<!--<!--<!--<!--

    لقد أحدث التطور التقني للصناعة المصرفية و كذا استخدام الوسائل الإلكترونية والأموال الإلكترونية تنوعا في الخدمات المصرفية المقدمة من قبل البنوك و زاد من تعقيد العمليات المصرفية في سوق تسودها المنافسة الشديدة ، مما أوجب ضرورة مسايرة هذا التطور من جهة، و التصدي للمخاطر المرتبطة به من جهة أخرى و ذلك بوضع إجراءات رقابية للسيطرة على الآثار السلبية لهذه المخاطر وإدارتها بطريقة سليمة.

   إن الدراسة الرسمية لإدارة المخاطر بدأت في أواخر النصف الثاني من القرن العشرين، حيث أشارت دراسة MARKOWITZ سنة 1959 إلى أن اختيار المحفظة ما هو إلا معضلة تعظيم العائد المتوقع منها و تخفيض مخاطرها، بمعنى أن المشكلة التي تواجه المستثمرين هي إيجاد التوليفة المثلى من المخاطر و العائد ، و قد أشار تحليل MARKOWITZ إلى العناصر الخاصة و العامة للمخاطر و أن تخفيض أثر المكون الخاص للمخاطر يتم من خلال تنويع محفظة الأصول، بينما يتحمل المستثمر العنصر العام في المخاطر، إلا أن هذا المنهج واجه مشكلات عملية في حالة احتواء المحفظة الاستثمارية على أصول كثيرة.

و في عام 1964 طور SHARPE  نموذج تقييم الأصول الرأسمالية و تناول فيه مفهومين للمخاطر العامة و المتبقية، و قد ضم هذا النموذج ما يسمى بالعامل الوحيد للمخاطر الذي يقيس درجة حساسية الأصول للتغيرات في السوق (معامل BETA) حيث يمكن تشتيت المخاطر المتبقية( الخاصة بالمنشأة) بتنويع المحفظة بينما يقيس معامل BETA درجة حساسية المحفظة لدورات العمل المقاسة بمؤشرات إجمالية، و قد انتقد هذا النموذج لاعتماده على مؤشر واحد لتفسير المخاطر الكامنة في الأصول.

أما نظرية مراجحة الأسعار التي تقدم بها ROSS سنة 1976 فمفادها أن عددا من العوامل تؤثر في العائد المتوقع على الاستثمار ، و مما جاء في هذا النموذج أن المخاطرة الإجمالية هي حصيلة جمع المخاطر المرتبطة بكل عامل إضافة إلى المخاطر المتبقية، و قد حازت هذه النظرية قبولا واسعا إلا أنه لا يتوفر إجماع على العوامل التي تؤثر في مخاطرة كل أصل أو في الطريقة التي تقدر بها هذه المخاطرة.

هذا، و تأخذ استراتيجيات إدارة المخاطر و أساليبها الحديثة مختلف ملامح النظريات السابقة و تتبنى أدوات

كثيرة لتحليل المخاطر، إذ أن العنصر المهم في إدارتها هو فهم المفاضلة بين المخاطرة و العائد المتوقع من الاستثمار، حيث يزداد هذا الأخير بزيادة المخاطر، و طالما أن هدف المؤسسات المالية هو زيادة صافي العائد على أسهم المساهمين فإن إدارة المخاطر المرتبطة بتعظيم العائد على الاستثمار هي من أهم وظائف هذه المؤسسات.

إدارة المخاطر المالية Financial risk management:

    عرفPenny   إدارة المخاطر المالية على أنها " استخدام أساليب التحليل المالي  وكذلك الأدوات المالية المختلفة من أجل السيطرة على مخاطر معينة و تدنية آثارها غير المرغوبة على المنشأة ". ويرى أنه يمكن تسمية هذه العملية إدارة الخسائر المحتملة.           

