أحمد محمد - «الحكم» اسم من أسماء الله الحسنى، هو صاحب الفصل بين الحق والباطل والبار والفاجر، المجازي كل نفس بما عملت، الذي يفصل بين مخلوقاته بما شاء، المميز بين الشقي والسعيد بالعقاب والثواب والله الحكم لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، لا يقع في وعده ريب حكم على القلوب بالرضا، وعلى النفوس بالانقياد والطاعة.

و«الحكم» في اللغة، من صيغ المبالغة، واسم الفاعل حاكم، والحكم هو الذي يحكم ويفصل، ويقضي في سائر الأمور، وقد ذكر اسم الله «الحكم» مرة واحدة في القرآن الكريم: (أفغير الله ابتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا)، «الأنعام، الآية 114»، وورد بالفعل في قوله تعالى: (فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله هو الحكم وإليه الحكم».

والله تعالى الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات، واسع العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها، واسع الحمد تام القدرة، عزيز الرحمة يضع الأشياء في مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره.

 

الاستقامة

 

والله سبحانه هو الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه فلا يظلم مثقال ذرة ولا يحمل أحداً وزر أحد ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه ويؤدي الحقوق إلى أهلها وهو العدل في تدبيره وتقديره وأفعاله كلها جارية على سنن العدل والاستقامة ليس فيها شائبة جور، فهي كلها بين الفضل والرحمة وبين العدل والحكمة.

والله الحكم لا يأخذ إلا بذنب ولا يعذب إلا بعد إقامة الحجة وأقواله كلها عدل، فهو لا يأمر الناس إلا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة ولا ينهاهم إلا عما مضرته خالصة أو راجحة وكذلك حكمه بين عباده يوم فضل القضاء ووزنه لأعمالهم عدل لا جور فيه كما قال تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين).

قال القرطبي الحكم من له الحكم وهو تنفيذ القضايا وإمضاء الأوامر والنواهي وذلك بالحقيقة هو الله تعالى، فهذا الاسم يرجع تارة إلى معنى الإرادة، وتارة إلى معنى الكلام، وتارة إلى الفعل، فأما رجوعه إلى الإرادة، فإن الله تعالى حكم في الأزل بما اقتضته إرادته، ونفذ القضاء في اللوح المحفوظ، يجري القلم فيه على وفاق حكم الله، ثم جرت الأقدار في الوجود بالخير والشر، والعرف والنكر على وفاق القضاء والحكم، وإذا كان راجعاً إلى معنى الكلام، فيكون معناه المبين لعباده في كتابه ما يطالبهم به من أحكامه، كما يقال لمن يبين للناس الأحكام وينهج لهم معاني الحلال والحرام، وعلى هذا فلا يكون في الوجود حكم إلا كتابه، فعنده يوقف إذ هو الحكم العدل، وإذا كان راجعاً إلى الفعل، فيكون معناه الحكم الذي ينفذ أحكامه في عباده بإشقائه أو إسعاده وتقريبه إياهم وإبعاده على وفق مراده.

صدق الأقوال

وهو سبحانه الحكم بالعدل في وصفه وفي فعله وفي قوله وفي حكمه بالقسط وهذا معنى قوله: (إن ربي على صراط مستقيم)، فإن أقواله صدق وأفعاله دائرة بين العدل والفضل، فهي كلها رشيدة.

وما من قضية يتنازع عليها إلى يوم القيامة إلا فيها حكم الله بالقرآن والسنة: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» والله هو الشاهد وهو الحاكم والمنفذ، لأنه جل جلاله لا يحتاج لشاهد قد يخطئ أو يقول زوراً، فهو يعلم كل شيء لذلك فحكمه الحق والعدل، هو الذي ينفذ ولا يوجد شيء يعجزه، بل لا يوجد شيء في كونه، إلا وهو يعلم مكانه.

والحُكم لله وحده سبحانه وتعالى القائل: (والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب)، «الرعد، الآية 41»، والقائل: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، «يوسف: الآية 40»، فله الحكم سبحانه وتعالى في الآخرة، كما له في الأُولى، لذلك يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)، «البقرة:113».

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 184 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2013 بواسطة islammy7

إسلامي

islammy7
»

ابحث

عدد زيارات الموقع

180,076