أحمد محمد
الله «المجيب» يقابل السؤال والدعاء بالقبول والعطاء، يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويكشف السوء عن عباده ويرفع البلاء عنهم، وكل الخلائق مفتقرة إليه، ولا قوام لحياتها إلا به، لا ملجأ لها منه إلا إليه يقابل مسألة السائلين بالإجابة، ودعاء الداعين بالاستجابة، وضرورة المضطرين بالكفاية.
سمى الله جل جلاله ذاته العلية باسم «المجيب» على سبيل الإطلاق، والتعظيم. وورد «المجيب» في القرآن الكريم في قوله تعالى: (فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب)، «هود: 61»، وفي قوله: (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون)، «الصافات: 75».
إغاثة الملهوف
«المجيب» ينعم قبل النداء، ويعطي قبل السؤال يغيث الملهوف إذا ناداه يقابل الدعاء بالقبول، يكشف السوء عن أوليائه، ويرفع البلاء عن أحبابه لا تخيب لديه آمال الطالبين، وهو اسم كله أمل وطمأنينة واستبشار. المجيب لم يحدد موعدا للدعاء، متى طلبته وجدته، يستجيب في كل الأوقات لا يشغله سمع عن سمع فلا تختلط عليه الأصوات، ففي الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر».
وجاء أعرابي إلى النبي صل الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه فلم يرد النبي صل الله عليه وسلم ونزل قول الله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، «البقرة: 186».
والمجيب ينفق على عباده بسخاء يقول تعالى (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) ويحب الملحين في الدعاء ودائما يأتي اسم المجيب مع اسم الله القريب وقوله: (أجيب دعوة الداع) ولم يقل أجيب دعوة المؤمن أو العابد وهذا يعني أن الأمر مكفول للإنسان وبيده إذا أراد أن يدعوه يقول تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، أي أن الله تعالى اعتبر أن من لا يدعوه مستكبر عن عبادته أنه أمر الهي أن ندعو الله ويقول تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخيفة).
استجابة الدعاء
والله تعالى يجيب عبده حتما، ولا يخيب ظنه أبداً، كما وعد وهو أصدق القائلين: «وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، «غافر»، وعن سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين»، وقال: «ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له» لأن الله «المجيب»، فإما أن يعجل له في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه، بقدر ما دعا.
والدعاء يأخذ الإنسان للتعرف على اسم الله المجيب، فكل حياتنا متعلقة به لأنه منبع الاطمئنان والسكينة ومادام العبد يسأل ربه، فإن الله يجيب، فهو الذي يقذف الدعوة في قلوبنا أن كان يريد الإجابة ويقول عمر بن الخطاب في ذلك إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء.
وإجابة الدعوات في القرآن تأتي للأشياء المستحيلة، كما في دعاء سيدنا إبراهيم (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات)، وكما في دعاء سيدنا زكريا أن يرزقه الله الولد (وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا) ودعاء سيدنا نوح عندما كذبه قومه وكانت إجابة الله المجيب «ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون».
قال الإمام الغزالي إن العبد ينبغي أن يكون مجيبا لربه تبارك وتعالى أولاً فيما أمره به ونهاه، وفيما ندبه إليه ودعاه، ثم لعباده فيما أنعم الله عليه بالاقتدار، وفي إسعاد كل سائل بما يسأله، وفي لطف الجواب إن عجز عن الإجابة.
والإمام أحمد يقول اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصن وجهي عن مسألة غيرك.