نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

<!--

اليوم مع سيدنا آدم في الأعراف

*****

بسم الله نبدأ

( 1 )

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10)

سنترك الأرض بزحامها ومشاكلها ونحلق مع آفاق الكلمات حتى نستطيع أن نعرف قيمة ما لدينا من نعم فنشكر الله تبارك وتعالى بحق ونحن سعداء بما أعطانا ومنحنا

لذلك أرجو من كل المسافرين أن يستعدوا للتحليق بعيدا عن الأرض مع آفاق جديدة ومعاني سنعرفها ونلمسها لأول مرة، فرغ قلبك وعقلك مما يشغله، ركز في الآية الكريمة، تدبر معانيها، لقد مكن الله كل منا في جزء من الأرض هو اختاره بنفسه .. { نحن الآن حيث أحضرتنا أفكارنا.. وسنكون غدا حيث تأخذنا أفكارنا } جيمس آلان من كتاب مفاتيح النجاح للدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله .

عش خمس دقائق في هدوء تام، ركز في معاني الآية الكريمة { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ } ثم فكر في كل ما لديك من ماديات ومعنويات.. فكر في ذكاءك .. في قرارتك .. في أيام عمرك فكلها منحة من الله العلي العظيم .. والآن سنعود إلى حيث أبونا آدم.. سنقرأ ما نزل على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كان يعيش ويتصور كل معنى من القرآن، علينا أن نحذو  حذوه...

وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ

استعرض بصدق كل النعم التى بها عشت حتى الآن.. فرحلتنا هي رحلة تعارف على جذورنا وأصلنا.. ومكان نشأتنا وعودتنا.. سنعود من حيث جئنا.. من حيث كان آدم وحواء ..

قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ

إذا سنكون بإذن الله من الشاكرين.. سنبدأ بسبحان الله وبحمده .. سبحان الله العلي العظيم .. هذه سترفعنا بإذن الله إلى حيث نريد إن شاء الله .

( 2 )

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)

عندما نسترجع هذه الكلمات نتمعن فيها سنكتشف أشياء ربما لم تخطر ببالنا من قبل، الذي يسأله هو العلي العظيم الذي ليس كمثله شيء.. فهو سبحانه :

لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) الحشر.

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ }

لقد أعطاه الله تبارك وتعالى  الفرصة ليراجع نفسه، ليستغفر ليتوب ليعتذر، ولكن غلبته نفسه الشريرة، ومن هنا وجب علينا أن نضع أنفسنا تحت المنظار ولنراقب ردودنا وردود أفعالنا ...

{ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) }

غلبته نفسه اللعينة، وهو في حضرة العزيز الجبار المتكبر، أحيانا يحدث منا هذا، تأخذنا العزة بالإثم، تصور لنا أنفسنا أننا على حق، فنغضب ونثور وتصدر منا ما لا يليق بموحد بالله ...

رفض السجود.. عصى مرتان .. في بداية الأمر وعندما راجعه ربه سبحانه وتعالى الذي إن أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.. هل تتصور حجم معصيته؟ وهل تتصور حجم رحمة الله سبحانه وتعالى.. أرجو أن نعيش القصة بكل وجداننا حتى لا نقع فيما وقع فيه الشيطان ويحاول دائما جرنا لنفس الحفرة.

( 3 )

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)

الكبر.. التكبر.. آفة البشر.. لقد قضت علي الشيطان.. سحقته .. كان في صف الملائكة الكرام .. يقال أنه كان على رأسهم.. سحقته نفسه، كم هي قوية جبارة وآمارة وذات ألاعيب وقدرة على التملك، أنظر إلى البائع الذي فقد ضميره عندما يبيعك الضلالة بالهدى، هو يعطيك الضلالة وأنت تدفع له هداك،  يبيع لك النار فتدفع له أنت نصيبك من الجنة.... إن مصيره ومصير كل من يشتري منه الضلالة { إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } .

سنعود إلى أول البقرة لنرى بأعيننا أول تجارة فاشلة وخاسرة ... دققوا معي رحمكم الله :

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)

كام واحد فينا مر بهذه السخرية من الذين اشتروا من الشيطان الضلالة ودفعوا فيها هداهم فألقاها الشيطان إلى العدم...

 

( 4 )

قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)

وجد نفسه وقد ضاع وهلك وخسر ولا امل في نجاته.. فقرر بخبثه أن يجرنا معه إلى الهلاك والخسران، لهذا طلب من الله العلي العظيم أن ينظره إلى يوم البعث، الذي يقع في السوء ولا يخرج منه مهرولا مستغفرا وتائبا ونادما على مافعل يفقد حتى الأمل في رحمة الله .

قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)

لا يظن أحد أنه حصل على ما يريد .. فقد أعطاه الله الأمد ليزداد خسرانا .. وليصبح لنا نحن البشر عبرة وعظة، فلا نقع في مثل ما وقع فيه  .. والله هو المستعان .

