تقوى الله هي الميكروسكوب الذي ترى به دقائق الأمور
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)
ينتابني إحساس قوي بأن في هذه الآية الكريمة دعوة لكل من يتقي الله ويتقي عذاب النار لكي نخرج من حيز الدنيا الضيق إلى آفاق أوسع وأجمل وأهدأ من زحام الدنيا وضجيجها ..
فالليل بالنسبة لكل إنسان هو رمز الراحة والسكينة والهدوء.. وهو فرس الأفكار .. وملهم الامال وأجمل ما في الليل القمر في ليلة بدره ...
إذا فالمولى عز وجل يدعونا لنتدبر آياته لنرتاح من ضجيج النهار وزحام الدنيا، ونعطي الفرصة لنصف الرأس من المخ ليعمل في تربته الخاصة والتى لا تكون إلا في سكون الليل... وهذا يساعدنا كثيرا جدا على الخشوع لله العلي العظيم ...
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)
كأن عدم التأمل في آيات الله يجعلنا ندفن أنفسنا في مطبات الحياة، ونلهث وراء مزيفاتها البراقة والتى هي كفقاقيع الهواء، سريعا ما تتلاشى ولا يبقى منها إلا الندم والآلام.. وهذا واضح في نهاية الآية فلقد جمع الله تبارك وتعالى الذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها مع الذين هم عن آيات الله غافلون.
أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)
وهنا نعود إلى تقوى الله .. فتقوى الله تبارك وتعالى هي أن نتقي عذابه وناره وعقابه..{ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ } وهنا أرى بوضوح أن تقوى الله تحملنا لتدبر آياته في اختلاف الليل والنهار وفي السماوات والأرض.. وقد يسأل سائل كيف نتأمل في ما خلق الله في السماوات والأرض؟ والإجابة نجدها في آيات كثيرة في المصحف الشريف تحدثنا عن آيات السماء والأرض..
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)
والله لكأني بالله العلي العظيم يدلنا على ما يجب أن نفكر فيه من آيات السماء والأرض وهي جنات النعيم .. وكل ما علينا هو أن ندعم إيماننا بالعمل الصالح.. حسن الخلق .. الصدق والآمانة ..إغاثة الملهوف.. صلة الرحم.. إكرام اليتيم والحض على طعام المسكين .. كل هذه أعمال يهدينا بها الله بإيماننا.. إلى ما تهفو إليه نفس كل عاقل.. فالإيمان والعمل الصالح في حد ذاتهما هداية كبيرة.. ولكن الله سبحانه وتعالى يزيدنا هدى ورحمة من عنده ..
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)
ما أجملها من نهاية .. بعد رحلة الحياة الدنيا.. والله لقد أقسم من سبقونا بالإيمان أن أهل الجنة يستشعرون نعيمها ويشمون ريحها الطيب وهم في الأرض أحياء يرزقون.
ساحة النقاش