المشكلات التي يعاني منها التعليم الأساسي
في الجمهورية اليمنية
إعداد الباحث
خالد مطهر العدواني
المقدمة :
التعليم في بلادنا ما زال يعاني معضلات كبيرة لا أظنها تنتهي قريباً رغم وجود النية للتطوير ومواكبة التحديث لكن النية وحدها لا تكفي في ظل غياب الخطط المدروسة بشكل دقيق .
وخاصة التعليم الأساسي الذي يعتبر الركيزة الأولى في التعليم فإنه يعاني من مشكلات كثيرة وذلك على النحو الآتي :
مشكلات تتعلق بالمعلم .
مشكلات تتعلق بالمتعلم .
مشكلات تتعلق بالمدرسة .
مشكلات تتعلق بأولياء الأمور والمجتمع .
وهنا أسرد بعض من تلك المشكلات التي يعاني منها التعليم الأساسي في الجمهورية اليمنية مع توضيح بالتمثيل لتلك المشكلات .
1) مدرس المرحلة الأساسية غير مؤهل لا تعليمياً و لا تربوياً :
أي أن كل مرحله من مراحل التعليم يحتاج فيها الطالب نوعيه محدده من المدرسين ، يحتاج صفه معينه تكون موجودة بالمدرس ، مثلاً في المرحلة الأساسية يحتاج فيها الطالب إلى مدرس حنون و صبور ،... لكن الحقيقة مختلفة تماماً فالمدرس في أي مرحله –وخاصة المرحلة الأساسية - يمثل المدرس للطالب شيئاً واحداً فقط ، هو أنه مصدر السلطات و هو الآمر الناهي ، و الطالب يطيع حتى بلا تفكير ([1])...
وللأسف يتم اختيار معلمي المرحلة الأساسية من المدرسين الأقل كفاءة ومستوى فمثلاً : يتم تعيين خريجي الثانوية أو الدبلوم في تدريس الصفوف الأولى .
كذلك أي مدرس غير نافع في المدرسة سواء كان مستواه ضعيف جداً أو أكثر المدرسين تغيباً وتهرباً ويكون ضعيف من الناحية العلمية والمهنية فإنه يعين لتدريس الصفوف الأولى مما ينتج ضعف شديد وواضح في مستويات التلاميذ .
2) تهميش المعلم وقلة الاهتمام به :
فالمعلم الوطني ما زال يشعر بالهامشية وقلة الاهتمام ابتداءً من تعيينه على مستوىً أقل بكثير مما يستحقه بمرتبات ضعيفة خالية من أي تأمينات صحية أو بدلات مالية للسكن والمواصلات تفي بالحاجة الحقيقية، وبخاصة في المناطق ذات المسافات البعيدة ورغم تعديل البدلات للقرى والهجر النائية لا تزال أوضاع المعلمين والمعلمات مزرية قياساً بما يطلب منه من جهود.
وفي ظل هذه الصعوبات دائماً ما يطالَب المعلم والمعلمة بأكثر مما يتقاضيا، فمثلاً النصاب المعتمد للمعلم هو 24 حصة في الأسبوع موزعة على أكثر من صف أو ربما مدرسة، يصل عدد الطلبة في كل صف أحياناً إلى أكثر من 35 طالباً، عدا حصص الانتظار والإشراف على الطلبة أثناء العمل، مع متابعة الأنشطة الصفّية وغير الصفّية ومرافقة الطلبة خارج المدرسة والعمل في لجان الاختبارات... واليوم تتجه الوزارة إلى تقليص العطلة السنوية للمعلمين كل هذا الاستهلاك للمعلم يغيّب الإبداع ويجعل المدارس في التعليم الحكومي تستمر في الشكوى من عدم انضباط معلميها، فقد فات الكثير من المسئولين أن المعلم ليس آلة خرساء ولذلك قد يلجأ إلى أساليب التسيب حينما يصل إلى قناعة بأنه يقدم قدر ما يحصل عليه كمقابل مادي ومعنوي، ومن المفارقات أن بعض المعلمين يكون متحمساً للعمل بجد وجهد استثنائي في السنوات الأولى باذلاً الكثير من وقته وماله الخاص في سبيل تأمين سير العملية التعليمية لكنه يفاجأ في النهاية أن الأمر سواء، أبذل أم لم يبذل أي جهد مما يصيبه في النهاية بالإحباط! لأن ثقافة العمل لدينا تعتمد في معظمها على البيروقراطية السلبية والروتين الجامد لا التركيز على الجودة والنوعية .