فهي  تعبر عن العلاقة بين العائد المطلوب على الإستثمار وبين المخاطر التي تصاحب هذا الاستثمار، وذلك بقصد توظيف هذه العلاقة بما يؤدي إلى تعظيم قيمة ذلك الاستثمار من وجهة نظر أصحابه ويمكن تعريفها أيضا بأنها إدارة الأحداث التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي قد يترتب عليها خسائر محتملة الحدوث في المنشأة، إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب، و  تتضمن إدارة المخاطر المالية بالمنشأة القيام بالأنشطة الخاصة بتحديد المخاطر التي تتعرض لها المنشأة، وقياسها، والتعامل مع مسبباتها، والآثار المترتبة عليها.

أنواع المخاطر و مكوناتها:

يمكن تقسيم المخاطر التي تواجه الاستثمارات إلى ثلاثة أنواع هي:

أولا : المخاطر العامة، و هي التي ترتبط بعوامل عامة كالعوامل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و تصيب كافة قطاعات الاقتصاد لدولة ما، مثل التضخم، تقلبات أسعار الصرف، السياسات الضريبية و القانونية،....... و تقاس بالانحراف المعياري أو بمعامل الاختلاف.

ثانيا: مخاطر السوق، و هي التي ترتبط بسوق السلعة المنتجة أو الخدمة المقدمة، و قد تؤثر في السوق ككل لارتباطها بالعوامل العامة، و تتسم هذه المخاطر بعدم قدرة المستثمر على تجنبها، و أشهر نماذج قياسها نموذج تسعير الأصول الرأسمالية، حيث يحدد الإطار العام للعلاقة بين العائد و الخطورة، و يوفر آلية جيدة لتحديد الحد الأدنى للعائد المطلوب للتعويض عن خطورة الاستثمار سواء كان حقيقيا أو ماليا، بالإضافة إلى أنه يقدم تقنية متطورة لتحليل و تقييم الأوراق المالية.

ثالثا: مخاطر الشركة، و يطلق عليها المخاطر الخاصة لأنها ترتبط بالبيئة الداخلية للشركة، و تتأثر هذه المخاطر بالأنشطة التي تمارسها الشركة و كذا بالإدارة و سلوك العاملين فيها، و يمكن تجنب مثل هذه المخاطر بتنويع الاستثمارات و تحسين مستوى أداء العاملين...، و أهم نموذج يستخدم لقياس هذا النوع من المخاطر نموذج ذو المعامل الأوحد الذي يقدم آلية جديدة لرصد مخاطر السوق و الشركة من مجموع المخاطر الكلية.

و يمكن تقسيم مخاطر الشركة إلى قسمين:

1/ مخاطر الأعمال: و هي التي يتحملها مالكو الشركة عند عدم استخدام المديونية كمصدر للتمويل،         و تتأثر بمجموعة من العوامل أهمها، تقلبات الطلب على المنتجات، تقلب أسعار بيع السلعة و كذا أسعار المدخلات، بالإضافة إلى مدى قدرة الشركة على تعديل أسعار منتجاتها لتتلاءم مع أسعار المدخلات،       و أيضا نسبة التكاليف الثابتة إلى إجمالي التكاليف. و تقاس باستخدام تحليل التعادل و درجة الرفع التشغيلي(ترتبط درجة الرفع التشغيلي بهيكل تكاليف المنشأة . فكلما ارتفعت نسبة التكاليف الثابتة في هذا الهيكل يزداد الرفع التشغيلي والعكس بالعكس)،حيث(Degree of Operating Leverage).      O L. D=  عائد المساهمة (المساهمة الحدية) / صافي الربح قبل الفوائد والضريبة

 2/ مخاطر مالية: و هي تلك الناجمة عن استخدام الشركة للمديونية كمصدر للتمويل، حيث تزيد هذه المخاطر كلما توسعت الشركة في الاعتماد على التمويل عن طريق الدَين ذلك لأن الشركة تتحمل فوائد ثابتة مع أقساط القرض، و يتم قياسها بدرجة الرفع المالي.( وتعرف درجة الرفع المالي /DFL) Degree Financial of Leverage: بأنها نسبة التغير التي تحدث في عائد السهم العادي (EPS) بسبب التغير بنسبة معينة تحدث في صافي الربح قبل الفوائد والضرائب (EBIT). بناء عليه يعبر عن هذه العلاقة بالمعادلة التالية :

DFL=ΔEPS/ΔEBIT

ويمكن تحديد DFL مباشرة بالمعادلة التالية : DFL = EBIT/EBT

     حيث، EBT  تعبر عن صافي الربح قبل الضريبة.

