بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) الصف.
من منا لا يريد أن تكون له تجارة رابحة؟ خاصة بعد أن ذهبت الذمم، وخربت الضمائر، وتعاظمت الفتن، وأصبحنا نعيش الغش والكذب ونتجرعه مرا علقما...
من منا لا يريد أن يرتاح من كل ما يواجهنا الآن ويسبب لنا الألام والحسرة على ما فرطنا فيه من جنب الله؟
من منا الآن لا يحلم بحياة آمنة مستقرة، يرى فيها نجاحه ونجاح ذويه ، وأمنه وأمن من يعيش معه وأمن مجتمعه؟
يا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)
بلى ياربنا دلنا على ما يريحنا من هذا الذي نلاقي ونعاني منه ليل نهار، نعم يارب العالمين نريد أن نرتاح من العذاب، خاصة هنا في هذا النادي فكل من يدخله إنما هو من المدعوين إلى مائدة الرحمن...
رب العزة أنت أعلم بحالنا، لقد أصبحنا في شقاق من أمرنا، حاكما ومحكوما، أباءا وأبناءا، رجالا ونساءا، كلنا يعاني العذاب، كلنا فقد الإستقرار والأمن والآمان، كلنا فقد السكينة والمودة والرحمة، إلا ما رحم ربي...
نحن هنا يا ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء لتأخذ بيدنا ربنا، وتقومنا وتقوي ضعفنا، بعد أن فقدنا أمننا وتنغصت حياتنا وضاع الأبناء جريا ولهثا وراء ما أنت به أعلم، ولم يبقى لنا إلا ما سبق لنا من رحمتك فلا تخيب فيك رجاءنا ...
نعم ياربنا نريد أن نرتاح من هذا العذاب، من الخوف والقلق والشعور بالحرمان وعدم الإستقرار، وفي كل أمور حياتنا أصبحنا نعاني يارب العالمين في منامنا ويقظتنا وفي عملنا وفي كل مكان حولنا، فإن لم تصيبنا الفتنة فإننا نرى أثرها على إخواننا، يارب العالمين دلنا على مافيه نجاتنا، واجعلنا نتمسك به فهو النور الذي به يزول عنا الظلم والظلومات، واجعل كلماتك تسكن قلوبنا وعمرها اللهم ربنا بالإيمان بك وحدك وبرسولك الكريم صلى الله عليه وسلم ...
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ربي لقد ناديتنا وهانحن نلبي نداءك، نقول لبيك ربنا وسعديك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، نشهد بأنه لا إله إلا أنت، أجعلها ربنا حبل نجاتنا مما نحن فيه يا أرحم الراحمين يارب العالمين يارب محمد وإبراهيم صلاة ربي وسلامه عليهم كلهم أجمعين.
سنقف هنا لحظات مع هذه الآية الكريمة، ولكن لا تأخذوا كلامي تفسيرا، فلست أهلا لذلك، ولكني فقط أحاول معكم فهم المراد منا لنستطيع أن نلبي نداء ربنا فينجينا من العذاب ..
لقد نادانا ربنا بيا أيها الذين أمنوا، فقد أثبت لنا الإيمان به سبحانه وتعالى، ثم دلنا على وسيلة النجاة من العذاب الأليم وهي أن نؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ربما كان المقصود هنا هو البعد عن الأخطاء التى وقعنا فيها والتى ربما بسببها خرج منا الإيمان أو قل في قلوبنا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث صحيح:
إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فسلوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم:1/57
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
اللهم جدد إيماننا، وارفع عنا عذابك، وقنا بأسنا فيما بيننا، واجعلنا اللهم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأجعلنا ربنا ممن يتمسكون بحبل النجاة الذي أرسلته لنا في نداءك، وقنا شر أنفسنا وشر خلقك كلهم أجمعين..
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)
بعد أن نجدد إيماننا بالله، وذلك لن يكون إلا بالإبتعاد كلية عن المعاص، وعقد النية والعزم على عدم العودة إلى ما يغضب علينا ربنا ويخرجنا من النور إلى الظلومات...
ومن أجل هذا أخي وأختي في الله نحن في حاجة لتطبيق النداء الأول فنتقي الله في كل ما نقول ونحسن من أسلوب تفكيرنا وتعبيرنا فإن الله تبارك وتعالى قد صنف الكلام كله إلى طيب وخبيث، والطيب لا يجتمع مع الخبيث أبدا...
كما إننا في حاجة ماسة إلى تطبيق النداء الثاني وهو الإستعانة بالصبر وبالصلاة، ونقول في كل ما يصبنا من مصائب إنا لله وإنا إليه راجعون..
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) الصف.
ماسبق هو ما أعده الله تبارك وتعالى لنا إذا ما اتبعنا أمره لنا فآمنا من جديد بالله ورسوله وجاهدنا بأموالنا وأنفسنا في سبيل الله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) الصف.
وهذه سنعيش معها بإذن الله تبارك وتعالى في درسنا القادم إن شاء الله، فهكذا نرى أننا لن نستطيع أن نكون من أنصار الله إلا إذا لبينا النداء السابق على هذا..جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وادخلنا اللهم برحمتك في عبادك الصالحين، وأصلح لنا دنيانا التى فيها معاشنا، واصلح لنا آخرتنا التى إليها معادنا.
ساحة النقاش