3) ضعف الإمكانيات في المدرسة :
إذا كانت موجودة أصلاً .... فمثلاً : عندما يذهب الطالب إلى معمل الكيمياء أو الفيزياء(إن وجدت) فيقوم بنصف التجربة و النصف الآخر بالتخيل ... لأنه لا توجد في المدرسة الإمكانيات اللازمة للاستكمال كما يجب ..!
كذلك الإمكانات المادية التي يحتاجها التلاميذ لقيام بالأنشطة المختلفة سواء الصفية أو الأنشطة اللاصفية مما يؤدي إلى إضعاف التعليم وخاصة لكونه قائم على منهج الأنشطة .
كما أن هناك نقص حاد في الكراسي والطاولات ومتطلبات الدراسة الأساسية .
4) ارتفاع كثافة التلاميذ داخل الفصل :
تزداد أعداد التلاميذ في المرحلة الأساسية داخل الصف الواحد مما يؤدي إلى كثافة عالية فقد يحتوي الفصل على أكثر من 80 طالب وهذا يؤدي إلى إضعاف التعليم لكون التلميذ في الصفوف الأولى يحتاج إلى رعاية خاصة من قبل المعلم في متابعة التلاميذ وتعليمهم مهارات القراءة والكتابة وغيرها .
فمثلاً : إذا أراد المعلم تعليم التلاميذ كيفية الكتابة فيجب أن يمر على كل تلميذ ليعلمه بنفسه كيفية كتابة الحروف ولكن في حالة الأعداد الكبير لا يستطيع المعلم فعل ذلك .
كذلك لا يمكن للمعلم أن يستخدم الأساليب الحديثة في التدريس كأسلوب التعلم التعاوني مثلاً وغيرها .
5) قلة المباني المدرسية الصالحة وخاصة في الريف :
في الغالب تكون المدارس خاصة مدارس التعليم الأساسي مبنية بطريقة لا تؤهلها لإقامة الأنشطة وغير مهيأة تهيئة مناسبة للتعليم الأساسي .
مثلاً : انعدام المكيفات ، عدم وجود دورات المياه ، لا توجد المرافق الخاصة بالرياضة مثلاً ، عدم توفر كهرباء في المبنى وغيرها من الأشياء الكثيرة التي تفتقدها مدارس التعليم الأساسي .
كما أن الفصول صغيرة الحجم ، والتهوية فيها قليلة ، وقد تكون رطوبتها عاليه ، مما يؤثر سلباً على المستوى التعليمي للتلاميذ وكذلك الصحي .
فظلاً أن هناك العديد من المدارس مازالت موجودة تحت الأشجار في البراري .
وفي المدن كثير من المدارس عبارة عن أبنية سكنية لا تناسب مهمات المدرسة ومتطلبات الدراسة .
6) ضعف الرعاية الصحية للتلاميذ :
لا توجد رعاية صحية للتلاميذ في مدارس التعليم الأساسي ، فالعقل السليم في الجسم السليم ، ولكن كثير ما تنتشر الأمراض فيما بين التلاميذ وخاصة المعدية ، كذلك انعدام النظافة : سواء نظافة الملابس أو الجسم أو الشعر ، كل ذلك لانعدام المتابعة من قبل المدرسة وعدم توافر الرعاية الصحية أو ما تسمى (بالصحة المدرسية).