<< اللهم فاطر السموات والأرض.. عالم الغيب والشهادة .. رب كل شيء ومليكه .. أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه >>

( 5 )

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)

من غباءه أعتبر أن الفرصة التى أعطاها له ربنا العلي الكبير هي بمثابة غواية.. لقد اعطاه الله الفرصة ليراجع نفسه ويستشعر فداحة خطأه ومعصيته ولكنه استمر في غباءه وتكبره ثم بعد ذلك تبجح واعتبرها غواية .. لا يأخذ احدا كلامي على إنه تفسير.. فحاشا لله أن أصل إلى هذا المستوى... ولكنها خواطري على قدر فهمي البسيط للآية.. فإن كان بها صواب فمن الله العلي العظيم وحده.. وما بها من خطأ فمني واستغفر الله لي ولكم

 

إلى هنا وصلنا الخميس 5 أكتوبر في مبدعون ، ع .خ

( 6 )

ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)

كل شغلته أنه يتنطط  في أفكارنا.. يبيع لنا الأفكار.. التى في ظاهرها بريق ولمعان وفي باطنها العذاب والضلال، هو يعطي الفكرة للنفس، والنفس بما إنها هي المسيطرة فإنها تميل وتشتري ويتعذب الإنسان بالإبتلاءات التى يبتليه بها ربه لينقذه من النار.. تجد الشيطان عن يمينك .. يأتيك عن طريق من تحب.. وربما أمرك أن تنصحه وبعد النصيحة تصاحبه فيوقع بينكما العداوة في القيل والقال ... ودخل الشيطان عن طريق التليفزيون والأفلام من أوسع أبوابه..

والنجاة من هذا هو أن نستعيذ بالله العلي العظيم ونستحضر الموت وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم :

« أَفْضَلُ النَّاسِ »

وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ :

« مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبِيلِ اللهِ » قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : « رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ » ، وَفي رِوَايَةٍ :    « يَتَّقِي اللهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ » .

أخرجه الشيخان

( 7 )

قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)

طبعا كلنا ينسى عداوة الشيطان، هل تعرفون لماذا ننساها؟ لأننا بدلا من أن نحذر هذا الموقف العصيب نستمع له، لأن عقولنا وقلوبنا مملؤة بالدنيا، كل سعينا اليوم هو من أجل الحصول على متاع الدنيا، وكل هذه الصور الدقيقة التى صورها لنا ربنا لكي نتعظ ولا ننساها أبدا على مر الزمان.. يضيع  كل ذلك في لحظة غضب أو لحظة نشوى ينتشي فيها المرئ بمتعة زائلة، إن من عارك الحياة سيعرف أن عدوه الحقيقي هو نفسه إن اتبع هواه.. وفي المقابل لنا عند الرحمن مودة ورحمة ومغفرة وجنة عرضها السموات والأرض:

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) مريم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) يونس

لا تجعل عداوة لأحد في قلبك فتكون بذلك كمن يروي شجرة إيمانه بماء النار الذي يكوي البشر ويؤلمهم ، إنما العداوة ردها لمن صدرها لك وباعها لك واشتريتها أنت منه بأغلى ثمن .. نعم إن جعلت عداوتك للناس بدلا من الشيطان فقد اشتريت الكراهية بالحب، واشتريت البغضاء بالمودة.. واشتريت الشقاء بالرحمة .. فتلك هي التجارة الخاسرة...

قال الله تبارك وتعالى :

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) فاطر}

 

( 8 )

وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)

هذا تدريب عملي أجراه المولى عز وجل على سيدنا آدم وزوجه لنتعظ نحن ولا نقع في مثله، ولكن إذا ما وقعنا فلابد لنا أن نكون واعين ندرك على الفور التغيير الرهيب والفارق الكبير بين طاعة الله ومعصيته.. نتغير ماديا ومعنويا.. نتحول من النور إلى الظلومات.. ونتحول من الهدوء إلى العواصف والزوابع النفسية والبشرية، نحد أنفسنا وقد هبطنا إلى أهل الظلام.. فيستقبلونا بما لا نحب ولا نرضى... والفطن هو الذي يعود مسرعا إلى ربه، لقد أعطاهم الله الجنة كاملة.. وحرم عليهم شجرة واحدة... ولكن النفس هي كذلك تحب كل ماهو ممنوع .

ولكن مع ذلك فلنا عند الله أبوابا كثيرة وهي دائما مفتوحة لإستقبالنا

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)مريم

( 9 )

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)

الوسوسة.. يوسوس الشيطان وتوسوس النفس... ويوسوسو الناس .. وعندما نستمع لهذه الوسوسة نجد أنفسنا خرجنا من النور إلى الظلومات، لأن الوسوسة سوء.. ولو كانت معروفا لكانت أمرا متعارف عليه نقوله جهرا وعلنا.. ولكن الذي يوسوس فهو يوسوس بسوء ويعلم أنه سوء .. ونجانا ربنا بالسورة الآتية:

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)

لفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله كلمة رائعة وتحليل بديع لهذه الحالة من الوسوسة.. شرح لنا رحمه الله كيف نعرف إذا كان الشيطان هو الذي يوسوس أم نفوسنا؟؟  قال الشيطان يعرض عليك المسألة في الضلال فإن أبيت واستعذت بالله فإنه يأتيك بمسألة أخرى، وهكذا يظل وراءك يوسوس لك ولا ييأس، وكل أمله أن تقع في ذنب بسيط ولا تستغفر الله منه ...

