• حوار : فاطمة حسن

    محمد البدري محامي حر، تخرج من كلية الحقوق عام 1992 وبدأ حياته العملية في مكتب تحت التمرين ثم أنشأ مكتبه الخاص،يعشق مهنته لأنها تعطيه حرية في التنقل فهو يكره القيود، حركته عاطفة الأبوة للدفاع عن قضية ابنته المصابة بمتلازمة داون، التقينا به وكان لنا معه الحوار التالي:

    في البداية أ : محمد حدثنا عن أمنية ابنتك وعن مشوارك معها

    أمنية محمد البدري طالبة بالصف السادس الابتدائي بمدرسة حكومية مطبقة للدمج، تعزف البيانو وبطلة الجمهورية لثلاث سنوات في العدو لمسافات 200 متر و 400 متر، وكانت مرشحة للسفر لتمثيل مصر في بطولة النمسا، لكن للأسف كان يشترط للاشتراك في البطولة أن يزيد عمرها عن سبعة عشر عامًا، أما عن دور الأسرة مع أمنية، فالاكتشاف المبكر هو أهم خطوة، ثانيًا تقبُل الأمر وحمد الله عليه، ثالثًا معرفة أبعاد المشكلة الخاصة بالمولود بشكل علمي لحسن التعامل معها، رابعًا التعامل بشكل طبيعي مع الطفل كأقرانه الطبيعيين، حاولنا كثيرًا مع الأطباء حتى نتعرف على حالتها وللأسف لم نفهم شيئًا، أخذنا العنوان(متلازمة داون) وبدأنا نقرأ عنه الكثير، وشجع بعضنا البعض على حضور ندوات في مجالات الإعاقة الذهنية سواء في جمعيات أو الرعاية المتكاملة، وبالتأكيد المجلس القومي للبحوث كان له دور فعال، حيث أخذنا منهم المعلومة الكاملة عن الإعاقة ، والخطوة الثانية والأهم أننا نجحنا في إقناع العائلة بشكل عام بأن يتعاملوا مع أمنية بشكل طبيعي دون تدليل زائد، وقمنا بإدخالها حضانة لأطفال عاديين وشرحنا حالتها للمدرسين، وبالمناسبة أخواتها يتمنون أن يكونوا مثلها ويحصلون على بطولات بالرغم من تعافيهم.

    تهتم كثيرًا بملف التعليم لمتحدي الإعاقة حدثنا عن ذلك

    لقد بدأ اهتمامي بملف التعليم بمجرد دخول أمنية المدرسة أي منذ حوالي ثمان سنوات، الطفل ذو الإعاقة في بداية التقديم يتم الكشف عليهةلتحديد درجة ذكائه واستيعابه لإلحاقه بمدارس الدمج، وبعض الأخصائيين الذين يقومون بإجراء الاختبارات غير مقتنعين بأبنائنا وبإمكانية تعليمهم ولسان حالهم يقول "هي المدارس ناقصة؟!"،وكان الرد منهم فيما معناه أننا نبحث لهم عن تربة، بمعنى أن القائمين على الإجراءات من البداية بعضهم غير مقتنع بفكرة الدمج ،فيقوم بمنعها حسب سلطته أي أن الأمر متروك لهوى شخص وكانت تلك السلبية الأولى، أما عن الثانية فهي تكمن في القلق على الطفل متحدي الإعاقة في التعامل معه داخل المدرسة من أقرانه الغير معاقين خاصةً في مجتمع يفتقد ثقافة التعامل مع المعاق، والثالثة تمثلت في المدرس الذي سوف يقوم بالتعامل مع الطفل وأخيرًا مسألة المناهج والامتحانات.

    من هنا وجدت أنه يجب أن نفكر في حلولٍ لأبنائنا حتى يحصلوا على حقوقهم بدايةً من الأريحية في مكان تلقيهم للعلم وحقهم في التواصل الصحيح للمكفوفين وضعاف السمع.

    وما هي تلك الحلول في وجهة نظرك؟

    هي كانت انتقادات ولكن الذي اعتاد على العمل الحر وعلى البحث حينما ينتقد فهو أيضًا يفكر في حلول، في البداية أود أن أناقش معك لماذ قامت الحكومة بتطبيق الدمج؟، لأنها ملتزمة باتفاقية حقوق الأشخاص متحدي الإعاقة،ولكن للأسف كحال كل شئ عشوائي تم تطبيق الدمج بطريقة عشوائية أيضًا.