7) كثرة الغياب والرسوب بين صفوف التلاميذ :
أصبح هناك لا مبالاة وعدم اهتمام بالتعليم سواء من قبل التلميذ أو أولياء الأمور أو المدرسة لذا أصبحت ظاهرة الغياب ظاهرة عادية وملفتة للنظر فكثير ما يتغيب التلميذ عن المدرسة دون أن يعاقب ، كما أن هذا الإهمال أنعكس على مستواه العلمي مما أدى إلى رسوبه فنجد مثلاً أن من بين 100 طالب 90% راسبين ولكن المعلم أو إدارة المدرسة تضطر لتنجيح الطلاب حتى لا يقال عنها بأنها فاشلة و أن مدرس المادة فاشل مما ترتب على ذلك ترفيع الطلاب من مستوى إلى أخر وهم لا يمتلكون أي مهارة أو كفاءة من المستوى الأول وبالتالي يتراكم الضعف والتدني في المستوى ويخرج لنا تلاميذ غير قادرين حتى على القراءة والكتابة .
8) نقص السجلات المدرسية ، وعدم تنظيمها :
إذا ما أردت الإطلاع على سجل لأحد التلاميذ قد لا تجد شيء عنه فالمدارس إلا ما ندر لا تهتم المدرسة أو المدرس بسجلات التلاميذ الموضح عليها مستوياتهم في كل مادة واختباراتهم الشهرية وواجباتهم وغياباتهم وغيرها من التفاصيل التي لا بد منها ، وإذا وجدت تلك السجلات فليست منظمة بل عشوائية غير دقيقة ولا تعكس المستوى الفعلي للطلاب وهذا يقلل من قيمة المتابعة المستمرة للتلميذ سواء من قبل المدرسة أو المعلم أو ولي أمر الطالب .
9) انتشار المدارس ذات المدرس الواحد في بعض المناطق الريفية :
توجد العديد من المدار الأساسية والتي قد تضم الصفوف الأولى من أول وحتى السادس ولكن لا يوجد فيها سوى مدرس واحد فقط يعمل مدرساً لجميع تلك الصفوف بل ومديراً للمدرسة ويقوم بجميع أعمال المدرسة وهذه المشكلة تنتشر في بعض مناطق الريف البعيدة والتي لا يوجد من أبنائها من قد وصل إلى مرحلة أن يكون معلماً ، لذا يرفض المعلمون التعيين في هذه المناطق فيعين مدرس واحد لها وفي أغلب الأحيان تغلق وخاصة أمام الطالبات .
10) ندرة وانعدام الأنشطة اللاصفية :
مع أن الأنشطة اللاصفية من أهم عناصر المنهج فائدة للمتعلم إلا أنها قد تكون معدومة في المدارس الأساسية بحيث يقتصر التعليم على الأنشطة الصفية فقط وهذا يقلل من قيمة المنهج القائم على الأنشطة لذا يواجه المعلمون والمدرسة صعوبة في تنفيذ المنهج ونسمع الشكاوى منهم من المنهج أنه صعب ولا يوجد فيه مادة علمية وما ذاك إلا لسوء تنفيذه التنفيذ السليم .
فمثلاً : كثيراً تلك الدروس التي تتكلم على البيئة المحلية ولكن لم يخرج الطالب إلى البيئة المحلية لدراستها على الواقع خلال تواجده في سنوات التعليم الأساسي التسع .
وقد تكون عدم وجود الأنشطة اللاصفية عائدة إلى إمكانات المدرسة أو قلة كفاءة المدرس وعدم قدرته على تنفيذ تلك الأنشطة ، أو عائدة إلى قلة الوعي من قبل إدارة المدرسة بأهمية تلك الأنشطة في التعليم .
