<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
كنائس الزواج الثانى
حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 12244 لسنة 55 قضائية عليا بجلسة 29/5/2010
الموضوع: كنائس
العنوان الفرعي: الزواج الثانى
المبدأ: التشريع المصرى ، وفى الصدارة منه – الدستور قد حرص على حماية الأسرة – بغض النظر عن العقيدة التى تدين بها – وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستورى فى تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التى ينتمى إليها ، وفى إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية حقوق والحريات مع تحديد للواجبات اللازمة فى ذلك التنظيم الأسرى . ومن ثم لا يسوغ لأى جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها مما قد يختلف الرأى بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصةً وأن التنظيم التشريعى لذلك الأمر أينما يكون وليد ارادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأى والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع. ومتى كان ذلك وكانت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقرها المجلس الملى العام فى التاسع من مايو سنة 1938 وعمل بها اعتباراً من الثامن من يوليو من السنة ذاتها بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية تعتبر تلك اللائحة شريعتهم التى تنظم مسائل أحوالهم الشخصية ، فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج بإعتباره سراً مقدساً يتم وفقاً لطقوس كنسية مرعية بقصد تكوين أسرة جديدة ، فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وأحكام عقد الزواج وبينت شروطه وموانعه والمعارضة فيه والإجراءات التى يتم بها وحقوق الزوجين وواجبات كل منهما تجاه الآخر. كما نظمت اللائحة أحكام الطلاق وحالاته وإجراءاته ثم الآثار المترتبة عليه ، فأوجبت اللائحة فى المادة (6) منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعى يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق. كما لم تجز المادة (25) لأحد الزوجين أن يتخذ زوجاً ثانياً مادام الزواج قائماً. ورتبت المادة (68) من اللائحة المذكورة على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائى الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عند موته. وأجازت المادة (69) من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفى هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الاكليريكى
من المبادىء الأصولية فى الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحى أن يكون له سوى زوجة واحدة ، فإذا انفصمت عقد الزواج زال المانع منه وجاز له الزواج ثانياً. ولما كان الثابت أن الكنيسة الأرثوذكسية قد أعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية بينهما قد انفصمت بطلاق بائن. فمن ثم لا يسوغ لها من بعد حرمان الطاعن من الزواج ثانية كنسياً على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة فى تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماويـــــة بصفة مباشـــــرة وإنما مااختاره المشرع منها من أحكام تشريعية صادرة عن جهات الاختصاص معبره عن الضمير العام للمجتمع. ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح للمطعون ضده بالزواج قد جاء مميزاً بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكوناً لقرار سلبى يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية. كما يتوافر ركن الإستعجال من أن استمرار إمتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج الثانى يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى ولوج طريق الرذيلة ، كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الانسانى والشرعى والدستورى فى الزواج وتكوين أسرة التى هى اللبنة الأولى للمجتمع ووفقاً لأحكام شريعته التى يدين بها وهى نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يستقيم لطلب وقف تنفيذ القرار الطعين ركناه وفقاً لحكم المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشــار إليه آنفاً. ودون محاجة فى هذا الشأن بأن قرار المجلس الاكليريكى هو قرار تمهيدى ، ذلك أن المجلس المذكور هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أى جهة اخرى وفقاً لحكم المادة (69) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط المشار إليها . كما لا يجوز الحجاج بأن المجلس المذكور أتخذ قراراً بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة استقدام خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه ، ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب أحكام اللائحة المذكورة آنفاً بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج ، كما أن نموذج وثيقة الزواج التى يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التى تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج من قبل الأمر الذى يغدو معه ما ورد بكتاب وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس المؤرخ 3/10/2008 بأن المجلس الاكليريكى قد اتخذ قراراً للتصريح للمطعون ضده بالزواج فى حالة إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه ما هو إلا محاولة لعرقلة إصدار ذلك التصريح وإفراغه من مضمونه بوقف ترتيب أثره سيما وأن المجلس المذكور لم يفصح عن تلكم الظروف التى ينبغى إعلام خطيبة المطعون ضده بها فضلاً عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التى تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب أثارها. وإذ قضى الحكم الطعين بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه وقضى به ويغدو الطعن عليه متعين الرفض.
نص الحكم كاملا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - موضوع
بالجلسة المنعقدة علناًفى يوم السبت الموافق 29/5/2010م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى ...... رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة
وعضـويــة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين / أحمد محمد صــــــالح الشاذلى وعـــــادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وصلاح الدين عبد اللطيف الجروانى ومجدى محمود بدوى العجرودى ....... نــواب رئيس مجلس الدولـة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / مصطفى حسين السيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب رمسيس ......... سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 12244 لسنة 55 القضائية عليا
المقـــام مــن: البابا شنودة الثالث " بصفته بطريرك الأقباط الأرثوذكس "
ضــــــــد : ......
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 3/2/2009 فى الدعوىرقم 35738 لسنة 62 ق
الإجراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 17/3/2009 , أودعت الأستاذة .......... المحامية المقبولة للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيلة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12244 لسنة 55 ق . عليا فى الحكم المشار إليه القاضى أولاً : بعدم قبول تدخل عبد المجيد العنانى خصماً منضماً إلى المدعى فى الدعوى وألزمته مصروفات هذا الطلب . ثانياً : بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار , وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها مصروفات الطلب العاجل , وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها .
والتمس الطاعن بصفته – لما ورد بتقرير طعنه من أسباب – الحكم بقبوله شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار . وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به , والقضاء مجدداً :
أصلياً : بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى , وعدم قبولها لانتفاء القرار الإدارى واحتياطيا : برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق .
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/5/2009 حيث قررت إحالته إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه وعينت لنظره جلسة 5/7/2009 حيث أودعت الهيئة المذكورة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات . وقد استأنفت دائرة فحص الطعون نظر الطعن وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 7/12/2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلستها المنعقدة بتاريخ 26/12/2009 حيث نظر بهذه الجلسة , وبجلسة 30/1/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 17/4/2010 وبها قررت مد أجل النطق به لجلسة 22/5/2010 ثم لجلسة اليوم لاستكمال المداولة وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، و المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه المقررة قانوناً فمن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده أقام الدعوى – محل الطعن الماثل – بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 5/5/2008 اختصم فيها الطاعن بصفته , ورئيس المجلس الاكليريكى العام للأقباط الأرثوذكس والتمس فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثانى بصفته فى مواجهة المدعى عليه الأول بصفته بالامتناع عن التصريح له بالزواج الثانى مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان , وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار , وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات .
وبسط المدعى دعواه موضحاً أنه بتاريخ 1/9/2002 تزوج من السيدة هبة سمير يوسف أسعد وفقاً لطقوس طائفة الأقباط الأرثوذكس ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج بيد أن الزوجة ومنذ فجر زواجهما وهى دائمة الإساءة إليه والتعدى عليه بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار نفسية جسيمة ولم تفلح معها كافة محاولات الإصلاح أو نصائح رجال الدين المسيحى مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية ( ملى ) التى قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته منه للضرر , وإذ لم يتم استئناف ذلك الحكم وصار نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضى به فقد تقدم المدعى لنيافة المدعى عليه الثانى بطلب التصريح له بالزواج الثانى بيد أن المذكور رفض ذلك دون سند من الدستور أو لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادر فى التاسع من مايو سنة 1938 أو القوانين الكنسية , فضلاً عن إهداره لحجية الأحكام القضائية . ولما كان القرار الطعين مرجح الإلغاء وكان الحق فى الزواج من الحقوق التى كفلها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان وقد حثت عليه الأديان السماوية بما فى ذلك شريعة الأقباط الأرثوذكس وأن حرمان المدعى من الزواج قد يسبب له الوقوع فى الفتنة وهو ما نهت عنه الأديان السماوية وأنه يتوافر به كذلك ركن الاستعجال فى دعواه ومن ثم يكون طلب المدعى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد قام على ركنيه