أما النفس فإنها توسوس لك بما تريد فعله أو الحصول عليه .. ثم تصر عليه ولا تبدله... وإن بدلته فإنما تبدله بشيء يقربك من غايتها .. مثلا شاب أمتنع عن الزنى .. فتعود وتوسوس له نفسه فيمتنع.. فتقول له أو يقول له صديقه هيا بنا نذهب لنرى فيلما في السينما.. وهكذا يكون قد هرب من معصية فيقع في أخرى ... فالأفلام تحرك في النفس الرغبة والشهوة والتمني ...

*****

 

( 10 )

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)

أقسم لهما، لم يتخيل سيدنا آدم أن هناك مخلوق لله يقسم كذبا .. لذلك يكاد يكون كل من يقسم لك كاذبا.. وأقول يكاد .. حتى نخرج من التعميم.. فلا يعلم ما بالنفوس إلا العلي العظيم ..

ولو راجعنا الآية نجد أنه وعدهم بأقل مما لديهم .. قال { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } لقد أسجد الله تبارك وتعالى لهم الملائكة.. ثم بالنسبة للخلود فهو الصفة الأساسية في وجودنا... فإن اطعنا الله تبارك وتعالى فنحن في الجنة خالدين بإذن الله ... وهكذا نرى أن كل ما يعدك الشيطان وأهل السوء هو مزيف ولا قيمة حقيقية له... وما لديك هو أفضل مليون مرة .

فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ

يبدو أنه كان في مكان بعيد.. فقد أخرجه الله من الجنة.. فصعد إلى مكان قريب منهم لأن هناك في الجنة يكون بصرنا وسمعنا حديد أي قوي جدا بغير حدود{ هذا تصوري وليس تأويلا أو تفسيرا أو حتى منقولا عن أحد }  ودليل تصوري هو كلمة { فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ } لأن كلمة فدلاهما من التدلية ومن الدلو.. نقول أدلى بدلوه..

هنا أسمحوا لي أن أفضفض معكم شوية.. عندما نأكل حرام يذهب عنا لباس التقوى.. نتعرى.. يعرينا الله أولا أمام أنفسنا.. فنشعر بالخزي.. ويضحك الشيطان لأنه دلانا وأذلنا.. جعلنا نهبط إلى مستواه الحقير.. والألبسة في القرآن كثيرة فهناك لباس الخوف وهناك لباس الجوع ثم لباس التقوى .. وهذا سنراه بعد قليل..

وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)

هل رأيت معي وسمعت واستمتعت برحمة ربك العلي الكبير المتعال الرحمن الرحيم ... { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } هذا يحدث لنا  في كل مرة نخطئ فيها فينادينا ربنا بإبتلاء.. يبتلينا بشيء يجعلنا نعرف قيمة الطاعة والفارق الكبير بننا في الطاعة وبين ما نشعر به عند المعصية.

قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)

هذه هي الكلمات التى تلقاها آدم من ربه فتاب عليه .. كما في سورة البقرة.. وهذا هو بابنا المفتوح دائما لنعود منه إلى ربنا.. عندما تزل أقدامنا ونقع في المعصية.. فلنسارع بالتوبة والإستغفار..

 

 

( 11 )

قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)

 يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) الأعراف

لباس التقوى... عندما نتقي الله فإنه سبحانه يصبغ علينا صبغة من عنده تميزنا في حياتنا الدنيا.. { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) البقرة }

اللهم ألبسنا لباس التقوى.. وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين...

أحبابي في الله ... لقد اتبعنا ثلاثة محاور لنصل إلى تقوى الله سبحانه وتعالى في نادينا الصغير للعضلات الإيمانية.. استعملنا محور العقل ومحور الذاكرة  في التسبيح والإستغفار لننظف بهما ذاكرتنا من السلبيات ونحرر عقولنا من غزو الأفكار ... لنصل بهما إلى تقوى الله على علم ودراية وإدراك .. فنكون بذلك قد غيرنا ما بأنفسنا فيغير الله ما بنا بإذنه تعالى وبفضله .

هنا نصل إلى نهاية رحلتنا .. لا تحرمونا غدا من تشريفكم لنا في رحلتنا القادمة  مع سورة الإسراء...  أنا الآن معكم لو كان فيه أسئلة أو أجوبة أو تعليق أو أي فضفضة فنحن أخوة ألتقينا على محبة الله وعليها نفترق بإذن الله تعالى ... لكم منى أجمل تحية وأرق سلام

 

 

 

 

 

 

 

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tabla normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi; mso-fareast-language:EN-US;} </style> <![endif]-->

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 7 أكتوبر 2013 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

249,454

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »