نظرية جديدة من كتاب الله
مطروحة ليجربها كل مسلم
***
أصبح مؤكدا لدينا أننا نطوف حول الكعبة الشريفة عكس عقارب الساعة.. والقمر يدور حول الأرض عكس عقارب الساعة.. والأرض تدور حول الشمس عكس عقارب الساعة...والكون كله يدور عكس عقارب الساعة، والساعة هي رمز الدنيا واهتماماتنا فيها، وسعينا المتواصل والذي لا ينقطع لتحقيق مصالحنا وأهدافنا..
"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)" آل عمران
" إن في خلق السموات و الأرض "
بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نزلت عليه هذه الآية وقال:
لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها و لم يتفكر فيها : " إن في خلق السموات و الأرض " الآية
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 68
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد
الويل الذي حذرنا منه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من عدم فهمنا لهذه الآية التى لو فهمناها وتدبرناها لتركنا الدنيا وزينتها الزائفة والتى زينتها شياطين الإنس والجن، وذهبنا إلى العلي العظيم الذي خلقنا وجبلنا على حب الكمال والنوال والجمال.. والذي لا يمكن أن نجده إلا إذا دخلنا مع الكون المسبح لله، والذي جعل فيه المولى تبارك وتعالى كل ما تهفو إليه نفس أي عاقل للوصول إلى الجمال المطلق، والكمال المطلق والنوال الذي لا حدود له عند الله سبحانه وتعالى الذي يعطي بغير حساب.
وكأن الساعة وعقاربها هي رمز لهذه النظرية القرآنية الربانية، ونكتشف ذلك عندما نرى أحوال المتقين العابدين الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.. نرى أحوالهم على ما يرام، عندما نراهم يذكرونا بأيام الله، ويذكرونا بالصلاح ، ونرى فيهم الفارق الكبير واضحا وضوح الشمس بينهم وبين من كانت الدنيا أكثر همه ومبلغ علمه.
كلما تفكرت وتدبرت في ما سبق من آيات الله كلما تأكدت لدي النظرية، عندما نجري وراء مصالحنا الشخصية، ناسين ذكر الله وتسبيحه، فإننا نجد صعوبة بالغة في الإستمرارية المطلوبة منا في هذه الحياة الدنيا، وذلك لأننا نسير ضد مصالحنا وضد غاية وجودنا، وذلك لأننا ننسى غاية وجودنا، ننسى أن نجعل كل ما نعمل ونقول خالصا لوجه الله تعالى..
"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"(257) البقرة.
وكلما نظرت إلى أحوال بلادنا وأمتنا وشبابنا إنتابني حزن شديد... وفي نفس الوقت تتأكد نظرية التسبيح مع الكون المسبح.. فإن ذكرنا الله كثيرا كما أمرنا.. وإن رغبنا بكل مالدينا من قوة فيما عند الله من نعيم..وإن عشقنا النور الإلهي، وإن سئمنا الظلام وأهل الظلام وما يجري في الظلام، وإن تفكرنا وتدبرنا كلام الله تبارك وتعالى في كتابه وفي كونه وفي أنفسنا وفي أحوالنا..سنفر حتما إليه سبحانه ليخرجنا من الظلومات إلى النور.. ويتولانا برحمته.. هذا أول ما نشعر به عندما نطوف حول الكعبة، وعندما نسبح الله ونذكره بكل كياننا وندخل مع الكون المسبح لله في إنسجام ووئام ووصال بالله رب العالمين .
"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ" (197) البقرة.
نترك الفسوق وأهله، ونترك الجدال والمناقشات والنظريات والمهاترات التى نراها في كل لحظة الآن، ونترك الدنيا وكل ما يجري فيها من كل ذلك، ونذهب إلى ربنا الذي خلقنا مكبرين ملبين قائلين لبيك اللهم لبيك ، لبيك ربي وسعديك، إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك لبيك ..
وعلى الفور نشعر ونرى بعقولنا وقلوبنا وأنفسنا وأفئدتنا الفارق الكبير بين ما كنا فيه من أحوال الدنيا وبين الدخول في تسبيح الله وطوافنا حول الكعبة... فنرى الفارق واضحا بين دوارنا مع الكون المسبح وبين دوارنا مع عقارب الساعة في الحياة الدنيا عكس التيار.
"لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ" (198)تكملة الآية.
وكأني بالآية الكريمة أرى قول الله تبارك وتعالى لنا، لا بأس أن نبتغي من فضله، ولكن بغير أن ننسى أنه من فضل الله، وبغير أن نركن إلى الدنيا وننسى ذكر الله وتسبيحه فنعود بذلك إلى الضلال الذي كنا فيه.
أخي في الله عندما يضع المولى تبارك وتعالى آياته أمام أعيننا فلا يصح أن نمر عليها دون أن نفهمها ونتدبرها ونضعها في حيز التطبيق..
فإن وجدت ما سبق هوخير لك فطبقه وضعه نصب عينيك ولا تتغاضى عنه ثم عليك بنشره وتعليمه للآخرين فإن بلادنا في حاجة إلى شبابنا الذي راح يرمي بنفسه في تيارات معاكسة لما أراده الله لأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وَعَنْ أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ لي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« أَلا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلى اللهِ ؟ » قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْني بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلى اللهِ ، فَقَالَ :
« إِنَّ أَحَبَّ الْكَلامِ إِلى اللهِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ».
أخرجه مسلم والنسائي:
وَفي رِوَايَةِ مُسْلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُئلَ : أَيُّ الْكَلامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
« مَااصْطَفَى اللهُ لِمَلائِكَتِهِ أَو لِعِبَادِهِ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ » .
والحمد لله رب العالمين .
ساحة النقاش