وقد تداولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة حيث تدخل الأستاذ عبد المجيد العنانى انضمامياً إلى جانب المدعى . وبجلسة 3/2/2009 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه – وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة للدفع المبدى من المدعى عليه بصفته بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هى شخص من أشخاص القانون العام , ومن ثم فإن المنازعات التى تكون طرفاً فيها ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية بالفصل فى المنازعات الإدارية لذلك يكون الدفع المشار إليه غير قائم على أساس من القانون متعين طرحه جانباً وعـــدم الاعتداد به . أما عن الدفع بعــــدم قبول تدخل الأستاذ عبد المجيد العنانى خصماً منضماً إلى جانب المدعى , فإن المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضى بعدم قبول الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية , وإذ كان التدخل الانضمامى إلى جانب أحد الخصوم جائز قانوناً وفقاً لنص المادة (126) من قانون المرافعات إلا إنه يتعين أن يكون للمتدخل مصلحة جدية وظاهرة فى هذا التدخل بأن يستهدف به الحفاظ على حقوقه التى قد يمسها الحكم الصادر فى الدعوى . ولما كان ذلك وكان المدعى يدين بالديانة المسيحية بينما يدين المتدخل بالديانة الإسلامية ولن يترتب على الحكم الصادر لصالح أو ضد المدعى فى الدعوى المساس بأى حق من حقوق المتدخل فمن ثم لا تكون له مصلحة فى طلب التدخل إلى جانب المدعى مما يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب .
وتضيف المحكمة أنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى وفقاً لأحكام المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين مجتمعين : الأول : ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغـــاء قائماً على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى الموضوع . والثانى : ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه بعد ذلك . أما عن مدى توافر ركن الجدية فإن أحكام القضاء الإدارى قد جرت على أنه إذا لم تفصح جهة الإدارة عن عنصر السبب فى القرار الإدارى فأنه يفترض قيامه على السبب المبرر له قانوناً , وعلى من يدعى خلاف ذلك أن يقيم الدليل على صحة ادعائه , إلا أنه متى أفصحت جهة الإدارة عن السبب الذى استندت إليه فى إصدار قرارها المطعون فيه خضع هذا السبب لرقابة المشروعية التى يتولاها القضاء الإدارى للتحقق من صحة هذا السبب ومدى مطابقته لأحكام القانون . ولما كان البادى من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية المدعى عليها لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعى بالزواج الثانى إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها بالظروف الصحية للمدعى وذلك دون الاعتصام بأى سند قانونى يخولها فرض هذا القيد وهو ما يعد التفافاً إن لم يكن مصادرة لحق المدعى الشرعى والقانونى فى الزواج بأخرى بعد أن طلق زوجته الأولى بناء على حكم قضائى نهائى وحائز لقوة الأمر المقضى سيما وأنه قدم ما يفيد خلوه من الأمراض التى قد تعوق الزواج . ومن ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه . كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه من شأنه تعطيل ممارسة المدعى لحق من حقوقه المشروعة والحيلولة دون ارتباطه بزوجة فى الوقت المناسب لتعينه على متاعب الحياة وهى نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت . وبذلك يستقيم طلب وقف التنفيذ على ركنيه ويتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثـــار . دون محاجة بأن الزواج عند طائفة الأقباط الأرثوذكس هو نظام دينى , ويجب أن يفحص المجلس الأكليريكى شروط انعقاد الزواج وخلوه من الموانع ذلك أن جهة الإدارة لم تفصح عن ثمة موانع شرعية أو طبية تحول دون الزواج من المدعى حتى يمكن مواجهة الخطيبة بها . كما أن تخلف شروط انعقاد الزواج أو قيام الموانع من إتمامه لا يرتبط بوجود الخطيبة ولا يتوقف على رأيها أو إرادتها ,كذلك فأن سابقة زواج المدعى من أخرى وتطليقها من البيانات التى لا تخفى عن الزوجة حيث يحتم القانون على الموثق إعلام الطرفين بها ويغدو لكل منهما حرية إبرام العقد من عدمه .
