وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( سورة البقرة)
الفرد يحتاج بشدة إلى التضرع إلى الله .. وكذلك الأسرة ثم المجتمع كله .. بدليل الآية التالية :
( فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
كل ما يصيب الفرد مما يكره عليه أن يتضرع إلى الله .. وهذا واجب أيضا وبشدة على الأسرة، فإذا أصابها مصيبة من مصائب الدنيا فعليهم جميعا أن يتضرعوا إلى الله ليكشف عنهم ما أصابهم.. يقول الله تبارك وتعالى :
(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)
يعني كل مصيبة أساسها ذنب ارتكبناه .. هذا على مستوى الفرد والأسرة .. أما المجتمع فقد قال الله فيه:
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)) سورة الأنعام ..
فلما نسوا .. لا إله إلا الله .. عندما ننسى تضرعنا إلى الله .. عندما ننسى حاجتنا إلى رضاه سبحانه .. عندما ننسى أن الله رقيب علينا وننشغل بالدنيا وما فيها ..
نجد أن النعم .. كل أنواع النعم وقد أغرقنا الله فيها .. إلا ما رحم ربي .. هناك من المسلمين غارق في نعم الله أكثر من مثيله الكافر أو المشرك .. وعندما نفرح بما آتانا ربنا ولا نؤدي حقه تأتي المصائب ويكون أخذ الله أخذ العزيز المقتدر.
أكون مع زوجتى في ود وانسجام .. وفجأة تخرج كلمة أو ننشغل بشيء فيدب الخلاف لقد نسينا عداوة الشيطان وأنه متربص بنا .. وبالتالي فإننا ننسى أن الله معنا يسمع ويرى فنقول أو نفعل ما يخرجنا من ودنا وانسجامنا ..
( فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
عقاب الأمة أشد من عقاب الفرد .. وأنا على صغر حجمي ووضعي وقصور ذات اليد أقولها صراحة من هنا كلمة موجهة لكل فرد أن يتضرع إلى الله .. ويدعو لنفسه وللأمة فهذا واجب ديني على كل موحد بالله.
ثم أتوجه إلى علماء الدنيا هنا وهناك كل العلماء بجميع فروع العلم .. عليكم أن تتضرعو إلى الله جميعا متحدين وليكن الهدف الوحيد هو أن نتضرع إلى الله ليكشف البأس عن الأمة .. حتى نسير وراءهم مؤمنين على دعائهم .. لن ينجو عالم ((كل من لديه علم ولو بآية من كتاب الله، يعني كل الأمة لأن العلم ملتصق بالإيمان)) من عتاب ربه لماذا لم يوجه الناس إلى التضرع إلى الله ؟ ماذا ينتظرون ؟؟
لقد وجه الله كلمة قوية إلى كل عالم في أمة الإسلام فقال سبحانه وتعالى :
(( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153))) سورة الأنعام
أمرهم .. أمر العالم كله أمرا واحدا واضحا أن يتبع صراطه المستقيم.. ثم نهى كل العالم نهيا واضحا وقاطعا أن لا يتبع السبل .. ثم خفف وطأة الأمر والنهي فجعلها وصية لمن به آمن لعلهم يتقون ..
أوجه دعوة إلى كل مسلم يقرأ هذه أن يجعل يوم الخميس من بعد المغرب إلى صلاة عصر يوم الجمعة دعاءا عريضا بتضرع وابتهال ليكشف الله الغمة عن الأمة .. سوريا والعراق ومصر وليبيا وكل بلد يعيش تحت وابل الظلم والظلومات
فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا
علينا بالتضرع إلى الله قبل أن تقسوا قلوبنا (( فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ )).. وهناك ملايين الأعذار يتخذها الفرد لينجو من تأنيب الضمير .. ولكن لا عذر في عدم التضرع إلى الله .. كل مسلم مطالب أن يدعو لنجاة أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .. يقول الله تبارك وتعالى في سورة الحشر: خلي بالكم من سورة الحشر ومن الحشر فإنه يوم عظيم :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ
تحذير ترتعد له الأفئدة، وتهتز له الجدران، وترتجف له القلوب .. فكلمة اتقوا الله تكررت في نفس الآية .. فهل انتبهنا؟
أخي في الله هل تعرف أين تضعك الغفلة عن ذكر الله وعن سؤاله وعن دعاءه وعن التضرع إليه ؟ ستعرف ذلك من الآية التالية:
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
أدعو الله لي ولكم أن نكون من أصحاب الآية التالية على هذه وبها أختم :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
ساحة النقاش