11) تطبيق نظام الفترتين في معظم مدارس الجمهورية :
أصبحت معظم مدارس الجمهورية تطبق نظام الفترتين (الفترة الصباحية والفترة المسائية ) وذلك بسبب الكثافة العالية للتلاميذ وقلة المدارس أو الفصول التي تحتاجها تلك الأعداد من التلاميذ وخاصة مدارس التعليم الأساسي ، وغالباً ما تكون الفترة الصباحية للبنين والمسائية للفتيات وإذا كانت المدرسة ثانوية وأساسية فالفترة الصباحية للثانوية والمسائية للأساسي وهذا النظام ينتج عنه مجموعة من المشكلات مثل :
§ تقليل زمن الحصة الافتراضية مما يقلل من زمن الدرس ويؤثر سلباً على شرح الدرس بالشكل المطلوب .
§ ضياع حصص الرياضة والفنية وغيرها من الحصص التي أصبحت على الهامش بسبب ضيق الجدول وقلة عدد الحصص في الجدول لضيق الوقت خلال الفترة الواحدة .
§ إرهاق نفسي وبدني على طلاب الفترة الثانية كما أن الظروف الطبيعية كالمطر والبرد وغيرها التي غالباً ما تحدث في الفترة المسائية لها تأثير سلبي على التلاميذ .
§ تسرب المعلمين وتغيبهم بشكل كبير في الفترة المسائية من أجل القات وأعمالهم الخاصة وذلك لانعدام الرقابة على الفترة المسائية .
§ تشكل الفترة المسائية أيضاً إرهاقاً بالنسبة للمعلم فلا يقوم بعملة على أكمل وجه فنشاطه يقل في نهاية اليوم وقدرته الأدائية تقل أيضاً .
12) ضعف الكادر القيادي والإداري للمدرسة :
فغالباً ما يكون مدير المدرسة والإداريين الآخرين من ذوي التعليم الثانوي وذات الخبرات القليلة ، وهذا الضعف ينعكس سلباً على تنظيم العمل داخل المدرسة وتحديد الأولويات وطرق التدريس والتعاون المتبادل بين المعلم والإدارة فمثلاُ :
قد يمنع مدير المدرسة المعلم من القيام بنشاط معين لجهله بأهمية ذلك النشاط .
وكيل المدرسة يمنع معلم من استخدام الكمبيوتر في التدريس ويأمره باستخدام الأساليب التقليدية .
مدير مدرسة يمنع المدرس بتنفيذ أنشطة المنهج الصفية فظلاً عن الأنشطة اللاصفية ويأمره بالتقيد بالمحتوى النظري للمنهج .
الإدارة تركز على عدد الناجحين وإنهاء المحتوى المعرفي للمنهج دون أي اهتمام لمقدار ما أكتسبه التلميذ من خبرات ومهارات .
13) ندرة أو عدم وجود المكتبات المدرسية :
المكتبة المدرسية رديفه المعلم في التعرف على الكثير من المعارف وتعليم التلاميذ حب القراءة والبحث العلمي والحصول على المعرفة ولكن قليلة هي تلك المدارس التي توجد فيها مكتبات وإن وجدة فإن كتبها قلية وذات قيمة علمية متدنية وغير مناسبة لمستويات التلاميذ .
14) نظام الامتحانات والتقويم القائم على ترفيع التلاميذ وتنجيحهم :
الامتحانات هي حصيلة العام والتي بموجبها يترفع التلميذ إلى المستوى الأخر لذا أصبحت جهود التلاميذ وأولياء أمورهم وكذلك المعلم والمدرسة منصبه على الاختبارات وتُدرس المادة لأجل الاختبارات ويدرس الطالب تلك المادة من أجل الاختبارات وتوجه الإدارة المدرسية إمكاناتها وطاقاتها وأوامرها من أجل الاختبارات لذا ما كان سيأتي في الاختبارات دُرس وما لم يأتي لا يُدرس ولجأ المعلمون والتلاميذ إلى الملخصات التي سيأتي منها الاختبار .
فظلاً على أن الاختبارات لا تقيس في الأصل مستويات التلاميذ في أي مجال من مجالات المعرفة وتحدد بموجبها الفروق الفردية بل هي مجرد روتين معقد لتنجيح الطلاب جميعهم دون الأخذ في الاعتبار بأن الاختبارات وسيلة تعليمية تقويمية تسعى من خلالها إلى تقييم وتعليم التلاميذ .
الأمر الذي جعل التلاميذ يهملون الأنشطة والتفكير في العلم وكذلك الحال لبقية المهتمين بالتعليم معلم ، مدرسة ، أولياء أمور ، المجتمع ، الجهات المختصة ، وبعد الاختبارات يخرج منها كأن لم يدخل المدرسة من قبل .
15) انتشار ظاهرة الغش :
عندما كان التركيز قائم على الاختبارات وأصبحت هي المعيار لنجاح التلاميذ وانتقالهم على المراحل المتقدمة كان لا بد على التلميذ من أن يستخدم أي وسيلة من أجل ذلك فكان أمامه الغش السبيل الأوحد للنجاح .
وبمساعدة من المعلمين وإهمال من الإدارة وتشجيع من أولياء الأمور وسكوت من قبل المجتمع أدى ذلك كله إلى تفشي ظاهرة الغش ذلك السرطان الخبيث الذي دمر مستويات التلاميذ وأصبح الذكي منهم يلجأ إلى الغش كزميله المهمل لأنهم في النهاية سينجحون سواسية بل الغشاش درجته أفضل من المجتهد .
16) تدني المستوى التعليمي للتلاميذ :
قد يتعدى التلميذ المرحلة الأساسية إلى الثانوية إن لم يتخرج منها وهو لا يجيد القراءة والكتابة وهذه أم المشكلات .
فكيف يستطيع التلميذ المذاكرة وهو لا يستطيع القراءة .
كيف لتلميذ أن يحل واجباته وهو لا يملك القدرة على الكتابة .
كيف سيتعلم ويحصل على المعرفة وأساسيات الحصول عليها معدومة.
بل كيف وصل إلى المرحلة الثانوية وهو لا يقدر على القراءة والكتابة .
الإهمال والغش وعدم المسئولية من قبل المعلم والمدرسة ، الوضع المتدني للمدرس - بل قل - المدرس نفسه لا يعرف القراءة والكتابة ، وهدف أولياء الأمور قائم على نجاح أبنائهم ، كل تلك أسباب أدت إلى هذه النتيجة (طلاب لا يعرفون القراءة ولا الكتابة ) .
17) انتشار العصابات المدرسية والتحرشات :
وأصبحت مدارسنا تخرج المجرمين والإرهابيين بدلاً أن تكون منبر لتعديل وتحسين السلوك تكون بيئة لتعليم الأخلاق وتربية الفضائل ، ولكن نجد أن التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي يتعرضون للتحرشات والمضايقات من قبل من هم أكبر منهم سناً وكذلك تشكلت العصابات المختلفة ذات الأسماء المتعددة والأهداف المختلفة ، تبدأ هذه العصابات بالتشكل من داخل الفصل الدراسي وتنتقل مشاكلها إلى الشارع والحي ، وهذا يُوجد مجموعة من التلاميذ غير الأسوياء والذي قد يكونون خطراً في المستقبل على أنفسهم ومجتمعهم .
18) تسرب الطلاب والطالبات من المدرسة :
في كثير من مناطق اليمن وخاصة الريفية تظهر ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس وخاصة الفتيات فكلما تقدمة في المرحلة الدراسية قلت أعدادهن لأسباب مختلفة قد تكون بسبب الزواج المبكر ، أو الظروف الاجتماعية التي تمنع تعلم الفتيات الكبيرات ، وكذلك الفقر ، نقص المعلمات وخاصة في المناطق الريفية التي تشكل 75% من سكان اليمن .
