الأثنين 20 مايو 2013
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) البقرة.
لأن الوجه هو عنوان صاحبه، فيه المخ وهو المسئول عن الفكر وأصدار الأوامر لكافة أجهزة الجسم، وهو المسئول عن التأمل وعن الذاكرة وعن تخزين المعلومات وتحديد أهميتها بالنسبة لنا، وهو المسئول عن إنشاء الملفات ذات الأهمية البالغة وتخزينها واستخدامها عند اللزوم...
ثم نجد به السمع والبصر واللسان أداة التعبير وآفة الإنسان، ولكي نعرف أهمية هذا الكلام هيا بنا نعيش بتدبر وتفكر الآية التالية :
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف.
لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا
أعتقد والله أعلى وأعلم أن من هذه الآية استنبط أحد علماءنا الكرام أن العقل هو بمثابة العين بالنسبة للقلب،لأن الأفكار عندما تولد بداخلنا، أو تأتينا من أي جهة فإننا قد نقتنع بها أو نستحسنها وننجذب إليها، والعكس صحيح، وبعقولنا نعلم معطيات الأشياء ونبرهن عليها، فالعقل هو العين بالنسبة للقلب...
وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا
وسيلة أخرى مهمة جدا من وسائل الإدراك، وهي في غاية الحساسية، والعيون هي بوابة الإنسان الرئيسية، نعرف منها الخطوط الرئيسية لشخصيته، وبها نرى مافي الكون من عظمة الخالق العظيم سبحانه وتعالى..
وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا
ثم السمع مرتبط ارتباط وثيق بالطاعة والمعصية وذلك بدليل الآيات التالية:
وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ
السمع وسيلة فعالة للطاعة والمعصية، وللإدراك، ولإتخاذ القرارات السريعة الصائبة والخاطئة وذلك بدليل الآية التالية:
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) الجن.
الجن بمجرد أن سمعوا عرفوا الحق وآمنوا به، أدركوا على الفور الحقائق من خلال استماعهم لكلام الله سبحانه
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة.
أخي وأختي في الله نحن في حاجة إلى الصبر لكي نستطيع أن نستسلم بكل كياننا لله العلي العظيم..
نحن في حاجة إلى الصبر عندما نستخدم عقولنا بحثا عن الحقائق ولإتخاذ قرارتنا المهمة في حياتنا، ونحن في حاجة إلى الصبر عندما نستمع لكلام الله عز وجل، ونحن في حاجة إلى الصبر لنضع كل ما سمعناه وعقلناه وآمنا به في حيز التنفيذ...
أنت في حاجة إلى الصبر والصلاة لتكون محسنا، لتحسن إسلامك، وتحسن معاملاتك، وتحسن كلامك، وتحسن صلاتك، وتحسن دعاءك وتحسن كل علاقاتك العامة والخاصة.
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) البقرة.
أسعد نهاية يسعد بها الإنسان عندما يستسلم لله بكل كيانه، بعقله وقلبه وسمعه وبصره، فيجند كل ذلك لدينه يتفقه فيه، ولحياته ليبدع فيها ويتميز بما ميزه الله عن باقي خلقه، ولأهله ليعينهم على فهم دينهم وتطبيق ما عرفوا من الحق...
وهكذا نجد أن الله العلي العظيم برحمته وعزته وقدرته يضع بين أيدينا ما نقهر به الحزن والخوف، ونعيش مع الكون في عز وسلام وإنسجام ووئام.
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فاستسلم لربك ونم ملئ جفنيك، فهو سبحانه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم...
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
استسلم لربك وعش سعيدا بقربه سبحانه وبحمده سبحانه وبطاعته سبحانه وتعالى، فإن فعلت كنت من المحسنين، وإذا كنت من المحسنين كنت قريبا من رحمة ربك :
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
أدعو ربك تضرعا في خلوتك وفي ليلتك، ولا تعتدي، ولا تفسد في الأرض، ثم ادعوه خوفا وطمعا، وستجد نفسك قريبا جدا من رحمة مولاك، رحمة خاصة جدا، وتختلف عن كل الرحمات التى عرفتها ورأيتها وعشتها، ذلك لأن الله عظيم في شأنه وعظيم في عطاءه وليس كمثله شيء سبحانه وتعالى عما يصفون.
ساحة النقاش