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وذلك حين أسبغ على قرار المجلس الأكليريكى بأخطار الخطيبة لإعلامها بظروف المطعون ضده من أنه سبق له الزواج بأخرى إذ لا يعدو هذا القرار أن يكون قراراً تمهيدياً فى هذا الخصوص ومن ناحية أخرى فإن المجلس الأكليريكى سلطاته دينية ولا يخضع فى قراراته سوى للرئاسة الدينية التى تبدى رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه وبالتالى يكون مجلس الدولة غير مختص ولائياً بنظر الدعوى لانتفاء القرار الإدارى . كما أن القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مخالف للواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه . وهو ما لا يمثل قيداً على حق المطعون ضده الشرعى فى الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والإستثناء أن يوافق المجلس على منحه تصريح بالزواج للمرة الثانية , وهو ليس حقاً شرعياً للمطعون ضده . ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار ومحقق الإلغاء فإن الطاعن بصفته يطلب وقف تنفيذه لحين الفصل فى موضوعه .
ومن حيث إنه عن دفع الطاعن بصفته بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى محل الطعن بسند من أن موضوعها يتعلق بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية وهو قرار للمجلس الأكليريكى يصدره وفقاً لسلطته الدينية ولا يخضع فى قراراته سوى للرئاسة الدينية التى تبدى رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه ومن ثم ينتفى القرار الإدارى وتبعاً لذلك ينتفى الاختصاص الولائى لمجلس الدولة .
من حيث إن الحكم الطعين قد تصدى فى مدوناته للدفع المشار إليه إيراداً ورداً بأسباب سائغة قانوناً تتخذها هذه المحكمة أسباباً لها , وتضيف إليها أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة , وهى فى سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط وحسن سيرها وتقديم الخدمات اللازمة لهم ، وهذه المهمة هى من مهام الدولة ، ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة فى هذا الخصوص إنما هو نشاط إدارى دعت إليه اعتبارات الصالح العام وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها. ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسياً حسبما ورد النص عليه فى المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو فى حقيقته أن يكون قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء الإدارى ويدخل الاختصاص بطلب إلغائه فى الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولا يمس المعتقد المسيحى ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما أستكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الدينى وهو يباشر اختصاصه فى منح أو منع التصريح المشار إليه لم يتجاوز سلطاته المنوطة به بموجب قواعد شريعة الأرثوذكس وهو ما لا يعد تدخلاً من القضاء فى المعتقد الدينى وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها ، الأمر الذى يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى محل الطعن لانتفاء ولايته أو لانتفاء القرار الإدارى لا سند لهما من القانون يتعين طرحهما والالتفات عنهما.
ومن حيث إنه عن موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بداءة بأن التشريع المصرى ، وفى الصدارة منه – الدستور قد حرص على حماية الأسرة – بغض النظر عن العقيدة التى تدين بها – وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستورى فى تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التى ينتمى إليها ، وفى إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية حقوق والحريات مع تحديد للواجبات اللازمة فى ذلك التنظيم الأسرى . ومن ثم لا يسوغ لأى جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها مما قد يختلف الرأى بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصةً وأن التنظيم التشريعى لذلك الأمر أينما يكون وليد ارادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأى والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع. ومتى كان ذلك وكانت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقرها المجلس الملى العام فى التاسع من مايو سنة 1938 وعمل بها اعتباراً من الثامن من يوليو من السنة ذاتها بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية تعتبر تلك اللائحة شريعتهم التى تنظم مسائل أحوالهم الشخصية ، فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج بإعتباره سراً مقدساً يتم وفقاً لطقوس كنسية مرعية بقصد تكوين أسرة جديدة ، فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وأحكام عقد الزواج وبينت شروطه وموانعه والمعارضة فيه والإجراءات التى يتم بها وحقوق الزوجين وواجبات كل منهما تجاه الآخر. كما نظمت اللائحة أحكام الطلاق وحالاته وإجراءاته ثم الآثار المترتبة عليه ، فأوجبت اللائحة فى المادة (6) منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعى يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق. كما لم تجز المادة (25) لأحد الزوجين أن يتخذ زوجاً ثانياً مادام الزواج قائماً. ورتبت المادة (68) من اللائحة المذكورة على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائى الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عند موته. وأجازت المادة (69) من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفى هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الاكليريكى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحى أرثوذكسى قد تزوج بتاريخ 1/9/2002 من السيدة هبة سمير يوسف أسعد بعقد زواج كنسى للطوائف متحدى الملة والمذهب ودخل بها على فراش الزوجية وعاشرها معاشرة الأزواج ، بين أن المذكورة دأبت على الإساءة إليه والتعدى عليه بالسب والشتم أمام الأهل والجيران واستحكم الخلاف بينهما وبعدت الشقة على نحو استحالت معه ديمومة العشرة وذهبت محاولات الأهل ورجال الكنيسة من أجل إصلاح ذات البين أدراج الرياح الأمر الذى حدا بالمطعون ضده إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية ( ملى ) واستصدر حكماً بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته للضرر . وقد صار ذلك الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضى بعد استغلاق طرق الطعن فيه. ومن ثم تزوجت مطلقة المطعون ضده المذكورة من المدعو أسامة إميل انطنيوس دميان بموجب عقد زواج للطوائف متحدى الملة والمذهب مؤرخ 27/4/2006.
ومن حيث إن من المبادىء الأصولية فى الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحى أن يكون له سوى زوجة واحدة ، فإذا انفصمت عقد الزواج زال المانع منه وجاز له الزواج ثانياً. ولما كان الثابت أن الكنيسة الأرثوذكسية قد أعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية بينهما قد انفصمت بطلاق بائن. فمن ثم لا يسوغ لها من بعد حرمان الطاعن من الزواج ثانية كنسياً على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة فى تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماويـــــة بصفة مباشـــــرة وإنما مااختاره المشرع منها من أحكام تشريعية صادرة عن جهات الاختصاص معبره عن الضمير العام للمجتمع. ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح للمطعون ضده بالزواج قد جاء مميزاً بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكوناً لقرار سلبى يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية. كما يتوافر ركن الإستعجال من أن استمرار إمتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج الثانى يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى ولوج طريق الرذيلة ، كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الانسانى والشرعى والدستورى فى الزواج وتكوين أسرة التى هى اللبنة الأولى للمجتمع ووفقاً لأحكام شريعته التى يدين بها وهى نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يستقيم لطلب وقف تنفيذ القرار الطعين ركناه وفقاً لحكم المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشــار إليه آنفاً. ودون محاجة فى هذا الشأن بأن قرار المجلس الاكليريكى هو قرار تمهيدى ، ذلك أن المجلس المذكور هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أى جهة اخرى وفقاً لحكم المادة (69) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط المشار إليها . كما لا يجوز الحجاج بأن المجلس المذكور أتخذ قراراً بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة استقدام خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه ، ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب أحكام اللائحة المذكورة آنفاً بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج ، كما أن نموذج وثيقة الزواج التى يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التى تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج من قبل الأمر الذى يغدو معه ما ورد بكتاب وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس المؤرخ 3/10/2008 بأن المجلس الاكليريكى قد اتخذ قراراً للتصريح للمطعون ضده بالزواج فى حالة إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه ما هو إلا محاولة لعرقلة إصدار ذلك التصريح وإفراغه من مضمونه بوقف ترتيب أثره سيما وأن المجلس المذكور لم يفصح عن تلكم الظروف التى ينبغى إعلام خطيبة المطعون ضده بها فضلاً عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التى تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب أثارها. وإذ قضى الحكم الطعين بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه وقضى به ويغدو الطعن عليه متعين الرفض.
ومن حيث إن من أصابه الخسر فى طعنه يلزم بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً ، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات عن درجتى التقاضى .
ساحة النقاش