وأصبح من السهل جذب الأطفال إلى المدرسة ولكن الصعوبة تكمن في إبقائهم فيها ، وإليك مثال على ذلك :
في عام 2007، التحق 356,183 طالباً بالمدارس الابتدائية في الحديدة من بينهم 148,919 فتاة، وفقاً لمكتب التربية والتعليم في المحافظة. وكان الصف الأول يضم 40,202 طالباً مقابل 34,051 طالبة بينما وصل عدد الطلاب في الصف التاسع إلى 9,924 طالباً مقابل 6,649 طالبة، مما يشير إلى وجود فجوة في التعليم بين الجنسين لصالح الذكور في كل المراحل([2]).
19) موقع المدرسة بعيد عن التجمعات السكنية :
أحياناً قد توضع المدرسة بطريقة غير مخطط لها بحيث توضع في مكان بعيد عن التجمعات السكنية وخاصة في الريف وذلك لاعتبارات شخصية ولإرضاء فئات معينة من الناس فيكون ذلك عائق أمام التلاميذ في السنوات الأولى لكونهم من صغار السن ولا يتحملون المشقة في الذهاب إلى المدرسة يومياً وكذلك الحال بالنسبة للطالبات وقد يكون بُعد المدرسة عن التجمعات السكانية سبب في تسرب التلاميذ وتغيبهم عن المدرسة .
مثلاً : هناك مدارس تبعد عن القرى المستهدفة بساعة زمن ومنها بساعتين فهل للتلميذ خاصة صغار السن سواء كان ذكر أو أنثى أن يقطع كل هذه المسافة من أجل الدراسة ؟ علماً بأن الموضع التي فيه المدرسة قد لا يتجاوز عدد سكان المنطقة الأسرتين أو الثلاث ، فبعد المدرسة يمثل مشكلة في التعليم الأساسي .
20) التعصبات الحزبية والمذهبية والفكرية بين المعلمين داخل المدرسة :
لا يمكن للعمل التربوي أن يتم ويتكامل إلا بتعاون جميع المعنيين من مدرسين وإدارة وأولياء أمور ولكن بسبب التعصبات العمياء للأحزاب والمذاهب أدى إلى تفرقتهم وكلٍ منهم أصبح يعمل ضد الأخر بل كل مدرس يناقض ما يقوله المدرس الأخر لكونه من حزب غير حزبه فيعيش التلميذ في تناقضات عجيبة تدفعه لفهم الأشياء بطريقة غير صحيحة .
مثلاً : يأتي مدرس التربية الوطنية ليحدث التلاميذ عن الثورة ومنجزاتها ومدى التطور الذي حدث في اليمن ، فيأتي أخر ينكر تلك المنجزات ويتهكم على الثورة ومنجزاتها فما يدري التلميذ من يصدق وممن يأخذ المعلومة وأيهما على حق .
مثال أخر : يبين معلم الجغرافيا أو العلوم أضرار القات وخطره على الصحة والمجتمع والاقتصاد والمياه وغيرها فيأتي معلم أخر مخزن ليقنع التلاميذ بأن للقات فوائد كثيرة صحية واقتصادية وذلك من أجل أن يبرر تصرفاته كمخزن أو متعاطي للقات فيحتار التلميذ بين من يقول بأضرار القات وبين من يُوجد فوائد للقات .
وأصبح كل معلم يسعى إلى نشر أفكاره بين تلاميذه مهملاً المنهج والمادة العلمية والأهداف التربوية التي يسعى إلى تحقيقها من التلاميذ.
21) انعدام متابعة أولياء الأمور لأبنائهم :
أصبحت الأسرة تدفع أبنائها إلى المدرسة من أجل التخلص منهم من البيت وخاصة صغار السن بحيث يدفعون أبنائهم الذين لا تتجاوز أعمارهم الخمس السنوات إلى المدرسة حتى تتفرغ الأم لأعمالها في المنزل وتلقي على عاتق المدرسة رعاية أبنها الصغير .
كما أن أولياء الأمور لا يهتمون للمستوى العلمي الذي يحققه أبنائهم في المدرسة بقد ما يهمهم هل انتقل للمرحلة الدراسية الأخرى أم لا ، لذا لا يتابعون واجباتهم أو مذاكراتهم أو يتابعون المدرسة ويسألون عن أبنائهم أو يسألون المعلم عن مستوى الأبناء الأمر الذي شجع الطالب على الإهمال والتسيب وعدم الاهتمام بواجباتهم أو حضورهم للمدرسة .
