمط في التعلم قائم على خلق جوٍّ مريح للمساعدة في فهم مضمون المادة المراد دراستها، والتي تساعد على الوصول لِكَمِّ َونَوْعِ النتائج المطلوبة، وايضا سبب وقوع الاختيار لأن هذا النمط قائم على تبسيط المعلومات وربطها بالواقع مما يزيد من فرص استرجاعها، كما انه نمط من التعلم يستعمل الخرائط الذهنية لسهولة الحفظ والتذكر، حيث يجمع قدر كبير من المعلومات في ورقة واحدة بشكل منظم ومريح للعقل وللعين ، نمط يعتمد على العَقْلِ وَالجَسد مروراً إلى اللَّفْظِ والأحاسيس، نمط يعتمد على التعاون بين المتعلمين ، حيث أن التعاون المتبادل من شأنه تسريع وتيرة التعلم حتى يؤدي إلى نتائج قوية وإيجابية مقارنة مع التعليم الفردي غير المعجل، نمط مرتبط بتطَبِّق كُلَّ مَا تَعَلَّمْه المتعلم ، لأن الطرق التقليدية تنتج لنا معارف سريعة التبخر، لذا هو نمط يسعى للإكثار من التطبيق للكل والتفاصيل.
واستكمالا لما سبق كان لزامنا البحث عن تكنولوجية جديدة تعتمد على التكنولوجيا الذكية، تعتمد على التفاعل بينها وبين المتعلم في إطار افتراضي لزيادة تفاعله في المجال التعليمي ، فبمجرد لمس المتعلم لأي من هذه الأسطح تصبح محتوياتها ملكا له ، ومن أمثلتها شاشات الأجهزة الذكية.
وقد أوضحت العديد من الشركات المنتجة لهذه التقنية أن فكرة نموذجها الأولي يعتمد على البصمة الحرارية التي يتركها إصبع الإنسان عند التلامس مع سطحها.
ويقوم النموذج الذي تم تطويره ضمن مشروعات أطلقت عليه الشركة اسم Thermal Touch بحيث تستغل البصمة الحرارية لتحديد اللمسات ومن ثم تحويلها لأوامر باستخدام تقنية الواقع المعزز، حيث تستخدم أحيانا تقنية الأشعة تحت الحمراء والكاميرا المدمجة بالنظارات الذكية، وأحيانا تقنية احدث تعتمد على مجال الرؤية الرقمية لقراءة البصمة الحرارية وفق كاميرا كمبيوتر لوحي يستخدم نموذج خاص لتحويل أي سطح تقليدي كالورق إلى لوحة قابلة للمس واستعمالها للاتصال دون لمس شاشة الجهاز الذكي الأساسية، مما يعني الخروج بمنتج يحول العالم إلى شاشة كبيرة تعمل باللمس.
ومن جهة اخرى وتحديدا لدور تكنولوجيا التعليم ومع تعدد الأنماط الجديدة في التكنولوجيات الداعمة للحقل التعليمي، كان لزاما علينا أن نبحث عن توظيف هذه التقنية داخل مؤسساتنا التعليمية ، خاصة في ظل حال طرق التدريس الحالية التي يُعامل بها أبنائنا وبناتنا في المدارس كما لو كانوا قوالب جامدة أو أوعية علينا ملئها بالمعلومات ، مما جعل هؤلاء الأطفال لا يطيقون السكون ، وأصبحنا نتهمهم بفرط النشاط، بل نسعى لعلاجهم منه ، مما يسبب في النهاية تحول نسبة كبيرة منهم مما يعانون من نقص التركيز، وتناسينا جميعا أنهم في مرحلة النشاط اللعبي.
ولذا في ظل التطورات كان لابد أن نسأل أنفسنا أين موقعنا في خضم هذه الثورات العلمية والصناعية، فمازلنا نعتمد أساليب التدريس التقليدية التي لا تتوافق مع الحياة العصرية وكذلك تفكير الطالب والمعلم في عصر التكنولوجيا والتطور، خاصة وأن التعليم التقليدي أصبح لم يضفي الجديد على المحتوى التعليمي للأجيال لأنه وحده لا يستطيع مواكبة الفكر العصري، كما أننا نحتاج لنقلة بالكم والنوع لملاحقة فكر أولادنا وبناتنا القرن الواحد و العشرين.
من هذا المنطلق ، واستنادا على العديد من التكنولوجيات الذكية المتوفرة في أيدي أبنائنا وبالتحديد ما تحمله من أسطح ذكية، أصبح توظيف هذه التكنولوجيا ضرورة في التعليم ونواة للبحث عن تفعيل للعلاقة بين تطوير التعليم من جهة والإفادة ممن في أيدي أبنائنا ويستخدم دون تقنيين من جهة اخرى، ليصبح تحدي حتمي من اجل تطوير التعليم، وخاصة الأنماط المرتبطة بمحاكاة كافة جوانب المتعلم ومنها نمط التعلم المعروف باسم التعلم المعجل.
التـعـلم المــعـجـل:
يعد التعلم المعجل نمط تعلمٌ طبيعي يعتمد على تعلم الشخص وفق قدراته الخاصة استنادا على وسائط تعليمية جديدة تعجل من حصوله على المعلومات ، فالمعروف أن كل متعلم لا يتعلم كغيره أو كأقرانه تماماً، رغم تشابه أساليب تعلم بعضهم ، ولكن لكلٍ منهم صبغته وتجربته الخاصة.
ساحة النقاش