بسم الله الرحمن الرحيم
المودة والرحمة آية من آيات الله هو سبحانه الذي يمنحها أو يمنعها
قال الله تبارك وتعالى:
وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ بَهْمَرْدَ ، حدثنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حدثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ ، ثَنَا نُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " .
إذا هنا لدينا الأسس المتينة التى يجب أن نتبعها في بناء الأسرة السعيدة، فالمؤهلات اللازمة لكل رجل يريد الزواج هي أن يكون على خُلق ودين، لأن الدين هو المعاملة..
إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ
هذا توجيه لكل أب وكل أم، توجيه وضع فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشروط التى يجب أن يدقق فيها رب الأسرة عندما يتقدم أحدهم لطلب يد ابنته..
قصص الزواج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب علينا جميعا أن نعتد بها وندرسها ونأخذها بعين الإعتبار إذا أردنا تكوين أسرة سعيدة..
ولكن اليوم سنأخذ جانب معين من الموضوع يعرفه كل الشباب، كل من تزوج ضاربا بعرض الحائط نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كيف نختار زوجة المستقبل؟ هذا سؤال كبير أجابنا عليه قائدنا ومعلمنا وسيدنا المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم عندما قال :
(حديث مرفوع) أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ ، أنا أَبُو بَكْرٍ ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ ، نا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، قَالَ :
" تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَحَسَبِهَا ، وَدِينِهَا ، وَجَمَالِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " .
فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ
أي أن كل أب وكل أم لكي يحقق حياة زوجية على قدر من الإيمان والمستوى اللائق بالأخلاق الإيمانية يجب أن يربوا أبنتهم أو أبناءهم على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لأن المرء لمن يحب مطيع، فإذا ما أحببنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإننا سنطيعه، بغض النظر عن مراقبة الأباء....
فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ
فإذا ما كانت تربية البنت تربية إسلامية قائمة على تقوى الله في السر والعلانية أصبح من حق الأسرة أن تشترط حُسن الخلق والثبات على دين الله، حينئذ يتولى الله تبارك وتعالى أمر زواجها بمن يليق بها ويحفظها ويصونها ويقوم على خدمتها ..
أتمنى من كل شاب وفتاة أن يقوم بالنظر في محيط معارفه خاصة حالات الزواج القريبة منهم، سنجد أن الأسباب والظروف تعددت بعدد البشر ولكن النتيجة واحدة في كل الحالات إلا ما رحم ربي ..
في الحقيقة أن هناك قانون من العزيز الحميد يسري علينا وعلى كل المخلوقات إلى أن تقوم الساعة ..
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
العالم كله بإنسه وجنه، رجالا ونساءا، مؤمنين وغير ذلك، نجدهم أما في النور وأما في الظلام.
أهل النور يتعارفون فيما بينهم، أخلاقهم سمحة محببة تعرفهم بسيماهم، لا يكذبون، ولا يخادعون، ولا تبدر منهم أذية أو فعل قبيح، لأنهم يخافون الله، وهم دائما يعيشون في مودة ورحمة، كتبها الله لهم، وهداهم إليها، لأن المودة والرحمة آية من آيات العزيز الحميد، هو وحده الذي يمنحها أو يمنعها.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
الآن وصلنا إلى مربط الفرس.. عندما نختار شريك حياتنا ونحن بعيدا عن ذكر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإننا حتما سنختار من أهل الظلام...
إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ
وعندما نحاول أن نذهب إلى أهل النور نطلب يد من نطمع في مشاركته حياتنا فسوف نصطدم بالشروط التى وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبول النكاح، لأن أفكار أهل الظلام وتصرفاتهم وأخلاقهم لا تتوافق أبدا مع أفكار وتصرفات وسمات أهل النور. فيختلفون. ولا ننسى أبدا أن الله هو الذي يتولى أهل النور يخرجهم من الظلومات عندنا يتوبون، ويحفظهم من أهل الظلام ومن كل سوء.
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
[ سورة النور]
أول خطأ نقع فيه دون أن ندري أحيانا، النظرة، الإعجاب، وهي سلاح في يد الشيطان والعياذ بالله.. تجد الذي يطاوع نفسه وهواه ويطلق نظره هنا وهناك لا يبحث عن ذات الدين ولكنه يبحث عن جمال المظهروعن مواصفات أخرى يصورها له شيطانه..
الآن من تكملة الآيات سنعرف قدر المرأة وقدر القيود التى وضعها ربنا عليها، ليحفظ النسل والحرث والمجتمع المسلم الموحد بالله:
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)
إذا نساء المؤمنين لا يثيرون شهوة ولا فتنة ولا يتسببون في الإيقاع بالشباب المراهق لأنهن قد حفظن فروجهن وغضضن أبصارهن وقاموا بتنشئة أولادهن على هذا الأساس الأخلاقي الإسلامي الإيماني فهم من أهل النور ولن يرضوا بأحداً من أهل الظلام.
لذلك أيها الشاب عليك بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة والتحلي بالأخلاق الحميدة ولتأخذ عطاء ربك الذي جعله مصدرا للطاقة الإيجابية النورانية والتى تضفي على صاحبها نوعا فريدا من الثقة بالنفس والهدوء والإطمئنان، فتابع معي رحمك الله :
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
[ سورة البقرة ].
وهذه تنطبق على كل من أراد أن يتصالح مع نفسه وربه والكون كله وجميع المخلوقات، عليه بإستحضار شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الله كثيرا كثيرا ثم الإستعانة بالصبر والصلاة.. ولن يهمه بعد ذلك أن يتأخر زواجه أو يتقدم لأنه في معية الله العزيز الحميد اللطيف الخبير ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.
" إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ "
وها نحن الآن في كل بلاد المسلمين نعيش هذه الفتنة والفساد العريض، لأننا تخلينا عن الأخلاق الحميدة واتبعنا الهوى ففسدت !!!!
اللهم أهدنا جميعا إلى ما تحبه وترضاه منا يا كريم .. اللهم إني أعذت شباب المسلمين بك من الشيطان الرجيم ومن الهلاك ومن الضياع ومن الفساد إنك سبحانك ولي ذلك والقادر عليه ... اللهم أهدهم واهدي بهم واحفظهم يارب العالمين ولا تجعل عليهم سبيلا من المفسدين الذي يفسدون في الأرض ولا يصلحون.. واشرح اللهم صدورهم للإسلام وحببه إليهم وادخلهم برحمتك في عبادك الصالحين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق كلهم أجمعين خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعثته بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
ساحة النقاش