بل بالعكس إذا ما اتخذت المدرسة أو المعلم أجراء عقابي ضد الطالب لمخالفة ارتكبها أو لإهماله وتغيبه يأتي ولي الأمر ليثير مشكله كبيرة للمعلم أو المدرسة لماذا يعقبون ابنه ، فأصبح منبع فشل ذلك الطالب هو أسرته .
22) عدم وجود واستخدام الوسائل التعليمة وتكنولوجيا التعليم في التدريس :
ما زال المعلمون يستخدمون الأساليب القديمة والروتينية في التدريس دون الاهتمام بالوسائل التعليمية المناسبة وذلك :
إما لعدم توفرها في المدرسة .
أو لعدم الرغبة في استخدامها .
أو لعدم امتلاك المعلم مهارات استخدام الوسائل وتقنيات التعليم في التدريس .
علماً بأن الوسائل من أهم عناصر المنهج القائم على الأنشطة وهي تعطي للمتعلم رغبة واندفاع نحو التعلم وتطرد الملل من التلاميذ وتبعث فيه روح التعلم .
فمثلاً : قد تجد المعلم يدرس مادة الجغرافيا طوال العام ولم يستخدم خارطة واحدة خلال العام كله .
وآخر لا يمتلك إلا خارطة العالم التي يستخدمها في جميع دروس الجغرافيا سواء كان عن اليمن أو الوطن العربي أو حتى عن التربة .
وثالث لم يفهم من مهنة التدريس سوى سرد المعلومات بطريقة إلقائية جافة من أول الحصة وحتى أخرها والذي يعجز عن شرحه يكلف به التلاميذ واجب بيتي .
23) تأخر الكتب المدرسية أو انعدامها :
الكتاب المدرسي هو المصدر الأول والوحيد للمعرفة لدى التلميذ وخاصة في الصفوف الأولى ، ولكن تلك الكتب قد لا تتوفر بالشكل المطلوب والكافي لجميع التلاميذ ، وقد تتأخر إلى ما بعد منتصف السنة مما يخلق فجوة كبيرة بين التلميذ والمعرفة التي يجب الحصول عليها .
وقد تستخدم الكتب القديمة المسترجعة من العام السابق ، وهي في الغالب تكون قد حُلت أنشطتها وتمارينها فلا يكون لها قيمة أو فائدة للتلميذ الجديد إضافة إلى أنها ممزقة وناقصة .
مثلاً : تصرف كتب الرياضيات القديمة لتلاميذ الصف الأول الأساسي فيأتي التلميذ لحل التمرينات المطلوبة على الكتاب فيجدها جميعها قد حُلت وقد يكون الحل فيها خطأ فيعتمده التلميذ.
كما أن انعدام الكتاب لا يتيح لأولياء الأمور متابعة أبنائهم في البيت ومساعدتهم في التعلم لكون الكتاب هو المصدر الوحيد الذي يتعلم منه التلميذ .
24) عدم ممارسة الأخصائي الاجتماعي لعمله:
الأخصائي الاجتماعي هو المسئول عن رعاية التلاميذ نفسياً وسلوكياً ولكن قد لا يوجد أخصائي داخل المدرسة ، وقد يوجد عدد من الأخصائيين ولكن لا قيمة لهم ولا يقومون بأعمالهم المطلوبة وذلك لكون هذا المنصب ما هو إلا تهرباً من الحصص ، وأن الذين عينوا أخصائيين لا يمتلكون المهارة الكافية أو العلم المطلوب لهذا التخصص لذا فسلبياتهم تكون أكثر من إيجابياتهم .
بقم
خالد مطهر العدواني
مناهج وطرق تدريس – الاجتماعيات
[1] ) موقع مدونة مكتوب ،
[2] ) موقع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)