    ماذا عن تلك الاتفاقية؟ ومن هم أطرافها؟

    هناك اتفاقية تدعى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بين مجموعة من دول العالم، قامت مصر بالتوقيع عليها عام 2007 وصدقت عليها عام 2008 وبذلك أصبحت مصر ملزمة بتطبيقها، وتتمثل أهدافها إقامة دمج حقيقي الغرض منه مساواة ذوي الإعاقة بأقرانهم والاستفادة بقدراتهم،بعد التصديق على الاتفاقية بدأت وزارة التربية والتعليم في إصدار قرارات خاصة بالدمج وإنشاء إدارة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم لتقوم بدروها في تطبيق الدمج، إذا قُمتِ بقراءة تلك القرارات تشعرين وكأنك في الجنة ولكنها لا صلة لها بأرض الواقع على الإطلاق، حيت أنها تُصدر في المكاتب على سبيل المثال القرار 264 لسنة 2011 يُلزم بأن يكون بالمدرسة مدرسون للتربية الخاصة والذين بدورهم يقومون بتوصيل المعلومة لأبناء الدمج بسهولة وبقدر استيعابهم، ولا يوجد من الأساس ميزانية لتعيين المدرسين، فكانت النتيجة هي وجود أبناء دمج بالمدارس وعدم وجود مدرسين للتربية الخاصة، وبالطبع مدرس الفصل أصبح ليس لديه أي علاقة بأبنائنا لأنه غير مؤهل للتعامل معهم وفي الوقت ذاته فهو ملزم بخطة وجدول زمني للمنهج، ولن يهدر وقته في التفتيش وراء أبنائنا وبالتالي أصبح أبناؤنا بركة في الفصول.

    وما الحل في وجهة نظرك؟

    عملية الدمج قائمة على عدة عناصر ألا وهي: 1\ طفل الدمج 2\ المكان(المدرسة) 3\ المدرس 4\شريك عملية الدمج 5\المنهج 6\ القرارات والقوانين وقبلهم التوعية 7\ طريقة الامتحان

    أولًا طفل الدمج(الطفل المعاق): حتى لا يكون مصيره في يد شخص، فيجب أن تكون هناك لجنة لإجراء الاختبارت لقدراته الذهنية وتبسيط الإجراءات للقبول.

    ثانيًا المكان: وهو المدرسة يجب أن يراعى فيه عدم تعريض الأبناء إلى الخطر وأن تكون فصولهم مؤمنة مع توفير غرفة المصادر المفتقدة في كثير من مدارس خاصةً الإعدادي والثانوي.

    مم تتكون غرفة المصادر تلك؟

    غرفة المصادر هي عبارة عن حجرة يتم تخصيصها من قبل المدرسة، وتحتوي على الوسائل التعليمية التي تعمل على تبسيط المعلومة لأطفال الدمج مثل كمبيوتر عليه مثلًا حركة دوران المجموعة الشمسية أو أشكال كنماذج، فحينما يرونها ويلمسونها تصل المعلومة أسرع إليهم، وبالمناسبة من المفترض أن كل مدارس الجمهورية تطبق الدمج وهو نوعان جزئي وكلي، في الدمج الكلي يتواجد الطفل مع أقرانه الأصحاء طوال اليوم ثم يذهب إلى غرفة المصادر آخر حصتين ،وذلك طبقًا لقرارات الوزارة بنسبة 10% فقط من نسبة عدد تلاميذ الفصل،أما الدمج الجزئي فيعني تواجد الطفل مع أقرانه ذوي الإعاقة ويتم دمجهم مع أقرانهم الأصحاء في وقت الفسحة أو الأنشطة فقط وفي الحالتين المنهج واحد.

    وعلى أي أساس يتم تحديد نوع الدمج؟

    الأصل في العمل هو الدمج الكلي ، أما عن الجزئي فهو يتواجد في بعض المدارس وبدأ في التلاشي، وأنا من رأيي الكلي أفضل حيث أنه يعطي لأبنائنا ثقة في أنفسهم ، ومن ناحية أخرى يجعل أقرانه الأصحاء يعتبرونه واحدًا منهم بشرط توافر مدرس التربية الخاصة بالإضافة إلى تعامل مدرس الفصل الأساسي ولو بكلمة بسيطة.

    ثالثًا المدرس: بما أنه لدينا عجز في مدرسي التربية الخاصة ووجود مدرس واحد فقط يدرس منهج الابتدائي كاملًا بمفرده وهذا ليس عدلًا،إذًا الحل هو أن تسمح وزارة التربية والتعليم بتطوع الشباب من مدرسي التربية الخاصة بالمدارس بعد اجتيازهم لاختبار وزاري يقر بصلاحيتهم للعمل وطبقًا لمؤهلهم دون تعيين ولكن بمكافأة بسيطة مقابل أولوية تعيين أو شهادة خبرة ، وبذلك ننجح في سد عجز المدرسين دون تكليف الدولة أي شئ.

    هل عرضت تلك الحلول على أي جهة سابقًا؟

    كثيرًا ولكن دون جدوى.

