قصة قصيرة بقلم:
الكاتب والسيناريست
خالد السيد علي
<!--<!--
<!--<!--
بعد الظهيرة بساعتين وكالعادة محطة الأوتوبيس مكتظة بالأناس هنا وهناك واقفون وجالسون أمام الجامعة.. هـــؤلاء طلاب،وهؤلاء موظفون،وهؤلاء أناس متسولون لمضيعة وقت الفراغ..
عرفتهم من هيئتهم الواضحة.. الطلاب يحملون الأجندات والكتب.. والموظفون منكسرون أكثرهم يطأطئ رأسه ويحملون بعض أكياس الفاكهة والخضروات ومستلزمات البيت وهم متربصون لأي هفوة من أي أحد للشجار معه والتنفيس عن متاعبهم .. أما المتسولون لمضيعة الوقت فحسب، فهم يتأملون ويلاحظون ويتصنتون بل ويشعلون شعلة الفضول..
على بعُد أمتار من المحطة فجأة تتوقف عربة فارهة بفرملة عنيفة كأنها تقول ها أنا قد جئت انظر ونى.. لونها اسود .. تبدو من الماركات الغالية.. الأنظار كلها نحوها .. تهبط منها فتاة في غاية الأناقة والجمال على عينيها نظارة شمسية ،ترتدي مثل كل الفتيات المتطلعات ملابس ساخنة جداً .. باختصار ملتصقة بجسدها إلى أقصى حد تبرز مفاتنها كوضوح الشمس،وعلى رأسها الزى غير الرسمي الإيشارب البارز خصلات شعر كاللبلاب على عينيها..
تنطلق العربة والفتاة تلوح لمن فيها بالسلامة..
وقفت الفتاة برهة ثم توجهت إلى مقر المحطة والأنظار تلاحقها.. خاصة مجموعة من شباب الجامعة المندرجة تحت هاى شلة .. يلا شلة.. ليسوا من الأغنياء ولا من الأثرياء ولا من الفقراء هم في خط الوسط لا يعرفون هل يتقدمون أم يتراجعون..
أقترب شاب من هؤلاء الشباب نحو الفتاة وكأنه يدور حول صينية ميدان عام بعربته الفارهة..
تشعل الفتاة السيجار بلا مبالاة وكأنها في ملهى ليلى وهى تنظر في ساعة يدها أكثر من مرة في بضع لحظات..
وبدأ الشاب يجذب أطراف الحديث مع صديقه باستخفاف وهما ينظران إلى الفتاة نظرات ثاقبة :
<!--ما رأيت أجمل ولا أروع من هذا الجمال.
<!--وأنا لا أصدق أن القمر والشمس مجتمعان .
<!--يبدو أن هناك مشهد رائع على موبايلى يمكن أن تفتح بلوتوثك وتأخذه.
ثم للفتاة مباشرة..
<!--إذا كان محمولك به خاصية البلوتوث يمكنك أخذ هذا المشهد الرائع إنه مشهد نادر..
ضاحكاً والفتاة مازالت في صمت:
<!--هل أنت طالبه معنا في الجامعة..
فيرد عليه صديقه بابتسامه يقذفها للفتاة:
<!--لا أعتقد يا صديقي .. فيبدو من جمالها ورونقها أنها تدرس في جامعة أجنبية..
في همسة عابره يستطرد كلامه وهو يقول لها مباشرة:
<!--أرى أنك تنظرين في الساعة من حين لآخر..أنصحك بعدم الانتظار.. ما أجمل السير على الأقدام..
مازالت الفتاة في سكوت وهى تسمع هذه السخافات من الشابين،ولكن للصبر حدود.. فقد نفد صبرها ما أن قال لها أحدهما:
<!--نتحدث عملي.. كم تأخذين في الساعة؟
انفجرت تواً.. وقذفت بالسيجار .. وأطاحت بحقيبة اليد أرضاً.. ثم نزعت نظارتها .. وفى سابقة من نوعها للشابين .. تبعثر فتاة شعرها بشكل غريب وكأنها غوريلا هربت من حديقة الحيوان.. ثم تنهال ضرباً عليهما ؛فيهرولان كالفئران..
في أقل من دقيقة تعيد الفتاة رونقها وهى تستقبل عربة فارهة أخرى يستقلها شاب يبدو أنه من طبقة الأثرياء..!
وتنطلق العربة..
لنرى بطريقة التصوير السينمائي زووم باك من أنظار الناس إلى الشابين وهما حائران .. إنها حواء.. اللغز الذي يصعب حله.. كلغز مثلث برمودا .!
تمت بحمد الله