رسم تعبيري حول سوء معاملة الأطفال في مراكز الرعاية بريشة الزميل إحسان حلمي
نادين النمري
عمان - تبث الزيارة الملكية إلى مراكز العناية الخاصة، وتوجيهات جلالة الملك للحكومة بتشديد الرقابة والمتابعة على تلك المراكز، الأمل في نفوس ذوي الإعاقة، باتخاذ مزيد من الإجراءات، التي من شأنها إنصاف هذه الشريحة، وعلى رأسها تفعيل وتطبيق قانون حقوق الأشخاص المعوقين.
وعلى مدار سنوات، طالب ذوو الإعاقة، بتفعيل القانون، الذي أقرته الحكومة في العام 2007، بعد مصادقتها على الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة، لكن بدون أي استجابة من الجهات الرسمية المعنية.
وكان جلالة الملك وجّه الحكومة، بعد زيارة مفاجئة لجلالته إلى مراكز رعاية ذوي إعاقة خاصة، أول من أمس، بالتحقيق في الاتهامات بوجود انتهاكات لحقوق المعاقين في هذه المراكز، وطلب جلالته من الحكومة أيضا البدء مباشرة بالإشراف والمراقبة على مراكز ومؤسسات الرعاية الخاصة.
وجاءت توجيهات الملك للحكومة في هذا السياق، بعد تحقيق تلفزيوني ومطبوع حول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والطفولة، ترتكب في مراكز رعاية خاصة للمعوقين، وهو تحقيق نشرته "الغد" أول من أمس، فيما نشره موقع شبكة التلفزة البريطانية BBC وراديو البلد، وأُعد بدعم من شبكة أريج للصحافة الاستقصائية.
وتتلخص مطالب ذوي الإعاقة، بضرورة تفعيل بنود القانون، المتعلقة بتعيين ما نسبته 4 % من ذوي الإعاقة في المؤسسات الرسمية والخاصة، وتوفير الرعاية والتأمين الصحي، إلى جانب ضمان حق الطفل المعوق بالتعليم، وتوفير التسهيلات البيئية له، فضلا عن تطبيق المكرمة الملكية بالإعفاءات الجمركية على مركبات ذوي الإعاقة.
وتبرز مواجهة العنف ضد ذوي الإعاقة كأحد أبرز المطالب، خصوصا في ظل عدم وجود توثيق حقيقي لحالات الإساءة والعنف.
وبحسب إحصائية حصلت عليها "الغد"، فإن وزارة التنمية رصدت خلال العام 2011 ما مجموعه 140 حالة عنف وإساءة ضد أشخاص ذوي إعاقة، منها 10 حالات إساءة من الأسرة، و22 محولة من إدارة حماية الأسرة، وتسعة أشخاص هائمين في الشوارع، و3 حالات تسول، و50 حالة إساءة من قبل مؤسسات، و46 إساءة لمعوقين من فئة مجهولي النسب.
كما كشف مسح أجراه المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، عن حصول 260 عملية استئصال أرحام لفتيات معوقات ذهنيا خلال الأعوام الخمسة الماضية، ما يعتبره حقوقيون أحد أشد أنواع العنف ضد الفتاة المعوقة.
وعلى مدار الـ3 سنوات الماضية، طالبت منظمات حقوقية ومعنية بشؤون المرأة، بضرورة وضع تشريعات لتجريم استئصال أرحام الفتيات المعوقات ذهنيا، بعد الحصول على فتوى تحرم هذا النوع من العمليات، لكن تلك الدعوات لم تجد أي صدى.
وبعد سنوات من مطالبة ذوي الإعاقة بحقوقهم التي ضمنتها التشريعات الأردنية، توجه نحو 300 شخص من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، للاعتصام أمام الديوان الملكي السبت الماضي، للمطالبة بحقوقهم، لكن قوات الدرك تصدت للاعتصام وفضه، الأمر الذي تسبب بحاله تدافع وإصابات بين المعتصمين، فضلا عن حالة من الهلع بين الأطفال المكفوفين.
وبعد أكثر من ثلاث ساعات، انتهى الاعتصام، بعد أن تلقى المشاركون وعودا بلقاء رئيس الديوان الملكي، لكن بدون تحديد موعد للقاء أو تنفيذ المطالب.
وفي تفاعلات المعلقين على شبكة "المهنيون الأردنيون للوقاية من العنف ضد الأطفال" على الفيسبوك، طالب أعضاء الشبكة بضرورة السير قدما بتطبيق وتفعيل القانون، بما يضمن حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتقول فاطمة العمري "للأسف جمدت حقوقنا دون تفسير... وهناك تهميش متعمد وواضح من قبل جهات الاختصاص".
وتتابع العمري "حقوقنا أقرت دستوريا، وصدرت بأمر من جلالة الملك، لكن جزءا كبيرا منها لم يطبق منذ 2007 لغاية الآن".
وتضيف "هناك معاملة سيئة لذوي الإعاقة، ونظرة دونية نواجهها، بخاصة عند مطالبتنا بتطبيق قانون التوظيف، وللأسف ما زلنا ننتظر الحلول، والتي هي في الواقع حقوق يجب ردها لأهلها".
وتستعرض إيناس أبو رمان تجربة مريرة لها في الحصول على كرسي متنقل، حيث تقول "إذا احتجت لكرسي أشعر بأني يجب أن أتوسل كل الجهات، وطبعا لا أحصل عليه".
وتزيد "أجبرت على مراجعة قسم التأهيل في مستشفى البشير، طبعا صدمت لأنه غير مصمم، أبدا، لتأهيل شخص معوق، ولم يعرف الأطباء هناك علاجاتي التي أستخدمها".
أما الناشط في حقوق الإنسان والطفولة سعيد الرطروط، فيرى أن هناك حالة من "التخبط والضبابية في توزيع الاختصاصات بين الجهات الرسمية، على صعيد الخدمات لذوي الإعاقة"، مبينا أن ذلك يعد من العوامل الرئيسية للفشل الذريع في الاستجابة للمطالب.
ويظهر تقرير الظل، الذي قدمته مؤسسات المجتمع المدني حول حالة تطبيق الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة في الأردن، والذي أعلن عنه رسميا قبل نحو ثلاثة شهور، أن "وفاء الحكومة بالتزاماتها بالاتفاقية ضعيف إلى حد كبير"، مشددا التقرير على ضرورة التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة من "منطلق حقوقي وليس رعائيا".
كما يتحدث التقرير بشكل مفصل عن "الممارسات العملية وما يجابهه الأشخاص ذوو الإعاقة من تمييز وإقصاء مباشر وغير مباشر، أثناء ممارستهم حقوقهم، ومحاولتهم الوصول إلى الخدمات العامة المتاحة للجميع، الأمر الذي يشهد على ما يكتنف منظومة التشريعات الوطنية والإجرائية من فجوات وقصور".
ويتحدث التقرير، كذلك، عن مدى التضييق على المعوقين في الحصول على فرص عمل، وعدم توفير خدمات تعليمية مؤهلة لذوي الإعاقة، حيث يحرم المكفوفون من دراسة الرياضيات والحاسوب، كما تفتقر مدارس الصم لمعلمين يتقنون لغة الإشارة.