أهمية تحليل المخاطر المالية:

    إن هذا التحليل يهم و تستفيد منه جهات عديدة، كما أن أساليب التحليل تختلف حسب الجهة المستفيدة و حسب الهدف من عملية التحليل. و أهم المستفيدين من التحليل:

-   تستفيد منه المنشأة في معرفة مدى متانة مركزها المالي و مدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها القصيرة و الطويلة الأجل، كما أنها تقوم بتقييم الاستثمارات و تحليل المخاطر التي تواجهها لتأمين تشغيل الموارد في مشاريع أكثر ربحية و أمان في آن واحد.

-   و يهتم المستثمرون في الأوراق المالية بتحليل مخاطر شركات المساهمة لمعرفة مدى قدرتها على تحقيق الأرباح مستقبلا، و اتجاهات أسعار الأوراق المالية و الاستفادة من تلك المعلومات في اتخاذ القرارات المتعلقة بالبيع أو الشراء أو الاحتفاظ بالورقة المالية.

-   أما السلطات الضريبية فيهمها من هذا التحليل مخاطر المؤسسات المالية و الاستثمارية العاملة داخل الوطن لمعرفة صافي الربح الخاضع للضريبة.

-    و تقوم المؤسسات و المالية و البنوك بتحليل مخاطرها المالية بهدف إعداد الخطط التمويلية و الاستثمارية، كما تهتم بتحليل مخاطر الشركات و المؤسسات لمعرفة مدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية اتجاهها.

-   و للتأكد من التزام المصارف العاملة في الجهاز المصرفي بتطبيق السياسات و القوانين المصرفية، تقوم المصارف المركزية بعملية التحليل و ذلك بهدف حماية المودعين من جهة و سمعة الجهاز المصرفي من جهة أخرى.

-   ثم إن المصارف الداخلية أو الوطنية تهتم أيضا بتحليل المخاطر التي تواجه المؤسسات المالية و المصرفية الخارجية المتعاملة معها و ذلك قصد وضع سياسات مناسبة للتعامل معها.

المخاطر التي تواجه المؤسسات المالية:

هناك ثلاثة أنواع، تتمثل في الآتي:

1-   السيولة: يوضح هذا المبدأ ضرورة احتفاظ البنك بمقدار من المبالغ السائلة و الأصول القابلة للتحويل إلى سيولة بسرعة لمواجهة السحوبات المفاجئة من العملاء دون تحقيق خسائر، إذ أن عجز البنك عن تلبية حاجات هؤلاء عند الطلب قد يعطي مؤشرا على أن البنك يواجه مشكلة سيولة مما يزعزع ثقة العملاء.

2-   الربحية: يبين أن توسع البنك في منح التمويل أو الاستخدام الطويل الأجل يمكن أن يدر عوائد مرتفعة، مما يدفعه إلى زيادة أصوله بدرجة عالية إلا أن هذا قد يكون على حساب توفير السيولة الكافية عند الحاجة، حيث يتعرض البنك إلى الخطر في حالة عدم قدرته على تسييل تلك الأصول بسرعة لتلبية طلبات السحب المفاجئة، و بذلك فإن كفاءة المصرف تقاس بمدى قدرته على الموازنة بين الربحية و السيولة معا.

3-   الأمان: يعتبر هذا العنصر من أهم الأهداف التي يسعى الجهاز المصرفي لتحقيقها، كما يساعد كثيرا على جذب أكبر عدد من المودعين، لأن بعضهم لا يهمه حجم الودائع بقدر اهتمامه بمدى قدرة المصارف على رد الودائع وقت احتياجها.

المصدر: بوجحيش خالدية
  • Currently 19/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1491 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

63,535