    رابعًا شريك عملية الدمج: ذلك المصطلح لا يتردد على لسان أحد على الإطلاق، والمقصود بشريك عملية الدمج هو الطفل الصحيح ، فهو شريك أساسي في إنجاح الدمج ، فمن خلاله إما أن يسير الطفل متحدي الإعاقة إلى الأمام أو ييكره المدرسة وينصرف عنها في حالة تعرضه لإيذاء منه، حل تلك المشكلة يكمن في التوعية للطفل ولأهله عن طريق الكتاب المدرسي، فالكتاب المدرسي يدخل كل منزل وعن طريق دروس بسيطة توضح أن الطفل المعاق هو إنسان له مشاعر وحقوق مثلنا بشكل يتناسب مع عقلية الطفل في تلك المرحلة ، وبذلك نقوم بتوعية الطفل والأهل معًا عن طريق مذاكرتهم للطفل، وبالمناسبة هذا الاقتراح طرحته مرارًا وتكرارًا دون فائدة، وأيضً لن أكلف الدولة شيئًا.

    خامسًا المنهج: هل من المعقول أن يدرس الطفل ذو الإعاقة نفس المنهج الذي يدرسه الطفل الصحيح؟ بالطبع لا، لذلك أقترح تخفيف المنهج بإلغاء فصول من الكتب الدراسية وأن يتم التركيز على المقرر عليهم فقط حتى أضمن ثبات المعلومة في أذهانهم .

    سادسًا القرارات والقوانين:السمة الغالبة هي بعدها عن أرض الواقع،حيث أنها تقرر أمور من شأنها عرقلة الدمج سواء في إجراءات القبول أو إجراءات الامتحانات وعمل لجان خاصة لأبنائنا، وحينما تقومين بالاطلاع على القوانين تجدينها تصور الأمور ببساطة جدًا ولا علاقة لها بميزانيات أو إجراءات، ويجب إشراك أولياء الأمور حتى ولو في حوار مجتمعي قبل اتخاذ تلك القرارات البعيدة عن الأمر الواقع.

    سابعًا الامتحانات: حيث تكمن المشكلة هنا في عمل اللجنة الخاصة حتى تتمكن ابنتي من الالتحاق بالامتحانات، حيث تتسم بالإجراءات الكثيرة والمملة والمرهقة من بيانات عن الطفل هي موجودة من الأساس في المدرسة. في النهاية أحب أن أذكر أن آخر قرار وزاري مخالف لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي نصت بها المادة 5 بالمساواة وعدم التمييز، والمادة 2 بأنه تحظر الدول أي تمييز على أساس الإعاقة وأنها تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة الحماية المتساوية والفعالة من التمييز على أي أساس ،القرار يهدم فكرة الدمج لأنه يستلزم أن تكون هناك شهادة الطالب من ذوي الإعاقة مختومة بختم(دمج) فما هذا التمييز؟!، أتمنى إعادة النظر في ذلك القرار لأن أبنائنا لا يستحقون ذلك التمييز.

    ماذا عن الحوار المجتمعي لمجلس النواب والذي عقد يوم 24 سبتمبر؟ وماذا عن مخرجاته؟

    للأسف لم تكن هناك مخرجات ولكن المسئولين وعدونا بوضع مقترحاتنا في الاعتبار وتعديل القانون بما يتوافق معها ومع إمكانيات الدولة.

    ما رأيك في أداء ممثلي متحدي الإعاقة؟

    للأسف ليس هناك دور واضح لهم.

    ماذا عن دور الدولة؟

    يجب على الدولة عمل تعداد لذوي الإعاقة عن طريق زيادة خانتين في التعداد الأصلي حتى تستطيع الدولة حصر عدد المعاقين وتحديد نوعية الإعاقة وانتظري من بعدها تساقط الاقتراحات كالأمطار.

    أخيرًا هل هناك رسالة تود أن توجهها من خلال فكرة؟

    في الحقيقة هناك عدة رسائل.

    أولًا إلى أبنائنا:

    حيث يجب أن نحمد الله عليهم ولكنهم ليسوا بركة، فهم يستطيعون فعل الكثير ولا ينقصهم سوى اكتشاف قدراتهم عن طريق إتاحة الفرص .

    ثانيًا لأولياء الأمور:

    كن راضيًا حامدًا لله واجتهد حتى ترتاح في المستقبل.

    ثالثًا للمسئولين:

    أأمل أن تكون قراراتكم المستقبلية مدروسة وأن تستعينوا بأهل الخبرة في كل مجال وأن تربطوا قراراتكم بالإمكانية والمقدرة لتوفير الوقت والجهد.

     

 

infondi

محمد مختار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 224 مشاهدة
نشرت فى 8 فبراير 2017 بواسطة infondi

تسجيل الدخول

شبكة معلومات ذوى الاعاقه

infondi
منبر اعلامى حقوقى يهتم بحقوق الاشخاص ذوى الاعاقه فى مصر ويعبر عن مشاكلهم وطموحاتهم وامالهم »

ابحث

عدد زيارات الموقع

268,239